صحف عربية: المفاوضات مع إيران.. أخطاء متكررة

صحف عربية: المفاوضات مع إيران.. أخطاء متكررة


تواصل إيران سياسة المناورة من خلال المباحثات النووية التي تجري في فيينا مع الأطراف الأوروبية والصين، في محاولة لتحسين وضعها التفاوضي أمام الولايات المتحدة الأمريكية، لضمان تحقيق أكبر مكتسبات من خلال جهود إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني من جديد. وسلطت صحف عربية صادرة  أمس الأحد، الضوء على تفاصيل المباحثات النووية ومخرجاتها، والقرارات الإيرانية الأخيرة برفع مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 60%، ومخاطر استمرار الراعية للاتفاق النووي في تجاهل الأخطاء التي أدت لفشله سابقاً.

أخطاء متكررة
ورأى الكاتب عبدالله بن بجاد العتيبي، في مقال له بصحيفة “الشرق الأوسط” أن المباحثات التي تجري لإحياء الاتفاق النووي تكرر الأخطاء السابقة نفسها  ، ما يؤكد أنها ستخرج بنتائج مشابهة لما خرج به الاتفاق النووي السابق. وقال العتيبي: “الاتفاق النووي السابق كان فاشلاً فشلاً ذريعاً ولذلك الفشل مسببات منطقية وواقعية، وأياً كانت نتائج محادثات فيينا فهي ستعيد تجريب المجرب وتكرير الخطأ مرتين، كانت واحدةً من أهم أسباب فشل الاتفاق السابق أنه استبعد دول الخليج العربي تماماً في المفاوضات والتوقيع والإعلان وهو ما يتكرر اليوم في فيينا والنتيجة لن تكون مختلفة بالتأكيد». وأضاف “طالب مجلس التعاون الخليجي بالمشاركة في محادثات فيينا، وأرسل أمينه العام رسائل صريحة لوزراء دول الخمسة زائد واحد معبراً عن أن دول الخليج العربي هي الدول الداعمة للاستقرار في المنطقة والعالم، وهي المعنية بشكل رئيس بأي مفاوضات مع النظام الإيراني، واستبعادها يؤكد أن هذا الاتفاق الميت الذي يراد إعادة إحيائه سينتهي إلى الموت مجدداً». وتابع “الدلال الغربي لإيران وصل مستوياتٍ مكشوفةٍ والنظام الإيراني يستغل ذلك بشيء من التبجح، فهل يصدق أحد أن النظام الإيراني كان يستطيع التصريح ببلوغ تخصيب اليورانيوم مستويات الستين في المئة قبل أشهرٍ فقط؟ الواقع لا أحد، ولكن هذا التساؤل يفتح باب المقارنة ويضع النقاط على الحروف لمعرفة حجم الاندفاع الغربي نحو أي اتفاقٍ بأي شكلٍ مع إيران».
وأشار إلى أنه من أخطاء الاتفاق النووي السابق، أنه لم يتطرق بشكل واضحٍ لطموحات الهيمنة وبسط النفوذ لدى النظام الإيراني وتدخلاته السافرة في الشؤون الداخلية للدول العربية بالاحتلال المباشر وشبه المباشر في العراق وسوريا ولبنان واليمن، إضافة إلى أنه لم يتطرق لصواريخ إيران الباليستية التي كانت تهدد دول الخليج العربي. ولفت إلى أنه بمجرد رفع بعض العقوبات عن إيران، سيكتشف العالم أن الإرهاب لم ينته وأنه قادرٌ على العودة بأشكالٍ ومسميات متعددة ما دام الداعم موجوداً ومصراً على سلوكه واستراتيجياته وسياساته.

اللعب على حافة
 الهاوية النووية
من جانبه، قال الكاتب في صحيفة “اندبندنت عربية” حسن فحص، إن “النظام الإيراني أعلن في شهر مايو (أيار) 2019، وبعد مرور سنة كاملة على قرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي، وإعادة فرض العقوبات الخانقة على إيران، البدء بتطبيق خطوات تقليص التزاماته ببعض بنود الاتفاق النووي».
وأشار إلى أن إيران، لجأت إلى سياسة الابتزاز، ليس للجانب الأمريكي، بل للدول الغربية (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي)، حيث احتدمت معركة أخرى بين طهران وعواصم الترويكا الأوروبية، قامت على استغلال المخاوف الغربية من انهيار هذا الاتفاق، وانقطاع قنوات التواصل فيما يتعلق بهواجس هذه الدول حول أزمات الشرق الأوسط وما تشكله من مصالح حيوية لها.
وقال: “يمكن التوقف في هذا السياق عند الدور الفرنسي الأبرز في الوصول إلى تفاهمات مع النظام الإيراني حول آليات التعاون والتنازلات المطلوبة من إيران من أجل كبح الاندفاعة الأمريكية التي لم تتوقف عند فشلها في تمرير قرار تمديد الحظر، وانتقلت للعمل على تفعيل آلية فض النزاعات في الاتفاق النووي (سناب باك – تفعيل الزناد) التي تسمح بعودة كل العقوبات الدولية التي كانت فاعلة قبل قرار مجلس الأمن 2231، فنرى نوعاً من التناغم غير المسبوق بين باريس وطهران حول الملف اللبناني الذي سمح بحصول تعاون غير مسبوق بين حزب الله اللبناني في إطار المساعي التي بذلها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته إلى لبنان».
وحول إعلانات إيران المتكررة بشأن تطوير قدراتها النووية، قال إن “ارتفاع المخزون الإيراني من اليورانيوم المخصب، وإن كان قادراً على أن يكون خطراً نووياً كامناً، إلا أنه بحاجة إلى خطوات أساسية للتحول إلى مسار عسكري». وأضاف “وإن كان هذا المسار قابلاً للتنفيذ ويحتاج إلى نحو خمسة أشهر للانتقال إلى المستوى العسكري، إلا أن طهران تبدي حرصاً على عدم الوصول إليه خوفاً من خسارة كل أوراقها وتحولها إلى هدف عسكري مباشر لواشنطن وغيرها، وبالتالي ما زالت تحاول اللعب تحت سقف الاتفاق وتوظيف ذلك في حرب إعلامية داخلية ودولية».

حرب بالوكالة
الكاتبة في صحيفة “النهار” اللبنانية راغدة درغام، حذرت من توظيف إيران للساحة اللبنانية عبر ميليشيا حزب الله، من أجل تصفية حساباتها الإقليمية والرد على الهجمات ضدها والتي تشير بأصابع الاتهام فيها إلى إسرائيل، ضمن تحسين موقف طهران التفاوضي وزيادة أوراق قوتها.
وقالت: “نوعيّة وكيفيّة وحجم وتوقيت تنفيذ التوعّد بالانتقام لنطنز سيحدّد معالم الانتخابات والمفاوضات وسيرسم مصير معادلة الحرب والسلم في الأشهر القليلة المقبلة، فإذا قررت القيادات الإيرانية الانتقام من إسرائيل، السؤال الذي يطرح نفسه هو هل الانتقام سيكون مباشراً وثنائياً حصراً، أو أنه سيتعمّد توريط دول أخرى عبر الحروب بالنيابة وفي مقدمها عبر حزب الله في لبنان».
وأضافت أن “ما تنقله المصادر المقرّبة من تفكير الحرس الثوري هو أنه ينوي الانتقام ويفكّر في خيارات بينها: توسيع ضرب السفن الإسرائيلية في المياه الإقليمية، والقيام بهجوم سيبراني على أنظمة الدفاع الإسرائيلي، وشن عمليات عسكرية عبر حزب الله من جنوب لبنان الى الداخل الإسرائيلي، واستهداف سفارات إسرائيلية».
وتابعت “طهران أعلنت عزمها رفع مستوى تخصيب اليورانيوم من 20 الى 60 في المئة، وربما الى نسبة 90 في المئة إذا فشلت المفاوضات، هذا يعني أن إيران سيكون لديها قدرات نووية جاهزة للتفعيل عسكرياً، وإذا تجسّد هذا التهديد في إجراءات فعليّة، فإن شبح الحرب بدوره سيتجسّد بمواجهات عسكرية، عندئذ، لن تكون إسرائيل وحدها في صدارة المواجهة وإنما ستضطر إدارة بايدن للالتحاق لأن الولايات المتحدة لن تتمكّن من أن تقف متفرّجة على امتلاك إيران السلاح النووي».