رئيس الدولة والرئيس القبرصي يؤكدان أهمية العمل على ترسيخ أسباب السلام والاستقرار الإقليميين
أبعدها الرئيس عن لجنة إعداد الدستور:
تونس: أحزاب ترفض مرسوم الهيئة الاستشاريّة
-- الدستوري الحر يدعو الى مظاهرة في 18 يونيو المقبل، رفضا للمرسوم الرئاسي
-- تكليف أستاذ القانون الصادق بلعيد صوغ مشروع لتأسيس جمهورية جديدة
-- اليوم يحدّد اتحاد الشغل موقفـــه مــن المرســــوم
أعلن أخيرا الرئيس التونسي قيس سعيد عن مرسوم رئاسي لإحداث لجنة وطنية استشارية لصياغة دستور لجمهورية جديدة، وآخر لدعوة الناخبين للمشاركة في الاستفتاء على هذا الدستور المرتقب تنظيمه يوم 25 يوليو المقبل. وككل خطوة يقدم عليها الرئيس قيس سعيد، تباينت المواقف والآراء مع اغلبية معارضة، اما الجديد، فان بعض الأحزاب الداعمة لحركة الرئيس التونسي، أبدت ايضا تحفظها وملاحظات نقدية على ما جاء في المبادرة الرئاسية.
مساندو سعيد يطالبون
فقد دعا أمين عام حركة تونس إلى الأمام عبيد البريكي، الرئيس قيس سعيّد إلى إعادة النظر وتنقيح المرسوم المتعلّق بإحداث “الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة”..
وذلك بهدف “تعبيد الطريق أمام المسار التشاركي لبناء تونس الجديدة في ضوء جبهة تحصن مسار 25 يوليو من حيث المنطلقات والأهداف”، وفق تعبيره.
وقال البريكي، إنّ الخطوة التي أعلنها رئيس الدولة من خلال المرسوم الاخير ستطرح إشــكالات كبيـــرة، متســــائلا “عن أيّ حوار نتحدّث دون أن تشارك فيه المنظّمات الوطنية كاتحاد الشغل ومنظّمة الأعراف والأحزاب السياسية... وعن أيّ حصيلة لهذا حوار بالشكل المقترح... وكيف سيدور».
وحذّر البريكي، من خطورة الخطوة التي أعلنها رئيس الدولة من خلال المرسوم، موضّحا أنّ من شأنها أن تقلّص جبهة الأصدقاء وجبهة داعمي مسار 25 يوليو، ومن شأنها أيضا أن تدعم قوة الجبهة الأخرى المناهضة لرئيس الدولة وتقوي تموقعها وهو أمر خطير على آليات بناء تونس الجديدة، وفق تعبيره.
وأكّد البريكي أنّ “المرسوم يقضي بتغييب الأحزاب السياسية بقطع النظر عن إمكانية وجود بعض السياسيين كأشخاص”، معتبرا أيضا أنّ “المسألة مسألة مبدأ”، مشدّدا على أنّه “كان من المفروض أن يتم تشريك الأحزاب في هذا الحوار».
وبيّن البريكي أنّ حزبه كان ولازال من داعمي مسار 25 يوليو و22 سبتمبر في ضوء الأهداف المرسومة منذ البداية، مشيرا إلى أنّ حزبه كان قد دعا منذ 25 يوليو إلى إنجاح مبادرات تصحيح المسار عبر حوار وطني تكون الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية الاجتماعية من مكوناته الأساسية، على أن يكون الدستور الجديد محل نقاش وتشاور في حوار يختلف عن سابقيه ولا تعنى به الأطراف المتمسكة بالمنظومة السابقة. من جهتها عبّرت حركة الشعب عن بعض التحفظات على المسار الذي اتبعه الرئيس سعيد، ودعته إلى ان يوضح للشعب خياراته كي تتفاعل معه حركة للشعب وغيرها من الاحزاب. نشير الى ان الأمين العام للحركة زهير المغزاوي سيلتقي اليوم الاثنين الرئيس قيس سعيد.
وكان عدد من الأحزاب والمنظمات المساندة لمسار 25 يوليو، قد طالبوا الرئيس قيس سعيد بالتّسريع بإعلان اللّجنة القانونيّة، وإطلاق الحوار الوطني بين القوى الوطنية من شخصيات ومنظمات وأحزاب وفعاليات.
وأكدت كل من حركة تونس إلى الأمام والتيار الشعبي والوطد الاشتراكي وحركة الشعب وائتلاف صمود والجبهة الشعبية الوحدوية وحركة البعث، في بيان مشترك، على ضرورة سدّ كلّ الشّغورات، في الجهاز التّنفيذي للدّولة سواء محليّا أو جهويّا أو وطنيّا أو في الخارج، داعية الشّعب التّونسي وقوّاه الوطنيّة إلى رصّ الصّفوف للدّفاع عن سيادة البلاد وحرّية قرارها واحترام إرادة شعبها حسب تعبير البيان.
رفض وشجب
في المقابل، أعلن المعارضون لمسار 25 يوليو عن مواقفهم الرافضة. وفي هذا السياق، اعلنت تنسيقيّة “الأحزاب الاجتماعيّة الديمقراطيّة”، عن رفضها وشجبها للمرسوم المحدث للهيئة الوطنية الاستشاريّة من اجل جمهوريّة جديدة، و ‘’لكلّ التّوجّه الذي يريد رئيس الدولة تكريسه في ظلّ رفضه لأيّ حوار وتماديه في محاولة يائسة لفرض خياراته الاستبداديّة”، وفق تعبير البيان.
واعتبرت هذه الاحزاب (الجمهوري والتكتل والتيار الديمقراطي) في بيان مشترك، أنّ توجّه الرئيس قيس سعيد هو دفع البلاد نحو مسار “يقزّم المجتمع ويلغي دور الأحزاب السياسيّة ويهمّش منظّمات المجتمع المدنيّ ويجعلها شاهدة زور على صياغة دستور كتب في الغرف المغلقة بناء على استشارة إلكترونيّة فاشلة لم تعلن حتى نتائجها للرأي العام».
ودعت “تنسيقية الاحزاب الديمقراطية” في هذا الصدد كل الأطراف الوطنيّة وخاصّة المنظّمات الوطنيّة إلى رفض المشاركة “فيما يسمّى بلجنة الحوار” وتحمّل كلّ من يقبل الانخراط في مسار الانقلاب مسؤوليّاته القانونيّة المترتّبة عن المشاركة في قلب هيئات الدّولة.
وفي السياق ذاته، أدانت “جبهة الخلاص الوطني” المعارضة لإجراءات 25 يوليو الرئاسية، إصرار الرئيس قيس سعيد “على الانفراد بالسلطة والقرار”، وأنكرت في بيانها على رئيس الدولة “الحق في سن دستور بديل خارج الأطر القانونية والدستورية ودون تشاور مع الهيئات الاجتماعية والسياسية للبلاد”، معتبرة أن أعمال الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة، والتي صدر المرسوم المنظم لها “باطلة وفاقدة لكل أثر قانوني”. وحمّلت، في هذا الشأن، أعضاءها، “كل الآثار القانونية” المترتبة عن مشاركتهم في ما أسمته ب”الانقلاب على دستور البلاد ومؤسساتها الشرعية».
من جهة أخرى، اعتبرت جبهة الخلاص الوطني، أن رئيس الجمهورية “شكل تلك الهيئة بصفة انفرادية، وخارج كل شرعية دستورية أو قانونية، وأناط بعهدتها مهمة صياغة مشروع دستور في أجل أقصاه خمسة وثلاثون يوما (20 يونيو 2022)، وألزمها بسرية مداولاتها، وباتخاذ قراراتها دون توقف».
وأضاف البيان أن رئيس الدولة “أقصى من تركيبة هذه الهيئة كل الأحزاب السياسية وكافة منظمات المجتمع المدني، كما أقصى الكفاءات الوطنية المستقلة، وأهان المنظمات الوطنية، حين أسند رئاسة لجنتها إلى هيئة المحامين دون سابق تشاور معها».
كما اعتبرت أن “ما يسمى بالاستفتاء، فاقد لشروطه القانونية، ومؤسس على استشارة الكترونية قاطعها أكثر من 95 بالمائة من الناخبين التونسيين، ويتم التحضير له في كنف إقصاء كل مكونات المجتمع المعنية بمستقبل البلاد وبمصيرها، كما هو استفتاء فاقد لأدنى شروط المصداقية، بعد حل الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات واستبدالها بهيئة أخرى” قالت الجبهة إنها “خاضعة للسلطة السياسية».
رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، عبّرت عن رفضها خطوة الرئيس قيس سعيّد باستبعاد الأحزاب من الإصلاحات السياسية وصياغة دستور جديد.
ودعت موسي، إلى مظاهرة حاشدة في 18 جوان المقبل، رفضا للمرسوم الرئاسي المحدث لـ “الهيئة الوطنية الاستشاريّة من اجل جمهوريّة جديدة».
وقالت موسي “ما يحدث هو استهزاء بالشعب وهو ديكتاتورية لكننا لن نترك تونس رهينة بيد سعيد».
وأكد الناطق الرسمي باسم المنظمة الشغيلة أن اتحاد الشغل لا يزال متمسكا بنفس الشروط التي طرحها مسبقا بخصوص إنجاز الحوار الوطني، لافتا الى ضرورة أن يكون الحوار مفتوحا لمشاركة الأحزاب والمنظمات الوطنية وغير مبني على نتائج “مسبقة ومشروطة” حسب تقديره.
في حين، اعتبر حزب العمال أنّ إعلان قيس سعيّد عن “الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة” خطوة جديدة ما هي إلاّ “مواصلة للخطوات السابقة التي خطاها رئيس الدولة والتي انقضّ بموجبها على كافة مفاصل الحكم وأخضعها لسلطته”، قائلا إنّ “هذه الخطوة الجديدة تكتسي خطورة».
وقدّر الحزب أنّ “مشروع قيس سعيّد لا هو جمهورية ثالثة ولا هو جمهورية جديدة وإنّما هو مشروع حكم فردي فاقم وسيفاقم مشاكل الوطن والشعب المعرّضين اليوم إلى أكبر المخاطر في حرّيتهم وفي معيشتهم وفي كرامتهم وفي أمنهم”، وفق تعبيره.
واعتبرت حركة النهضة هذا الإجراء يخرج عن الشرعية الدستورية منددة “بالإصرار على فرض مشروع البناء القاعدي الهلامي واعتماد الاستشارة الوطنية الفاشلة التي قاطعها 95 بالمئة من الشعب التونسي”. كما اعتبرت الحركة ما يسمى بالاستفتاء فاقدا للشرعية وللمصداقية خاصة مع استبدال الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الشرعية بهيئة معينة، وفق البيان.
في انتظار موقف اتحاد الشغل
يبقى الجميع في انتظار موقف المركزية النقابية الذي سيكون لمضمونه تأثير مباشر على تطور المشهد السياسي في تونس. وقد أفاد الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل والناطق الرسمي باسمه سامي الطاهري، أن الاتحاد لم يعلن بعد عن موقفه إزاء المرسوم الرئاسي، لافتا الى أن هيئة إدارية وطنية ستنعقد في الغرض اليوم الاثنين لبلورة الموقف على ضوء المستجدات وإصدار بيان رسمي.
والتقى، أمس الأحد، الرئيس قيس سعيد بالأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، وفق ما أفاد به الناطق الرسمي باسم الاتحاد سامي الطاهري.
ويأتي اللقاء بدعوة من سعيد لأمين عام الاتحاد، وتطرّق إلى الحوار الوطني.
وقال الطاهري، “ إن اللقاء قد يكتسي أهمية بالغة خاصة وأنه يأتي قبل يوم واحد من انعقاد اجتماع الهيئة الإدارية للاتحاد العام التونسي للشغل الذي سيناقش موقف المنظمة من الحوار الوطني وملف المفاوضات مع الحكومة».
ويذكر أن الاتحاد أعلن، السبت، رفضه المشاركة في حوار لا يجمع التونسيين أو معلوم النتائج والمخرجات. وقال الطبوبي، وفق موقع الشعب نيوز التابع للاتحاد، خلال ترؤسه لمجمع القطاع، إن “الواقع الحالي أثبت صحّة هذا الخيار الذي يرفض العودة إلى ما قبل 25 يوليو كما يرفض التوجه إلى حوار لا يجمع التونسيين أو معلوم النتائج والمخرجات”، منوّها بأن بعض القوى لم تتقبل هذا التوجه وانتقدت الاتحاد عند إعلانه.
وجاء هذا التصريح تعقيبا على الأمر الرئاسي الصادر والمتعلق بإحداث “الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة».
يشار الى ان الجميع، أحزابا ورئاسة وحكومة، تحتاج الى تامين دعم المركزية النقابية إذا ارادت ان يكتب النجاح لمبادرتها لما لهذه المنظمة من ثقل جماهيري واجتماعي وسياسي في تونس، فعدم مشاركتها في الحوار او عدم اعترافها بالهيئة سيكون ضربة موجعة لمشروع الرئيس قيس سعيد. ولكل هذا يرى بعض المحللين ان هذا اللقاء قد يكون لقاء الفرصة الأخيرة.
بلعيد رئيسا
وكان الرئيس التونسي أصدر الجمعة مرسوما بالرائد الرسمي الاخير للجمهورية التونسية يتعلّق بإحداث “الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة”، وهي لجنة الحوار الوطني والتي تتركب وفق المرسوم من “لجنة استشارية قانونية”، تتكوّن من عمداء كليات الحقوق والعلوم القانونية والسياسية بتونس، ويتولى رئاستها أكبر الأعضاء سناّ، ستتولى إعداد مشروع دستور “يستجيب لتطلعات الشعب ويضمن مبادئ العدل والحرية في ظل نظام ديمقراطي حقيقي”، ولجنة استشارية للشؤون الاقتصادية والاجتماعية يترأسها عميد المحامين إبراهيم بودربالة وتتركب من عضو يمثل كلّا من الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الاعراف واتحاد المزارعين والاتحاد الوطني للمرأة التونسية والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.
ويشار إلى أنّ لجنة الحوار الوطني والتي تتكون من أعضاء اللجنتين الاستشاريتين ستتولى التأليف بين المقترحات التي تتقدّم بها كلّ لجنة بهدف تأسيس جمهورية جديدة تجسيما للتطلعات الشعبية المشروعة على أن تقدم إلى رئيس الدولة التقرير النهائي في أجل أقصاه يوم 20 يونيو المقبل.
وكلّف الرئيس التونسي، أستاذ القانون الصادق بلعيد، رئاسة اللجنة الاستشارية، وبذلك يكون قد استبعد الأحزاب السياسية من إعادة هيكلة النظام السياسي.
وأوردت الجريدة الرسمية أنه يتعين على اللجنة تقديم تقريرها في 20 يونيو إلى رئيس البلاد. وتتكون اللجنة من عمداء القانون والعلوم السياسية.
وبالتوازي مع ذلك، تم تشكيل لجنة أخرى تضم ست مؤسسات عامة من بينها الاتحاد العام التونسي للشغل القوي لتقديم مقترحات للإصلاحات. ولا تضم هذه اللجنة أيضاً أي حزب سياسي.
-- تكليف أستاذ القانون الصادق بلعيد صوغ مشروع لتأسيس جمهورية جديدة
-- اليوم يحدّد اتحاد الشغل موقفـــه مــن المرســــوم
أعلن أخيرا الرئيس التونسي قيس سعيد عن مرسوم رئاسي لإحداث لجنة وطنية استشارية لصياغة دستور لجمهورية جديدة، وآخر لدعوة الناخبين للمشاركة في الاستفتاء على هذا الدستور المرتقب تنظيمه يوم 25 يوليو المقبل. وككل خطوة يقدم عليها الرئيس قيس سعيد، تباينت المواقف والآراء مع اغلبية معارضة، اما الجديد، فان بعض الأحزاب الداعمة لحركة الرئيس التونسي، أبدت ايضا تحفظها وملاحظات نقدية على ما جاء في المبادرة الرئاسية.
مساندو سعيد يطالبون
فقد دعا أمين عام حركة تونس إلى الأمام عبيد البريكي، الرئيس قيس سعيّد إلى إعادة النظر وتنقيح المرسوم المتعلّق بإحداث “الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة”..
وذلك بهدف “تعبيد الطريق أمام المسار التشاركي لبناء تونس الجديدة في ضوء جبهة تحصن مسار 25 يوليو من حيث المنطلقات والأهداف”، وفق تعبيره.
وقال البريكي، إنّ الخطوة التي أعلنها رئيس الدولة من خلال المرسوم الاخير ستطرح إشــكالات كبيـــرة، متســــائلا “عن أيّ حوار نتحدّث دون أن تشارك فيه المنظّمات الوطنية كاتحاد الشغل ومنظّمة الأعراف والأحزاب السياسية... وعن أيّ حصيلة لهذا حوار بالشكل المقترح... وكيف سيدور».
وحذّر البريكي، من خطورة الخطوة التي أعلنها رئيس الدولة من خلال المرسوم، موضّحا أنّ من شأنها أن تقلّص جبهة الأصدقاء وجبهة داعمي مسار 25 يوليو، ومن شأنها أيضا أن تدعم قوة الجبهة الأخرى المناهضة لرئيس الدولة وتقوي تموقعها وهو أمر خطير على آليات بناء تونس الجديدة، وفق تعبيره.
وأكّد البريكي أنّ “المرسوم يقضي بتغييب الأحزاب السياسية بقطع النظر عن إمكانية وجود بعض السياسيين كأشخاص”، معتبرا أيضا أنّ “المسألة مسألة مبدأ”، مشدّدا على أنّه “كان من المفروض أن يتم تشريك الأحزاب في هذا الحوار».
وبيّن البريكي أنّ حزبه كان ولازال من داعمي مسار 25 يوليو و22 سبتمبر في ضوء الأهداف المرسومة منذ البداية، مشيرا إلى أنّ حزبه كان قد دعا منذ 25 يوليو إلى إنجاح مبادرات تصحيح المسار عبر حوار وطني تكون الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية الاجتماعية من مكوناته الأساسية، على أن يكون الدستور الجديد محل نقاش وتشاور في حوار يختلف عن سابقيه ولا تعنى به الأطراف المتمسكة بالمنظومة السابقة. من جهتها عبّرت حركة الشعب عن بعض التحفظات على المسار الذي اتبعه الرئيس سعيد، ودعته إلى ان يوضح للشعب خياراته كي تتفاعل معه حركة للشعب وغيرها من الاحزاب. نشير الى ان الأمين العام للحركة زهير المغزاوي سيلتقي اليوم الاثنين الرئيس قيس سعيد.
وكان عدد من الأحزاب والمنظمات المساندة لمسار 25 يوليو، قد طالبوا الرئيس قيس سعيد بالتّسريع بإعلان اللّجنة القانونيّة، وإطلاق الحوار الوطني بين القوى الوطنية من شخصيات ومنظمات وأحزاب وفعاليات.
وأكدت كل من حركة تونس إلى الأمام والتيار الشعبي والوطد الاشتراكي وحركة الشعب وائتلاف صمود والجبهة الشعبية الوحدوية وحركة البعث، في بيان مشترك، على ضرورة سدّ كلّ الشّغورات، في الجهاز التّنفيذي للدّولة سواء محليّا أو جهويّا أو وطنيّا أو في الخارج، داعية الشّعب التّونسي وقوّاه الوطنيّة إلى رصّ الصّفوف للدّفاع عن سيادة البلاد وحرّية قرارها واحترام إرادة شعبها حسب تعبير البيان.
رفض وشجب
في المقابل، أعلن المعارضون لمسار 25 يوليو عن مواقفهم الرافضة. وفي هذا السياق، اعلنت تنسيقيّة “الأحزاب الاجتماعيّة الديمقراطيّة”، عن رفضها وشجبها للمرسوم المحدث للهيئة الوطنية الاستشاريّة من اجل جمهوريّة جديدة، و ‘’لكلّ التّوجّه الذي يريد رئيس الدولة تكريسه في ظلّ رفضه لأيّ حوار وتماديه في محاولة يائسة لفرض خياراته الاستبداديّة”، وفق تعبير البيان.
واعتبرت هذه الاحزاب (الجمهوري والتكتل والتيار الديمقراطي) في بيان مشترك، أنّ توجّه الرئيس قيس سعيد هو دفع البلاد نحو مسار “يقزّم المجتمع ويلغي دور الأحزاب السياسيّة ويهمّش منظّمات المجتمع المدنيّ ويجعلها شاهدة زور على صياغة دستور كتب في الغرف المغلقة بناء على استشارة إلكترونيّة فاشلة لم تعلن حتى نتائجها للرأي العام».
ودعت “تنسيقية الاحزاب الديمقراطية” في هذا الصدد كل الأطراف الوطنيّة وخاصّة المنظّمات الوطنيّة إلى رفض المشاركة “فيما يسمّى بلجنة الحوار” وتحمّل كلّ من يقبل الانخراط في مسار الانقلاب مسؤوليّاته القانونيّة المترتّبة عن المشاركة في قلب هيئات الدّولة.
وفي السياق ذاته، أدانت “جبهة الخلاص الوطني” المعارضة لإجراءات 25 يوليو الرئاسية، إصرار الرئيس قيس سعيد “على الانفراد بالسلطة والقرار”، وأنكرت في بيانها على رئيس الدولة “الحق في سن دستور بديل خارج الأطر القانونية والدستورية ودون تشاور مع الهيئات الاجتماعية والسياسية للبلاد”، معتبرة أن أعمال الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة، والتي صدر المرسوم المنظم لها “باطلة وفاقدة لكل أثر قانوني”. وحمّلت، في هذا الشأن، أعضاءها، “كل الآثار القانونية” المترتبة عن مشاركتهم في ما أسمته ب”الانقلاب على دستور البلاد ومؤسساتها الشرعية».
من جهة أخرى، اعتبرت جبهة الخلاص الوطني، أن رئيس الجمهورية “شكل تلك الهيئة بصفة انفرادية، وخارج كل شرعية دستورية أو قانونية، وأناط بعهدتها مهمة صياغة مشروع دستور في أجل أقصاه خمسة وثلاثون يوما (20 يونيو 2022)، وألزمها بسرية مداولاتها، وباتخاذ قراراتها دون توقف».
وأضاف البيان أن رئيس الدولة “أقصى من تركيبة هذه الهيئة كل الأحزاب السياسية وكافة منظمات المجتمع المدني، كما أقصى الكفاءات الوطنية المستقلة، وأهان المنظمات الوطنية، حين أسند رئاسة لجنتها إلى هيئة المحامين دون سابق تشاور معها».
كما اعتبرت أن “ما يسمى بالاستفتاء، فاقد لشروطه القانونية، ومؤسس على استشارة الكترونية قاطعها أكثر من 95 بالمائة من الناخبين التونسيين، ويتم التحضير له في كنف إقصاء كل مكونات المجتمع المعنية بمستقبل البلاد وبمصيرها، كما هو استفتاء فاقد لأدنى شروط المصداقية، بعد حل الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات واستبدالها بهيئة أخرى” قالت الجبهة إنها “خاضعة للسلطة السياسية».
رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، عبّرت عن رفضها خطوة الرئيس قيس سعيّد باستبعاد الأحزاب من الإصلاحات السياسية وصياغة دستور جديد.
ودعت موسي، إلى مظاهرة حاشدة في 18 جوان المقبل، رفضا للمرسوم الرئاسي المحدث لـ “الهيئة الوطنية الاستشاريّة من اجل جمهوريّة جديدة».
وقالت موسي “ما يحدث هو استهزاء بالشعب وهو ديكتاتورية لكننا لن نترك تونس رهينة بيد سعيد».
وأكد الناطق الرسمي باسم المنظمة الشغيلة أن اتحاد الشغل لا يزال متمسكا بنفس الشروط التي طرحها مسبقا بخصوص إنجاز الحوار الوطني، لافتا الى ضرورة أن يكون الحوار مفتوحا لمشاركة الأحزاب والمنظمات الوطنية وغير مبني على نتائج “مسبقة ومشروطة” حسب تقديره.
في حين، اعتبر حزب العمال أنّ إعلان قيس سعيّد عن “الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة” خطوة جديدة ما هي إلاّ “مواصلة للخطوات السابقة التي خطاها رئيس الدولة والتي انقضّ بموجبها على كافة مفاصل الحكم وأخضعها لسلطته”، قائلا إنّ “هذه الخطوة الجديدة تكتسي خطورة».
وقدّر الحزب أنّ “مشروع قيس سعيّد لا هو جمهورية ثالثة ولا هو جمهورية جديدة وإنّما هو مشروع حكم فردي فاقم وسيفاقم مشاكل الوطن والشعب المعرّضين اليوم إلى أكبر المخاطر في حرّيتهم وفي معيشتهم وفي كرامتهم وفي أمنهم”، وفق تعبيره.
واعتبرت حركة النهضة هذا الإجراء يخرج عن الشرعية الدستورية منددة “بالإصرار على فرض مشروع البناء القاعدي الهلامي واعتماد الاستشارة الوطنية الفاشلة التي قاطعها 95 بالمئة من الشعب التونسي”. كما اعتبرت الحركة ما يسمى بالاستفتاء فاقدا للشرعية وللمصداقية خاصة مع استبدال الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الشرعية بهيئة معينة، وفق البيان.
في انتظار موقف اتحاد الشغل
يبقى الجميع في انتظار موقف المركزية النقابية الذي سيكون لمضمونه تأثير مباشر على تطور المشهد السياسي في تونس. وقد أفاد الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل والناطق الرسمي باسمه سامي الطاهري، أن الاتحاد لم يعلن بعد عن موقفه إزاء المرسوم الرئاسي، لافتا الى أن هيئة إدارية وطنية ستنعقد في الغرض اليوم الاثنين لبلورة الموقف على ضوء المستجدات وإصدار بيان رسمي.
والتقى، أمس الأحد، الرئيس قيس سعيد بالأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، وفق ما أفاد به الناطق الرسمي باسم الاتحاد سامي الطاهري.
ويأتي اللقاء بدعوة من سعيد لأمين عام الاتحاد، وتطرّق إلى الحوار الوطني.
وقال الطاهري، “ إن اللقاء قد يكتسي أهمية بالغة خاصة وأنه يأتي قبل يوم واحد من انعقاد اجتماع الهيئة الإدارية للاتحاد العام التونسي للشغل الذي سيناقش موقف المنظمة من الحوار الوطني وملف المفاوضات مع الحكومة».
ويذكر أن الاتحاد أعلن، السبت، رفضه المشاركة في حوار لا يجمع التونسيين أو معلوم النتائج والمخرجات. وقال الطبوبي، وفق موقع الشعب نيوز التابع للاتحاد، خلال ترؤسه لمجمع القطاع، إن “الواقع الحالي أثبت صحّة هذا الخيار الذي يرفض العودة إلى ما قبل 25 يوليو كما يرفض التوجه إلى حوار لا يجمع التونسيين أو معلوم النتائج والمخرجات”، منوّها بأن بعض القوى لم تتقبل هذا التوجه وانتقدت الاتحاد عند إعلانه.
وجاء هذا التصريح تعقيبا على الأمر الرئاسي الصادر والمتعلق بإحداث “الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة».
يشار الى ان الجميع، أحزابا ورئاسة وحكومة، تحتاج الى تامين دعم المركزية النقابية إذا ارادت ان يكتب النجاح لمبادرتها لما لهذه المنظمة من ثقل جماهيري واجتماعي وسياسي في تونس، فعدم مشاركتها في الحوار او عدم اعترافها بالهيئة سيكون ضربة موجعة لمشروع الرئيس قيس سعيد. ولكل هذا يرى بعض المحللين ان هذا اللقاء قد يكون لقاء الفرصة الأخيرة.
بلعيد رئيسا
وكان الرئيس التونسي أصدر الجمعة مرسوما بالرائد الرسمي الاخير للجمهورية التونسية يتعلّق بإحداث “الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة”، وهي لجنة الحوار الوطني والتي تتركب وفق المرسوم من “لجنة استشارية قانونية”، تتكوّن من عمداء كليات الحقوق والعلوم القانونية والسياسية بتونس، ويتولى رئاستها أكبر الأعضاء سناّ، ستتولى إعداد مشروع دستور “يستجيب لتطلعات الشعب ويضمن مبادئ العدل والحرية في ظل نظام ديمقراطي حقيقي”، ولجنة استشارية للشؤون الاقتصادية والاجتماعية يترأسها عميد المحامين إبراهيم بودربالة وتتركب من عضو يمثل كلّا من الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الاعراف واتحاد المزارعين والاتحاد الوطني للمرأة التونسية والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.
ويشار إلى أنّ لجنة الحوار الوطني والتي تتكون من أعضاء اللجنتين الاستشاريتين ستتولى التأليف بين المقترحات التي تتقدّم بها كلّ لجنة بهدف تأسيس جمهورية جديدة تجسيما للتطلعات الشعبية المشروعة على أن تقدم إلى رئيس الدولة التقرير النهائي في أجل أقصاه يوم 20 يونيو المقبل.
وكلّف الرئيس التونسي، أستاذ القانون الصادق بلعيد، رئاسة اللجنة الاستشارية، وبذلك يكون قد استبعد الأحزاب السياسية من إعادة هيكلة النظام السياسي.
وأوردت الجريدة الرسمية أنه يتعين على اللجنة تقديم تقريرها في 20 يونيو إلى رئيس البلاد. وتتكون اللجنة من عمداء القانون والعلوم السياسية.
وبالتوازي مع ذلك، تم تشكيل لجنة أخرى تضم ست مؤسسات عامة من بينها الاتحاد العام التونسي للشغل القوي لتقديم مقترحات للإصلاحات. ولا تضم هذه اللجنة أيضاً أي حزب سياسي.