الاستخبارات الأمريكية تعتقد بأن احتمال النزاع النووي منخفض

فايننشال تايمز: هل تتسبب شبه جزيرة القرم في أزمة نووية؟

فايننشال تايمز: هل تتسبب شبه جزيرة القرم في أزمة نووية؟


أشار نائب المدير العام للمعهد الملكي للخدمات المتحدة مالكولم تشالمرز إلى تقييم لمديرة الاستخبارات القومية الأمريكية أفريل هاينز في الأسبوع الماضي خلص إلى أن احتمال النزاع النووي في أوكرانيا، منخفض.
ولفت التقييم إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيعطي على الأرجح الإذن لاستخدام الأسلحة النووية إذا شعر تهديد وجودي للدولة الروسية. لكن ما الذي يمكن اعتباره “تهديداً وجودياً”؟

أجاب تشالمرز في صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية بأن الأمر الأكثر بداهة هو الاصطدام العسكري المباشر مع الولايات المتحدة.
شهدت العقود السبعة الماضية عدداً من التدخلات العسكرية للقوتين، من الحرب الكورية إلى الحرب الراهنة في أوكرانيا، شملت تسليم كميات كبيرة من الأسلحة الى أعداء كل طرف، لكنها لم تشمل أي تبادل مباشر لإطلاق النار بين القوات الأمريكية والسوفييتية، سابقاً، أو الروسية اليوم. إن ضبط النفس المتبادل هو أحد الأسباب الرئيسية تجنب استخدام سلاح نووي منذ 1945.

يحث بعض المعلقين الآن حلف شمال الأطلسي على كشف قلة جدية روسيا في تهديداتها، باستخدام القوة العسكرية لأغراض إنسانية محددة، مثل كسر الحصار على أوديسا، والسماح للحبوب الأوكرانية بالوصول إلى الأسواق العالمية. ومع ذلك، بمجرد أن يجتاز ناتو وروسيا عتبة النزاع العسكري، سيكون من الصعب تفادي التصعيد.

يرى الكاتب أن قوة موسكو تآكلت بفعل الخسائر القتالية. في نزاع مع ناتو، بإمكان العديد من الأصول العسكرية الأساسية، بما فيها قواعد ومراكز القيادة، أن تتعرض للتهديد خلال أيام.

إن كابوس روسيا الاستراتيجي، هجوم أمريكي وقائي على قوتها النووية الانتقامية، قد يبدو واقعياً بشكل غير مريح.
يقول البعض إن تهديدات بوتين بالتحرك النووي دليل على أنه فقد الاتصال بالواقع. ومع ذلك، إذا اعتقدت الولايات المتحدة أن التهديد النووي جدي، فسيتعين عليها أن تأخذ مثل هذا الخطر على محمل الجد. ولأن الولايات المتحدة معرضة أقل من روسيا، لخطر غزو عسكري تقليدي، قد يظن الكرملين أنه يتمتع بمزية في لعبة التهديد النووي.

ويفسر الخوف المشترك من هذا السيناريو سبب استمرار ضبط النفس المتبادل حتى الآن.
المحفز المحتمل الآخر قد يكون التقدم العسكري الأوكراني على الميدان بشكل يهدد الأراضي الروسية. بالفعل، يجلب نجاح الهجمات الأوكرانية المضادة فرصاً جديدة لشن هجمات محدودة عابرة للحدود بالمدفعية، أو بفرق قوات خاصة مثلاً، لتدمير الجسور، وخطوط السكك الحديدية، ومواقع التخزين، والقواعد الجوية في مناطق حول بلغورود. ولحسن الحظ، تابع الكاتب، فإن غياب رغبة أوكرانيا في احتلال هذه المنطقة، يصعب رؤية ذلك تهديداً وجودياً.

إذا كان هناك خطر تصعيد، فمن المرجح أن يأتي من الأراضي التي فقدتها أوكرانيا في 2014 والتي تلتزم الآن بتحريرها.
من المهم التمييز بوضوح بين دونباس والقرم، فقبل فبراير(شباط)، اعترفت موسكو بالجمهوريتين الانفصاليتين في دونباس جزءاً اسمياً إلى أوكرانيا. ولكن وضعية القرم مختلفة، فقبل نقلها إلى الجمهورية الأوكرانية الاشتراكية السوفياتية في 1954، كانت القرم جزءاً من الإمبراطورية الروسية طيلة  قرنين.

ولأنها موطن أسطول البحر الأسود لبوتين، فإن احتمال خسارة شبه الجزيرة في المعركة الحالية سينظر إليه على أنه تحد جوهري لوحدة أراضي روسيا.
وفي غياب وقف لإطلاق النار، ستكون القوات الأوكرانية حريصة على منع القرم من أن تصبح ملاذاً يمكن الكرملين من إعادة إمداد قواته في سائر أوكرانيا. إن إمدادات الغرب بأسلحة طويلة المدى لأوكرانيا تفتح احتمالات جديدة للاستهداف.

قد يكون جسر كيرتش جائزة مغرية مثل قاعدة سيفاستوبول البحرية الروسية. إذا نُظر إلى هذه هجمات على تلك الأهداف مقدمة لغزو كامل للقرم، فبإمكانها زيادة خطر التصعيد النووي، في أحد السيناريوات إثارة للقلق. بذل بوتين جهداً كبيراً للتشديد على هذا الخطر في الأشهر التي سبقت الغزو. إن تهديدات بوتين النووية المفتعلة في الأشهر الماضية بدأت تخسر قوتها. ليكون تهديدها جدياً، سيكون على روسيا إعلان أن غزو القرم خط أحمر. وفي مواجهة احتمال خسارة شبه الجزيرة، قد يظن بوتين أنها مقامرة تستحق التجربة معتقداً أن أوكرانيا، بتشجيع من الغرب، سترمش أولاً. ستكون ذلك لحظة محفوفة بالخطر الشديد.

إن أزمة نووية ستجعل من السهل على القادة التوصل إلى تسويات صعبة. لو انتهت الحرب ورفع الحصار عن البحر الأسود، قد تترك أوكرانيا القرم للروس في الوقت الحاضر. وفي الأثناء، قد يتفادى بوتين الإهانة بسبب غزو فاشل بادعاء أن ترسانة روسيا الاستراتيجية نجحت في ردع ناتو. قد يكون ذلك كافياً للجانبين لتفادي أسوأ نتيجة.