دراسة جديدة لـ «تريندز» تؤكد أن قرار أوبك بلس تخفيض الإنتاج قرار اقتصادي بحت يهدف إلى تحقيق الاستقرار في سوق النفط العالمية

دراسة جديدة لـ «تريندز» تؤكد أن قرار أوبك بلس تخفيض الإنتاج قرار اقتصادي بحت يهدف إلى تحقيق الاستقرار في سوق النفط العالمية


أكدت دراسة بحثية جديدة لمركز تريندز للبحوث والاستشارات أن سوق النفط العالمية تتسم بأنها شديدة التأثر بمجريات الاقتصاد العالمي، موضحة أن قرار تخفيض الإنتاج النفطي من قبل تجمع «أوبك بلس» أمر اقتصادي نفطي بحت، وليس له أية دوافع سياسية. وأوضحت الدراسة التي حملت عنوان “أوبك بلس ودعم التوازن في الأسواق النفطية” أن السوق النفطية عانت عبر عقود عديدة مضت من جراء صدمات في جانبي العرض والطلب، مبينة أن الوصول لوضعية الاستقرار والتوازن في هذه السوق يظل محكومًا بالتفاعل المستمر بين قوى العرض والطلب، وبما يعني زيادة التجاذبات والتفاعلات التي تحدث بينهما باستمرار.

وأشارت الدراسة إلى أنه اعتمادًا على الخبرة التاريخية، المليئة بالدروس المهمة التي تقدمها سوق النفط العالمية، فإنه بالقَدْر الذي ينجح فيه التكامل والتنسيق على جانب العرض والإنتاج النفطي العالمي، وبالقدر الذي ستظل فيه أوبك بلس- ومنذ أن ظهرت في عام 2016 – هي العامل الموازن والمعبِّر الأمين عن مصالح المنتجين، مؤكدة أنه بالقدر نفسه سيتحقق استقرار مستدام في سوق النفط العالمية، وبنفس القدر ستستمر فيه هذه السوق قائمة بين أنداد متكافئين، ولا تتحول إلى سوق يتحكم فيها البائعون أو يتلاعب بها المشترون، ولا تطغى فيها أية مصالح خاصة على حساب مصلحة المجموع، ولا تسود فيها سوى المصالح الأساسية لضمان الاستقرار في الاقتصاد العالمي. وحاولت الدراسة التي جاءت ضمن البرامج البحثية لتريندز في الاقتصاد السياسي الدولي، وأعدها الكاتب والباحث السياسي يحيى التليدي عضو الجمعية السعودية للعلوم السياسية، توضيح الأسباب الاقتصادية لاتخاذ تجمع “أوبك بلس” قرار تخفيض الإنتاج النفطي، لتدحض بذلك الادعاءات التي أثيرت حول وجود دوافع سياسية وراء هذا القرار، أو أنه قد صدر دعمًا لموقف روسيا في حربها على أوكرانيا وضد مصالح الولايات المتحدة الأمريكية.

وعرضت الدراسة بالتحليل اتجاهات أسعار النفط في سوق النفط الدولية في آخر ثلاث سنوات، تماشيًا مع التطورات العالمية التي حدثت بفعل جائحة كورونا، ونتيجة للسياسات الدولية للتعافي من تداعيات هذه الجائحة على الأنشطة الاقتصادية، انتهاءً بتطور أسعار النفط في ظل أزمة الحرب الروسية-الأوكرانية. كما فنّدت الحجج والادعاءات التي تُساق لحصر دوافع القرار في سياق سياسي بعيدًا عن العوامل الاقتصادية، وحددت الدراسة أهم الدوافع الاقتصادية الفعلية وراء هذا القرار.

وبينت أن أول هذه المحددات هو انتهاء عصر النفط الرخيص. ثم الحاجة لتحفيز الاستثمارات النفطية، يليها متطلبات دعم الكفاءة الإنتاجية لأنشطة قطاع النفط والقطاعات شبه النفطية؛ ذلك أن تردي الإنتاجية في أنشطة قطاع النفط في العديد من دول تكتل “أوبك بلس”، مع تزايد فاتورة عمليات الإحلال والتجديد والصيانة للآلات والمعدات والبنى الإنتاجية والأصول الثابتة – كل ذلك قد أثر سلبيًا على إمداداتها النفطية الفعلية في الأسواق الدولية، أما رابع هذه المحددات فهو مواجهة التداعيات المحتملة لحدوث ركود عالمي، باعتبار ذلك الركود واحدًا من أبرز التداعيات المحتملة الحدوث قريبًا، في حال استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا أو توسُّع نطاق هذه الحرب وتصاعد وتيرتها واتساع نطاقها الجغرافي والسياسي.

وخلصت الدراسة إلى أنه بناء على المحددات الاقتصادية الأربعة السابقة، فإن تحقيق الاستقرار في سوق النفط العالمية يعتبر هدفاً أصيلاً لقرارات أوبك بلس، وينتج عن قراءة مستمرة لمتغيرات العرض والطلب في السوق مع استخدام أساليب النمذجة الاقتصادية للتنبؤ المستقبلي بأحوال السوق وبالتدخلات الواجبة في ظل الدقة المأمولة لهذه التنبؤات.