خرج من فضاء تحفظ المؤسسات:

تونس: صراع القصرين في الهواء الطلق...!

تونس: صراع القصرين في الهواء الطلق...!

-- الدستوري الحر يرفض المشاركة في مسرحية توم وجيري ويقاطع جلسة منح الثقة
-- عياض اللومي يُهدّد قيس سعيد بالانطلاق في إجراءات عزله ويتّهمه بخرق الدستور
-- بن عاشور: رفض استقبال الوزراء لأداء اليمين خرق جسيم للدستور
-- سعيّد في مجلس الأمن: التحوير الحكومي لم يحترم الإجراءات الدستورية
-- رئيس الحكومة: هناك خطاب شعبوي لتسويق الأوهام وتسجيل النقاط السياسوية

 
لم يكن صراع ما بين القصرين خافيا للمطلعين على كواليس المشهد السياسي في تونس، ولكنه اتخذ الاثنين منعرجا “خطيرا” حسب البعض حيث تحدث الرئيس التونسي كما لم يتحدث من قبل، متهما رئيس الحكومة وحزامه السياسي، تلميحا وتصريحا، بالتآمر عليه، معتبرا ان التحوير الوزاري لم يحترم الإجراءات الدستورية. وكانت جلسة منح الثقة للوزراء المقترحين، أمس الثلاثاء، فرصة للوقوف على موقف رئيس الحكومة وحزامه السياسي من خطاب قيس سعيد، وطبيعة الرد الذي سيعتمدونه     بعدما أصبح الصراع مفتوحا وفي الهواء الطلق ينقله التلفزيون ووسائل الاعلام الأخرى. وبات الكثيرون يخشون حدوث صدام دستوري قد لا يبقي ولا يذر من كيان الدولة شيئا.

تسويق الاوهام
 وقد أكّد رئيس الحكومة هشام المشيشي أمس الثلاثاء أنّ التحوير الوزاري المقترح يأتي بعد تقييم موضوعي قام به كرئيس للحكومة طبقا لما يخول له الدستور من صلاحيات للهيكلة الحكومية وللآداء على رأس الوزارات آخذا بعين الاعتبار دقة الظروف التي تحملت فيها هذه الحكومة مسؤولية قيادة البلاد وادارة شؤونها وتعقيدات المشهد السياسي الذي تعيشه البلاد.

 وقال هشام المشيشي إن حكومته تعاملت في الفترة الماضية مع كل مؤسسات الدولة بكل مرونة واحترام، نظرا لإيمانه بالتشاركية كمبدأ وطريقة عمل، مشيرا إلى أن الاختلاف هو نقطة قوة ولا ينبغي أن تكون نقطة ضعف تبرر الاقصاء والاستئصال.
 واعتبر المشيشي أمام مجلس نواب الشعب أن التحديات التي تواجهها تونس حقيقية وعميقة والصعوبات على درجة من الخطورة أصبحت تهدد ديمومة وكيان الدولة ولن يكون من الهين تجاوزها في ظرف وجيز.
 وشدد المشيشي على وجود أزمة هيكلية تفاقمت على امتداد السنين وتأخرت فيها إرادة الإصلاح الحقيقية والمسؤولة لتفسح المجال أمام الخطاب الشعبوي الذي يسعى أصحابه إلى تسويق الأوهام وتسجيل النقاط السياسوية وافتعال المعارك الزائفة التي فصلها الدستور ولم تعد تهم الشعب التونسي.
 وقال رئيس الحكومة: ما لم تلتزم كلّ المؤسّسات الدستورية بنواميس الدولة وحدود صلاحياتها بعيدا عن الاستعراض والإثارة، لن نخرج من الأزمة التي نعيشها.

سعيد مستاء
 ويرى محللون، ان في كلام المشيشي هذا إشارة وردا على ما جاء على لسان الرئيس قيس سعيّد الاثنين خلال اجتماع مجلس الأمن القومي.
 فقد بيّن قيس سعيد أن التحوير الحكومي لم يحترم الإجراءات التي نص عليها الدستور، وتحديدا ما نص عليه الفصل 92 أي ضرورة التداول في مجلس الوزراء إذا تعلق الأمر بإدخال تعديل على هيكلة الحكومة، هذا إلى جانب إخلالات إجرائية أخرى.
 وأشار في هذا الإطار إلى أنّ بعض المقترحين في التحوير الوزاري تتعلق بهم قضايا أو لهم ملفات تضارب مصالح. وأضاف أنّ من تعلقت به قضية لا يمكن أن يؤدي اليمين، مشيرا إلى أن أداء اليمين ليس إجراء شكليا بل هو إجراء جوهري.
 ولفت سعيد الى انه تم “ادخال تحوير على الحكومة بإعفاء وزير الداخلية (من المقربين منه) وعين المشيشي نفسه بالنيابة” معتبرا ان ذلك لم يحدث مطلقا في التاريخ.

 وفي السياق نفسه، أعرب الرئيس التونسي عن استيائه من غياب المرأة عن قائمة الوزراء المقترحين، مبينا أن المرأة قادرة على تحمل المسؤوليات كاملة وقادرة على العطاء وعلى الإصداع بكلمة الحق.   وكالعادة تضمنت كلمة قيس سعيد اتهامات خطيرة موجهة لأطراف لم يسمها بعرقلة عمله والتآمر عليه. مشددا على ان “رئاسة الجمهورية ليست صندوق بريد تتقبل الاوراق وتمضي الاوامر او تنظم مواكب اداء اليمين وننتقل من مرحلة الى أخرى” معتبرا ان “الرئاسة هي التي تحمي الدولة واستمراريتها ومؤسساتها «.
 وذكر مراقبون أن قيس سعيد ناقض نفسه اذ صرح سابقا قبل ان يتولى الرئاسة بأن رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد غير مطالب باستشارة رئيس الدولة الباجي قائد السبسي عند قيامه بالتحوير الوزاري واليوم قال خلاف ذلك وطالب المشيشي باستشارته».

قلب تونس يهدد
 لكن الرد المباشر على موقف الرئيس من التحوير، جاء على لسان الحزام السياسي لرئيس الحكومة حيث أكد عياض اللومي النائب عن حزب قلب تونس، انه سيتم الانطلاق في اجراءات عزل رئيس الجمهورية قيس سعيد عبر تفعيل الفصل 88 من الدستور لتجاوزه مقتضيات النص الدستوري.
 واعتبر اللومي في الجلسة العامة المخصصة للتصويت على الوزراء المقترحين ضمن التحوير الوزاري، ان ما حصل في اجتماع مجلس الامن القومي “يندى له الجبين” ولا يليق بتونس قيميا واخلاقيا وقانونيا.
 واستشهد النائب بعملية اقتحام الكونغرس الامريكي وببيان منظمة الاعراف الذي قال انه نبه من خطر الشعوبية وربطها بما جدت في الولايات المتحدة الامريكية مشيرا الى ان بيانه موجه للرئيس قيس سعيد.

 وأضاف موجها حديثه للرئيس قيس سعيد “ احذر... كفى خروقات ... بيننا الدستور، لست ملكا متوجا يكفي ما خرقت الدستور... هناك الفصل 88 الذي يتيح للبرلمان سحب الثقة من رئيس الجمهورية والشروع في اعفائه إذا واصل فيما يقوم به اليوم».
 وانتقد في سياق متصل، رفض سعيد اي وزير يكون محل تتبع، مذكرا بإيقاف وزير البيئة في قضية النفايات الايطالية ملمحا الى ان هذا الوزير اقترحه رئيس الجمهورية قيس سعيد وملمحا ايضا الى وجود قضايا في حق اعضاء بالديوان الرئاسي ووزراء كانوا من المحسوبين على سعيد
 وشدد اللومي، على أن الدستور يعطي لرئيس الحكومة صلاحيات التحوير الحكومي، واصفا تهديد الرئيس بعدم قبول وزراء لأداء اليمين الدستورية بالتصرف غير المسؤول وبالغوغاء قائلا “الفصل واضح... الامر الزامي يعني الرئيس قد رفض ختم القوانين».

خرق جسيم
 وحول هذه النقطة، قال أستاذ القانون الدستوري رافع بن عاشور، إنّه لا يمكن من حيث المبدأ لرئيس الجمهورية رفض استقبال الوزراء المقترحين في التحوير الوزاري لأداء اليمين الدستورية.
 وأوضح أنّه لرئيس الجمهورية، في هذه الحالة، اختصاص ضيّق، إذ أنّه يلعب دور الشاهد عندما تؤدي شخصية أمامه اليمين، لا غير ذلك، بمعنى أنّه لا يتمتع باختصاص تقديري أي ليس من صلاحياته تقدير إذا كان يمكن للشخص تأدية اليمين أم لا، وفق قوله.
 وأكّد بن عاشور أنّه في صورة قام رئيس الجمهورية برفض استقبالهم يعتبر خرقا جسيما للدستور.
 ذات الموقف اكّدته أستاذة القانون الدستوري منى كريّم، التي ترى أنّ الرئيس مجبر على قبول الوزراء المقترحين في حكومة هشام المشيشي لأداء اليمين.
 وقالت منى كريم الدريدي، في تدوينة على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ‘’في علاقة بأداء اليمين، يعتبر إختصاص رئيس الجمهورية مقيدا. لم يترك له الدستور خيارا للرفض أو القبول. فهو إذا مجبر على قبول أداء اليمين .

مقاطعة
 وفي سياق متصل، انتقدت عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر، أداء رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي اعتبرته “لم يعد مستقلا وتابع لكتلة برلمانية بعينها وأصبح يقحم التجاذبات السياسية داخل مجلس الأمن القومي، وهذا أمر خطير ومرفوض ويضرب الأمن القومي وهو خطأ جسيم”، وفق تعبيرها.
 وتابعت “أنا أقول ان اجتماع مجلس الامن القومي كان في حدّ ذاته أكبر ضربة للأمن القومي التونسي باعتباره أعطى اشارة خضراء بأنّ الدولة تفككت ومؤسساتها تفككت وهناك نزاع على الصلاحيات ونزاع مؤسسات وتوظيف سياسي لمسألة أمنية جوهرية …هذا مرفوض… ونقول هذا لكم ولرئيس الجمهورية عندما يريد توبيخ رئيس الحكومة ورئيس الحكومة يقبل التوبيخ فليجتمعا لوحدهما ولا يبثون لنا فيديو مباشر يهزّ من استقرارنا ومن طمأنينتنا كشعب وصفوا حساباتكم وحدكم».

 وطالبت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي خلال الجلسة العامة المخصصة لمنح الثقة للوزراء المقترحين رئيس الحكومة هشام المشيشي بالكشف عن حيثيات وأسباب إقالة وزير الداخلية توفيق شرف الدين داعية الى احالته على القضاء في حال ثبوت تورطه في التهم المنسوبة اليه.
 وقالت موسي: “تمت اقالة وزير الداخلية في ظروف غامضة ونسمع من هنا وهناك أخبارا عن اتهامه بتهم من الحجم الثقيل كمحاولة تدبير انقلاب والتورط في تعيينات مشبوهة ولم يخرج أحد لتوضيح أسباب الاقالة…

 يجب كشف أسباب الاقالة وطبيعة التهـــم وإحالتهــا على أنظار القضاء «.
 وأعلنت موسي في ختام مداخلتها عن مقاطعة الكتلة جلسة منح الثقة داعية الى سحب الثقة من رئيس المجلس راشد الغنوشي ورئيس الحكومة هشام المشيشي وتشكيل حكومة لإنقاذ البلاد قائلة “ونحن ككتلة الدستوري الحر لن نشارك في مسرحية ‘طوم وجيري’ وسنقاطع الجلسة».
 كما انتقد الامين العام لحزب مشروع تونس محسن مرزوق في تدوينة عبر صفحته الرسمية على فيسبوك الصراع والخلافات بين كل من رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس الحكومة هشام المشيشي ورئيس البرلمان راشد الغنوشي في مجلس الامن القومي.

 واكد مرزوق ان البلاد شهدت 6 ألاف جنازة بسبب كورونا في حين لا يهتم القابضون بالسلطة سوى على مصالحهم.
 وكتب مرزوق “الْيَوْم الرئيس الذي اقترح المشيشي رئيس حكومة غاضب منه لأنه خسر نصيبه في الحكومة لا أكثر ولا أقل. وخسر وزراءه والمفروض انه لا نصيب له في الحكومة. والغنوشي يدافع هو والمشيشي عن سيطرتهم على الحكم من خلال التعديل الوزاري. صراع الطرفين هو على السلطة فقط. صراع داخل مربع الخطأ
صراع سيزيد من تفكيك الدولة، وخلط الأوراق، في ظرف خطير. صراع ليس للشعب التونسي أية مصلحة فيه
الشعب التونسي له مصلحة رئيسية الان مثل كل شعوب العالم: النجاة من الوباء...».

 يشار الى انه تزامنا مع انعقاد الجلسة العامة بمجلس نواب الشعب والمخصصة لمنح الثقة للشخصيات المقترحة في التحوير الوزاري المعلن عنه مؤخرا، شهد كامل محيط ساحة باردو، حضورا أمنيا مكثفا، حيث انتشرت عربات الأمن والأمنيين على بعد حوالي 200 متر من محيط البرلمان، وذلك من أجل منع أيّ تجمّعات أو مظاهرات احتجاجية.

وكانت منظمات مجتمع مدني قد دعت إلى التظاهر امس أمام مجلس نواب الشعب ، للتعبير عن رفضها واستنكارها لتردّي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وكذلك تنديدًا بالايقافات الأخيرة التي شملت عددا من الشباب المتظاهر خلال الأسبوعين الماضيين.
 وقد جرت مواجهات بين الوحدات الامنية المنتشرة في محيط باردو والمحتجين الذين نظموا مسيرة امام البرلمان، رغم التعزيزات الامنية مكثفة.

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot