رداً على الانسداد السياسي وتدهور الأوضاع
تسونامي الاحتجاجات الشعبية يهدد فرقاء ليبيا
لم يعد هناك رفاهية في الوقت أمام القوى السياسية الليبية بعد أن خرج تظاهرات تنادي بسرعة حل الأزمة وتحقيق مطالبهم وتحسين الخدمات الاجتماعية وتعزيز الأوضاع الاقتصادية لانقاذ البلاد من الأزمات التي تمر بها حالياً.
ووفق صحف عربية صادرة أمس الاثنين، اعتبر مراقبون أن الانقسام السياسي الذي تشهده ليبيا حالياً سيدفع بمزيد من الاحتجاجات من قبل المواطنين الذي يريدون تحقيق متطلبات الحياة الأساسية والمتمثلة في الطعام والمياه والكهرباء والعلاج وغيرها من المتطلبات التي لا يمكن الاستغناء عنها.
حوار شامل وعاجل
وتناولت صحيفة “العرب” اللندنية أصداء الاحتجاجات التي تفجرت في أنحاء من ليبيا، رداً على الانسداد السياسي وتدهور الأوضاع الاجتماعية والخدمية، ناقوس إنذار للأجسام السياسية المتصارعة في البلاد، وللمجتمع الدولي الذي يبدو عاجزا عن دفع الفرقاء إلى تسوية واقعية تنهي الأزمة.
وأشارت الصحيفة إلى اقتحام المحتجين يوم الجمعة الماضي مقر البرلمان في طبرق (شرق)، ضمن احتجاجات شهدتها عدة مدن ليبية، للمطالبة بحل المؤسسات السياسية القائمة وإجراء الانتخابات، ومع تراجع منسوب الحراك، لكن نشطاء يؤكدون أنه ستكون لهم عودة.
وعبر تحالف القوى الوطنية أمس الأحد عن “الدعم الكامل لحق المواطنين في المطالبة بحقوقهم كونه حقا أصيلا وسمة بنيوية للدولة المدنية المنشودة”، داعيا إلى “ضرورة سلمية هذه الاحتجاجات والمحافظة على الممتلكات الخاصة والعامة”، بحسب الصحيفة.
وحث التحالف، في بيان “الأجسام السياسية إلى الاستجابة لهذه المطالب وتحويلها إلى خطوات عملية ملموسة باعتبار هذا الشعب هو صاحب الأمانة والسيادة”، مناشدا “مجلس النواب والدولة رئاسة وأعضاء وكذلك كل الأطراف الليبية المعنية تحمل المسؤولية التاريخية”.
وتفجرت الاحتجاجات على إثر فشل مفاوضات جرت بين رئيسي مجلس النواب والدولة في جنيف حول النقاط الخلافية في علاقة بالقاعدة الدستورية التي سيجري الاستناد عليها لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية.
وبحسب الصحيفة طالب تحالف القوى الوطنية “بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بمراجعة أدائها وتصوراتها منذ اتفاق الصخيرات وإلى ما وصل إليه اتفاق جنيف وخارطة الطريق من انسداد ووضع آلية جديدة تضع في اعتبارها نقاط الضعف والخلل التي أدت إلى هذا الوضع».
ويرى مراقبون أن الانقسام في الموقف الدولي حيال الحل في ليبيا ساهم بشكل كبير في وصول الأمور إلى هذا الوضع، مشيرين إلى المقاربات غير الواقعية التي تطرح من هنا وهناك لمعالجة المأزق الليبي وآخرها ما يروج له السفير الأميركي ريتشارد نورلاند عن تولي الحكومتين المتصارعتين في ليبيا مهمة إدارة الانتخابات العامة في مناطق سيطرة كل منهما.
تسونامي شعبي
ومن جانبه تساءل الكاتب جبريل العبيدي في صحيفة “الشرق الأوسط”، “هل سينجح خروج الشارع الليبي فيما فشلت فيه الأمم المتحدة ومبعوثوها الستة، وسابعتهم مستشارة الأمين العام، ستيفاني ويليامز، وفي حلحلة الانسداد السياسي في الأزمة الليبية، بعد الفشل المتكرر للفرقاء الليبيين؛ ومعهم الأمم المتحدة والدول الفاعلة والمتدخلة في الشأن الليبي، في إيجاد حل أو تحقيق أدنى درجة من التوافق بين الفرقاء الليبيين؟
وقال العبيدي إن مظاهرات ليبيا تنذر بسيناريوهات متعددة في حال استمرارها، لعل الأسوأ من بينها الدخول في حالة فراغ سياسي وعودة الاحتراب، ومن بين السيناريوهات أن يعلن المجلس الرئاسي حل المجلسين؛ البرلمان والدولة. وإذا ما تم هذا السيناريو فسيكون الأسوأ طافياً على السطح؛ لأن المجلسين لن يخضعا لما سيصدر عن المجلس الرئاسي الضعيف، والذي لا يملك أي أدوات لتطبيق القرار في حال صدوره، إلا إذا كان هناك سيناريو ثالث؛ بحيث تقبل جماعة الإسلام السياسي بحل مجلس الدولة الذي يسيطرون عليه، في مقابل تخلصهم من خصمهم العنيد مجلس النواب.
وأشار الكاتب إلى أن الشارع الليبي؛ شرقاً وغرباً وجنوباً، خرج غاضباً ومطالباً بإنهاء شرعية البرلمان ومجلس الدولة والمجلس الرئاسي المنبثق عن «اتفاق جنيف»، بعد أن بات من المسلم به أنه لا انتخابات في المدى القريب، أو ربما لا انتخابات أبداً في ليبيا المنكوبة بالفوضى والمراحل الانتقالية وصراع الشرعيات، أو هكذا أرادت السلطات الثلاث (البرلمان، ومجلس الدولة الاستشاري، والحكومة الانتقالية المؤقتة) ومن يملكون القرار في ليبيا، لنعود إلى المربع الأول.
كما أكد العبيدي أن عرقلة الانتخابات ومنعها يأتيان بذرائع مختلقة وعديدة؛ خصوصاً من جماعة الإخوان، التي اعتادت عرقلة أي شيء ليس مفصلاً على مقاس أعضائها، فظهرت أصوات تهدد بالمقاطعة، وأخرى تجاهر بالتهديد بمنع حدوث الانتخابات أصلاً، كتلك التهديدات التي أطلقها رئيس مجلس الدولة الممثل لتنظيم «الإخوان» وهدد خلالها بمحاصرة المفوضية العليا للانتخابات؛ بل وبتقديم مئات الآلاف من الجثث لمنع الانتخابات، مما يعني رفضاً مسبقاً لنتائج الانتخابات في حال فوز المرشح المعارض.
وحذر الكاتب من أن الاحتجاجات الشعبية وحراك الشارع الليبي؛ هذه المرة وبهذا الشكل، ليسا سوى تسونامي شعبي سيقتلع جذور سياسيي الصدفة وجماعات الإسلام السياسي من منبتها، وإن حاول بعضهم توظيف الشارع لصالحه.
ثورة اجتماعية
فيما اعتبر المحلل السياسي الإيطالي، دانييلي روفينيتي، أن التطورات الأخيرة في ليبيا والاحتجاجات في المدن الرئيسية في البلاد تكشف بشكل أكبر الأزمة العميقة التي تغرق فيها ليبيا.
وقال روفينيتي، في تصريحات لصحيفة “الشروق” المصرية، إن الأزمة السياسية في ليبيا حيث توجد حكومة الوحدة في طرابلس بقيادة عبدالحميد الدبيبة انتهت صلاحيتها الآن، فيما لم تتمكن حكومة فتحي باشاغا التي نالت ثقة مجلس النواب أبدًا من دخول طرابلس.
واعتبر الخبير السياسي الإيطالي أن الحرب في أوكرانيا انعكست على ليبيا حيث توجد أيضًا أزمة غذائية بسبب الاعتماد الشديد على أوكرانيا في الحبوب.وأضاف: “من الواضح أن هناك وضع غير مستدام يتسبب في الاحتجاجات، ويمكن أن يؤدي إلى ثورة اجتماعية حقيقية».ودعا الخبير الإيطالي، السياسيين الليبيين، إلى التراجع خطوة إلى الوراء وتنحية خصوماتهم جانبًا للتفكير فقط في المصلحة المشتركة. وشدد على أن الهدف يتمثل في التوصل فوراً إلى اتفاق لتشكيل حكومة موحدة حقيقية تفكر في حل ومواجهة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية ومواكبة البلاد نحو الانتخابات التي يجب إجراؤها في أسرع وقت ممكن.كما اعتبر أنه حان الوقت لأن يلعب المجتمع الدولي دوره بطريقة حاسمة وموحدة خصوصاً أن أوروبا يجب أن تجعل صوتها مسموعاً ويجب أن ترافق الليبيين للتوصل إلى اتفاق، مشيراً إلى أن إيطاليا يمكنها بالتأكيد لعب دور في هذا الشأن ربما بالاتفاق مع فرنسا.