سيكون تغيير مسار صادرات المنتجات النفطية الروسية أكثر إيلاماً

فايننشال تايمز: خوض أوكرانيا حرب الناقلات سيرتد على حلفائها

فايننشال تايمز: خوض أوكرانيا حرب الناقلات سيرتد على حلفائها

رأى الأكاديمي غير المقيم في مركز أوراسيا بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي سيرغي فاكولينكو، أن موسكو نجحت في الحد بشكل كبير من التجارة البحرية لكييف منذ الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير -شباط 2022.
وكتب في صحيفة “فايننشال تايمز” أن روسيا حاولت عرض تخفيف الحصار على الموانئ الأوكرانية كورقة مساومة مع الغرب مقابل رفع جزئي للعقوبات، لكن بما أنها كانت غير قادرة على تأمين أي شيء ملموس، انسحبت الشهر الماضي من اتفاقية الحبوب التي تم التوصل إليها قبل عام وبدأت قصف موانئ أوكرانيا، في محاولة لتدمير قدرة البلاد تماماً على تصدير الحبوب.
 
بعد بضعة أيام، استخدمت أوكرانيا مسيّرات بحرية لمهاجمة سفينتين روسيتين في البحر الأسود معلنة موانئ روسيا على البحر الأسود “منطقة خطر (بفعل) الحرب”.. والهدف من ذلك هو تقليل الصادرات الروسية –وخصوصاً النفطية– من خلال إجبار شركات التأمين وأصحاب السفن على منع السفن من العمل على تلك الطرق.  
في غضون ذلك، تحاول أوكرانيا إنهاء الحصار من خلال دعوة سفن ترفع أعلام دول لن تجرؤ روسيا على مهاجمتها وفق اعتقاد كييف، إلى موانئها.. من أوديسا، خرجت الأسبوع الماضي سفينة تملكها ألمانيا بشكل جزئي في طريقها إلى إسطنبول، وعلى الأرجح تأمل أوكرانيا أن يُنظر إلى هجوم على سفينة ترفع علم أحد أعضاء حلف شمال الأطلسي على أنه عمل عدواني، ما يؤدي إلى تفعيل المادة 5 من الوثيقة التأسيسية للحلف، والتي تنص على أن الهجوم على عضو واحد فيه هو هجوم على جميع الأعضاء.. وإن نزاعاً مباشراً بين الناتو وروسيا هو ما لا تريده موسكو، في حين ستكون أوكرانيا سعيدة لرؤية تورط مباشر للناتو.
 
أضاف الكاتب أن كل هذا يذكر المراقبين كثيراً بـ”حرب الناقلات” التي استمرت من سنة 1984 إلى 1988 أثناء الحرب العراقية - الإيرانية، حين حاول الطرفان وقف التجارة النفطية للآخر من خلال مهاجمة الناقلات المتجهة إلى موانئ العدو، بما فيها السفن التي كانت تبحر تحت أعلام العديد من دول الناتو مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة.. لقد تضررت عشرات السفن التجارية، من ضمنها فرقاطة تابعة للبحرية الأمريكية. في ذلك الوقت، وبالرغم من مخاطر دخول الخليج العربي، لم يبرز نقص في السفن الراغبة بالإبحار هناك للبحث عن النفط.. إذ واصلت شركات التأمين توفير التغطية، وإن كان ذلك بتكاليف متزايدة، لم تحاول أي دولة من دول الناتو التي تعرضت سفنها للهجوم اللجوء إلى المادة 5.. وفي النزاع الحالي، تنطوي مهاجمة ناقلات النفط في البحر الأسود على خطر حدوث تسربات نفطية وأضرار بيئية كبيرة لجميع الدول المطلة على شواطئه، بما فيها أوكرانيا.. وقد يمنح ذلك كييف وقفة للتأمل.
 
يشير الكاتب إلى توفر طرق أخرى لوقف الصادرات من موانئ البحر الأسود الروسية، منها مهاجمة المرافئ النفطية، وخصوصاً المحطتين في ميناء نوفوروسيسك البحري.. الأولى، مجمع شيسخاريس للترانزيت، وتقع في ميناء نوفوروسيسك، الأمر الذي يصعّب الهجوم البحري بشكل نسبي.
 
الثانية هي يوجنايا أوزيرييفكا وتعمل من المراسي على بعد أميال عدة في البحر، حيث ترسو الناقلات.. وهذه معرضة للهجوم ويصعب إصلاحها.. لكنها تستخدم لتصدير النفط المنتج في كازاخستان: إن مهاجمتها ستلحق بشكل أساسي الضرر بشركات النفط الغربية العاملة في كازاخستان.في حال توقف صادرات نوفوروسيسك، ستحتاج روسيا إلى طرق جديدة لنفطها، وسيكون ذلك أسهل بالنسبة إلى الخام الذي كانت أحجام الصادرات منه تتراجع حتى قبل أن تبدأ روسيا في الحد من الإنتاج كجزء من الاتفاقية الأخيرة مع أوبك بلس.. ولميناء النفط الروسي أوست-لوغا على بحر البلطيق قدرة استيعاب مساوية لقدرة نوفوروسيسك، بالرغم من أنه سيطيل رحلة النفط الروسي المتجه إلى الهند والصين وسيجعل الشحنات إلى تركيا أقل ربحية بكثير.
 
حسب فاكولينكو، سيكون تغيير مسار الصادرات من المنتجات النفطية الروسية أكثر إيلاماً، منذ أن دخل الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ في فبراير (شباط)الماضي، كانت أسواقها الرئيسية دول البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا، كما أنه سيتسبب بمشاكل لبلغاريا ورومانيا اللتين كان النفط الروسي يعتبر بالنسبة إليهما حيوياً إلى درجة أنه تم إعفاؤهما من الحظر..
إذا نجحت أوكرانيا في إجبار روسيا على إعادة توجيه صادراتها عبر بحر البلطيق، فسيعني ذلك خسائر لا لموسكو وحسب ولكن أيضاً لزبائنها، بما فيها بلدان نامية بارزة وبعض حلفاء أوكرانيا.