اقتراح مثير للجدل والانقسام:

تفكيك الشرطة، قد يتم تنفيذه قريبًا في مينيابوليس...!

تفكيك الشرطة، قد يتم تنفيذه قريبًا في مينيابوليس...!

     مايو 2020، ألقى فريق من الشرطة القبض على رجل أسود في أحد شوارع مينيابوليس بعد إبلاغ بقاّل عن دفع فواتير بنقود مزيفة. وبعد دقائق طويلة من التضرّع والعذاب، لفظ جورج فلويد، الذي لم يكن مسلحا، أنفاسه تحت ركبة شرطي أبيض، ديريك شوفين، ثبّته أرضا وضغط على رقبته لتسع دقائق تقريبا رغم مناشدة الموقوف انه سيموت، وترديده كلمات “لا أستطيع التنفس”، دون أي رد فعل من رجال الزي الأزرق من حوله.
وسرعان ما تحولت كلمات فلويد إلى شعار يرفع في الاحتجاجات التي تطالب بالعدالة والتغيير.  
   صور هذا الاعتقال القاتل، التي صورها المارة، سرعان ما انتشرت كالنار في الهشيم وصدمت العالم. ودون ان تكون الفضيحة الأولى للشرطة الأمريكية، أثارت قسوة شوفين، ومعاناة فلويد الطويلة، موجة غير مسبوقة من الغضب والاستياء في الولايات المتحدة. وبسرعة كبيرة، نزل مئات الآلاف من الأشخاص إلى شوارع المدن الكبرى في جميع أنحاء البلاد للتعبير عن غضبهم من سلوك وممارسات الشرطة، والتنديد بالعنصرية المنهجية التي تؤثر على المؤسسة. وعادت حركة حياة السود مهمّة، التي ظهرت عام 2013، إلى واجهة الساحة، وتولت زمام الاحتجاج. وفي خضم الحملة الانتخابية، قام الرئيس دونالد ترامب بسكب الزيت على النار، بينما وعد جو بايدن بأنه سيحاول تغيير الأمور إذا وصل إلى السلطة.    من جانب الناشطين والمسؤولين المنتخبين الأكثر تطرفاً، ظهر مطلب: “أوقفوا تمويل الشرطة” أو حلها، والذي يعني تقليص أموال قوات الشرطة المحلية لاستثمارها في مكان آخر أو لتفكيك الخدمات بالكامل.
   بعد أكثر من عام بقليل من ظهوره، سيتم التصويت على هذا الاقتراح في مينيابوليس في 2 نوفمبر. وسيقرر الناخبون ما إذا كانوا سيمررون تعديلًا على ميثاق المدينة أم لا من شأنه أن يحد من حجم ونطاق وتأثير جهاز الشرطة فيها. ويثير هذا التصويت عدة أسئلة.

ماذا سيحدث إذا
تم اعتماد التعديل؟
   سيتم استبدال قسم شرطة مينيابوليس بإدارة السلامة العامة التي ستكون مسؤولة عن دمج وظائفها الأمنية في مقاربة أكثر شمولاً للصحة العامة.
   وسيختفي الحد الأدنى من عدد الاعوان لكل ساكن الذي تتطلبه المدينة، وسيتم استبدال البعض منهم بأخصائيين اجتماعيين أو خبراء الصحة العقلية أو مديري الأزمات. ويجوز إعادة تخصيص جزء من الأموال المخصصة لخدمة الشرطة لخدمات بلدية أخرى.
   أخيرًا، سيخضع هذا الكيان الجديد لمراقبة أكثر ديمقراطية لأنه سيكون مسؤولاً أمام المجلس البلدي وليس فقط أمام رئيس البلدية، حيث يكون الأول أكثر تمثيلاً لتنوع السكان من الأخير. وإذا كانت الإجابة بنعم هي الأغلبية، فسيصبح تعديل ميثاق المدينة ساري المفعول بعد ثلاثين يومًا من الاقتراع.

ما رأي الأمريكيين السود المقيمين في مينيابوليس؟
   تفكيك قسم الشرطة موضوع حساس للغاية والتصويت يقترب. وقد أظهر استطلاع حديث للرأي أجرته صحيفة ستار تريبيون المحلية، وجود إحجام معين داخل المجتمع الأسود تجاه المشروع الذي تقترحه البلدية (42 بالمائة مقابل / 49 بالمائة معارضين) ومعارضة كليّة لتقليص عدد اعوان الشرطة (14 بالمائة مقابل - 75 بالمائة ضده). ويمكن تفسير ذلك، على وجه الخصوص، بالأهمية المتزايدة للموضوعات المتعلقة بالأمن لسكان الأحياء المحرومة في مينيابوليس.
   في الواقع، في ولاية مينيسوتا، كما هو الحال في بقية البلاد، تتزايد الجريمة وقد وصلت إلى أرقام قياسية عام 2020. ويعتزم إيا بورتر، وهو من سكان الأحياء الشمالية، التصويت ضده: “أعتقد أن الناخبين السود هم أكثر عرضة للشعور بآثار نقص خدمات الشرطة. “...” لا تختبروا هذا علينا، لأننا سنكون الأكثر تضررًا أولاً”. من جهته، دون صامويل، الناشط بشدة ضد هذا الإصلاح، يعيش أيضًا في شمال المدينة ويشارك نفس مخاوف بورتر: “أحياء السود والمجتمعات الفقيرة ستدفع الثمن».
   ومع ذلك، هناك عنصر واحد متفق عليه بين سكان مينيابوليس، مهما كان لون بشرتهم: الصورة السلبية للشرطة. توافق الغالبية العظمى على أن الأمور لا تسير على ما يرام، وأنه يجب أن تحدث تغييرات عميقة. “لم نعد نريد فقط الرجال البيض ذوي العضلات المفتولة يتدخلون بطريقة وحشية، ويذبحون الشباب السود في الشوارع واحدًا تلو الآخر. “...” نحن بحاجة إلى رجال شرطة يقدرون حياة السود، ويخدمون المجتمع بكرامة واحترام”، يعرض صامويل.

انتخابات تحت المجهر
   ورغم أن الاستشارة محلية، إلا أنها ذات بعد وطني تقريبًا. طرحت العديد من المدن الأخرى، ذات الأغلبية الديمقراطية، فكرة تفكيك قوات الشرطة بعد وفاة جورج فلويد. في الوقت الحالي، لم يصل أي منها إلى نهاية العملية، بل إن عددا هاما تراجع من خلال تعزيز الميزانيات لمواجهة الزيادة في الجريمة التي تؤثر بشكل خاص على المدن الكبرى.
   كما أن هذا النوع من الاقتراحات يثير الانقسام داخل الحزب الديمقراطي، وحتى داخل جناحه اليساري. من الصعب راهنا التنبؤ بالنتيجة، ولكن إذا فشل المقترح، فقد يشير ذلك إلى نهاية حركة “وقف تمويل الشرطة».
   بالمقابل، إذا فازت “نعم”، ستتابع الأحزاب السياسية ووسائل الإعلام والناشطون هذه التجربة عن كثب. لكن هناك مشكلة، لم يتحدث عنها أحد حتى الآن، يمكن أن تظهر نتيجة الاستشارة: ماذا لو كانت نتيجة الاقتراع لا تتطابق مع تصويت غالبية الأمريكيين السود المقيمين في مينيابوليس؟
عن سلات اف ار