رئيس الدولة والرئيس المصري يبحثان العلاقات الأخوية والتطورات الإقليمية
نظمته الإيسيسكو في الرباط
تريندز يشارك في مؤتمر حالة الدراسات الاستشرافية في العالم
الدكتور محمد العلي: دور أساسي لمراكز الفكر في التخطيط الاستراتيجي للدبلوماسية
وقدّم الدكتور محمد عبد الله العلي الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات ورقة عمل في الجلسة التي حملت عنوان: مراكز الفكر كفاعلين جدد في الدبلوماسية الاستراتيجية، فيما حضر وفد من تريندز ضم سلطان الربيعي نائب رئيس قطاع البحوث والاستشارات، والباحث عبد الله الزعابي، المؤتمر والتقي الدكتور قيس الهمامي، مدير مركز الاستشراف الإستراتيجي التابع لمنظمة «الإيسيسكو»، بهدف الإثراء المعرفي وفتح قنوات تواصل بين الجانبين.
وأكد الدكتور محمد العلي في مداخلته على دور مراكز البحث والفكر في صياغة الدول لدبلوماسيتها بطريقةٍ استراتيجية فعالة، تركز على الأولويات والأهداف طويلة الأجل، وعلى الصورة الأوسع للتفاعلات الدولية؛ بما يمكنها من التقليل من آثار عدم اليقين، وتعبئة مصادر القوة، وتعظيم المنافع السياسية.
وقال إنه من هذا المنطلق تنبع أهمية الدبلوماسية الاستراتيجية التي يتم طرحُها كإطار لمساعدة الفاعلين من الدول وغير الدول في بناء وتأطير رؤيتهم للعالم؛ ووضع أجنداتهم الخارجية؛ والتواصل والتفاوض بشأن مصالح وأهداف أساسية متباينة.
وأشار إلى أن العمل في ظل ظروف تتسم بعدم اليقين يتطلب جهدًا مستدامًا لفهم الإطار الأوسع الذي تندرج فيه المشكلات والتطورات المحيطة بأية ظاهرة، وتطوير ممارسات ديبلوماسية فعالة تتعلق بالتفاوض والحوار وعرض القضايا. مشددًا على أنّ دور مراكز الفكر أساسي في التخطيط الاستراتيجي للدبلوماسية، بدءًا من تشخيص السياقات الأوسع المحيطة بالقضايا محل الاهتمام، ورسم حدود التفاعلات الدولية وصياغة القضايا الرئيسية للدول، وانتهاءً بتحديد المضامين النظامية للعلاقات الخارجية للدول.
كما أكد على أنّ دور مراكز الفكر أساسي في تدريب الدبلوماسيين والممارسين على النظر إلى القضايا والمشكلات المعقدة التي تواجهها الدولة بمنطق شمولي، والتعاطي معها بطريقة استراتيجية، موضحًا أن هناك مجالين مهمين يعدَّان من أهم متطلبات الدبلوماسية الاستراتيجية، وهما الابتكار السياسي والسرديات الاستراتيجية، يمكن أنْ تُسهم فيهما مراكز الفكر بحثًا وتدريبًا، أو عن طريق عقد الندوات، وورش العمل، وتنظيم المؤتمرات والمنتديات.
وبيّن الدكتور محمد العلي أنّ الابتكار السياسي، وما يرتبط به من توسيع الخيال السياسي لصانعي القرار، يعدُّ إحدى السمات الأساسية للتنمية السياسية. لافتًا النظر إلى أنّ الأصل في الحلول السياسية والاقتصادية والاجتماعية يكمن في الابتكارات السياسية التي تتجاوز الانشغال بالسياسة اليومية، وتملُّك القدرة على صنع واتخاذ القرارات الكبيرة، وعلى خلق تكيف مجتمعي مع التغيير.
وقال إن دور مراكز الفكر في السرديات الاستراتيجية، يتلخص في عرض قضايا السياسة الخارجية للدولة، بطريقةٍ تلقى تأييدًا لدى الرأي العام الداخلي والرأي العام الدولي، وتوفير وتوقُّع النتائج المفضلة.
وذكر الدكتور العلي أن الدبلوماسية الاستراتيجية كإطار فكري وعملي تتقاطع مع الأهداف الكبرى لمراكز الفكر، المتمثلة في تطوير عقلية تتسم بالنظرة الشمولية للقضايا، ورفع مستوى الابتكار السياسي، وتوسيع آفاق الخيال الاستراتيجي للنُّخب وصناع القرار.
واختتم الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات مداخلته بالإشارة إلى أن الدبلوماسية الاستراتيجية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالاستشراف الاستراتيجي، فلا يمكن ضمان نجاح تخطيط استراتيجي طويل المدى لأي دولة من دون استشراف علمي للمستقبل وتخطيط سليم له. مؤكدًا أنه في ظل ما نعيشه من بيئة تتسم بالتعقيد وعدم اليقين، فإن صناع السياسات ومراكز الفكر على السواء أصبحت تواجه تحديات كبيرة في مجال الدراسات الاستشرافية. وقال إن على الدراسات الاستشرافية أن تعمل على صقل عدد من المهارات الخاصة، منها القدرة على الاستشراف في ظل حالة "الغموض" و"عدم اليقين" و"الفوضى" التي يشهدها النظام العالمي، والقدرة على الاستشراف في ظل تضخم البيانات ورداءة التحليلات السائدة وتزييف الحقائق، والقدرة على الاستشراف في عالم من "السيولة" و"عدم الانتظام"، وتوظيف الذكاء الاصطناعي والتطورات التكنولوجية في مجال الاستشراف.
وخلص إلى أن تعزيز القدرات الاستشرافية لمراكز الفكر سيسهم بلا شك، وبصورة كبيرة، في تعزيز الدبلوماسية الاستراتيجية وبناء مستقبل أفضل للدول والشعوب.