محمد بن راشد للإسكان تقدم 1.725 مليار درهم تسهيلات سكنية في النصف الأول
يتجاهل معالجة جذور الصراع وإرساء مقومات العدالة
صحيفة «بوليتكو»: ترامب ليس صانعاً للسلام كما يظن!
تكشف رغبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تقديم نفسه باعتباره «صانع السلام الرئيسي»، عن رؤية قاصرة لطبيعة السلام ومعناه، فاختزال السلام في وقف إطلاق النار أو إنهاء القتال يتجاهل جوهره الأعمق، الذي يتطلب معالجة جذور الصراع وإرساء مقومات العدالة.
وبحسب تحليل لصحيفة «بوليتكو» يرى السفير الأمريكي السابق لدى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والباحث في مركز بيلفر بجامعة هارفارد إيفو دالدر، أن ترامب وجّه سعيه لنيل جائزة نوبل للسلام إلى سياسة خارجية منذ عودته إلى السلطة.
التفاصيل الدقيقة
وبحسب الصحيفة، من المشكوك فيه أن يكون ترامب يهتم بالتفاصيل الدقيقة للحرب والسلام. هدفه مختلف هو فقط أن يُعترف به كشخص يُنهي الحروب وينشر السلام.
بحسب ترامب تبدأ «قائمة الحروب» التي يدّعي ترامب أنه أنهاها بالصراع بين الهند وباكستان في مايو (أيار) الماضي، إذ زعم الرئيس الأمريكي أنه أنهى قتالاً يمتد منذ حوالي ألف عام، مشيراً إلى أنه ربما يكون قد «منع حرباً نووية».
مع ذلك، تنفي الهند بشدة أي تدخل أمريكي في إنهاء القتال، وحتى لو احتاجت دلهي إلى الحفاظ على هذا النهج لأغراض داخلية، تبقى الحقيقة أن وقف إطلاق النار لا يعني بالضرورة تسوية دائمة لصراع يعود تاريخه إلى استقلال الهند وتقسيمها منذ عام 1947.
وترى الصحيفة، في هذا الشأن أن السلام الحقيقي يعني تسوية المطالبات المتنافسة على كشمير، والتي أدت إلى اشتباكات عنيفة وحروب بين البلدين لعقود، وإن كانت، بالطبع، أقل بكثير من ألف عام كما ذكر ترامب، وبينما قد يكون القتال الفعلي قد انتهى في الوقت الحالي، فإن الصراع الكامن لا يزال يُميز العلاقات بين البلدين.
إسرائيل وإيران
التالي على قائمة ترامب لصفقات السلام هو الصدام بين إسرائيل وإيران، إذ قال الرئيس الأمريكي خلال اجتماع لقادة حلف شمال الأطلسي في يونيو (حزيران) «أنهينا للتو حرباً في 12 يوماً كانت تشتعل لمدة 30 عاماً».
وبحسب الكاتب فإن تصريح ترامب صحيح جزئياً، إذ لعب قرار ترامب باستهداف الأجزاء الأساسية من البرنامج النووي الإيراني دوراً هاماً في إنهاء الغارات الجوية الإسرائيلية والهجمات الإيرانية المضادة، لكن نهاية الحرب أبعد ما يكون عن تحقيق سلام دائم.
ويوضح الكاتب أن إيران ستكثف جهودها لبناء سلاح نووي على الأرجح، بالمقابل، أوضحت إسرائيل أنها تحتفظ بحقها في توجيه ضربة في أي وقت إذا أعادت إيران بناء برنامجها النووي أو الصاروخي ودفاعاتها الجوية.
إنجازات منقوصة
بعد ذلك بفترة وجيزة، في أواخر يونيو (حزيران) عُقد اتفاق أكثر جوهرية نسبياً لإنهاء القتال بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
ويُلزم الاتفاق، الذي توسطت فيه الولايات المتحدة ووُقّع في المكتب البيضاوي، رواندا بسحب قواتها من جمهورية الكونغو الديمقراطية في غضون 90 يوماً.
وصرح ترامب أيضاً: «لقد أنهينا للتو حرباً استمرت 30 عاماً وراح ضحيتها 6 ملايين شخص، لم يستطع أي رئيس آخر فعل ذلك».
وبينما تُعدّ هذه الاتفاقية، بالفعل، خطوةً حقيقيةً نحو إنهاء الصراع، يشير الكاتب إلى أنه من المهم تذكّر أن المفتاح يكمن في تنفيذها.
وعلى هذا الصعيد، تتباين الأخبار بشكلٍ كبير، إذ يستمر القتال بين جماعة إم23 المتمردة المدعومة من رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية دون هوادة، ويعود ذلك جزئياً إلى عدم توقيع إم23 على الاتفاقية.
وشهد الشهر التالي تدخل ترامب في تأمين وقف إطلاق النار بين كمبوديا وتايلاند، بعد اندلاع اشتباكات حدودية عنيفة في أواخر يوليو(تمَّوز).
وفي مواجهة ضغوط من الصين وماليزيا ووعدٍ بعقد صفقات تجارية مع الولايات المتحدة، اتفقت الدولتان في النهاية على وقف إطلاق النار ووقف إرسال المزيد من القوات إلى المنطقة.
ومرة أخرى، لا يزال الصراع الكامن الذي أدى إلى هذه الاشتباكات المسلحة دون حل، إذ تتقاتل كمبوديا وتايلاند منذ عقود على ترسيم حدودهما، بما في ذلك تحديد الموقع الحيوي للمعابد الهندوسية التاريخية على طول حدودهما الممتدة على طول 800 كيلومتر.
ورغم أن تهديدات ترامب التجارية ربما ساهمت في وقف إطلاق النار، إلا أن ذلك لا يُبرر ادعائه لاحقاً بأنه «رئيس السلام»، بحسب الكاتب.
6 حروب في 6 أشهر!
أخيراً، في وقت سابق من هذا الشهر، أشرف الرئيس الأمريكي على إبرام اتفاق رئيسي يُنهي الحرب بين أذربيجان وأرمينيا، في أعقاب اشتباكات عنيفة حول ناغورني قرة باغ وهي جيب في أذربيجان استولت عليه أرمينيا عام 1992 واستعادته باكو عام 2023 كان معظم العمل التحضيري لهذه الاتفاقية أُنجز قبل تولي ترامب منصبه. لكن بقيت نقطتان شائكتان: مطالبة أذربيجان بحذف أي مطالبة بناغورني قرة باغ من دستورها الأمر الذي سيتطلب استفتاءً وخط نقل بين جزأين من أذربيجان يمر عبر الأراضي الأرمينية.
في عهد ترامب، أدت المحادثات التي توسطت فيها الولايات المتحدة إلى اتفاق، بما في ذلك طريق بري استأجرته الولايات المتحدة يربط بين المنطقتين في أذربيجان وهي صفقة جوهرية وإنجاز حقيقي. ولكن، مرة أخرى، سيكون التنفيذ هو المفتاح.
ومع ذلك، فإن تباهي ترامب بإنهاء 6 حروب في 6 أشهر أقل بكثير مما يبدو، فالحقيقة هي أنه حتى لو نجح تماماً في إنهاء هذه الحروب، فإن سجله سيظل متأثراً بفشله في إنهاء الحربين اللتين تعهد بحلهما: أوكرانيا وغزة.
وبدلًا من إنهائهما في غضون 24 ساعة، كما تفاخر خلال حملته الانتخابية لإعادة انتخابه، تفاقم الوضع في كليهما منذ عودة ترامب: ففي غزة، أعطى الرئيس الأمريكي الحكومة الإسرائيلية الضوء الأخضر لاحتلال القطاع، متخلياً عن أي جهد لإنهاء القتال.
وفي غضون ذلك، سعى في أوكرانيا إلى دفع عملية السلام قدماً من خلال لقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا لكنه عاد خالي الوفاض، ويبدو أكثر انسجاماً مع موسكو أكثر من قبل.