جون دورهام يعيد صياغة السيناريو:

شبهات ضد ترامب: «روسيا غيت» رواية خيالية...!

شبهات ضد ترامب: «روسيا غيت» رواية خيالية...!

  يُظهر التحقيق الذي يجريه المدعي الخاص جون دورهام، أن الاتهامات بالتواطؤ بين موسكو والرئيس الأمريكي السابق كانت وهمية تمامًا.
   لما يقرب من ثلاث سنوات، خلال فترة دونالد ترامب، أبقى التحقيق الاستثنائي العالم في حالة ترقب.
 ما سمي بـ “المسألة الروسية” أو “روسيا غيت،” كان من المفترض أن تبرهن على وجود “تواطؤ بين الكرملين وفريق حملة الرئيس السابق الجمهوري” اعتبارًا من يوليو 2016.
   ظروف مشددة، يُعتقد أن المخابرات الروسية في وضع سمح لها بابتزاز ترامب بسبب تورطه في “جريمة جنسية”... “كومبرومات” حقيقي (فيديو من إنتاج جهاز الأمن الفيدرالي للاتحاد الروسي، خليفة جهاز كي جي بي)، يُفترض أنه يظهر الرئيس المستقبلي يشاهد عاهرتين تتبولان على سرير الجناح الرئاسي في فندق ريتز كارلتون في موسكو، حيث أقام باراك وميشيل أوباما من قبل.
  يمكن القول إن السيناريو أروع من الخيال؟ للأسف، أو لحسن الحظ، نعم! في الواقع، كانت هذه “الاكتشافات” الرهيبة، وبعض الأشياء الأخرى، التي جمعها الجاسوس البريطاني السابق كريستوفر ستيل، مزيفة تمامًا، كما يكشف تحقيق جون دورهام.
    وبعد خمس سنوات من بدء مكتب التحقيقات الفيدرالي تحقيقاته، أصبح هذا المدعي العام المستقل، مكلفًا الآن بإثبات الحقائق، وإذا لزم الأمر، إلقاء الضوء على أخطاء مكتب التحقيقات الفيدرالي الفادحة. وقد نجح، كما يتضح، من إلقاء القبض على إيغور دانشينكو واتهامه في 4 نوفمبر، الأمر الذي يلغي التهم الموجهة إلى ترامب.
   لقد كان دانشينكو المخبر الرئيسي لـ “ملف ستيل”، الذي أنشأه الجاسوس السابق الذي يحمل نفس الاسم.
لكن هذا “الحنجرة العميقة” متهم اليوم بأنه كذب من البداية إلى النهاية، هو الذي كان في موقع جيد يسمح له بمنح مصداقية لرواياته الخيالية: فهو روسي الجنسية، لكنه مقيم في واشنطن، وكان من 2005 إلى 2010 خبيرًا في روسيا وأوراسيا داخل معهد بروكينغز، وهو مركز أبحاث مرموق مقرّب من الحزب الديمقراطي.
   لكن، كانت هناك ثغرة... حصل إيغور دانشينكو على معلوماته “المتفجرة” من شخص مقرب من ... ال كلينتون! رجل اتصال من الطراز الرفيع، كان تشارلز دولان من كبار كوادر الحملات الانتخابية لبيل كلينتون في 1992 و1996، وأحد مستشاري العلاقات العامة لهيلاري كلينتون عام 2008، خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي ضد باراك أوباما. و “أخيرًا، عام 2016، شارك بنشاط في حملة المرشحة الديمقراطية”، لاحظ المدعي العام دورهام.
   علاوة على ذلك، يتمتع دولان بارتباطات وعلاقات جيدة في موسكو -أكثر بكثير من ترامب على ما يبدو. من عام 2006 (تاريخ “إعادة ضبط “، الدفء العابر للعلاقات بين أوباما وبوتين) حتى عام 2014، كرس نفسه لتحسين الصورة الدولية لروسيا، حيث أمضى الكثير من الوقت، بما في ذلك في فندق ريتز كارلتون في موسكو، حيث زار الجناح الرئاسي في صيف عام 2016.
 ولا شك ان كل هذا سمح له “ببيع”، وباقتناع، القصة السخيفة “بائعات الهوى”، لمكتب التحقيقات الفيدرالي الذي ابتلع بسذاجة الكذبة.
   هناك شيء واحد واضح: كل هؤلاء الأشخاص سمّموا أنفسهم تلقائيًا: يهمس “رجل الاتصال” تشارلز دولان بثرثرة في أذن الروسي إيغور دانتشينكو، الذي يردد هذه الشائعات إلى المحقق البريطاني السابق كريستوفر ستيل، الذي ينقل نصائحه إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي، الأمر الذي أدى إلى التنصت على فريق حملة ترامب، ويبرّر -بعد إقالة رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي من قبل ترامب في 9 مايو 2017 -فتح تحقيق طويل المدى (عامين) من قبل المدعي الخاص روبرت مولر، الذي خلص إلى عدم وجود تواطؤ “روسي-ترامبي».
   في هذا الوضع المعقد، الذي يعدّ إخفاقًا صحفيًا أيضًا، تعتبر صحيفة وول ستريت جورنال اليومية المحافظة، واحدة من وسائل الإعلام النادرة التي صاغت نقدا ذاتيا. في افتتاحية 5 نوفمبر، أشارت إلى أن “كل هذا يثبت أن هذه القضية برمتها هي، من البداية إلى النهاية، مجرد سلسلة من كرات الرائحة الكريهة ألقاها فريق حملة هيلاري كلينتون، وكانت الصحافة هي مروجها الساذج”. اما على الجانب الديمقراطي، أقرّت واشنطن بوستأ بأن التحقيقات الجارية من قبل المدعي العام دورهام، “تلقي بظلال من الشك على بعض المقالات التي نشرتها الصحف، بما في ذلك مقالاتنا”... إنه أقل ما يمكن قوله.
«روسيا غيت»
 في بعض التواريخ:
2016: 31 يوليو، بدء تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي في شبهة تواطؤ بين روسيا وفريق حملة دونالد ترامب.
8 نوفمبر: انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة.
2017: 7 مايو، الإطاحة بمدير مكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي، ثم تعيين المدعي الخاص روبرت مولر، في 17 مايو، مسؤولاً عن الإشراف على استمرار التحقيق، يساعده 40 محققًا من مكتب التحقيقات الفيدرالي... استمر تحقيقه عامين.
2018: 14 يونيو، قدم المفتش العام بوزارة العدل مايكل هورويتز، تقرير تحقيقه الداخلي حول كيفية إجراء مكتب التحقيقات الفيدرالي للتحقيقات. في وقت لاحق، أمام مجلس الشيوخ، أكد أن تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي “استند بالكامل”، أو تقريبًا، على “ملف ستيل”، الملف الهشّ.
6 نوفمبر: الحزب الديمقراطي يفوز في انتخابات التجديد النصفي التشريعية.
2019: 29 مايو، نُشر تقرير المدعي الخاص روبرت مولر للعموم دون النجاح في إثبات تواطؤ بين روسيا وفريق حملة دونالد ترامب.
2020: 19 أكتوبر، عيّن وزير العدل ويليام بار المدعي الخاص جون دورهام الذي تتمثل مهمته في التحقق مما إذا كانت التحقيقات التي أجراها مكتب التحقيقات الفيدرالي قانونية ومناسبة.
3 نوفمبر، تم انتخاب جو بايدن رئيسًا للولايات المتحدة
2021: 4 نوفمبر، وجه المدعي الخاص جون دورهام الاتهام إلى إيغور دانشينكو، وهو مواطن روسي مقيم في واشنطن، في خمس تهم. المصدر الرئيسي لملف ستيل، متهم بالكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي، ونقل معلومات زائفة.