رئيس الدولة:وفد الوطن بالكفاءات الوطنية النوعية على قائمة أولويات
دراسة جديدة لمركز تريندز تستعرض خريطة المقاربات الأكاديمية الغربية لظاهرة التطرف الإسلاموي المؤدي للعنف
أصدر مركز تريندز للبحوث والاستشارات دراسة جديدة، تحت عنوان "خريطة المقاربات الأكاديمية الغربية لظاهرة التطرف الإسلاموي المؤدي للعنف.. تحليل نقدي"، تسعى إلى تحديد المقاربات المعرفية التي تقوم عليها المناهج النظرية المختلفة في السياق الأكاديمي الغربي لدراسة ظاهرة التطرف المؤدي إلى العنف باسم الإسلام. إضافة الى فهم كيف تُترجَم تلك المقاربات النظرية والمعرفية إلى ممارسات منهجية منتجة للمعرفة بخصوص تلك الظاهرة. كما تكشف الدراسة عن بعض التحديات المعرفية والأخلاقية التي تواجه دراسات التطرف المؤدي للعنف باسم الإسلام، وعلى رأسـها مـا يمكننــا تسميته "تبييض العنف". والتفكير في أسس مقاربة معرفية أكثر وعيًا لطبيعة التطرف الإسلاموي وأسبابه المؤدية للعنف.
وحللت الدراسة بشكل نقدي، وعن طريق بحث حفري وثائقي معمَّق، المقاربات النظرية لعينة من أكثر الباحثين الغربيين المنظّرين تأثيرًا في دراسة ظاهرة التطرف الإسلاموي المؤدي للعنف، وذلك من خلال دراسات كُتبت باللغتين الفرنسية والإنجليزية وتحليل محتواها لتعيين الاتجاهات النظرية السائدة فيها وتقييمها. كما عاينت تأثير تلك المقاربات والتحديات التي تطرحها على نتائج البحوث والدراسات الغربية في مجال التطرف الإسلاموي المؤدي للعنف.
وبينت الدراسة الذي أعدها الدكتور وائل صالح الخبير في الإسلام السياسي بمركز تريندز للبحوث والاستشارات، أنه منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي، وخصوصًا بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، ازداد الاهتمام بالتطرف المؤدي للعنف بشكل كبير باسم الإسلام، على الصُّعُد البحثية والمجتمعية والأمنية كافة، وذلك على المستويات الإقليمية والوطنية والدولية، مشيرًا إلى أنه مع ذلك، فإن الدراسات الغربية نادرًا ما تركز بشكل أساسي وعميق على منتجي المعرفة؛ أي مؤلفي النصوص التأسيسية للإسلاموية، أو على الباحثين والمنظّرين الذين يحللون ظاهرة التطرف المؤدي للعنف باسم الإسلام.
وأكدت الدراسة ضرورة التفكير في الخطوط الرئيسية لمقاربة معرفية أكثر وعيًا وفهمًا لطبيعة التطرف المؤدي للعنف باسم الإسلام.
واقترحت الدراسة مقاربة تهدف إلى فهم لماذا وكيف يصبح الشخص متطرفًا، ويرتكب العنف باسم الإسلام؟ وتسعى، في الوقت نفسه، إلى مراعاة السياق وتحديد الأفكار التي تبرر العنف أو تُنظِّر له أو تدفع إليه، وهي أفكار لا يمكن للمتطرفين أن يرتكبوا أفعالهم تحت راية نمط تَدَيُّنهم من دون أن تكون مرجعية لهم.
وأوضحت الدراسة أن اتِّبَاع مقاربة نقدية ومتعددة التخصصات، تربط بين عوامل التهميش الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وبين النصوص المؤسِّسة والمسوِّغة للعنف، وإعطاء كل العوامل وزنها النسبي، كل ذلك يُعَدُّ أمورًا ضرورية من أجل فهمٍ أفضل لظاهرة التطرف التي تؤدي - كذبًا - للعنف باسم الإسلام، دون الوقوع في فخ تبييض العنف.
وأشارت الدراسة إلى أن المقاربة التي تقترحها تعتبر أن الإسلاموية - وفقًا للنصوص التأسيسية التي تشكل رؤيتها للعالَم - هي في جوهرها حركة متطرفة وعنيفة. وبالرغم من أن هذه المقاربة تفترض أن الانتماء إلى الإسلاموية هو العامل الأساسي في التطرف الذي يؤدي للعنف باسم الإسلام، فإنها تقترح في الوقت نفسه دراسة كل حالة من حالات التطرف المؤدي للعنف على حدة؛ وذلك لتحديد العوامل الأخرى (الاجتماعية - السياسية - الاقتصادية) التي يمكن أن تلعب دورًا في عملية التطرف المؤدي للعنف.
وذكرت الدراسة أن تلك العوامل يجب أخذها دائمًا في الحسبان وفقًا لكل حالة من الحالات المدروسة، ولا يجوز التعميم من خلالها، مشددة على أن المقاربة المقترحة لا تَعُدُّ التطرف المؤدي للعنف باسم الإسلام تطرفًا منسوبًا للإسلام، ولا تَعُدُّه أسلمةً للتطرف مثلما نقف على ذلك في الأدبيات؛ وذلك لأن الإسلاموية - التي ليست هي الإسلام - هي المصدر الرئيسي للتطرف الذي يؤدي للعنف باسم الإسلام، مبينة أن المقاربة المقترحة ليست جوهرانية تفرض نفسها على دراسة ظاهرة التطرف المؤدي للعنف باسم الإسلام، بل إن الظاهرة ذاتها هي التي تتطلب تلك المقاربة التي تميز بين الإسلام (الدين) وبين الإسلاموية (الأيديولوجيا المتطرفة بطبيعتها).
واقترحت الدراسة أيضًا دراسة جميع الفاعلين في عملية التطرف المؤدي للعنف باسم الإسلام، بمَنْ في ذلك المتورطون في تنظير هذا العنف أو تبريره أو تبييضه. إضافة إلى أهمية تجاوز التفسيرات الاستشراقية أو الثقافية، أو الجوهرانية التي تدّعي أن الإسلام هو العامل الرئيسي للتطرف الذي يؤدي للعنف. ولكن في المقابل، تسعى تلك المقاربة أيضًا، في الوقت نفسه، إلى تجنب التفسيرات التي تنكر تمامًا دور العوامل الدينية والأيديولوجية (أيديولوجيا الإخوان على سبيل المثال) وتركيز النقاش فقط في العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وخلصت الدراسة إلى أهمية العمل على إنشاء حوار أكاديمي بين الغرب والشرق من أجل فهم أفضل للتطرف الإسلاموي المؤدي للعنف، وإيجاد حلول واقعية وناجعة له.