بعد التشاور مع رئيس الدولة واعتماده.. محمد بن راشد يعلن تغييرات في حكومة الإمارات
دراسة جديدة لـ «تريندز » تقرأ قضية الأمن النووي .. النشأة والفكر والهدف
ضمن برامجه البحثية أصدر مركز تريندز للبحوث والاستشارات دراسة جديدة بعنوان: «الأمن النووي… قلق عالمي دائم» تناولت بالعرض والتحليل قضية الأمن النووي الذي يتمثل في ضمان توفير الحماية من أي مخاطر قد يتعرض لها الأفراد أو الجماعات بسبب المواد النووية الخطرة، في جميع أنحاء العالم.
وذكرت الدراسة، التي أعدها الباحث والكاتب العراقي الدكتور محمد عاكف جمال، أنه منذ البدايات الأولى لاستخدامات الطاقة النووية مطلع القرن العشرين، نشأت الحاجة إلى التعامل معها بحرص وحذر شديدين يتفقان مع المخاطر المعروفة عنها آنذاك، جسديًّا ووراثيًّا، وتحسُّبًا لما هو غير معروف عن هذه المخاطر.
وأوضحت أنه مع التوسع لاحقًا في استخدام الطاقة النووية من الأغراض العسكرية إلى الأغراض السلمية في خمسينيات القرن المنصرم، سواء لإنتاج الطاقة الكهربائية أو لإجراء البحوث العلمية أو لإنتاج النظائر المشعة للاستخدام في المجال الطبي والصناعي والزراعي، ازدادت الحاجة إلى ابتكار وسائل التعرف على حجم التعرض لمخاطر هذه الطاقة على مستوى الأفراد والمؤسسات وظهرت الحاجة إلى أفراد متخصصين ومؤسسات رسمية متخصصة تقوم بهذا الغرض، وإلى جهات دولية استشارية كذلك؛ لضمان التعامل مع هذه المخاطر بما يتفق مع ما توصلت إليه الأبحاث العلمية والطبية عن مخاطر التعرض لها.
وقدمت الدراسة تعريفًا للأمن النووي الشامل، بما يتضمن محطات الطاقة النووية ومختبرات البحث العلمي والمستشفيات وأي مؤسسة تَدْخُلُ بعض المواد النووية في دائرة استخداماتها في الصناعة والزراعة وغير ذلك.
وذكرت أن مسؤوليات تأمين السلامة تقع على عاتق كل دولة تستخدم التكنولوجيا النووية وتتعامل مع النفايات الناتجة عن ذلك. كما أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، من خلال مسؤولياتها في إدارة شؤون السلامة والأمن النووي دوليًّا، تعمل على توفير إطار قانوني عالمي للسلامة والأمن لحماية الناس والمجتمعات والبيئة. مبينة أن هذا الإطار يوفر سبل التحديث والتنمية لقدرات استخدام الطاقة النووية وتطبيق معايير السلامة والأمن وتوفير المتطلبات لذلك، إلا أنه ليس للوكالة سلطة فرض هذا الإطار على أي دولة.
وأوضحت الدراسة أن إجراءات الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا تقتصر على الإشراف على الأنشطة النووية ووضع اللوائح وإصدار التعليمات بل تعتمد الصكوك القانونية الدولية الرئيسية المتوافرة تحت رعايتها، وأبرزها اتفاقية الحماية المادية للمواد النووية وتعديلها لعام 2005 التي تنص على "تدابير الحماية المادية التي يتعين تطبيقها على المواد النووية في النقل الدولي، فضلاً عن التدابير المتعلقة بالجرائم الجنائية المتصلة بالمواد النووية".
وخلصت الدراسة إلى أن القرن العشرين نقل الإنسان في كل مكان من العالم نقلة نوعية بدرجات متفاوتة على مختلف المستويات علميًّا وفكريًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا ومجتمعيًّا وسياسيًّا، حيث تعرف على البنية الأساسية لتركيب المادة والنظريات التي بنيت حولها، وهو أمر على قدر كبير من الأهمية، بقدر ما كان له من تداعيات على استراتيجيات النخب السياسية التي نشأت في أطر القرن الفكرية والثقافية ووصلت بعد ذلك بعقود من الزمن إلى مواقع صنع القرارات في دولها.
وأشارت إلى أنه بالقدر الذي فتحت فيه العلوم الحديثة بوابات واسعة أمام الحلم الإنساني بعالم الغد، فتحت كذلك بوابات واسعة تفضي إلى عوالم الظلام، مؤكدة أن القرن العشرين فتح المجال واسعًا لوأد كل الأحلام ومنح الإنسان - في موقع صناعة القرار في بعض الدول - السلطة على إنهاء الحياة على سطح هذا الكوكب، وهو ما أبقى الإنسان في قلق دائم على ما قد يأتي به الغد.
وذكرت الدراسة أنه مع البدايات الأولى للقرن العشرين، وجدت النخب العلمية في أوروبا نفسها في مواجهة حقائق علمية تتعلق بالبنية الأساسية للمادة، وخصوصًا ما تعلق منها بالنشاط النووي الإشعاعي، وهي حقائق لم تواجهها من قبل، تتجاوز في أهميتها وخطورتها جدران المختبرات العلمية. وقد ترتب على ذلك نقلة نوعية في الأسس الفكرية والفلسفية لهذه النخب وتحول تدريجي في السياسات الأمنية للدول، وصل إلى مستوى عقد قمم دولية لمقاربتها ضمانًا لما يعرف بـ "الأمن النووي" على مستوى الأفراد والمجتمعات. وقد حققت هذه القمم الكثير مما يضمن الأمن والأمان النووي على مستوى الأفراد والمؤسسات، وقللت كثيرًا من فرص سيطرة الحركات الإرهابية على المواد النووية واستخدامها في الترويع والابتزاز.