تقارير: استهداف تركي ممنهج لقرى مسيحية في كردستان العراق
يتسبب القصف التركي على شمال العراق بحجة ملاحقة “حزب العمال الكردستاني” بتدمير قرى مسيحية وإفراغها من سكانها.
وتناول سيث ج. فرانتزمان في صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية هذا الموضوع قائلاً إن أنقرة واصلت هذا الأسبوع حملة قصف على قرى في منطقة كردستان العراق ذات الحكم الذاتي، لتدمر منازل وكنيسة للأقلية المسيحية المحلية.
وتزعم تركيا أنها تقاتل “الإرهاب” على رغم عدم تسجيل هجوم إرهابي رئيسي على أراضيها منذ سنوات. أما الإرهاب الحقيقي، وفق السكان المحليين، فيأتي من القصف التركي الذي يستخدم المسيرات والمقاتلات وحتى المدفعية.
وقال المعهد الأشوري للسياسات: “أمس، دمرت كنيسة مار يوسف الأشورية الشرقية في قرية مسقعة الأشورية في باروار بشمال العراق في حملة جوية كانت تستهدف ما يشتبه في أنه مواقع لحزب العمال الكردستاني بالمنطقة».
واستناداً إلى تقارير محلية نشرتها وكالة “روداو” الكردية للأنباء ومصادر أخرى، فإن القصف دمر قرية مسيحية وكنيسة. وقال قروي من مسقعة إن القنابل سقطت قرب المنازل.
الناس مرعوبون
وأبلغ أحد السكان المحليين إلى روداو، أن “الناس كانوا مرعوبين” بسبب القصف التركي على المنطقة. وأرغمت عائلات عدة، تنتمي إلى الأقليات المسيحية القديمة، على الفرار من القرى المحلية. وبحسب التقارير، فإن قريتي كيستا وتشالكي، قد أفرغتا من السكان بينما بقيت بضع عائلات في مسقعة. ويبدو هذا وكأنه تطهير عرقي، شبيه بذلك الذي نفذته تركيا عندما أجبرت 170 ألف كردي على مغادرة عفرين في سوريا بعدما غزت المنطقة عام 2018 وأرسلت جهاديين متطرفين مدعومين من تركيا لإحتلال المنطقة ومهاجمة الأقلية الكردية والأيزيديين.
ويضيف فرانتزمان أن كل مكان احتلته تركيا في سوريا مارست فيه تطهيراً عرقياً بحق الأقليات. وداخل تركيا، تعرض عشرات الآلاف من الأكراد لمجازر خلال الحروب المختلفة التي تقول أنقرة إنها تشنها ضد إرهاب “حزب العمال الكردستاني».
والدولة التركية نفسها التي تقصف قرى وتفرغ من سكانها في العراق وسوريا، هي نفسها التي تندد بالغارات الإسرائيلية على غزة. قد تكون تركيا من خلال هجومها على إسرائيل تريد صرف الإنتباه عن حملتها الخاصة على مناطق مدنية تحت ذريعة “محاربة الإرهاب».
وطالما زعمت تركيا أن لها الحق في غزو أجزاء من سوريا تطلق عليها “مناطق آمنة” لوضع حد للإرهاب. وعلى رغم عدم انطلاق هجمات إرهابية من سوريا والعراق، فإن تركيا وسعت 12 قاعدة وموقعاً في المنطقة الكردية بشمال العراق، كما انها هددت بغزو سنجار، المنطقة التي تعرض فيها الأيزيديون لمذبحة على أيدي تنظيم “داعش».
لقد مكنت تركيا عشرات الآلاف من الأعضاء الموالين لـ”داعش” من العبور إلى سوريا والعراق عامي 2014 و2015، مما جعلها مساهمة على الأرجح في الإبادة. وفي عامي 2018 و2019، فر الكثير من أعضاء “داعش” إلى تركيا وبعضهم ذهب إلى إدلب وعفرين. وقتلت الولايات المتحدة زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي على مسافة ميل واحد فقط عن الحدود التركية في إدلب عام 2019.
ودمرت آلاف القرى على مدى سنوات بواسطة العمليات العسكرية والغارات الجوية التركية، وأُرغم الناس على الفرار. والآن يفر المزيد منهم. وتفيد تقارير أن إيدين هي قرية أخرى “أخليت” من جراء القتال. ويخشى الأكراد العودة إلى منازلهم بسبب القصف.
وفي بعض الأحيان، يقتل أكراد أبرياء نتيجة الغارات الجوية عندما يكونون في طريقهم إلى جني العسل أو العمل في الأراضي. وأٌفرغت قرية أخرى تسمى داشيش من السكان الأسبوع الماضي. وفي 2019، استهدفت الغارات التركية منطقة نحلة الأشورية قرب دهوك، ودمرت قرية حزان.
ومن الصعب عدم الربط بين الإستهداف التركي الممنهج لمناطق الأقليات المسيحية والأيزيدية والكردية، والسعي إلى تطهير عرقي وتهجير الأقليات من العراق وسوريا. إن كل مكان تسيطر عليه المجموعات الموالية لتركيا في شمال سوريا مثل عفرين وإدلب وأماكن أخرى، لا يمكن للأقليات تعيش بحرية.
وخلص الكاتب إلى أن الأقليات المسيحية وجدت نفسها مقسمة في مناطق تسيطر عليها مجموعات موالية لإيران في سهل نينوى أو في منطقة الحكم الذاتي الكردي. وفرت عائلات مسيحية كثيرة من “داعش” لتعيش في عنكاوا وأماكن أخرى في المنطقة الكردية. وعلى رغم أن القرى الأشورية القديمة بقيت صامدة ومتمسكة بهويتها وتاريخها- مثل القوش الواقعة بين دهوك والموصل – فإن القصف التركي زرع عدم الآمان لدى الكثير من أبناء الأقليات في العراق وسوريا والشرق الأوسط.