شرطة دبي تبحث مع الشركاء تطوير منظومة أداء «المفقودات و المعثورات»
روسيا تحدد دورها في أفغانستان الجديدة
اعتبر الكاتب ايفان يو كلايشزكش أن روسيا ستلعب دور “الميسّر البراغماتي لدمج” طالبان في المجتمع الدولي، بعد أن اعتبرتها قوة استقرار في أفغانستان، ما يُمثّل اعترافاً رسمياً بالنظام الجديد في البلاد.
وكتب كلايشزكش، في تقرير للمعهد الملكي للخدمات المتحدة لدراسات الدفاع والأمن (RUSI) أنه خلال لقاء الوداع بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في موسكو الشهر الماضي، تحدث بوتين علناً عن استيلاء طالبان على السلطة لأول مرة. وذكر أن دول العالم يجب أن تمضي قدماً بعلاقاتها مع طالبان، انطلاقاً من حقيقة أن طالبان أصبحت الحاكم الفعلي في البلاد، ودعا إلى أن تمتنع هذه الدول عن محاولة فرض قيمها على أفغانستان.
تداخل في المصالح
لا تمثل هذه التعليقات خروجاً عن السياسة الأوسع لروسيا في أفغانستان، والتي لا تزال تركز على حماية آسيا الوسطى من حالة “عدم الاستقرار” الناتجة عن الحرب الأهلية الأفغانية. ومع ذلك، تعتبر هذه التصريحات دليلاً على الدور الذي ستلعبه موسكو في المرحلة الأفغانية الحالية- أي دور “الميسّر البراغماتي لدمج” طالبان.
بعبارة أخرى، هناك حالة من التداخل بين مصالح روسيا ومصالح طالبان؛ حيث تراهن روسيا على حكم طالبان لتحقيق الاستقرار على المدى الطويل في أفغانستان. وبالنسبة لطالبان، فإن الشراكة مع روسيا ستساعدها على تجنب العزلة الدولية.
انتظار وترقّب دولي
روسيا ليست الدولة الوحيدة التي تتبنّى هذا التوجّه. كان رد فعل المجتمع الدولي على استيلاء طالبان على السلطة مختلفاً عما كان عليه في التسعينيات. منذ 15 أغسطس (آب)، تبنّى الغرب نهج الانتظار والترقّب، خاصة فيما يتعلق بطريقة حكم طالبان وعلاقتها مع الشبكات الإرهابية العابرة للحدود.
وتأمل موسكو، من جانبها، في أن يؤدي نهجها التصالحي والبراغماتي تجاه طالبان إلى فتح قنوات التواصل مع الجماعة. وهذا من شأنه أن يساعد في تحوّل موسكو إلى لاعب رئيسي في حل النزاع.
عقبات قانونية
ولتحقيق هذا الهدف، تمتلك موسكو وسائل عديدة، لكنها تواجه بعض العقبات.فيما يتعلق بالعقبات، فإن مسألة الاعتراف الرسمي تلوح في الأفق. من ناحية أخرى، تحرص روسيا على أن لا تكون الدولة الأولى التي تعترف بطالبان، إذ أنها لا تزال تعتبر التنظيم جماعة إرهابية من الناحية القانونية. علاوة على ذلك، لعبت الحكومة الروسية دوراً بارزاً في الحرب ضد الإرهاب، لذا فإن التسرّع في الاعتراف بحكم طالبان سيضرّ بهذا الدور.
إضفاء الشرعية على طالبان
لكن من ناحية أخرى، تحدث كبار المسؤولين في روسيا عن طالبان كشريك حتمي لروسيا، حتى أن البعض أشار إلى ضرورة “إضفاء الشرعية” على طالبان.إن الاعتراف القانوني بحكم طالبان سيُمكّن روسيا من الحصول على نطاق أوسع من التواصل مع الجماعة. ومع ذلك، هناك العديد من العقبات القانونية أمام تغيير تصنيف الجماعة، وفقاً للقانون الفيدرالي في عام 2003، المرتبط بالوضع الإرهابي للجماعات الأخرى، بما في ذلك بعض الجماعات العاملة في روسيا نفسها.
ولهذا السبب، تأمل روسيا في إصدار قرار من مجلس الأمن برفع العقوبات الأممية عن طالبان. وهذا من شأنه أن يُسهّل على روسيا تغيير تصنيفها لحركة طالبان، ويمهد الطريق للاعتراف بها.
أدوات دبلوماسية
إلا أن البعد القانوني لا يعيق تواصل روسيا مع طالبان. فيما يتعلق بالسبل، طوّرت روسيا قنوات اتصال موثوقة مع طالبان منذ عام 2015 على الأقل. هذه القنوات يديرها كبار الدبلوماسيين من كلا الجانبين. وعام 1995، التقى مبعوث بوتين إلى أفغانستان، زامير كابولوف، هو خبير مرموق في شؤون أفغانستان، الملا عمر. كما زارت القيادة العليا لطالبان روسيا عدة مرات لإجراء محادثات برعاية موسكو.
وفي ظل الظروف التي أعقبت سقوط كابول، يمكن لهذه الأدوات الدبلوماسية أن تساعد طالبان في تعزيز سلطتها من خلال تسهيل الحوار معها. في 19 أغسطس (آب)، صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن موسكو مستعدة لاستئناف المحادثات بين طالبان والمقاومة المناهضة لها. هذا الاقتراح سينفّذ بمجرد أن تختار طالبان قيادة جديدة للبلاد. كما أن اهتمام روسيا بتوحيد طالبان يصب في مصلحة دعواتها للحوار بين حكومة طالبان الفعلية والمعارضة.
اعتراف رسمي بطالبان
لقد استحوذ الاعتراف بطالبان على اهتمام دول العالم، لأنه سيُحدّد السياسة حيال أفغانستان في العديد من العواصم. ومع ذلك، بالنسبة لروسيا، لن يغير الاعتراف الدولي بطالبان، الدور الذي تبنّته في المرحلة الحالية. وتشير تعليقات بوتين في 20 أغسطس إلى اعتراف روسيا الفعلي بحركة طالبان باعتبارها النظير الشرعي لروسيا في أفغانستان، وكضامن لاستقرار أفغانستان. لذا، فإن مبادرات الحوار والوساطة الروسية لا تهدف إلى تحدّي فرضية حكم طالبان. في المقابل، لم تعتمد روسيا في أدوات تحقيق أهدافها تجاه طالبان على الوضع القانوني للحركة، ولن يفعلوا ذلك الآن بعد الاستيلاء على السلطة.