قرار سيكون له ما بعده:

تونس: اتّحاد الشغل يرفض المُشاركة في الحوار...!

تونس: اتّحاد الشغل يرفض المُشاركة في الحوار...!

-- إضراب عام في القطاع العام والوظيفة العمومية

يبدو أن لغة الحوار الوطني الذي طرحه الرئيس التونسي قيس سعيد، قد تعثرت، وأن مبادرة الرئيس باستقبال رؤساء المنظمات الوطنية لإنقاذ مشروعه لم تثمر كليا، واصطدمت بعقبة أكبر المنظمات الجماهيرية في تونس، الاتحاد العام التونسي للشغل.
لا للحوار في نسخته الحالية
لقد قررت الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد العام التونسي للشغل، المنعقدة أمس الاثنين، برئاسة الأمين العام نور الدين الطبوبي، بالإجماع عدم المشاركة في الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس التونسي قيس سعيد في صيغته الحالية.

واعتبرت الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد العام التونسي للشغل، أن المرسوم عدد 30 المتعلق بإرساء “الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة” غير منبثق عن تشاور أو اتفاق مسبق ولا يرقى إلى التطلعات الوطنية ولا يستجيب إلى انتظارات القوى الوطنية الصادقة، وفق ما أكده الناطق الرسمي باسم المنظمة الشغيلة سامي الطاهري.
وأكد الطاهري، عقب انعقاد الهيئة، تمسك اتحاد الشغل بالحوار سبيلا وحيدا للخروج من الأزمة مذكرا بطبيعة الحوار وأهدافه وآلياته ومكوناته.
في المقابل، أعرب اتحاد الشغل عن رفضه لأي حوار شكلي تحدّد فيه الأدوار من جانب واحد، وتقصى فيه القوى السياسية والمدنية، قائلا إنه لا يمكن أن يفضي إلى اتفاقات جديّة وغير قادر على إخراج البلاد من أزمتها وإنما سيعمقها، وفق المصدر ذاته.

ورفضت المنظمة الشغيلة العودة إلى ما قبل 25 يوليو، مشيرة إلى أن الهيئة الإدارية في حالة انعقاد دائم لمتابعة الوضع.
وجدّد الطاهري مطالبة الحكومة بتنفيذ التزاماتها بسحب المنشور عدد 20 وتطبيق الاتفاقيات السابقة وتعديل الأجور في الوظيفة العمومية والترفيع في الأجر الأدنى.
وقرّرت الهيئة الإدارية الوطنية تبني مطلب الإضراب العام في قطاع الوظيفة العمومية والقطاع العام وإحالته إلى المكتب التنفيذي لتحديد تراتيبه وتوقيته.
وسيعقد اتحاد الشغل ندوة صحفية يوم الاربعاء القادم لتسليط الضوء على 3 نقاط تتعلق بموقف الاتحاد مما يجري سياسيا واقتصاديا اضافة الى الملف الاجتماعي المتعلق بمطالب الشغالين والمفاوضات مع الحكومة، وفق ما أفاد به الطاهري

«من شيم الكبار»
ووجّه الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي، في تصريح أمس الإثنين، في ختام أشغال الهيئة الإدارية، رسالة إلى رئيس قيس سعيّد، قال له فيها إنّ “التنازلات والمراجعات في الاتجاه الإيجابي، ومن أجل مصلحة الوطن هي من شيم الكبار وليست من شيم الضعفاء».
وأضاف الطبوبي: “الشاطر هو الي يفكّر في مصلحة البلاد، فلنفكر هل الحوار بهذا الشكل سيحّل مشاكل البلاد أم سيضاعف تعقيداتها؟».
وكان الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل قد كشف تفاصيل لقائه الاحد بقيس سعيد. وقال الطبوبي إن الرئيس أعلمه بسير الأمور في إطار ما كان أعلن عنه من قرارات تتعلق بالحوار.

ووفق المصدر ذاته تناول اللقاء موقف الاتحاد من المشاركة في الحوار الذي دعا إليه كما تم التطرق إلى عدد من القضايا الاجتماعية العالقة.
وقال أمين عام المنظمة الشغيلة إنه أعلم الرئيس قيس سعيد بأن للاتحاد هياكله ومؤسساته التي تتخذ القرار وأنه سيعرض على أنظار الهيئة الإدارية الوطنية تفاصيل اللقاء مؤكدا أن الاتحاد يستند في مقترحاته وبدائله على مؤسساته وهياكله التي تقدم دراسات علمية.

يشار الى ان الرئيس التونسي كان قد اصدر أصدر الجمعة مرسوما يتعلّق بإحداث “الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة”، وهي لجنة الحوار الوطني والتي تتركب وفق المرسوم من “لجنة استشارية قانونية”، تتكوّن من عمداء كليات الحقوق والعلوم القانونية والسياسية بتونس، ويتولى رئاستها أكبر الأعضاء سناّ، ستتولى إعداد مشروع دستور “يستجيب لتطلعات الشعب ويضمن مبادئ العدل والحرية في ظل نظام ديمقراطي حقيقي”، ولجنة استشارية للشؤون الاقتصادية والاجتماعية يترأسها عميد المحامين إبراهيم بودربالة وتتركب من عضو يمثل كلّا من الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الاعراف واتحاد المزارعين والاتحاد الوطني للمرأة التونسية والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.

ويشار إلى أنّ لجنة الحوار الوطني والتي تتكون من أعضاء اللجنتين الاستشاريتين ستتولى التأليف بين المقترحات التي تتقدّم بها كلّ لجنة بهدف تأسيس جمهورية جديدة تجسيما للتطلعات الشعبية المشروعة على أن تقدم إلى رئيس الدولة التقرير النهائي في أجل أقصاه يوم 20 يونيو المقبل.
وكلّف الرئيس التونسي، أستاذ القانون الصادق بلعيد، رئاسة اللجنة الاستشارية، وبذلك يكون قد استبعد الأحزاب السياسية من إعادة هيكلة النظام السياسي.
وأوردت الجريدة الرسمية أنه يتعين على اللجنة تقديم تقريرها في 20 يونيو إلى رئيس البلاد. وتتكون اللجنة من عمداء القانون والعلوم السياسية.
وبالتوازي مع ذلك، تم تشكيل لجنة أخرى تضم ست مؤسسات عامة من بينها الاتحاد العام التونسي للشغل القوي لتقديم مقترحات للإصلاحات. ولا تضم هذه اللجنة أيضاً أي حزب سياسي.

اقصاء
هذا واعتبر المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة أن “الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة” والتي تم إحداثها بموجب المرسوم 30 “هي هيئة استشارية، أي أنّ مخرجاتها ليست مُلزمة لرئيس الجمهورية الذي يُمكن له أن يرفضها جزئيّا أو كليّا، ممّا يحدّ كثيرا من نجاعة تكوينها».
وقال المرصد في بيان له أمس الإثنين، “إن الاعتماد على عمداء كليات الحقوق في اللجنة القانونية، “ليس مُطمْئِنا، نظرا إلى أنهم ليسوا كلهم مختصين في القانون الدستوري، علاوة عن أنهم مُنهمكون في هذه الفترة القصيرة في الإعداد لامتحانات طلبة كلياتهم».
وأضاف أن “الاعتماد على أحد المحامين لإيجاد الحلول الملائمة للأزمة الاقتصادية والاجتماعية غير المسبوقة في تونس، غير مُوفّق، والحال أن البلاد تعجّ بالكفاءات العالية في المجالات الاقتصادية والمالية والاجتماعية».

كما جاء في البيان أن الحوار الوطني، “سيقتصر مجاله الزمني، حسب المرسوم، على أسبوع واحد، وهو الأسبوع الذي يسبق يوم 20 يونيو 2022، وسيُقصي أهم مكوّنات الخارطة السياسية التونسية، وخاصّة منها الأحزاب التي لم تقم محكمة المحاسبات بإدانتها».
كما عبّر عدد من الأساتذة الجامعيين والجامعيات وعمداء كليات الحقوق والعلوم السياسية في رسالة عن رفضهم للمرسوم الرئاسي عدد 30 المتعلق بإحداث هيئة قانونية متكونة من عمداء الكليات المذكورة، كما عبروا عن رفضهم الدخول في مشاريع سياسية وصفوها بالمسقطة.
وانتقد الجامعيون في رسالتهم ما اعتبروه “الاسلوب المسقط في اختيار أعضاء اللجنة بعيدا عن كل تشاور وتحاور وطني واسع وحقيقي”، وفق ما جاء في نص الرسالة.

كما لفتوا في رسالتهم إلى أن “عمداء وعميدات كليات الحقوق والعلوم القانونية هم وهن من الأساتذة الذين واللاتي تم انتخابهن وانتخابهم لما لهم ولهن من قيمة أكاديمية لإدارة الشأن العلمي داخل الكليات وليس لتوريطهم - هن في المشاركة في الأعمال السياسية».