نظمها المركز في‎ «COP28» ‎بالشراكة مع محرم للسياسات العامة‎‎

خبراء في ندوة لـ (تريندز): التوسع في نهج المدن الذكية المستدامة ضروري لمواجهة تحديات تغيّر المناخ

خبراء في ندوة لـ (تريندز): التوسع في نهج المدن الذكية المستدامة ضروري لمواجهة تحديات تغيّر المناخ

• استدامة المدن الذكية يتطلب سياسات شاملة وبنية تحتية رقمية ومعالجة المخاطر الأمنية‎
• المدن الذكية المستدامة تعزز النمو الاقتصادي والاجتماعي وتدعم التطور الحضري‎
• أنظمة المدن الذكية تتطلب استراتيجيات قوية للتحصن من الهجمات السيبرانية‎
 
أكد خبراء ومتخصصون في التخطيط التنموي والتقنيات الذكية والتكنولوجيا المتطورة، أن التوسع في نهج المدن الذكية ‏المستدامة أصبح أمراً ضرورياً وملحاً، في الوقت الذي يعاني فيه العالم تنامي ظواهر التغير المناخي، مشيرين إلى أن المدن ‏الذكية يمكنها مواجهة تحديات المناخ وتعزز النمو الاقتصادي والاجتماعي ودعم التطور الحضري، من خلال انتهاج ‏الأساليب والمعايير المستدامة، وفي مقدمتها السياسات الشمولية والأطر التطويرية الواضحة والمدروسة، فضلاً عن تطوير ‏البنية التحتية الرقمية ومعالجة مخاطر الأمن السيبراني‎.‎
جاء ذلك خلال ندوة «المدن المستدامة.. الجيل الجديد من المدن الذكية»، التي نظمها مركز تريندز للبحوث والاستشارات، ‏بالشراكة مع مجموعة مصطفى محرم وشركاه للسياسات العامة والاتصال الاستراتيجي، وأدار النقاش سلطان ماجد العلي، ‏الباحث الرئيسي ومدير إدارة الباروميتر العالمي في «تريندز»، وأقيمت أمس الأربعاء في المركز الإعلامي لمؤتمر‎ ‎‎«COP28».‎
 
تحسين جودة الحياة
وقال الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، في كلمته الافتتاحية، إن مفهوم مدن ‏المستقبل الذكية والمستدامة أصبح متداولاً وهدفاً لكثير من الحكومات الساعية إلى تحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة ‏الحياة لمواطنيها، مضيفاً أن التطور العمراني والوتيرة السريعة للتوسع الحضري، وتغير المناخ، وزيادة الطلب على ‏الموارد، تفرض ضغوطاً كبيرة على البنية التحتية الحضرية والأنظمة البيئية. وتابع: «نحن بحاجة إلى إنشاء مدن ليست ‏مستدامة فحسب، بل قادرة على الصمود أمام التحديات المستقبلية المتغيرة‎».‎
 
الحد من التلوث
وأشار العلي إلى أن المدن الذكية تقدم نهجاً واعداً لتحقيق هذه الأهداف؛ فمن خلال الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة، يمكن ‏للمدن الذكية تحسين استخدام الموارد، والحد من التلوث، وتحسين الخدمات العامة، ومن ثم تعزيز نوعية الحياة لجميع ‏المواطنين‎.‎
وأكد أن بناء المدن الذكية المستدامة لا يقتصر على التكنولوجيا فقط؛ فالأمر يتعلق أيضاً بوضع رؤية مشتركة للمستقبل، ‏تمزج بين استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وبين كفاءة العمليات والخدمات الحضرية، والقدرة على المنافسة، إلى ‏جانب تلبية احتياجات الأجيال الحالية والقادمة فيما يتعلق بجوانب الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية‎.‎
 
التطور المستدام الشمولي
واستهل مناقشات الندوة جان فابافوري، رئيس اللجنة الأولمبية الفنلندية، ووزير الاقتصاد والإسكان في فنلندا - سابقاً، وعمدة ‏العاصمة الفنلندية «هلسنكي» السابق، حيث تحدث عن «الجيل الجديد من المدن الذكية المستدامة - «هلسنكي» تجربة ‏فنلندا الرائدة في المدن الذكية المستدامة»، موضحاً أن المدن الذكية لكي تتحول إلى مجتمعات مستدامة تحتاج إلى العمل ‏على إيجاد الموارد والتنوع والدعم، ولكن بسبب الفهم المحدود للشمولية، تواجه المدن الذكية بعض العقبات في عملية ‏التوسع‎.‎ واعتبر المدن الذكية الطريق الصحيح نحو التنمية المستدامة، بما تمتلكه من مقومات تجعلها قادرة على مكافحة التغيرات ‏والتحديات المناخية خلال العقود القادمة، اعتماداً على التطور المستدام الشمولي، ووضع الاستراتيجيات والأطر التنظيمية ‏المحدثة باستمرار‎.‎
 
تنافسية صحية
وذكر جان فابافوري أنه ينبغي وضع التكنولوجيا في المقام الأول لتحسين نوعية حياة الناس، فليست كمية التكنولوجيا هي ‏المهمة، بل الأهم هو كيفية استخدام التكنولوجيا، مضيفاً أن الأبحاث المتطورة ترشد الحكومات نحو خيارات الاستدامة ‏الصحيحة، مستشهداً بمسابقة بحثية عالمية تمكنت من تقديم حل مستدام لتدفئة مدينة هلسنكي في الشتاء، مما وفر للحكومة ‏الفنلندية عشرات الملايين من الدولارات‎.‎
وأوضح أن المدن الذكية هي مجتمعات مبتكرة، تحتاج إلى التعاون والتنافسية الصحية، مع الحرص على تعزيز الجوانب ‏الاقتصادية والاجتماعية والاقتصادية لدى إنشائها وتطويرها أيضاً، مضيفاً أن القائمين على إنشاء المدن الذكية يساهمون ‏بشكل كبير في تطوير حياة الأفراد للأفضل، حيث توفر هذه المدن الأمان والاستدامة بما تعتمد عليه من تقنيات ذكية‎.‎
 
‎«‎طوق نجاة‎»‎
أما الدكتور شريف الديواني، الخبير السويسري في التخطيط التنموي، والمؤسس المشارك والعضو المنتدب لشركة‎ MGM ‎المناخية لمطوري الأعمال، فذكر أن المرونة هي الميزة الأساسية التي يسعى جميع قادة المناطق الحضرية إلى تحقيقها في ‏استدامة المدن في القرن الحادي والعشرين، ولحسن الحظ، تمكن التكنولوجيا المدن من أن تكون ذكية ومرنة لضمان نوعية ‏حياة مستدامة لسكانها‎.‎ وأوضح أن المدن الذكية تقوم على نهج المشاركة والمساهمة بين الحكومات والأفراد، وذلك لكي يصبح عملها مستداماً، مع ‏الأخذ في الاعتبار تطبيق المنهجيات والسياسات والأطر المبتكرة لكي يتسع نطاق المدن الذكية المستدامة، مبيناً أن المدن ‏الذكية سبيل ناجع لتحقيق جودة الحياة ورفاهية الأفراد‎.‎
وطالب الحكومات حول العالم بتسريع العمل والتوسع في تنفيذ مخططات المدن الذكية التي يجب أن تعتمد على المرونة ‏والتكنولوجيا الرقمية، معتبراً هذه المدن «طوق نجاة» من أزمة التغير المناخي، ولكن الأهم من التوسع في المدن الذكية، هو ‏كيفية تحويلها إلى مجتمعات مستدامة، قادرة على استيعاب أية صدمات قد تواجهها في المستقبل‎.‎
 
تهديدات الأمن السيبراني
وحول الفرص والتحديات التي تواجه المدن الذكية المستدامة، خصوصاً فيما يتعلق بتهديدات الأمن السيبراني، أكد سعادة ‏الدكتور محمد حمد الكويتي، رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، أن ما تقوم به دولة الإمارات من تطبيق ‏التكنولوجيات المتطورة يهدف في الأساس إلى ضمان رفاهية الإنسان، وأمان المجتمع في المقام الأول من ذلك التطور، حيث ‏تعمل دولة الإمارات على الاستمرارية في تطوير التكنولوجيا، جنباً إلى جنب مع ضمان تحقيق الأمن السيبراني ‏للمجتمعات، وسد جميع الثغرات، من خلال مظلة أمنية تكنولوجية متطورة‎.‎
وذكر أن المرونة هي الجوهر الأساسي للتغلب على التحديات الأمنية، فالأمن السيبراني هو العين الحارسة لمبادرات تطوير ‏المدن الذكية، مضيفاً أن الاستدامة تحتاج إلى العمل الجماعي، وتطوير السياسات السيبرانية، وتدريب الأجيال القادمة على ‏قيادة المبادرات السيبرانية المستدامة، مبيناً أن البنية التحتية وأنظمة المراقبة وتطوير الأنظمة الصحية والتعليمية والنقل ‏وغيرها، جميعها تحتاج إلى الأمن السيبراني لمواصلة النهج المستدام، وتمكين المجتمعات من العيش برفاهية‎.‎
وأوضح سعادة محمد الكويتي أن هناك عدداً من الآليات والاستراتيجيات التي يمكنها التخفيف من مخاطر الأمن السيبراني ‏وحماية أنظمة المدن الذكية، منها بناء أنظمة أمنية قوية ومحدثة باستمرار، وتعزيز الوعي الأمني لدى العاملين في المدن ‏الذكية، فضلاً عن التعاون بين المدن الذكية وجهات الأمن السيبراني لتبادل المعلومات والتهديدات‎.‎
 
الفرص التوسعية
إلى ذلك، تطرق سليم إدي، مدير الشؤون الحكومية والسياسة العامة في‎ Google Cloud - ‎الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ‏إلى تجربة‎ Google Cloud ‎في حماية البيانات وتطوير الأنظمة الأمنية للحكومات والمجتمعات والأفراد، مضيفاً أن إنشاء ‏المدن الذكية الآمنة يواجهه تحدي الفرص التوسعية، ما يجعل الشراكات التعاونية والتكاملية بين القطاعين العام والخاص ‏ضرورة حتمية للحصول على هذه الفرص لتطوير نهج مستدام للمدن الذكية‎.‎
وأفاد بأن استدامة المدن الذكية تتطلب الاستعانة بالذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا البعد الثالث، إلى جانب العمل على البنية ‏التحتية المادية، مع تمكين الأنظمة الآمنة للمجتمعات لكي تستطيع مجتمعات هذه المدن العيش في بيئة مستدامة، خصوصاً ‏أنظمة الذكاء الاصطناعي التي يمكنها التغلب على التحديات الأمنية‎.‎
وذكر إدي أن رأس المال الإنساني عنصر محوري في تحقيق الاستدامة الأمنية للمدن الذكية، من خلال تطوير المواهب ‏وتمكين الكفاءات القادرة على فهم التحديات والتغلب عليها بسرعة ودقة، مستشهداً بتجربة دولة الإمارات التي اعتبرها ‏‏«دولة ذكية» تمكنت من تحقيق الأمن السيبراني، بما تقوم به الحكومة من تطوير مستمر للبنية التحتية الذكية والاعتماد ‏على رقمنة الخدمات جنباً إلى جنب مع تطوير الخبراء السيبرانيين المهاريون، مضيفاً أن العمل والشراكة بين مختلف ‏القطاعات ضرورة لتحقيق الاستدامة بمنظورها الشمولي‎.‎
 
دمج الممارسات المستدامة
من جهتها، أوضحت الدكتورة حصة الجاوي، مدير قسم الدراسات والأنظمة بالإنابة - إدارة الصحة والسلامة في بلدية دبي، ‏أن دمج الممارسات المستدامة في بلدية دبي يضمن تحقيق التوازن بين التنمية الحضرية والحفاظ على البيئة، وتعزيز بيئة ‏معيشية أكثر صحة وأماناً، مع الاستفادة من التكنولوجيا لتعزيز الرفاهية العامة، مضيفة أن بلدية دبي تجاوزت مفهوم ‏المباني الخضراء، حيث تقوم الآن بنفيذ مشاريع لرصد نوعية الهواء والمياه في الوقت الحقيقي، إلى جانب توافر البنية ‏التحتية الذكية للتحكم في الصحة والسلامة، لتحسين نوعية حياة السكان‎.‎
ثقافة المسؤولية المشتركة
وأوضحت الدكتورة حصة الجاوي أن بلدية دبي تعمل على تشجيع الموظفين على المشاركة بنشاط في مبادرات الصحة ‏والسلامة، وتعزيز ثقافة المسؤولية المشتركة التي تشجع على اعتماد الممارسات التي تتسم بالكفاءة في استخدام الموارد، ‏مبينة أن المدن الذكية المستدامة ستتمتع في المستقبل ببنية تحتية خضراء متقدمة، ووسائل نقل عام تتسم بالكفاءة، ومصادر ‏طاقة متجددة تستخدم على نطاق واسع، إضافة إلى أجهزة إنترنت الأشياء المرتبطة بالحوكمة الذكية‎.‎
ولفتت إلى أن التخطيط الحضري يعطي الأولوية لتطوير المساحات الخضراء والمناطق الصديقة للمشاة والمباني الموفرة ‏للطاقة، وهذا من شأنه أن يعزز التوازن بين التكنولوجيا والوعي البيئي ونوعية الحياة، بالإضافة إلى ذلك، فإن ظهور المدن ‏الذكية المستدامة في الجيل القادم يوفر فرصاً هائلة لتعزيز السلامة وتطوير حلول الرعاية الصحية الذكية‎.‎
 
أطر السياسات واللوائح
وفيما يتعلق بالأطر والسياسات واللوائح الحكومية المحفزة للقطاع الخاص على الاستثمار والتوسع في إنشاء المدن الذكية ‏والمستدامة لضمان حماية البيئة والحد من آثار التغير المناخي، أشار مصطفى محرم، رئيس مجلس إدارة مجموعة مصطفى ‏محرم وشركاه للسياسات العامة والاتصال الاستراتيجي، إلى أن تطوير وتنفيذ المدن الذكية يتطلب أطر سياسات شاملة تعالج ‏الاعتبارات والتحديات الرئيسية، مبيناً أن البنية التحتية، وإدارة البيانات، وقابلية التشغيل البيني، والاستدامة، والتعاون، هي ‏جوانب حيوية يجب على صناع السياسات منحها الأولوية، ومن خلال تعزيز الشراكات، وتشجيع الابتكار، وإشراك أصحاب ‏المصلحة، يمكننا بشكل جماعي بناء مدن ذكية مستدامة وشاملة ومتقدمة تكنولوجياً‎.‎
 
البنية التحتية الرقمية
وأكد محرم أن تطوير المدن الذكية يعتمد بشكل كبير على البنية التحتية القوية والاتصال السلس، ولكن يتعين على صناع ‏السياسات أن يعطوا الأولوية لتوسيع البنية التحتية الرقمية، بما في ذلك شبكات النطاق العريض ومراكز البيانات، لتسهيل ‏تكامل التكنولوجيا والحلول القائمة على البيانات، إلى جانب معالجة التحديات، مثل ضمان الاتصال الموثوق به عبر المناطق ‏الحضرية والريفية، ومعالجة مخاطر الأمن السيبراني، وإدارة التدفق الهائل للبيانات بشكل فعال‎.‎
وبين أن أن تشجيع التعاون والشراكات بين القطاعين العام والخاص مهم وفعال في تطوير المدن الذكية، بالإضافة إلى تعزيز ‏التعاون الأكاديمي والبحثي في تكنولوجيات المدن الذكية، ودعم المشاركة المجتمعية في عملية صنع القرار‎.‎