عشية احتضان إسبانيا قمة الحلف الأطلسي

روسيا -ليتوانيا: كالينينغراد، برميل بارود في أوروبا...؟

روسيا -ليتوانيا: كالينينغراد، برميل بارود في أوروبا...؟

-- برلين، وارسو، وكوبنهاغن، وستوكهولم، بالإضافة إلى أراضي دول البلطيق، في مرمى النيران النووية
-- ركزت روسيا هناك صواريخ باليستية متوسطة المـدى قـادرة على حمـل رؤوس حربيـة نوويـة
-- هجوم روسي على ممر سوالكي سيقطع أي اتصال برّي بين دول البلطيق وحلفائها في الناتو
-- تقدمه السلطات على أنه «هونغ كونغ الروسية»، يمثل الجيب جسرا إلى أوروبا


ارتفعت الحمى بين موسكو وفيلنيوس. روسيا غاضبة بعد قرار ليتوانيا فرض قيود على عبور بعض البضائع الروسية -التي تستهدفها العقوبات الأوروبية-بالسكك الحديدية إلى الجيب الروسي في كالينينغراد على شواطئ بحر البلطيق، مما يزرع الخوف من خطر التصعيد.

الوقائع
   لقد أعلنت شركة السكك الحديدية الليتوانية المملوكة للدولة، أنها لن تسمح بعد الآن للبضائع الروسية الخاضعة لعقوبات الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك الفحـــــم والمعـــــــــــــــــادن ومواد البناء وبعض السلع التكنولوجية، بالمرور عبر البلاد إلى كالينينغراد.
   وحذر سكرتير مجلس الأمن الروسي، نيكولاي باتروشيف، خلال زيارة ميدانية، من أن “روسيا سترد على مثل هذه الأعمال العدائية، ويجري العمل على اتخاذ تدابير في شكل مشترك بين الوزارات، وسيتم اتخاذها في مستقبل قريب، وستكون عواقبها سلبية وخطيرة على السكان الليتوانيين”. وكان حاكم المنطقة، أنطون عليخانوف، قد قدر في وقت سابق، أنّ 40 إلى 50 بالمائة من إمداداته مستهدفة بهذا “الحصار».
   بالنسبة لموسكو، ينتهك هذا الإجراء بشكل مباشر اتفاقية يرجع تاريخها إلى عام 2002 أبرمت بين روسيا والاتحاد الأوروبي قبل وقت قصير من اندماج دول البلطيق في الاتحاد الأوروبي “سارية المفعول عام 2004”. ويسمح هذا الاتفاق، على وجه الخصوص، للمواطنين الروس بالسفر بدون تأشيرة.
   وفي أعقاب ذلك، اتهم الكرملين الاتحاد الأوروبي بتشجيع “تصعيد” التوتر، وطالب بإعادة العبور إلى الإقليم “المنطقة” على الفور. وأجاب رئيس الدبلوماسية الأوروبية، جوزيب بوريل، “لم يتم إيقاف أو حظر العبور البري بين روسيا وكالينينغراد، ان عبور الركاب والبضائع مستمر، ولا يوجد حصار”، دون أن ينجح في تهدئة التوترات.

أرض روسية استراتيجية
   على الرغم من أن كالينينغراد ليست سوى منطقة صغيرة لا تزيد مساحتها عن 15000 كيلومتر مربع، وتتألف أساسًا من غابات ومستنقعات حيث يعيش أقل من مليون شخص، فقد أصبحت، على مر السنين، واحدة من الرهانات في المواجهة الجديدة بين روسيا والغرب. يتمتع الأوبلاست بأهمية استراتيجية خاصة بالنسبة لروسيا: كالينينغراد هي المدخل البحري الوحيد الخالي من الجليد على مدار السنة على الساحل الغربي الروسي. وجعل منها بوتين الميناء الرئيسي لأسطول بحر البلطيق الروسي العظيم.
   وفي العام الماضي، ركّز الكرملين، “في إطار تدريبات عسكرية”، صواريخ باليستية متوسطة المدى من طراز إسكندر، قادرة على حمل رؤوس حربية نووية. ما يكفي لوضع برلين، ووارسو، وكوبنهاغن، وستوكهولم، بالإضافة إلى أراضي دول البلطيق، في مرمى النيران الروسية. في فبراير، قبل وقت قصير من دخول قواتها إلى أوكرانيا، نشرت روسيا أيضًا صواريخ تفوق سرعة الصوت هناك، قبل أن تؤكد في أوائل مايو أن جيشها قام بمحاكاة إطلاق صواريخ ذات قدرة نووية من الجيب، مما لوّح بتهديد نووي للأوروبيين.

جسر إلى أوروبا
   تأسست ولاية كالينينغراد “المعروفة سابقًا باسم كونيجسبيرج” في القرن الثاني عشر بأمر مسيحي من الفرسان التيوتونيين، وكانت واحدة من المدن الرئيسية في مملكة بروسيا قبل أن تصبح جزءًا من الإمبراطورية الألمانية اعتبارًا من عام 1871، ثم احتلالها من قبل الاتحاد السوفياتي بعد صراع شرس ضد ألمانيا النازية عام 1945.
    منذ سقوط الاتحاد السوفياتي، تم عزل منطقة كالينينغراد تمامًا عن بقية روسيا. تعتمد المنطقة بشكل كبير على خط السكك الحديدية الذي يربطها ببقية الأراضي الروسية، عبر ليتوانيا. العلاقات بين روسيا وليتوانيا حساسة منذ عدة سنوات، حيث كانت الدولة أول جمهورية سوفياتية سابقة تعلن استقلالها عام 1990، قبل أن تصبح عضوًا في الناتو والاتحاد الأوروبي في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

    تقدمها السلطات كنوع من “هونغ كونغ الروسية”، يمثل الجيب جسرا إلى أوروبا. لقد حدد الناتو “ممر سوالكي”، على أنه هدف محتمل لبوتين في حالة نشوب صراع. ان “سوالكي هو كعب أخيل الناتو، أوضحت مؤخرًا لـ “لاكسبريس” اميلي زيما، الباحثة في العلاقات الدولية، وفي حال غزو روسي، سيفصل هذا الممر دول البلطيق الثلاث عن بقية دول الحلف الأطلسي، وسيجد هؤلاء أنفسهم على جزيرة، محاطة بروسيا، وعندئذ لا يمكن تقديم مساعدة الناتو إلا عن طريق الجو أو البحر».

   إذن، منطقة عسكرية بامتياز، على بعد ألف كيلومتر من موسكو، تستضيف كالينينغراد مقر الأسطول الروسي في بحر البلطيق، وهي في موقع استراتيجي بين بولندا وليتوانيا، وهما دولتان عضوان في الناتو. وفي السياق المتفجر للحرب في أوكرانيا، هل يجب أن نخشى برميل بارود جديد في قلب أوروبا؟
   سيناريو يرعب دول البلطيق: هجوم روسي على ممر سوالكي. هذا الشريط من الأرض الذي يبلغ طوله حوالي 80 كيلومترًا، وتحده من الشرق بيلاروسيا، المؤيدة لروسيا، ومن الغرب كالينينغراد، هو الممر الوحيد الذي يربط بولندا وليتوانيا. وسيسمح الهجوم الروسي على هذه المنطقة الرقيقة بقطع أي اتصال بري بين دول البلطيق وحلفائها في الناتو بسرعة، مما يعقّد أي مساعدة عسكرية في حالة نشوب صراع.

«لا يمكن استبعاد أي سيناريو»
   هل يجب أن نخشى عملًا من هذا النوع من موسكو؟ “لا يمكن استبعاد أي سيناريو، يرى أوليفس نيكرز، رئيس مؤسسة أمن البلطيق في ريغا، لاتفيا، ومع ذلك، فإن احتمال رد عسكري روسي يبقى أقل احتمالًا بسبب مخاطره على روسيا في سياق الصعوبات التي تعيشها في أوكرانيا».
   حذر يتقاسمه تيبو فوييه، الباحث في مؤسسة البحوث الاستراتيجية: “على عكس أوكرانيا، تعدّ ليتوانيا جزءً من الناتو والاتحاد الأوروبي، وسيؤدي أي عمل سكري روسي إلى تصعيد عام من خلال تعبئة التحالفات، يشير المتخصص في دول البلطيق. عقوبات اقتصادية أو دبلوماسية، أو حتى استعراض قوة مع تحليق طائرة روسية داخل المجال الجوي الليتواني، يبدو لي أكثر احتمالا».

   وفي مواجهة التهديدات اللفظية من موسكو، لم يتأخر رد فعل المعسكر الغربي طويلاً. وقد أوضح رئيس الدبلوماسية الأوروبية جوزيب بوريل، إن “ليتوانيا لم تتبنى أي قيود أحادية أو وطنية”، لكنها كانت “تطبق عقوبات الاتحاد الأوروبي فقط”. في اليوم التالي، أعاد المتحدث باسم الدبلوماسية الأمريكية، نيد برايس، من جانبه، تأكيد دعمه لفيلنيوس، مع الحرص على التذكير بالتمسّك “الصارم” للولايات المتحدة بالمادة 5 للحلف الأطلسي: هجوم على دولة حليفة هو هجوم على الجميع».

«مسعى لتخويف دول البلطيق»
    منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، ظهرت ليتوانيا كواحدة من أكثر مؤيدي كييف حماسة. إلى جانب شحنات الأسلحة المعتادة -التي بدأت قبل الهجوم الروسي في 24 فبراير -كانت ليتوانيا أول دولة أوروبية تعلن أنها ستوقف وارداتها من الغاز الروسي، اعتبارًا من 2 أبريل، قبل أن تنضم إليها إستونيا ولاتفيا. وبعد يومين، قررت فيلنيوس أيضًا طرد السفير الروسي ردًا على “جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية” التي ارتكبها جيش بوتين في أوكرانيا، من وجهة نظرها.
   «لقد سعى بوتين دائمًا إلى ترهيب دول البلطيق من خلال خطاب عدواني، تشير إميليجا بوندزيوت غالوا، الباحثة في جامعة فيتوتاس-ماغنوس في كاوناس، ليتوانيا، والدكتورة المشاركة في مركز الأبحاث الدولية “سيري” لمعهد العلوم السياسية بباريس. هي أيضًا، بالنسبة لها، وسيلة لمهاجمة الاتحاد الأوروبي من خلال حلقة يعتبرها مكشوفة وضعيفة».

   في موازاة ذلك، شجبت إستونيا الأعمال الاستفزازية لروسيا. وقالت وزارة الخارجية الإستونية، إنها استدعت السفير الروسي للاحتجاج على الانتهاك “غير المقبول على الإطلاق” لمجالها الجوي من قبل موسكو في 18 يونيو. وجاء في بيان للوزارة، أنّ “الانتهاك وقع في جنوب شرق إستونيا بالقرب من نقطة تفتيش كويدولا حيث دخلت مروحية روسية المجال الجوي الإستوني دون إذن».

   وكعلامة على التوتر المحيط، قبل أيام قليلة من قمة الناتو التي ستحتضنها مدريد في 28 يونيو الجاري، كرّرت دول البلطيق الثلاث دعوتها إلى تعزيز الوجود العسكري للحلفاء في المنطقة، وطالبت بتثبيت قواعد دائمة للحلف الأطلسي على أراضيها وعدم الاقتصار على دوريات مؤقتة. وأشار الرئيس الليتواني جيتاناس نوسيدا إلى نيته زيادة الإنفاق العسكري لبلاده إلى 3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي “في السنوات المقبلة”، من أجل أن تكون لديها القدرة على استيعاب عدد أكبر من جنود الناتو.

   إن “غزو روسيا لجورجيا عام 2008، وضم شبه جزيرة القرم عام 2014، سبق أن أيقظ مخاوف دول البلطيق من أن تكون التالية على قائمة موسكو، تقول إميليجا بوندزيوت غالوا، والحرب في أوكرانيا، منذ فبراير، عزّزت تلك المخاوف فقط «.


 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot
https://ejournal.unperba.ac.id/pages/uploads/sv388/ https://ejournal.unperba.ac.id/pages/uploads/ladangtoto/ https://poltekkespangkalpinang.ac.id/public/assets/scatter-hitam/ https://poltekkespangkalpinang.ac.id/public/assets/blog/sv388/ https://poltekkespangkalpinang.ac.id/public/uploads/depo-5k/ https://smpn9prob.sch.id/content/luckybet89/