تحت رعاية رئيس الدولة.. خالد بن محمد بن زايد يشهد حفل تخريج جامعة خليفة لعام 2025
حرب أذرية - إيرانية تنذر باشتعال إقليمي
لاحظ الصحافي تاراس كوزيو في موقع “ناشيونال إنترست” الأمريكي، أن إيران تصعّد تهديداتها العسكرية ضد أذربيجان وتجري مناورات هي الأكبر من نوعها في ثلاثة عقود على الحدود الأذرية، بينما تتم تعبئة الروح الوطنية التي لا تزال عالية في أذربيجان عقب انتصار باكو في الحرب الثانية العام الماضي في قره باغ، لمواجهة التهديد الإيراني.
وحذر الكاتب من أن نزاعاً عسكرياً بين إيران وأذربيجان سيؤدي إلى إشتعال إقليمي. ونظراً إلى توقيع أنقرة اتفاقاً أمنياً مع باكو، من خلال إعلان شوشا في يونيو (حزيران)، فمن المؤكد أن تركيا ستدعم أذربيجان. وباكستان المتحالفة مع تركيا وأذربيجان، ستزيد من الضغط العسكري على الحدود الشرقية لإيران. وفي الوقت نفسه، فإن أرمينيا، التي لن لم تكن مستعدة لتقبل هزيمتها، قد تجد مغرياً إستخدام التشتيت الذي ستخلقه الحرب الأذرية - الإيرانية، لاستعادة ما يطلق عليه القوميون “أرمينيا الشرقية”، مما سيؤدي إلى حرب أخرى حول قره باغ.
إلى ذلك، فإن نزاعاً إقليمياً سيترك آثاراً مدمرة على السياسة الأمنية الروسية في جنوب القوقاز، لأنه سيعرض للخطر ما تسميه روسيا عملية “حفظ السلام” في قره باغ. ولن يكون في وسع الكرملين ادعاء الحياد إذا ما تورط حليفاه -روسيا وأرمينيا- في عمليات عسكرية. ولم يكن من قبيل الصدفة، أن تأتي التوترات الإقليمية والتهديدات بحرب أذرية-إيرانية، عقب تولي الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي مهامه، ووراثته نظاماً جيوسياسياً إقليمياً معارضاً لإيران، وخصوصاً أن جزءاً من هذه المعادلة هو وجود مجموعة عسكرية وأمنية مؤيدة للغرب مؤلفة من تركيا وأذربيجان وباكستان. وفي 27 يوليو (تموز)، وقعت تركيا وأذربيجان وباكستان إعلان باكو، الذي هو عبارة عن شراكة إستراتيجية أرست معادلة جديدة من التعاون السياسي والأمني بين الدول الثلاث وأعاد التأكيد على دعم إستعادة أذربيجان أراضيها المحتلة والتضامن مع باكستان في قضية جامو وكشمير.
وفي أوائل سبتمبر (أيلول)، أجرت تركيا وأذربيجان وباكستان مناورات مشتركة تحت الاسم الرمزي “الأخوة الثلاثة” في باكو، وحيث شكر قادة الجيش الأذري القوات التركية والباكستانية على الدعم الذي قدمته لهم في حرب قره باغ عام 2020. وإسرائيل، التي تقيم علاقة شراكة أمنية مع أذربيجان منذ أوائل العقد الأول من الألفية، تنتمي إلى هذه المجموعة الجيوسياسية أيضاً. وفي 2 أغسطس (آب)، وخلال لحظة من العلاقات الودية بين تركيا وإسرائيل، افتتحت أذربيجان مكتباً للترويج للتجارة والسياحة في إسرائيل هو بمثابة مقدمة لفتح سفارة بشكل رسمي في تل أبيب. وكانت إسرائيل فتحت سفارة في باكو عام 1993.
وفي المقابل، هناك مجموعة جيوسياسية أخرى تضم روسيا وأرمينيا وإيران. وبينما اختار رئيس الوزراء الارميني نيكول باشينيان حضور مراسم تسلم رئيسي مهامه، فإن الرئيس الأذري إلهام علييف لم يفعل. وفضلاً عن ذلك، تدعم أرمينيا الهند في نزاعها الحدودي مع باكستان. وليس مستغرباً أن يؤدي انتخاب رئيسي إلى تدهور في العلاقات بين المجموعتين الجيوسياسيتين. وليس الحشد الإيراني في مواجهة أذربيجان جديداً. ففي 2007، قال علييف إن إيران هي “مشكلة كبيرة” وهي أشبه “بحيوان بري محشور في زاوية”. وأضاف أن “لا آلية دولية فعالة لمواجهة التهديد الذي تشكله إيران».
وعلى رغم أن الغالبية من سكان إيران وأذربيجان هي من الشيعة، فإن ثمة فارقاً مهماً بينهما. فقد ورثت أذربيجان ثقافة علمانية نتيجة سبعة عقود من الحكم السوفياتي، بينما إيران غير راغبة في تقبل تلك الهوية العلمانية الكامنة في الثقافة التركية، كما أنها تشعر بالإحباط والمرارة من النفوذ التركي المتزايد داخل حدود جارتها. ويتعين على الولايات المتحدة أن تنضم إلى إسرائيل في دعم المحور الأذري-التركي لإحداث توازن مع إيران وروسيا في جنوب القوقاز والشرق الأوسط الموسع. وهذا أمر من المفترض حدوثه من الناحية الاستراتيجية، بعد سيطرة طالبان على أفغانستان، وتولي رئيسي المعادي لأمريكا الرئاسة في إيران.