رئيس الدولة والرئيس المصري يبحثان العلاقات الأخوية والتطورات الإقليمية
صُوِّرَت أمريكا على أنها بطل من ورق
جو بايدن يجعل الولايات المتحدة تبدو ضعيفة
«مَن يقود القطار الصاخب؟ محاوِر العجلات تصدر صريراً، والقارنات مُجهدة من فرط الحركة، إذ إن سرعة القطار عالية، والمحطات قريبة، والنوم صمَّ آذان السائق. والإشارات تومض وتنذر بالخطر في الليل عبثاً. الموت هو الذي يقود القطار الصاخب!» استعاد الباحث روبرت ويلكي كلمات الزعيم البريطاني الراحل ونستون تشرشل عندما طغى تيار الاسترضاء على الحس السليم التقليدي للشعب البريطاني في الوقت الذي كانت فيه ألمانيا تعيد تسليح نفسها، ويبتلع هتلر أوروبا قطعة تلو الأخرى. وعندما حُصِرت الخسائر أخيراً، كان عدد القتلى قد تجاوز أربعين مليون قتيل. قال القائد الإنكليزي العظيم آسفاً: «لم تكن هناك حرب يسهل إيقافها أكثر من تلك التي دمرت تواً ما تبقى من العالم من الصراع الأخير»، وكل ذلك لأنّ «... ضعف الأخيار أفسح المجال لخبث الأشرار».
أصداء القرن العشرين تتردد بقوة
عادت أصداء القرن العشرين بقوة كاسحة. فبعد الحرب العظمى، انخفضت ميزانيات الدفاع بشكلٍ حاد، ووقَّع الحلفاء الغربيون على معاهدات تُعلن نهاية الحروب بوصفها أداةً للسياسة الوطنية، وقُطِّعَت السفن الحربية القوية إرباً وبيعت خردة. غير أنَّ غزو بولندا وواقعة ميناء بيرل هاربور دمَّرا حلم السلام الزائف. وبشَّر سقوط جدار برلين أيضاً بنهاية التاريخ لدى البعض. وصمدت خيالات المدينة الفاضلة لسنوات في مواجهة همجية الإرهاب الذي ترعاه قوى مُعاديّة للغرب.
أمريكا تواجه خطراً قاتلاً
وفي هذا الإطار، كتب روبرت ويلكي، الوزير العاشر لشؤون المحاربين القدامى ووكيل وزارة الدفاع لشؤون الأفراد والجاهزية في إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، وهو باحث رفيع المستوى في مجلس الأمن الأمريكي التابع لمعهد أمريكا أولاً للسياسة، في موقع «ناشونال إنترست» يقول: اليسار السياسي لم يتعلم الدروس. تواجه أمريكا الآن خطراً قاتلاً من محور الشر المتمثل في الصين وروسيا وإيران، خطراً أكثر تعقيداً من الاتحاد السوفيتي على الإطلاق. وصرَّحَ وزير الدفاع البريطاني غرانت شاب «بأننا بلغنا مرحلة ما قبل الحرب» في الوقت الذي لا يكفي فيه مخزون الجيش البريطاني من الذخيرة لأكثر من أسبوعٍ من القتال في سيناريو شبيه بحرب أوكرانيا.
ويلفت الكاتب إلى أن إدارة أوباما-بايدن استرضت الخصوم التقليديين إيران وروسيا والصين. فأرسلت مليارات من دولارات دافعي الضرائب إلى الملالي، ووعدت بوتين بالتساهل معه بعد انتخابات 2012، وأوحت للصين بضعفها إذ لم تحافظ على وجودها البحري في المحيط الهادي.
بطل من ورق
وما ينذر بخطرٍ أكبر أن إدراتهما أهدرت القوة الأمريكية إذ حذرت الأطراف الفاعلة الخبيثة من أن تتخطى «الخطوط العسكرية الحمراء»، متوعدة إياها برد أمريكي سريع ومدمر. فتجاوزت تلك الجهات الخطوط الحمراء مراراً وتكراراً دون رد من البيت الأبيض. وصُوِّرَت أمريكا على أنها بطل من ورق كما زعم الشيوعيون والمتعصبون الثيوقراطيون.
وفي تلك الأثناء، توسعت رقعة الحروب، وتعرض المزيد من الأمريكيين للأذى. ثم تورطت في أفغانستان، وها هي الآن تتعرض لردود الفعل المتمثلة في الهجمات المدعومة من إيران في الشرق الأوسط.ومضى الكاتب يقول: «اتسعت رقعة انتشار الجيش الأمريكي على نحو مبالغ فيه، وقلَّل الخصوم من شأنه، وتقلصت موارده. ولكانت الولاية الثالثة لأوباما ستكون أسوأ لأن خلفه جو بادين يقودنا الآن خلال الفترة الأكثر تدهوراً في القوة والهيبة الأمريكيتين في تاريخنا. فالإنفاق الدفاعي بلغ أدنى نسبة له من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي منذ الحرب العالمية الثانية، وجفَّت منابع التجنيد العسكري إذ تستخدم الإدارة البنتاغون على أنه تجربة للعدالة الاجتماعية.
واستغرق الأمر بايدن أقل من سبعة أشهر لإنجاز ما لم يستطع جيمي كارتر إنجازه في أفغانستان في أربع سنوات، إذ جعل أمريكا أضحوكة العالم».
وإذا لم يكن ذلك بكاف أن يجعل من أمريكا أضحوكة، ففي 8 فبراير (شباط) 2024 أفادت وزارة العدل الأمريكية للعالم بأن رئيس الولايات المتحدة ليس على مستوى المهمة المكلف بها. وأطْلَع رؤساء أجهزة الاستخبارات في جميع أرجاء العالم رؤساؤهم على الفور بفحوى تقرير هور، وأعادوا عرض مقاطع فيديو عن تخبط الرئيس أمام ممثلي الصحافة.
خبث الأشرار
وثمة سؤال يطرح نفسه: مَن المسؤول في البيت الأبيض؟ وفي هذه الإدارة، توارى وزير الدفاع عن الأنظار لعدة أيام دون أن يلاحظ أحد غيابه. وهل المتطرفون المتأثرون بأفكار الأكاديميين ضمن طاقم البيت الأبيض هم الذي يديرون دفة الأمور ويدفعون الإدارة دفعاً نحو اليسار أكثر ؟ فهؤلاء هم الموظفون أنفسهم الذين دمروا استقلالنا في مجال الطاقة، ويستلهمون أفكارهم من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
واختتم الكاتب مقاله، قائلاً: «هذه هي الساعة التي يحدق فيها الخطر الأعظم بأمريكا. ففي الوقت الذي يُفترَض فيه أن نتأهب لصراع القوى العظمى، لا نجد أحداً «مسؤولاً عن قطار المسيرة الأمريكية الصاخب». وفي هذه الحالة، يُعزز ضعف الرئيس الأمريكي خبث الأشرار.