لا أحد يغامر بقراءة فنجانه

ترامب مرشحا عام 2024، كابوس بعيد الاحتمال...!

ترامب مرشحا عام 2024، كابوس بعيد الاحتمال...!

- إذا دخل السباق، فلن يكون لديه سوى 5 آلاف دولار من أكثر من 100 مليون غنائم حرب جمعها
- من الناحية النفسية، العار الذي قد تمثله الهزيمة المزدوجة سيكون مدمرًا بحيث لا يخاطر
- يبدو لي أن مسيرة ترامب كمرشح لمنصب رفيع باتت وراءه
- في أسوأ الأحوال، سيكون ثقلًا سياسيًا معلقًا حول عنق الحزب الجمهوري يمكن أن يغرقه
- سيكون ترامب شخصية مشلولة سياسياً في طريقه إلى الانتخابات التمهيدية لعام 2024


   بعد انتخابات عام 2016، في محادثة مع مجموعة من الأصدقاء، تحدثنا عن الطريقة التي أخطأت بها الصحافة بشكل كبير بشأن فرص دونالد ترامب في الفوز –لأنه ضد كل التوقعات كان قد فاز لتوه بالرئاسة.
    استخدم أحد الحاضرين، وهو صحفي سياسي مثلي، استعارة مثيرة بشكل خاص لوصف الموقف. وقال “يبدو الأمر كما لو كنا مراسلي نشرة جوية، أخبرنا المشاهدين أنه سيكون طقسًا رائعًا للذهاب إلى الشاطئ، وبدلاً من ذلك كان هناك إعصار من الدرجة الرابعة».

    إلى حد ما، حاولت وسائل الإعلام الأمريكية تعويض هذا الخطأ لأكثر من خمس سنوات، ويبدو أنها أقسمت على عدم الاستخفاف بهذا “تفلون دون” الحديث مرة أخرى. تنمو فكرة أن ترامب لا يقهر في وسائل الإعلام كلما بدا انه يفلت من مسؤولياته في أعقاب سلسلة من الفضائح الرئاسية منها: نسخة أولية كارثية من “حظر المسلمين” “حظر دخول مواطني عدد من البلدان الإسلامية إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

”، والسياسة الوحشية وغير القانونية لفصل العائلات المهاجرة، والتحقيق الجنائي لعرقلة العدالة، وإجراء عزل لابتزازه المفروض على أوكرانيا، وأخيراً، إجراء عزل ثانٍ لتحريضه على تمرد 6 يناير 2021.
   في كل منعطف يبدو كارثيا، في ترشّحه ثم في رئاسته، كانت وسائل الإعلام تحبس انفاسها وتتساءل عما إذا كانت هذه المرة ستكون نهايته، وإذا ما تم الوصول إلى نقطة الانهيار في مسيرة ترامب السياسية؛ ثم لا، لم يكن هذا هو الحال أبدًا.
    هذه الديناميكية -يبدو أن ترامب قد تجاوز حدا مروعا يجبره على تحمل أفعاله، دون أن يعاني في النهاية من عواقب حقيقية -تتجسد بالكامل في تغريدة بتاريخ أكتوبر 2016، كتبها المؤلف جيسي فارار:
أود أن أرى كيف سينجو العجوز دوني ترامب من هذا المأزق!

* ترامب يخرج من المأزق وأصابعه في أنفه *
آه! حسنا، مع أنّ،   في هذه الأيام، يبدو أنه لا يوجد صحفي أمريكي يريد أن يغامر مجددا ويتنبّأ بأنّ العجوز دوني ترامب لن يخرج سالما هذه المرة من مشاكله. مشاكل تصحبها حاليًا استمرار عدم الشعبية بين جمهور الناخبين عامة، وتراجع دعم الحزب الجمهوري، وظهور منافسين محتملين داخل نفس الحزب، وجلسات استماع عامّة كشفت عن درجة غير عادية من مسؤوليته عن أعمال الشغب العنيفة في 6 يناير، وقضية مدنية ستنظر فيها المحكمة العام المقبل بتهمة الاغتصاب، وتحقيق آخر في نيويورك حول ممارسات تجارية غير قانونية تستهدف منظمة ترامب، ومجموعة من التحقيقات الفيدرالية وفي الولايات حول تصرفات ترامب في فترة 6 يناير.
   ومع ذلك، يفترض أن يكون من السهل إلى حد ما، رؤية ترامب كشخصية ضعيفة بشكل لا يصدق، وأقرب الى أن ينتهي أمره في بدلة برتقالية، أو يفقد ثروته في دعوى قضائية، أكثر من احتمال عودته إلى البيت الأبيض. ومع ذلك، في وسائل الإعلام الأمريكية، لا يكاد أحد يقدم الموضوع من هذه الزاوية.
   بشكل عام، أعتقد أننا نفرط في التعويض عن صدمة توقعاتنا الفاشلة بشكل فادح لعام 2016 بالتوجه نحو ما يمكن أن أسميه متلازمة “آه، حسنًا، ومع ان”. فوفق منطق متلازمة “آه، حسنًا، ومع أن...”، نجح ترامب في الخروج من عديد المشاكل حتى الآن، الى درجة أنه سيكون من الحماقة التنبؤ بأنه لن يفلت من العقاب مرة أخرى بدون مشكلة. لا يوجد صحفي سياسي يريد ذلك، لا سيما عندما يتعلق الأمر بترامب.

نهاية مفهوم لا يقهر
    ومع ذلك، أزعم أنه كان علينا أن نعتبر أنّ مناعة ترامب التي لا تقهر الغيت إلى الأبد بعد انتخابات 2020، التي خسرها بكل وضوح. صحيح أنه اقترب من الفوز في عدد قليل من الولايات -جورجيا وبنسلفانيا وأريزونا وويسكونسن وميتشغان -كانت ثلاث أو أربع منها ستؤمن له الهيئة الانتخابية والرئاسة. لكنه خسر الخمسة جميعًا، وكانت هيلاري كلينتون أقرب من ترامب للفوز بالولايات الثلاث التي احتاجتها لنيل الرئاسة عام 2016، بأكثر من 25 ألف صوت (لقد خسرت أيضًا الرئاسة بهامش جيد، ولهذا اعترفت بالهزيمة، مثل أي شخص عاقل).
    على وجه التحديد، أصبح ترامب رابع رئيس يخسر إعادة انتخابه خلال 125 عامًا، مما أدى إلى توسيع النادي اللامع الذي يضم جورج إتش دبليو بوش وجيمي كارتر وهربرت هوفر. واتضح أن هامش هزيمة ترامب البالغ 4.4 في المائة يضعه إلى جانب الرجال الذين ما زال المراقبون السياسيون يعتقدون أنهم عرفوا إخفاقات تاريخية. خسر ترامب التصويت الشعبي بهامش أكبر من هوبير همفري وميت رومني وجيرالد فورد وجون كيري. وفي باب مكاسب حصة التصويت الشعبي، كان ترامب أفضل بمقدار 1.2 نقطة فقط من مايكل دوكاكيس، الرجل الذي تعتبر مسيرته السياسية مرادفة لـ “الخسارة».

   إذا تمسك ترامب بالسلطة بعد الانتخابات لأسابيع متذرعًا باتهامات كاذبة بتزوير انتخابي، فقد تمت السخرية من محاولته امام المحاكم في كل دعوى رفعها هو أو حلفاؤه. وانتهى به الأمر بإطلاق تمرد أدى إلى تحول البلاد ضده بنسبة أكبر (لفترة وجيزة، هذا صحيح)، ثم أصبح أول رئيس في التاريخ يتعرض مرتين لإجراءات عزل من قبل مجلس النواب.
   وإذا لم تتم إدانة ترامب -بفارق عشرة أصوات -في مجلس الشيوخ بعد أن صوّت الناخبون بتركه لمنصبه، فإن عددًا أكبر من سيناتورات حزبه صوتوا ضده في عملية العزل الثانية هذه، أكثر من أي رئيس آخر في التاريخ. وحاليّا، تتخذ سلسلة التحقيقات الجنائية الحكومية والوطنية في الأفعال التي أدت إلى هذا الإجراء، أبعادًا دراماتيكية.

   ومع ذلك، فإن المقالات التي تعلن أن ترامب يقول إنه “قرر” الترشح مرة أخرى عام 2024 يتم التعامل معها على أنها أخبار مثيرة حتى عندما كان يقول نفس الشيء منذ أكثر من عام. في الواقع، منذ أن اجبر على المغادرة بينما كان يصنع مشهدًا حرفيًا قبل 18 شهرًا، فإنه يكرر ذلك لأي شخص مستعد للاستماع إليه، خاصةً أثناء تدخل أمام مجموعة من رجال الإنقاذ في فاعلية لإحياء الذكرى العشرين لأحداث الحادي عشر من سبتمبر، حيث قال: “بالنسبة لي، هذه مسألة سهلة. “...” اعرف ما سأفعله. “...” أعتقد أنكم ستكونون سعداء، سنقولها هكذا... أعتقد أنكم ستكونون سعداء جدًا».
   أنا شخصياً لا أعتقد أنه سيتم انتخاب دونالد ترامب عام 2024، وأعتقد أنه لن يفوز حتى بترشيح الحزب الجمهوري. في الواقع، لا أعتقد أنه سيتقدم. ربما أندم بشدة على كتابة هذا عندما يعود ترامب إلى السلطة ويلقي بالصحفيين في الغولاغ بتهمة التشهير في جيتمو، أو ربما سيكون عارا سيطاردني بقية حياتي المهنية. ومع ذلك، يبدو لي أن مسيرة دونالد ترامب كمرشح واقعي لمنصب رفيع باتت وراءه.

القطع مع “آه حسنًا، ومع أن...»
   هناك عدة أسباب تدفعني إلى تحرير نفسي من متلازمة “آه، حسنا، ومع أن” الشديدة التي أعاني منها لطرح هذه الفرضية.
   في البداية، آخذ على محمل الجد التحقيقات المدنية والجنائية التي يواجهها ترامب وسيتعين عليه مواجهتها من الآن حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة. قبل أسبوعين، أصبح معروفًا أن فاني ويليس، المدعية العامة لمقاطعة فولتون، وجّهت رسائل إلى الأشخاص المتورطين في محاولة ترامب إلغاء الانتخابات، لإعلامهم أنه يُحتمل توجيه لائحة اتهام إليهم.
   في الأسبوع الماضي، تم الكشف عن أن هيئة محلفين كبرى بوزارة العدل تبحث في تصرفات ترامب المتعلقة بخطة لاستخدام “ناخبين مزيفين” لإلغاء انتخابات 6 يناير. في مطلع أغسطس، علمنا أن بات إيه سيبولوني، مستشار البيت الأبيض السابق لترامب، قد استدعته هيئة محلفين فيدرالية كبرى تحقق في تصرفات ترامب حول 6 يناير تقريبًا.

   وحتى لو لم يحاكم ترامب على جرائم تتعلق بـ 6 يناير، فإن شركاءه مهددون بالإدانة، حيث يخضعون لتحقيقات قد تؤدي بهم إلى السجن، أو تقودهم للشهادة ضد الرئيس السابق في المحكمة. وستكون أفعال الرئيس السيئة الموضوع الساخن لوسائل الإعلام إلى أجل غير مسمى.
   كما يخاطر ترامب وأبنائه بالإدلاء بشهاداتهم في تحقيق مدني في نيويورك، الأمر الذي سيدفعهم أكثر إلى المستنقع القانوني. في غضون ذلك، في الشهر الماضي، تم تحديد موعد لشهر فبراير لمحاكمة قذف وتشهير قد تكون متفجرة، تشمل اتهام إي جين كارول بالاغتصاب ضد ترامب، وهو حدث يمكن أن يحوّل الضجيج الإعلامي حول دعوى ديب هيرد إلى همس لطيف.

   بالطبع، يُشاع أن أحد الأسباب التي تجعل ترامب يفكر في الترشح هو أنه يعتمد على ذلك للهروب من مشاكله القانونية. وسيقول له محامٍ ذكي أنه لن ينجح. وهناك أيضًا خطر حدوث رد فعل عنيف: فالمحاكمات هي أشياء صغيرة يتم إدارتها بإحكام شديد، مع قواعد يطبقها القضاة الذين لديهم القدرة على احتجاز الأشخاص بتهمة ازدراء المحكمة، وحبسهم وتغريمهم إلى أجل غير مسمى تقريبًا.
   وإذا استخدم ترامب حملة رئاسية لمهاجمة المدعين العامين أو القضاة المتورطين في قضايا جنائية أو مدنية ضده، فلن يمنع أي قاضٍ من إصدار أمر حظر النشر بشأن ما قد يقوله المرشح علنًا عن المحاكمة. وإلغاء الكفالة إذا واجه ترامب تهمًا جنائية ولم يمتثل لأمر حظر النشر، وسيكون هذا دافعًا قويًا لعدم الترشح.

أسباب وجيهة
   السبب الثاني الذي يقودني إلى الاعتقاد بأن ترامب لن يترشح، هو أن هناك العديد من الدوافع المالية لعدم القيام بذلك -أحدها مرتبط بمخاوف ترامب القانونية. ها هي: اللجنة الوطنية الجمهورية المستمرة في دفع تكاليفه القانونية الباهظة تقول إنها ستفعل ذلك فقط    إذا لم يكن مرشحًا رئاسيًا لأنه “يجب أن تظل محايدة” في حال إجراء انتخابات تمهيدية للجمهوريين مثيرة للجدل. وكما ترون، فإن دفع أتعاب محام لمرشح من شأنه أن يكسر هذا الحياد. بالإضافة إلى ذلك، قد يشجع دافع مالي آخر ترامب على عدم الترشح، وهو أنه إذا دخل السباق، فلن يحصل إلا على 5 الاف دولار على أكثر من 100 مليون من غنائم الحرب التي جمعها بفضل صندوق التبرعات “أنقذوا أمريكا».
   السبب الثالث الذي يجعلني أشك في أن ترشيح ترامب سيتجسّد، هو أنه بينما يظل الشخصية الأكثر شعبية في الحزب الجمهوري، هناك العديد من الدلائل على أن ناخبي الحزب الجمهوري بدأوا يريدون بضاعة اخرى لعام 2024. ووفق استطلاع حديث أجرته نيويورك تايمز وسيينا على الصعيد الوطني، ستكون حصة الأصوات لصالح ترامب في انتخابات تمهيدية مثيرة للجدل أقل من 50 بالمائة، وأقرب منافسيه، حاكم فلوريدا رون ديسانتيس، تصل إلى 25 بالمائة.

   ووفق استطلاع آخر أجرته جامعة سوفولك-يو إس إيه توداي مؤخرًا، يجد ديسانتيس نفسه متقدمًا على ترامب عندما يتم الجمع بين اختيارات الناخبين من الدرجة الأولى والثانية من الحزب الجمهوري. لذا إذا تقلص المجال الجمهوري بسرعة كافية، على عكس ما حدث في تمهيدية عام 2016، فإن الأفضلية ستكون لديسانتيس على ترامب.
   الأهم من ذلك، ربما، يُظهر عدد من استطلاعات الرأي على مستوى الولايات، أن ديسانتيس يتقدم على ترامب، بما في ذلك في ولايتي الرجلين: فلوريدا، وهي ولاية حرجة حيث تُجرى الانتخابات التمهيدية مبكرًا، وكذلك الولاية الأولى التي تنظمها، نيو هامبشاير.

   هناك الكثير من الدلائل الأخرى على أن الناخبين الأساسيين للحزب الجمهوري (ونخبه) سيريدون شيئًا جديدًا عام 2024. أمثلة: سلسلة حديثة من استطلاعات الرأي الجماعية، نُشرت في اتلنتيك، تُظهر أن ناخبي ترامب أصبحوا أقل حماسا لترشحه عام 2024 ؛ والمقالات الافتتاحية الأخيرة ، من قبل هيئات التحرير المحافظة جدا في صحيفتين يسيطر عليهما روبرت مردوخ، تحث الحزب على النأي بنفسه عن ترامب في أعقاب الاعترافات المستمرة عن 6 يناير ؛ وتقارير عديدة تفيد بأن كبار المانحين للحزب قد توقفوا عن تمويل ترامب ويتجهون إلى مرشحين آخرين ، وخاصة ديسانتيس ؛ وسلسلة من الهزائم الأولية المحرجة للمرشحين المدعومين من ترامب في الولايات المتأرجحة الرئيسية.

مسألة سمعة
   السبب الأخير الذي يجعلني أعتقد أن ترشّح ترامب للانتخابات الرئاسية لعام 2024 ليس جديّا: أعتقد أن ترامب يدرك في أعماقه أنه خسر عام 2020، وأن هناك فرصًا قوية لهزيمة أخرى عام 2024. نفسيا، الوصمة التي ستمثلها الخسارة المزدوجة ستكون مدمرة للغاية بالنسبة له ليخاطر.
    بالتأكيد أنني لم أتسلل الى أسرار عالم ترامب. لكنني لست الوحيد الذي قام بهذا التكهن. في نوفمبر الماضي، تنبأ جون آر بولتون، مستشار الأمن القومي السابق لترامب، بثقة أن ترامب لن يترشح عام 2024. “إنه يعرف جيدًا في أعماقه، حتى وان لن يعترف بذلك أبدًا، انه خسر عام 2020، وهو خائف جدًا من الخسارة عام 2024، لأنه إذا كان هناك شيء واحد يكرهه في الحياة فهو ان يوصف بالمهزوم”، يوضح بولتون. “سيظل يكرر أنه سيترشح ، حتى اللحظة الأخيرة، لأنه إذا يعلن إنه ليس مرشحًا، فإن الأضواء ستبتعد عنه، وهذا ما لا يتحمّله أيضا».

    كما قدم مستشار ترامب الآخر، رئيس موظفي البيت الأبيض السابق جون كيلي، النتائج التي توصل إليها العام الماضي، وتوقع، “سيواصل الحديث عن ذلك، وربما يعلن ترشحه، لكنه لن يتقدم. لسبب بسيط ووجيه هو أنه يرفض بشدة أن يُنظر إليه على أنه خاسر
   هذا رأيي... قد يصرخ “أنا مرشح رئاسي” في وقت أو آخر، لكن في هذه الحالة أراهن أنه سيجد ذريعة لسحب هذا “الترشّح” قبل بدء الانتخابات التمهيدية في أوائل عام 2024 طالما يخشى أن يلتصق لقب الخاسر بجلده. وكما قال فيليب بومب بذكاء شديد في صحيفة واشنطن بوست، فإن ترامب لا يريد أن يُنظر إليه على أنه “ بافالو بيل التصويت الرئاسي الشعبي».

لا يمكن التنبؤ، ولكن
   أولئك الذين تتمثل مهمتهم في مراقبة السياسة لكسب لقمة العيش، يواجهون هذه الحجة بفكرة بسيطة إلى حد ما ومقنعة: أنكر ترامب حقيقة أنه قد هُزِم في الانتخابات الأخيرة؛ ألا يقرر أنه فاز بالانتخابات القادمة، بغض النظر عن النتيجة، ويقول إنه تعرض للتزوير حتى لو خسر؟ نعم، يمكن لترامب أن يفعل ذلك -وإذا كنت مخطئًا، فإنه سيترشح ويخسر، وبالتأكيد هذا ما سيفعله.
   لكن هذا النوع من الادعاء سيكون أصعب بكثير إذا خاض الانتخابات التمهيدية للجمهوريين وفشل في نيل ترشيح الحزب الجمهوري. وإذا حدث ذلك، فعندئذ نعم، سيدعي ترامب التزوير، ويتسبّب في انقسامات داخل الحزب. لكن في هذه الحالة، ستنهار مكانته العزيزة عليه كبطل للناخبين الجمهوريين، فهل سيريد حقًا مثل هذه النهاية بعد أن يكون أول رئيس سابق في تاريخ الانتخابات التمهيدية الحديثة يسعى ويفقد ترشيح حزبه لسباق البيت الأبيض؟

    من وجهة نظري، سيكون ترامب شخصية مشلولة سياسياً في طريقه إلى الانتخابات التمهيدية لعام 2024. وفي أسوأ الأحوال، سيكون ثقلًا سياسيًا معلقًا حول عنق الحزب الجمهوري يمكن أن يغرقه.   ربما يعيد التاريخ نفسه. سيترشح ترامب مرة أخرى، ويفرض نفسه في معسكر جمهوري منقسم، كما فعل عام 2016، ويفوز بالبيت الأبيض أو ربما يخسر، ولكن ليس من دون أن يقودنا إلى حافة انقلاب اخر. لكن ربما، أيضًا، سيبدأ المراسلون الآخرون في التخلص من متلازمة “أوه، حسنًا، ومع ان ...” مع استمرار ترامب في الظهور بشكل أضعف، واستمرار مشاكله القانونية في الازدياد... سنكتشف ذلك في وقت مبكر.