صحف عربية : عباس يخطو نحو تأجيل الانتخابات تجنباً للخسارة

صحف عربية : عباس يخطو نحو تأجيل الانتخابات تجنباً للخسارة

يطغى سيناريو تأجيل الانتخابات الفلسطينية على كل محاولات السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس لنفي تلك الأنباء. وتؤكد العديد من الجهات السياسية أن التأجيل يأتي بسبب رفض عقد الانتخابات دون إشراك القدس في العملية الانتخابية بشكل كامل، في حين يصف البعض محاولة التأجيل بالحجة لتجنب الخسارة المتوقعة لحركة فتح في العملية الديمقراطية المعطلة منذ 15 عاماً.
ووفق صحف عربية صادرة أمس الأربعاء، فإن قياديين بحركة فتح أكدوا امتعاضهم من محاولة تأجيل الانتخابات مشيرين إلى أن قيادة حركة فتح غررت بهم في مسألة المصالحة مع حماس.

رفض مبرر
قالت صحيفة "العرب" اللندنية، إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس وجد في قرار إسرائيل رفض التصويت في القدس المبرّر الذي كان يبحث عنه لإعلان إلغاء الانتخابات خطوة لتجنب الخسارة المضاعفة له في الانتخابات التشريعية من خلال صعود قوائم منافسة له من داخل حركة فتح، وفي نفس الوقت تسببه بشكل مباشر في تراجع الحركة المنقسمة أمام حماس.
وذكر مسؤولون مصريون أن السلطة الفلسطينية تخطط لإلغاء أول انتخابات لها منذ 15 سنة، كردّ مباشر على رفض إسرائيل السماح بالتصويت في القدس الشرقية.

وقال دبلوماسي مصري ومسؤول استخباراتي، إنهما اطّلعا على القرار الذي من المقرّر الإعلان عنه يوم الخميس في اجتماع للفصائل الفلسطينية. وأضاف أن مصر تجري محادثات مع إسرائيل للتوصل إلى حل وسط للسماح بالتصويت لكن تلك الجهود باءت بالفشل حتى الآن.
وأشار مسؤول المخابرات إلى أن حماس تريد إجراء الانتخابات، لكن لا يريد أيّ فصيل المضي قدماً دون ضمانات من المجتمع الدولي بأن التصويت سيُجرى في القدس الشرقية. مؤكداً على أن الفصائل تبحث تشكيل حكومة وحدة تضم حماس بدلاً من ذلك. وأكد مسؤول فلسطيني أنه لن يتم اتخاذ أيّ قرار قبل اجتماع الفصائل يوم الخميس، وأنه إذا قررت إسرائيل السماح بالتصويت في القدس الشرقية فإن انتخابات الـ22 من مايو (أيار) ستُجرى كما هو مخطط لها.وقال المسؤول إن فتح تعارض إجراء انتخابات دون إشراك القدس الشرقية لأن ذلك سيعني قبول ضم إسرائيل لها.

تعنت إسرائيلي
يقول الكاتب الصحافي أشرف العجمي في مقال له بصحيفة "الأيام" الفلسطينية، هناك احتمالان لإجراء الانتخابات في القدس، الأول أن توافق إسرائيل على إجرائها بناء على الاتفاقات الموقعة معها على غرار ما حصل في المرات السابقة وخاصة في انتخابات 1996 و2006. وفي هذه الحالة لن تكون هناك مشكلة في استكمال العملية الانتخابية بالطرق السابقة وحينها لا يوجد مبرر لأحد لتأجيل أو إلغاء الانتخابات التي ينبغي أن تجرى في موعدها المحدد حسب المرسوم الرئاسي.

والاحتمال الثاني وهو القائم والمرجح هو ألا تقرر إسرائيل منع أو السماح للفلسطينيين في القدس الشرقية المشاركة في الانتخابات في المناطق الخاضعة للضم "السيادة" الإسرائيلية حسب قرار فرض السيادة عليها، وفي نفس الوقت، العمل على منع الانتخابات عملياً كما يحصل، اليوم. وفي أقصى الأحوال أن تقرر الحكومة الإسرائيلية بشكل واضح وصريح منع الانتخابات في شرقي القدس. وفي مثل هذا الوضع، لدينا مشكلة جدية في متابعة العملية الانتخابية كون الجميع يقر بأنه لا انتخابات دون القدس، ترشيحاً وتصويتاً ودعاية ونشاطاً انتخابياً.

ويؤكد العجمي، أن الموقف الذي قد يطالب بالتأجيل يستند إلى رفض إسرائيل الاستجابة للمطلب الفلسطيني والدولي بالسماح لمواطني القدس بالمشاركة بالانتخابات وفق الصيغة التي عمل بها في الماضي والمنصوص عليها في الاتفاق بين الجانبين. وعموماً، فشلت أوروبا التي تعتبر أكثر الأطراف حماساً لإجراء الانتخابات الفلسطينية في الحصول على موافقة إسرائيلية حتى اللحظة حتى أن معظم دولها لم تطالب بالمشاركة في عملية الرقابة على الانتخابات. وأصحاب هذا الموقف الذين ينتمون لحركة فتح لا يرون وسيلة لإجراء الانتخابات وفق المتفق عليه فلسطينياً. بينما المعارضون والذين يريدون انتخابات بأي ثمن في إطار رؤية أن العملية الانتخابية خطوة ملحة ومطلوبة فلسطينياً لأنها قد تكون المدخل لاستعادة الوحدة الوطنية بكل مضامينها، ولرغبة الشعب في ممارسة العملية الديمقراطية كوسيلة للإصلاح وتطوير وتعزيز الأداء والمشاركة الشعبية والوطنية الأوسع في إدارة الشأن العام.

في الواقع، لكل موقف منطق معين، فمن يرفض الانتخابات في ظل عدم الموافقة الإسرائيلية على إجرائها كما جرت عليه في المرات السابقة يرى بأنه لا يمكن أن نتنازل عن قضية حقنا في القدس وفي مشاركة المواطنين في ممارسة حقوقهم فيها. أما الموقف الآخر المناقض لهذا فيقول، لماذا نمنح إسرائيل حق "الفيتو" في العملية الانتخابية ولماذا لا نجريها رغماً عن الاحتلال ونحولها لقضية نضال وطني أسوة بمعركة باب العمود. وهذا جيد نظرياً ولكن السؤال الجوهري هنا كيف يمكن أن ننجح في أن نجعل مشاركة المقدسيين العملية أمراً واقعاً في القدس فيما لو رفضت السلطات الإسرائيلية ذلك. أين يمكن وضع صناديق الاقتراع وكيف يمكن أن نضمن حرية وصول المواطنين لها؟

تهميش
علمت صحيفة "إيلاف" من مصادر مطلعة، أن أمين سر حركة فتح جبريل الرجوب يعتبر أنه قد غرر به في مسألة المصالحة وتم تعيينه لهذه المهمة بهدف إفشاله والانتقاص من قوته في الشارع الفلسطيني وإخراجه من دائرة الصراع على خلافة أبو مازن. وتفيد الصحيفة، أن قيادتي فتح وحماس كانتا تعلمان علم اليقين أن إسرائيل لن تسمح بإجراء أي انتخابات في شرقي القدس خاصة بعد إعلانها عاصمة لإسرائيل من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وأن كل العمل على المصالحة كان لمآرب أخرى في قيادتي حماس وفتح.

أضف إلى ذلك أن كل الجهود التي بذلها جبريل الرجوب من جهة وصالح العاروري من الجهة الأخرى لم تؤت بالثمار المرجوة خاصة وأنه لم تتشكل قائمة موحدة للحركتين كما تم الاتفاق سابقاً بالإضافة إلى تشرذم فتح في ثلاث قوائم واحدة يترأسها محمود العالول وجبريل الرجوب وأخرى يترأسها ناصر القدوة المنشق عن فتح مع فدوى برغوثي زوجة الأسير مروان البرغوثي وأخرى لمحمد دحلان بينما تخوض فتح الانتخابات بقائمة واحدة.

وتقول الصحيفة، إن الانتخابات الفلسطينية المزمع إجراؤها في 22 من مايو (أيار) القادم في طريقها للتأجيل وكل الدلائل تشير إلى ذلك بسبب الأوضاع الحالية في الأراضي الفلسطينية سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة أضف إلى ما ذكر آنفاً في مسألة عدم سماح إسرائيل إجراء تلك الانتخابات في القدس الشرقية الأمر الذي كان معلوماً منذ البداية لجميع من تعامل مع المصالحة والانتخابات ويبدو أن هناك من أراد إيصال الأوضاع إلى هذه النقطة ومصادر في فتح تقول إن جهات في الحركة ورطت جبريل الرجوب حتى أذنيه في هذا الفشل من أجل إخراجه من إمكانية كونه خليفة محتمل للرئيس الفلسطيني في اليوم الذي يلي غيابه عن الساحة الفلسطينية.

فخ
قال عضو اللجنة المركزية السابق لحركة فتح ناصر القدوة في تصريحات لصحيفة "البيان"، إن هناك الكثير ممن يريدون تأجيل الانتخابات أو إلغاءها، ليس بسبب الضغط الدولي أو الأمريكي، ولا حتى القدس، ولكن لأن النتائج المتوقعة للانتخابات لن تأتي كما هو متوقع. وأكد القدوة -الذي أعلن في وقت سابق عن تحالفه مع الأسير مروان البرغوثي وإطلاق قائمة مشتركة "قائمة الحرية" لخوض الانتخابات التشريعية-، أن الانتخابات الفلسطينية قد تشكل فرصة أخيرة، ومن يرد البحث عن الأفضل عليه أن يذهب بحماسة إلى الانتخابات، ومعاناة غزة يجب أن تأخذ اهتماماً خاصاً.

وأوضح، أن الاحتلال انسحب من غزة، لكنه ما زال يحاصرها براً وبحراً وجواً، ويفرض ما يريد. وحول الأخبار غير الرسمية والتسريبات عن تأجيل الانتخابات التشريعية، قال القدوة خلال زيارته إلى قطاع غزة، والتي بدأها قبل 10 أيام، إن إجراء الانتخابات واجب قانوني، ويجب ألا يخضع لأي أهواء، خاصة أنها جاءت بعد انتظار طال 15 عاماً، مشيراً إلى أنه لا يمكن أن تكون هناك تحركات سياسية بما في ذلك الانتخابات بمعزل عن القدس.
 وتابع، "القدس جزء أساسي من الأرض الفلسطينية، وصراعنا مع إسرائيل أحد أشكاله الأساسية، ومن غير الممكن لبعض الأخوة أن يقولوا طلبنا من إسرائيل أن تسمح لنا بإجراء الانتخابات، فهذا صراع ومواجهة مع إسرائيل، ويجب أن نناضل ونقاتل من أجل إجرائها، ومن غير المنطق أن نقول إن إسرائيل إذا ما أعطتنا موافقة سنؤجل الانتخابات، وبذلك نكون وقعنا في الفخ".

وأكد القدوة، أن هناك الكثير ممن يريدون تأجيل الانتخابات أو إلغاءها، ليس بسبب الضغط الدولي أو الأمريكي، ولا حتى القدس، ولكن لأن النتائج المتوقعة للانتخابات لن تأتي كما هو متوقع.