بعد استبعاده من تويتر وبدافع انتقامي

ترامب وشبكته الاجتماعية الجديدة: كواليس هجوم إعلامي

ترامب وشبكته الاجتماعية الجديدة: كواليس هجوم إعلامي

-- يريد دونالد ترامب استخدام وسائل إعلامه الجديدة من أجل عودة سياسية ناجحة
-- بحسب التوقعات، يمكن أن تصل عائدات الشبكة الاجتماعية إلى 258 مليون دولار عام 2026
-- يمكن أن تصبح تروث سوشيال، سلاح ترامب الفتاك عام 2024
-- تعتزم المنصة الانتقال من 0 إلى 16 مليون مستخدم في عام واحد، والوصول إلى 81 مليون متابع عام 2026


   بعد استبعاده من تويتر وبدافع انتقامي، يستعد الرئيس الأمريكي الأسبق لسحب سلاحه السري. بينما يتعثّر جو بايدن، في استطلاعات الرأي.
   من بين جميع “المآثر” بتوقيع دونالد ترامب، هذا هو الذي لا يقبل المناقشة: بين بداية حملته الانتخابية عام 2016 ونهاية فترة ولايته عام 2020، “فجّر” حسابه على تويتر، الذي انتقل من 5 إلى 89 مليون متابع في خمس سنوات! ثم جاء السادس من يناير 2021.

 في ذلك اليوم، اندفع أنصاره، المتحمسون، إلى مبنى الكابيتول، واندلعت أعمال شغب مذهلة وصاعقة أدت إلى مقتل العديد من الأشخاص. وخلص مسؤولو الشبكة الاجتماعية إلى أن الرئيس الخامس والأربعين، الذي هُزم قبل شهرين في صناديق الاقتراع، يمثل خطرًا عامًا ولتسقط العقوبة لاحقا: غلق حسابه على تويتر.    لكن بعد مرور عام على هذا الحظر، وجد ترامب علاجًا. بفضل أموال مستثمرين محافظين، يستعد لإطلاق منصته الرقمية الخاصة والتي، من المفارقات، تسمى “الحقيقة الاجتماعية”، وبعبارة أخرى: “الحقيقة (بأحرف كبيرة) اجتماعية”. “ترامب والحقيقة انه التناقض التام!” تضحك باربرا أ. بيري، كاتبة متخصصة في الرئاسات الأمريكية، تدرّس في جامعة فيرجينشيا.

«ترامب ميديا” تعلن عن جمع تبرعات جديدة
     «يبدو الأمر كما لو أن قناة فوكس نيوز تعيد تسمية نفسها نوينس نيوز” تضيف الجامعية، دون أن تتمكن من توقع تأثير وسيلة الإعلام الترامبية الجديدة بالضبط. “علينا الاعتراف أنه من خلال برنامجه تلفزيون الواقع “المبتدئ”، كانت مسيرته التلفزيونية ناجحة، وأنه علاوة على ذلك، كان ناجحًا تمامًا على تويتر بفضل أكاذيبه التي تبث “24 ساعة”، ويمكنه تكرار هذا الانجاز من خلال منصته “تروث سوشيال».

   لا أحد يعرف بالضبط في أي تاريخ وتوقيت سيشنّ “ملك مار أ لاغو” (اسم قصره في بالم بيتش، فلوريدا) هجومه الإعلامي، غير ان كل شيء جاهز. تأسست في خريف عام 2021 بجمع تبرعات مبدئي قدره 300 مليون دولار، أعلنت مجموعة ترامب للإعلام والتكنولوجيا، الشهر الماضي عن جمع جديد للتبرعات يزيد عن مليار دولار! وستغطي مجموعة ترامب للإعلام والتكنولوجيا، شبكة تروث سوشيال، وأيضًا الوسائط الأخرى، مثل منصة البث الصوتي أو البرامج الحوارية الإذاعية.

   عيّن ترامب ديفين نونيس، الحليف القديم، على رأس المجموعة. تم انتخابه منذ عام 2003 لمجلس النواب في واشنطن، وترأس لجنة الاستخبارات منذ عام 2015. وفي هذه الأيام، يتخلى عن السياسة لحياته الجديدة كرئيس مدير عام. وقد صرّح: “حان الوقت لإعادة إطلاق الإنترنت واستعادة حرية التعبير دون رقابة استبدادية من الشركات التكنولوجية الكبرى”. وهذا يعني بوضوح: تهدف شركة “تروث سوشيال” إلى التنافس مباشرةً مع فيسبوك / ميتا وتويتر... ليس أكثر.

   وحسب خطة العمل، تعتزم المنصة الانتقال من 0 إلى 16 مليون مستخدم في عام واحد، بهدف الوصول إلى 81 مليون متابع بحلول عام 2026. وبالمقارنة، يبلغ عدد المشتركين في تويتر 400 مليون مشترك. وتعتمد الشركة أيضًا على البودكاست، وهي سوق متنامية أيضًا -يستمع إليها 120 مليون أمريكي.

   في نموذج أعمال مجموعة ترامب للإعلام والتكنولوجيا، يمثل دونالد ترامب “المنتج الرئيسي”. ومما يثير الدهشة أن الشركة ترغب، على المدى الطويل، في توسيع نطاق جمهورها ليشمل جميع الحساسيات السياسية، ولكن أيضًا الاخبار والرياضة والترفيه. وبحسب التوقعات، يمكن أن تصل عائدات الشبكة الاجتماعية إلى 258 مليون دولار عام 2026، أي حوالي عُشر حجم التداول المتوقع من الشركة الأم مجموعة ترامب للإعلام والتكنولوجيا.
   في المستقبل القريب، يريد دونالد ترامب أيضًا استخدام وسائل إعلامه الجديدة من أجل عودة ناجحة.

وفي مرماه: الانتخابات التشريعية النصفية في نوفمبر المقبل، حيث ينوي ترسيخ قبضته على الحزب الجمهوري من خلال انتخاب أمهره. “إنه بالفعل على طريق الانتقام”، هكذا مرّر السفير الفرنسي السابق لدى الولايات المتحدة جيرار أرو. ولكن هناك سبب للاعتقاد بأن طريقًا سيّارة تُفتح أمامه.
   «بعد بداية ناجحة حقًا للرئاسة الديمقراطية، والتي جسدها التصويت في أوائل أغسطس على قانون البنية التحتية (الذي أقره 19 سيناتورًا من المعسكر الجمهوري)، انقلب المد، يشير المؤلف والصحفي وصانع الأفلام الوثائقية كريس ويبل، ومع الانسحاب غير المنظم للقوات الامريكية من افغانستان انطلقت حلقة أكثر تعقيدا».

   منذ سقوط كابول، تراجعت شعبية بايدن، الذي بدت هشاشته الجسدية جليّة، بشكل عكسي للتضخم (الذي انطلق مجددا) ومتغيّر أوميكرون (يبدو أنه تصعب السيطرة عليه). “المشكلة هي أن بايدن تم انتخابه على برنامج يمين الحزب الديمقراطي وهو يطبّق برنامج اليسار: وبالتالي هناك خداع في البضاعة”، حسب تقديرات، في واشنطن، مستطلع الآراء والمستشار المميز وايت أيريس.
   ومما يزيد الطين بلة، استحالة التوافق داخل معسكره. ويتابع كريس ويبل: “في الولايات المتحدة، هناك مزحة تقول:” أوه، أنا، كما تعلمون، لا أنتمي إلى هيكل سياسي منظم: أنا ديمقراطي! “هذه النكتة تصف الوضع الحالي بشكل رائع. «

الشبكة الاجتماعية،
 سلاح ترامب الفتاك
   يُعلّم التاريخ الأمريكي كذلك، أن الانتخابات التشريعية النصفية يخسرها دائمًا معسكر البيت الأبيض. وكما كان الحال مع أوباما وترامب، من المحتمل أن يكون لبايدن نفس المصير. “هناك علامة لا تخدع: لقد أعلن العديد من الديمقراطيين المنتهية ولايتهم عدم الترشّح لإعادة انتخابهم، مما يعني أنهم بالكاد يؤمنون بفرص إعادة انتخابهم”، يلاحظ أندرو جيه بولسكي، أستاذ العلوم السياسية في نيويورك.
   وبالنسبة للعديد من المحللين، لم تعد الهزيمة الديمقراطية المزدوجة في مجلسي النواب والشيوخ مستبعدة.
 اما بالنسبة لترامب، كل ما تبقى هو الحفاظ على شعلة الناخبين الجمهوريين، 2 من أصل 3 منهم مقتنعون بأن البيت الأبيض قد سُرق من بطلهم في نوفمبر 2019، وأن جو بايدن رئيس غير شرعي. ولغرس هذه الأسطورة، ليس هناك أفضل من تروث سوشيال، التي يمكن أن تصبح سلاح ترامب الفتاك عام 2024؟