رئيس الدولة يؤكد دعم الإمارات لتسوية النزاعات والتحديات في العالم عبر الحوار والحلول الدبلوماسية
تصدع الناتو.. كيف يمكن لبايدن حل أزمة الدبابات الألمانية؟
حذرت صحيفة “واشنطن بوست” في افتتاحيتها من خطورة الصدع الكبير داخل جبهة حلف شمال الأطلسي “ناتو”، وذلك على خلفية رفض ألمانيا الموافقة على نقل عشرات الدبابات القتالية الثقيلة إلى أوكرانيا لدعمها في الحرب القائمة ضد روسيا. وقالت الصحيفة إنه في حال لم يتم إصلاح هذا الضعف والانقسام بين دول التحالف، فإن ذلك ليس فقط سيجعل أوكرانيا تعاني وتخضع أكثر للقوات الروسية، بل إنه سيضع افتراضاً بأن الناتو يشهد انقسامات داخلية تضعه في موقف حرج أمام موسكو. وبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عمليته العسكرية في أوكرانيا قبل 11 شهراً ليس فقط معتقداً أنه سيُخضع أوكرانيا بسرعة، ولكنه أيضاً افترض أن التحالف الغربي ضعيف جداً ومنقسم بحيث لا يمكنه تشكيل جبهة موحدة لإحباط ذلك الهجوم، لكن ما ثبت حقاً حتى الجمعة، أنه كان مخطئاً في ذلك.
وبالرغم من الدعم الكبير الذي قدمه الناتو لأوكرانيا، إلا أن رفض ألمانيا إرسال دبابات لكييف أدى إلى ظهور أول صدع خطير في الجبهة الصلبة لحلف الناتو، الذي ترى الصحيفة أنه لا بد أن يُعالج وبسرعة. إذ أنه من المؤكد أن يتم استغلال هذا الوضع الكارثي من قبل الكرملين ليس فقط في ساحة المعركة، ولكن أيضاً في منطقة الصراع الموازية للرأي العام الأوروبي. وتضيف الصحيفة أنه بالإضافة إلى العقوبات الغربية ضد روسيا، التي ستؤثر بشكل متزايد على اقتصادها وتقوض إعادة إمدادها بالأسلحة عالية التقنية بمرور الوقت، كانت المساعدات العسكرية لأوكرانيا أساسية لبقاء كييف وقدرتها على إضعاف أعداد القوات الروسية المتفوقة في ساحة المعركة، كما قدمت ألمانيا مساعدات عسكرية لأوكرانيا أكثر من أي دولة أخرى باستثناء الولايات المتحدة وبريطانيا. وبعد اتباع برلين استراتيجية استمرت لعقود تجاه موسكو، كان ضمنها تعزيز الشراكات الاقتصادية والاعتماد المتبادل على أساس فرضية أن مثل هذه السياسة من شأنها أن تجعل الحرب الأوروبية غير قابلة للتصور، أظهر المستشار الألماني أولاف شولتز وجهاً مفاجئاً بعد أيام من تدفق القوات والدروع الروسية إلى أوكرانيا، حيث أعلن عن زيادة كبيرة على المدى الطويل في الإنفاق العسكري الألماني، وأوضح أن برلين ستقف مع حلفائها في الناتو ضد “حرب عدوانية غير مبررة».
ولكن يبدو أن هذا الوجه لم يتم تلقيه بالكامل من قبل جزء من الحكومة الائتلافية الألمانية وشعبها، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أنه في حين أن الدعم الألماني لأوكرانيا بشكل عام لا يزال مرتفعاً نسبياً، وإن كان أقل من الدول الغربية الأخرى، إلا أنه منقسم بالتساوي تقريباً حول مسألة إرسال دبابات قتال رئيسية ألمانية الصنع إلى أوكرانيا. وتعد دبابات “ليوبارد 2” الألمانية، التي يوجد الآلاف منها في ترسانات حلفائها في الناتو حول أوروبا، أفضل هذه الخيارات لاستخدامها في أوكرانيا، إذ أن عددها أكثر من دبابات “تشالنجر 2” البريطانية، والتي يتم تسليم حوالي 14 منها إلى أوكرانيا، وهي أكثر ملاءمة للتضاريس الأوكرانية وقدرات الصيانة من دبابة القتال الأولى في الولايات المتحدة “إم 1 أبرامز». وأشارت العديد من الدول الأوروبية التي لديها دبابات قتالية في ترساناتها إلى أنها مستعدة لشحنها على الفور إلى أوكرانيا، بما في ذلك بولندا والدنمارك العضوان في الناتو، وكذلك فنلندا، التي تقدمت بطلب للانضمام إلى الحلف. لكن بحسب الصحيفة، يجب أولاً الموافقة على هذه الشحنات من قبل ألمانيا، التي أصرت على حق الرفض في عقود بيع الأسلحة.
دور بايدن
وفي المقابل، اقترح بعض المسؤولين الألمان أنهم سيرسلون الدبابات إلى أوكرانيا فقط في حال أقدمت إدارة بايدن أولاً على تقديم غطاء سياسي عن طريق إرسال بعض دبابات “أبرامز” إلى كييف، إلا أن واشنطن مترددة في القيام بذلك، فيما يتعلق بـ”أبرامز” العملاقة التي تستهلك كميات كبيرة من الغاز، والتي تتطلب صيانة مستمرة، باعتبارها سيئة لتضاريس أوكرانيا وقدراتها.
وترى الصحيفة أنه إذا كان إرسال بعض دبابات “أبرامز” هو المفتاح لكسر الجمود بشأن شحنة أكبر بكثير من الدبابات الألمانية، فيجب على الرئيس الأمريكي أن يعطي موافقته عليه، وينبغي له أن يفعل ذلك ليس فقط لإضافة قوة إلى ترسانة أوكرانيا في ما يحتمل أن يكون لحظة حاسمة في الحرب، ولكن أيضاً للحفاظ على العزم والوحدة الغربية في مواجهة أخطر تهديد واجهته منذ أكثر من جيل.
كما تشير الصحيفة إلى أن الدبابات وحدها لن تجعل كييف تكسب تلك الحرب، إذ أنها تحتاج إلى أعداد كبيرة من المركبات القتالية الخفيفة وناقلات الجنود المدرعة ومدافع “هاوتزر” وأنظمة الدفاع الجوي الحديثة، وكذلك إعادة الإمداد المستمر بقذائف المدفعية التي تستخدمها بمعدل 3 آلاف تقريباً يومياً.
هجوم روسي
وبدوره، قال قائد الجيش الأوكراني إن كييف بحاجة إلى 300 دبابة قتال غربية الصنع، وهو ما سيكون عنصراً هائلاً في قدرة أوكرانيا ليس فقط على الاحتفاظ بمكانتها الخاصة، ولكن أيضاً على طرد القوات الروسية من الأراضي التي احتلتها بشكل غير قانوني، بحسب الصحيفة.
واختتمت “واشنطن بوست” افتتاحيتها بالقول إن موسكو حتماً تستعد لهجوم ربيعي كبير، ومن المتوقع أن يبدأ خلال الشهرين المقبلين، وفي المقابل، ما هو على المحك ليس بقاء أوكرانيا فحسب، بل أيضاً القيادة والتفكير الواضح والسليم بالنسبة لواشنطن وبرلين، إذ أن تردد ألمانيا يشكل تحدياً حاسماً للوحدة الغربية.