تقرير أمريكي: بايدن يكرّر أخطاء تاريخية قاتلة حيال إيران

تقرير أمريكي: بايدن يكرّر أخطاء تاريخية قاتلة حيال إيران


أولى السيناتور بيل هاغرتي والمستشار الأسبق لشؤون الأمن القومي الجنرال أتش آر ماكماستر أهمية خاصة للتسجيل المسرب لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بما أنه يظهر سيطرة الحرس الثوري على جميع قرارات السياسة الخارجية. لذلك إن إفادات ظريف المحرجة تتمتع بآثار مباشرة على سياسة بايدن الإيرانية بشكل كامل: هي تظهر أن تقليص العقوبات الاقتصادية على إيران من أجل جعل النظام الإيراني أكثر اعتدالاً لن ينجح. كتب هاغرتي وماكماستر في موقع “ريل كلير بوليتيكس” أن السياسات الأمريكية تجاه إيران تسببت بنتائج فاشلة طوال عقود لأن الإدارات الأمريكية قللت من أهمية ترسخ الآيديولوجيا في الديكتاتورية الثيوقراطية التي تحكم البلاد. وهي أخطأت عبر افتراضها إمكانية ترويض النظام من خلال الديبلوماسية التصالحية. لقد فشلت الجهود الغربية في تهدئة إيران منذ استولى الثوريون على السلطة سنة 1979.

ومع ذلك، تشير التقارير الأخيرة إلى أن الرئيس بايدن في طور تكرار تلك الإخفاقات. وتماماً كما فعلت إدارة أوباما مع اتفاقها النووي الكارثي سنة 2015، تسعى إدارة بايدن إلى رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران في مقابل التزامات إيرانية موقتة بتقييد برنامجها النووي. لقد كشف مسؤول بارز في وزارة الخارجية أن إدارة بايدن تراجع جميع العقوبات الأمريكية المتعلقة بالإرهاب وحقوق الإنسان والتي فرضها ترامب على إيران منذ سنة 2017 لمعرفة ما إذا كان فرضُها شرعياً، مضيفاً أنه يجب رفع بعض العقوبات لضمان استفادة طهران من الاتفاق النووي. مثل أوباما، يأمل بايدن أن يؤدي تخفيف الضغط الاقتصادي عن إيران إلى إقناع النظام بوضع طموحاته النووية جانباً والتركيز على الاقتصاد ووقف تمويل وكلائها الإرهابيين والتحول إلى دولة طبيعية.

وأضاف الكاتبان أن هذا النهج المضلل مدفوع جزئياً بمناشدات من العواصم الأوروبية البعيدة جغرافياً من التهديد الأمني الإيراني لكنها تريد لشركاتها التعامل التجاري مع إيران. أعطى أوباما وبايدن امتيازات لمصالح أوروبا الاستثمارية عوضاً عن مخاوف حلفائها الشرق أوسطيين المعرضين لتهديد النظام الإيراني. إن اعتقاد أوباما-بايدن الساذج بأن التصالح يمكن أن يغير لا سلوك النظام وحسب بل أيضاً طبيعته مبني على الافتراض الخاطئ بأن السياسة الأمريكية هي التي تحرك مواقف وتصرفات النظام. منذ سنة 1979، بنى النظام صناعة قراراته على عقيدته الثورية التوسعية والعدوانية بشكل جوهري تجاه الولايات المتحدة وإسرائيل وجيرانه العرب والحلفاء الأمريكيين حول العالم. وهو أمر أشار إليه ظريف في التسجيل المسرب.

طوال سنوات، تواصل السلوك الإيراني الخبيث بالتوازي مع إثارة النظام آمال الغرب الساذجة بأنه سيتجاوب مع المصالحة. يعتمد النظام على ذلك كتكتيك لتخطي ما يراه ألماً مؤقتاً. حين اعتدل سلوك طهران، كان ذلك نتيجة للضغط السياسي والاقتصادي والعسكري الهائل. بدلاً من التخلي عن هذا النهج، يقترح الكاتبان ضرورة أن تعمل واشنطن مع شركائها في ثلاث مجالات أساسية. أولاً، على الولايات المتحدة وحلفائها تعزيز دفاعاتهم ضد إمكانات إيران العسكرية والإرهابية حتى ينهي النظام عدوانيته.
ثانياً، يجب أن يبقى منع طهران من الحصول على السلاح النووي أولوية قصوى لكن ليس من خلال اتفاق أوباما المعيوب. فالاتفاق النووي الضعيف يمكن أن يغطي برنامجاً سرياً فيما يستخدم النظام تخفيف العقوبات لتكديس موارده من أجل تحقيق هدفه النووي. ثالثاً، على الولايات المتحدة وحلفائها فرض أكلاف مالية باهظة على النظام لشن حروب بالوكالة في الشرق الأوسط وما وراءه.

مقاربة مثمرة
يرى هاغرتي وماكماستر أن هذه المقاربة قادرة على تحقيق النتائج. بالرغم من تصاعد حضورهما في إيران، يبقى المرشد الأعلى علي خامنئي والحرس الثوري ضعيفين اقتصادياً ومعتمدين على تصدير النفط وعرضة لضغوط دولية عدة. وشارك هاغرتي وماكماستر مباشرة في إقناع حلفاء الولايات المتحدة بتنفيذ العقوبات المصممة لحرمان خامنئي من السيولة التي يستخدمها من أجل تمويل حروب الوكالة. استغرق إقناع اليابان (هاغرتي كان سفيراً لبلاده فيها) بالتوقف عن استيراد النفط أشهراً من المفاوضات الصعبة. لكن النتيجة أسست نفوذاً فعلياً لواشنطن، وهذه كانت الحال مع مستوردين آخرين للنفط الإيراني.

العبرة من التاريخ المؤلم
تخلت إدارة بايدن سريعاً عن النفوذ التي تأمن لها. لاحظت الصين نية بايدن بتخفيف العقوبات عن طهران فرفعت وارداتها النفطية بثلاثة أضعاف عن السنة الماضية. يقوض التفادي الواسع للعقوبات الديبلوماسية الأمريكية عبر تمكين خامنئي من تجاهل الضغط الغربي. وطالب الكاتبان بايدن بقلب المسار قبل فوات الأوان. فهو ينبغي عليه مواصلة العقوبات على طهران والاعتراف بالواقع الذي رسمته عقود من التاريخ المؤلم: للضغط الأقصى، لا المصالحة، الفرصة الفضلى لإجبار النظام الإيراني على الاختيار بين التصرف كدولة طبيعية أو مواجهة الخراب الاقتصادي.