بعد خمسين عامًا من حظره:
ظهور فيلم وثائقي عن العائلة المالكة البريطانية...!
-- لغز العائلة المالكة وظهور أفرادها النادر، هو سرّ قوتها
-- في اليوم التالي لبثه لأول مرة، لقي الفيلم استحسانًا أكثر من انتقاده
يعتبر واحدا من أكثر استراتيجيات العلاقات العامة إثارة للجدل في وندسور، “العائلة المالكة” مُنع من البث طيلة عدة عقود حتى اليوم الذي ظهر فيه بشكل غامض.
الأساطير كثيرة في تاريخ المملكة المتحدة، ويروي أحدها إنه في مساء يوم 21 يونيو 1969، انقطع المياه عن مدينة لندن لبضع دقائق. السبب: استخدم كثيرون مياه بيوت الراحة أثناء استراحة الاشهار لبرنامج تليفزيوني بث في ذلك المساء.
يصعب إثبات صحة هذه الحكاية. في المقابل، نعلم أن 22 مليون بريطاني قاموا فعليًا بتشغيل جهاز تلفزيونهم في وقت واحد في 21 يونيو لمشاهدة ما سيبقى كواحد من أكثر البرامج مشاهدة في تاريخ الشاشة الصغيرة في المملكة المتحدة. ليست حلقة منتظرة من مسلسل، ولا بث لحفل فرقة البيتلز على الهواء مباشرة، ولكن تم بث الفيلم الوثائقي الحدث “العائلة المالكة” على بي بي سي وان.
تلفزيون الواقع قبل زمنه
وراء فكرة الفيلم الوثائقي عن العائلة المالكة، نجد رجلين. من جهة، اللورد برابورن، المنتج وصهر اللورد مونتباتن، عم الأمير فيليب. ومن الأخرى، السير ويليام هيسلتين، المسؤول الصحفي في قصر باكنغهام من عام 1968 إلى عام 1972. لقد كان كل منهما على قناعة بأن فيلمًا وثائقيًا يبحر في الحياة اليومية لآل وندسور سيكون فكرة ممتازة، ستسمح بإضفاء طابع إنساني على الملكية، التي تبدو منعزلة بشكل متزايد.
كان الأمير فيليب، الطليعي، من المشاركين أيضًا في اللعبة. وتخيّل الرجال الثلاثة خصوصا، أن فيلمًا من هذا النوع سيشكل فرصة مثالية لتقديم تشارلز، الابن الأكبر للملكة إلى عامة الناس، قبل توليه منصب أمير ويلز في يوليو 1969. تم تعيين المخرج ريتشارد كاوستون ليمسك بمقاليد المشروع، ورغم شكوك بعض الناس، بدأ التصوير في 8 يونيو 1968، ليستمر عاما.
بالإضافة إلى عرضه لعديد الاحتفالات الرسمية، تميّز الفيلم الوثائقي بخصوصية تقديم مشاهد أقلّ رسمية: على سبيل المثال، صورة الأمير تشارلز في ثوب السباحة، مستمتعًا برحلة تزلج قصيرة على الماء. ويظهر مشهد آخر الملكة إليزابيث وهي تشتري الآيس كريم للأمير إدوارد في محل بقالة صغير في القرية. تم تصوير العائلة المالكة أيضًا أثناء حفل شواء في حدائق قلعة بالمورال، وحتى المزاح على الطاولة. المقارنة مع تلفزيون الواقع مغرية، حيث تبدو بعض اللحظات غير ذات اهمية. وبعد تأمل، ربما كان ذلك هو المشكلة الرئيسية للفيلم المصنوع من أجل “الشركة”، وهو لقب يشير إلى الأعمال ذات المردودية المالية للأسرة المالكة.
الحفاظ على مسافة
وعلى الهيبة
في اليوم التالي لبثه لأول مرة، لاقى الفيلم استحسانًا أكثر من انتقاده. وشرح البعض أنهم أحبوا اكتشاف الملكة في شكل جديد، وهي تؤدي دور الأم الذي يمكن ان يروا أنفسهم فيه. وكتبت صحيفة التايمز: “قدم الفيلم فهماً حميمياً لما تبدو عليه العائلة المالكة كأفراد، دون تعريض كرامتهم للخطر أو النيل من المسافة المطلوبة».
ومع ذلك، فحول هذه النقطة بالتحديد -المسافة -تباينت الآراء: يعتقد بعض المعلقين أن الفيلم الوثائقي يرفع الحجاب عن جزء من اسرار العرش ولغزه الذي يجب أن يظل مدفونًا. في حين رحب آخرون بهذه الرغبة في إعادة ابتكار ذاتها عبر وسائل اتصال جديدة، لكنهم اعتبروا أن الفيلم الوثائقي يتعارض تمامًا مع أحد المبادئ التي ذكرها الصحفي الشهير والتر باجهوت: “يجب ألا نترك ضوء النهار يلمس السحر».
بعبارة أخرى، ان لغز العائلة المالكة وظهور أفرادها النادر، هو سرّ قوتها... مبدأ يتقاسمه أيضًا بعض أعضاء الشركة.
«لا أعرف حقًا كيف أصف، لكنني لم أحب أبدًا فكرة هذا الفيلم”، تشرح الأميرة آن، ابنة الملكة إليزابيث، عام 2012، في إطار معرض “الملكة: الفن والصورة في معرض الصور الوطني... “اعتقدت دائمًا أنها كانت فكرة فاسدة».
لئن تم عرض الفيلم مرة أخرى عام 1972، فإن العائلة المالكة أدركت بسرعة أن هذا خطأ يجب تداركه خاصة انه تم أيضًا، وضع الفيلم الوثائقي تحت عنوان “حقوق النشر للتاج”، أي تحت حماية التاج. وباستثناء بعض المقتطفات التي يتم نشرها في سياق أفلام وثائقية أو معارض، أصبح الوصول الى العائلة المالكة متعذّرا تمامًا.
2021 ، عام
الظهور الغامض
يتعذر الوصول إليها تمامًا، حتى ذاك اليوم الجميل من مايو 2021، عندما نبّهت ادارات التحرير في العالم الناطق باللغة الإنجليزية قراءها من أن الفيلم الوثائقي قد تسرب على يوتيوب. وتمكن عدد قليل من المحظوظين من رؤيته، وحتى تنزيله، قبل إزالته بسرعة من المنصة لأسباب تتعلق بالملكية الفكرية.
كان ذلك دون احتساب مستخدمي إنترنت آخرين، الذين، بعد بضعة أسابيع، أعادوا مرة أخرى الفيلم الوثائقي إلى موقع استضافة الفيديوهات. ولا يزال الفيلم متاحًا الى اليوم -الى متى؟ - ليسعد الذين لم يتمكنوا من مشاهدته مطلقًا، أو المعجبين المتحمسين للعائلة المالكة أو عشاق التاريخ فقط.
«لا أستطيع أن أصف مدى سعادتي برؤية هذا الفيلم الوثائقي أخيرًا !، كتبت مستخدمة على الأنترنت، لقد كنت أنتظر مشاهدته منذ أوائل التسعينات، عندما سمعت عنه لأول مرة».
لكن ما سبب هذا الاهتمام المتجدد بهذا الفيلم الوثائقي الذي اختفى طيلة عقود؟ هي مجرد تخمينات، لكننا نراهن على مسلسل “ذا كراون” الذي نال استحسانًا كبيرًا على نتفليكس، والذي خصص الحلقة 4 من الموسم الثالث لتاريخ الفيلم الوثائقي، والذي ربما أثار فضول المشاهدين.
-- في اليوم التالي لبثه لأول مرة، لقي الفيلم استحسانًا أكثر من انتقاده
يعتبر واحدا من أكثر استراتيجيات العلاقات العامة إثارة للجدل في وندسور، “العائلة المالكة” مُنع من البث طيلة عدة عقود حتى اليوم الذي ظهر فيه بشكل غامض.
الأساطير كثيرة في تاريخ المملكة المتحدة، ويروي أحدها إنه في مساء يوم 21 يونيو 1969، انقطع المياه عن مدينة لندن لبضع دقائق. السبب: استخدم كثيرون مياه بيوت الراحة أثناء استراحة الاشهار لبرنامج تليفزيوني بث في ذلك المساء.
يصعب إثبات صحة هذه الحكاية. في المقابل، نعلم أن 22 مليون بريطاني قاموا فعليًا بتشغيل جهاز تلفزيونهم في وقت واحد في 21 يونيو لمشاهدة ما سيبقى كواحد من أكثر البرامج مشاهدة في تاريخ الشاشة الصغيرة في المملكة المتحدة. ليست حلقة منتظرة من مسلسل، ولا بث لحفل فرقة البيتلز على الهواء مباشرة، ولكن تم بث الفيلم الوثائقي الحدث “العائلة المالكة” على بي بي سي وان.
تلفزيون الواقع قبل زمنه
وراء فكرة الفيلم الوثائقي عن العائلة المالكة، نجد رجلين. من جهة، اللورد برابورن، المنتج وصهر اللورد مونتباتن، عم الأمير فيليب. ومن الأخرى، السير ويليام هيسلتين، المسؤول الصحفي في قصر باكنغهام من عام 1968 إلى عام 1972. لقد كان كل منهما على قناعة بأن فيلمًا وثائقيًا يبحر في الحياة اليومية لآل وندسور سيكون فكرة ممتازة، ستسمح بإضفاء طابع إنساني على الملكية، التي تبدو منعزلة بشكل متزايد.
كان الأمير فيليب، الطليعي، من المشاركين أيضًا في اللعبة. وتخيّل الرجال الثلاثة خصوصا، أن فيلمًا من هذا النوع سيشكل فرصة مثالية لتقديم تشارلز، الابن الأكبر للملكة إلى عامة الناس، قبل توليه منصب أمير ويلز في يوليو 1969. تم تعيين المخرج ريتشارد كاوستون ليمسك بمقاليد المشروع، ورغم شكوك بعض الناس، بدأ التصوير في 8 يونيو 1968، ليستمر عاما.
بالإضافة إلى عرضه لعديد الاحتفالات الرسمية، تميّز الفيلم الوثائقي بخصوصية تقديم مشاهد أقلّ رسمية: على سبيل المثال، صورة الأمير تشارلز في ثوب السباحة، مستمتعًا برحلة تزلج قصيرة على الماء. ويظهر مشهد آخر الملكة إليزابيث وهي تشتري الآيس كريم للأمير إدوارد في محل بقالة صغير في القرية. تم تصوير العائلة المالكة أيضًا أثناء حفل شواء في حدائق قلعة بالمورال، وحتى المزاح على الطاولة. المقارنة مع تلفزيون الواقع مغرية، حيث تبدو بعض اللحظات غير ذات اهمية. وبعد تأمل، ربما كان ذلك هو المشكلة الرئيسية للفيلم المصنوع من أجل “الشركة”، وهو لقب يشير إلى الأعمال ذات المردودية المالية للأسرة المالكة.
الحفاظ على مسافة
وعلى الهيبة
في اليوم التالي لبثه لأول مرة، لاقى الفيلم استحسانًا أكثر من انتقاده. وشرح البعض أنهم أحبوا اكتشاف الملكة في شكل جديد، وهي تؤدي دور الأم الذي يمكن ان يروا أنفسهم فيه. وكتبت صحيفة التايمز: “قدم الفيلم فهماً حميمياً لما تبدو عليه العائلة المالكة كأفراد، دون تعريض كرامتهم للخطر أو النيل من المسافة المطلوبة».
ومع ذلك، فحول هذه النقطة بالتحديد -المسافة -تباينت الآراء: يعتقد بعض المعلقين أن الفيلم الوثائقي يرفع الحجاب عن جزء من اسرار العرش ولغزه الذي يجب أن يظل مدفونًا. في حين رحب آخرون بهذه الرغبة في إعادة ابتكار ذاتها عبر وسائل اتصال جديدة، لكنهم اعتبروا أن الفيلم الوثائقي يتعارض تمامًا مع أحد المبادئ التي ذكرها الصحفي الشهير والتر باجهوت: “يجب ألا نترك ضوء النهار يلمس السحر».
بعبارة أخرى، ان لغز العائلة المالكة وظهور أفرادها النادر، هو سرّ قوتها... مبدأ يتقاسمه أيضًا بعض أعضاء الشركة.
«لا أعرف حقًا كيف أصف، لكنني لم أحب أبدًا فكرة هذا الفيلم”، تشرح الأميرة آن، ابنة الملكة إليزابيث، عام 2012، في إطار معرض “الملكة: الفن والصورة في معرض الصور الوطني... “اعتقدت دائمًا أنها كانت فكرة فاسدة».
لئن تم عرض الفيلم مرة أخرى عام 1972، فإن العائلة المالكة أدركت بسرعة أن هذا خطأ يجب تداركه خاصة انه تم أيضًا، وضع الفيلم الوثائقي تحت عنوان “حقوق النشر للتاج”، أي تحت حماية التاج. وباستثناء بعض المقتطفات التي يتم نشرها في سياق أفلام وثائقية أو معارض، أصبح الوصول الى العائلة المالكة متعذّرا تمامًا.
2021 ، عام
الظهور الغامض
يتعذر الوصول إليها تمامًا، حتى ذاك اليوم الجميل من مايو 2021، عندما نبّهت ادارات التحرير في العالم الناطق باللغة الإنجليزية قراءها من أن الفيلم الوثائقي قد تسرب على يوتيوب. وتمكن عدد قليل من المحظوظين من رؤيته، وحتى تنزيله، قبل إزالته بسرعة من المنصة لأسباب تتعلق بالملكية الفكرية.
كان ذلك دون احتساب مستخدمي إنترنت آخرين، الذين، بعد بضعة أسابيع، أعادوا مرة أخرى الفيلم الوثائقي إلى موقع استضافة الفيديوهات. ولا يزال الفيلم متاحًا الى اليوم -الى متى؟ - ليسعد الذين لم يتمكنوا من مشاهدته مطلقًا، أو المعجبين المتحمسين للعائلة المالكة أو عشاق التاريخ فقط.
«لا أستطيع أن أصف مدى سعادتي برؤية هذا الفيلم الوثائقي أخيرًا !، كتبت مستخدمة على الأنترنت، لقد كنت أنتظر مشاهدته منذ أوائل التسعينات، عندما سمعت عنه لأول مرة».
لكن ما سبب هذا الاهتمام المتجدد بهذا الفيلم الوثائقي الذي اختفى طيلة عقود؟ هي مجرد تخمينات، لكننا نراهن على مسلسل “ذا كراون” الذي نال استحسانًا كبيرًا على نتفليكس، والذي خصص الحلقة 4 من الموسم الثالث لتاريخ الفيلم الوثائقي، والذي ربما أثار فضول المشاهدين.