رئيس الدولة: الدورة تعزز الحوار والتعارف والتنافس بين شباب العالم على أرض الإمارات
جولة أولى لا تفتح الطريق لوضع غير مسبوق:
فرنسا: هل الانتخابات التشريعية، انتخابات القطيعة...؟
-- إذا أدت الروزنامة الانتخابية إلى تضخيم نتيجة الرئاسية، فذلك يرجع أساسًا إلى التعبئة غير المتكافئة للناخبين
-- لم تؤكد الانتخابات التشريعية لعام 2022 الانتخابات الرئاسية، وإنما شكلت جولة ثالثة من ذاك الاقتراع
-- هذا التوافق بين الأغلبية الرئاسية والأغلبية البرلمانية يعزز الطبيعة الرئاسية للنظام السياسي في فرنسا
-- في نظر جزء لا يستهان به من الناخبين، شبح التعايش أقل خطورة من خطر تركيز السلطات لخمس سنوات أخرى
بوضع الأغلبية الرئاسية وقوة المعارضة الرئيسية، الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد، على قدم المساواة تقريبًا، فإن نتائج الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية لعام 2022 -التي يثير عدّها بالتأكيد أسئلة منهجية -تشير إلى قطيعة ما مع التقليد الانتخابي الذي بدأ قبل 20 عامًا.
في الواقع، عام 2002، أدى تخفيض الولاية الرئاسية إلى خمس سنوات، وعكس الروزنامة الانتخابية “الذي كان ينبغي أن يؤدي في البداية إلى تنظيم الانتخابات التشريعية قبل الانتخابات الرئاسية” إلى إعطاء وظيفة معينة لانتخابات تجرى بعد أسابيع قليلة فقط من لحظة رئيسية وحاسمة في الحياة السياسية الفرنسية: الانتخابات الرئاسية.
يُطلب من الناخبين تأكيد تصويتهم السابق، وبالنتيجة، تضخيم نتيجة الانتخابات الرئاسية. منذ عام 2002، أرسل الناخبون دائمًا أغلبية كبيرة إلى الجمعية الوطنية لصالح الرئيس. كان هذا هو الحال عام 1981، عندما حل الرئيس الجديد، فرانسوا ميتران، الجمعية الوطنية المنتخبة عام 1978 التي كان يهيمن عليها اليمين آنذاك.
اللهجة البرلمانية لفرنسا
هذا التوافق بين الأغلبية الرئاسية والأغلبية البرلمانية، يعزز الطبيعة الرئاسية للنظام السياسي في فرنسا، من خلال منح رئيس الجمهورية حرية تشكيل حكومته وتسيير سياسته. وتفادى طيلة عشرين عامًا ممارسة التعايش، الذي حدث بعد الانتخابات التشريعية التي نظمت خمس سنوات “عام 1986 وعام 1993” أو عامين “عام 1997” بعد الانتخابات الرئاسية.
ويذكّر التعايش أن الطابع الدستوري للجمهورية الخامسة يظل برلمانيا: فعندما تعارض الأغلبية في الجمعية الوطنية رئيس الجمهورية، فإن الأغلبية -وليس رئيس الجمهورية -هي التي تلهم الدستور وسياسة الحكومة.
ودفعت الاستنتاجات السلبية التي استخلصها ليونيل جوسبان وجاك شيراك من تجربة التعايش الطويل “1997-2002” إلى تفضيل القراءة الرئاسية للمؤسسات، وإعطاء الانتخابات التشريعية وضعها الجديد: انتخابات ثانية، ان لم تكن ثانوية.
التعبئة غير
المتكافئة للناخبين
إذا أدت هذه الروزنامة الانتخابية إلى تضخيم نتيجة الانتخابات الرئاسية، فذلك يرجع أساسًا إلى التعبئة غير المتكافئة للناخبين. يذهب ناخبو الفائز في الانتخابات الرئاسية إلى صناديق الاقتراع للانتخابات التشريعية أكثر من الخاسرين، الذين إما فقدوا الايمان بالنصر، أو لا يريدون عرقلة المؤسسات بفرض تعايش جديد على الرئيس الشرعي: هذا هو على وجه الخصوص ما حدث خلال الانتخابات البرلمانية لعام 2017.
وبما أن الانتخابات التشريعية تدور في أعقاب الانتخابات الرئاسية، فقد حطم الامتناع عن التصويت الأرقام القياسية. عام 1981، بلغ 30 بالمائة، بينما كان قبل ثلاث سنوات 17 بالمائة فقط. وبينما بقي في 1986 أو 1993 أو 1997 أقل من ثلث الناخبين المسجلين، فإنه تقدم باستمرار منذ عام 2002 -حتى وصل إلى ارقام قياسية، عام 2017 (52 بالمائة) كما في عام 2022 (52.5 بالمائة).
وبالتالي، فإن هذا التباين في الامتناع عن التصويت، يضخم الديناميكية الرئاسية بشكل مصطنع.
بالحصول على أصوات أقل من الفائز في الانتخابات الرئاسية، فإن مرشحي الأغلبية الرئاسية يوسعون الفجوة مع الآخرين من الجولة الأولى: في 2002 و2007 و2017، بلغت هذه الفجوة أكثر من عشر نقاط، وضمنت بالتالي فوزا بنسبة كبيرة جدًا من حيث عدد المقاعد في الجولة الثانية.
ومع ذلك، تُظهر انتخابات 2022 أن هذه الآلية لا تعمل بشكل منهجي. بنسبة أقل من 26 بالمائة من الأصوات، يتراجع مرشحو الأغلبية الرئاسية، المجتمعين تحت شعار “معًا”، مقارنة بنتيجة الانتخابات التشريعية لعام 2017، ولكن أيضًا مقارنة بالنتيجة التي حصل عليها إيمانويل ماكرون في الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية في 10 أبريل 2022. وهم على قدم المساواة مع الائتلاف اليساري، بما يبشّر بجولة ثانية مفتوحة بشكل خاص.
أما بالنسبة للتجمع الوطني، فقد كان ناخبوه أقل ارتخاء من المعتاد: بأكثر من 18.5 بالمائة من الأصوات، سجل حزب مارين لوبان أفضل نتيجة له في الانتخابات التشريعية، بزيادة 5 نقاط مقارنة بعام 2017.
ديناميكية تعايش؟
عدة عوامل تفسر هذه النتيجة غير المؤكدة بالنسبة للأغلبية. على عكس أسلافه الثلاثة “ساركوزي عام 2007، وهولاند عام 2012، وهو نفسه عام 2017”، فإن إيمانويل ماكرون في منصب رئيس أعيد انتخابه، اي لم يعد يجسد التغيير، ومن ثمة لا يستفيد من ديناميكية التجديد التي أدت، منذ نهاية السبعينات، إلى تكاثر وتهميش التناوب في الانتخابات التشريعية، وحدها الأغلبية المنتخبة عام 2002 تم التجديد لها عام 2007.
وهكذا، في نفس المساء، وقد أعاد انتخابه أكثر من 58 بالمائة من الفرنسيين، لم يرغب معظمهم في تمكينه من أغلبية مطلقة في الجمعية الوطنية: ففي نظر جزء لا يستهان به من الناخبين، فإن شبح التعايش أقل خطورة من خطر تركيز السلطات لمدة خمس سنوات أخرى.
لقد أدرك جان لوك ميلينشون في وقت مبكر هذا التغيير في الرأي العام، وافترض تمامًا حقيقة تحمل ديناميكية التعايش -كما يتضح من تلك التعويذة التي أصبحت شعارًا انتخابيًا: “ميلينشون رئيس للوزراء».
والتحالف الانتخابي لليسار، حول الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد، يهدف بطريقة براغماتية إلى جعل هذا التعايش ممكنًا، عبر تعظيم فرص مرشحي اليسار في التواجد في الجولة الثانية ضد الأغلبية. وهكذا تفادى التحالف نزع تعبئة جسم انتخابي الذي لكونه أقلي، بالكاد يزن أقل من الأغلبية الرئاسية. ان الخطوات الأولى الصعبة للحكومة، وغياب المعارضين الآخرين “التجمع الوطني وحزب الجمهوريين” من المشهد الإعلامي، جعلا مبارزة ماكرون ميلينشون القضية الأساسية للحملة الانتخابية.
وفي إطار نظام تصويت الأغلبية على جولتين، والذي يتعارض بشكل متزايد مع هيكل الحياة السياسية، نجح الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد في تضخيم وزنه الانتخابي: بأكثر من ربع الأصوات المدلى بها، يكون مرشحوه مؤهلين للجولة الثانية في أكثر من 80 بالمائة من الدوائر.
هذه المبارزة، التي تختلف عن تلك التي جمعت ماكرون ولوبان في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، لها جاذبية الجديد: لقد شجعت أيضًا تعبئة الناخبين اليساريين، ولم تكن الانتخابات التشريعية لعام 2022 تأكيد للانتخابات الرئاسية، وبدلا من ذلك، شكلت جولة ثالثة من هذا الاقتراع.
حالة قريبة من عام 1988
يذكّر هذا الوضع بنتائج الانتخابات التشريعية لعام 1988. مثل إيمانويل ماكرون، أعيد انتخاب فرانسوا ميتران للتو، وكانت النتيجة في الجولة الأولى أعلى من تلك التي حصل عليها في الانتخابات السابقة، ولكن حول خط برنامجي غامض إلى حد ما. اهتز بسبب دخول الجبهة الوطنية، لم يعد المشهد السياسي يستجيب لهيكل الثنائية الحزبية الذي كان يميزه منذ الستينات.
في الجولة الأولى، كان مرشحو المعارضة اليمينية والوسطية، بقيادة فاليري جيسكار ديستان وجاك شيراك، على قدم المساواة مع مؤيدي فرانسوا ميتران “الاشتراكيون واليساريون المتطرفون في الغالب”. في الجولة الثانية، حصل الاشتراكيون فقط على الأغلبية النسبية البالغة 275 مقعدًا، مما أجبر الحكومات المتعاقبة “بقيادة ميشيل روكار وإديث كريسون وأخيراً بيير بيريجوفوا” على التفاوض أحيانًا مع الشيوعيين وأحيانًا مع الوسطيين للحصول على الأغلبية.
لكن حتى مع وجود أغلبية نسبية، استطاعت تلك الفترة التشريعية اتمام دورتها: لم تحدث أزمة نظام. وبالتالي، فإن الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية لعام 2022 تفتح الطريق ليس لوضع غير مسبوق تمامًا، ولا لمساءلة جوهرية عن مؤسسات الجمهورية الخامسة، حتى لو كان الرقم القياسي الجديد للامتناع عن التصويت يتطلب ردودًا على المستويين السياسي والمؤسسي.
*مؤرخ، جامعة كليرمون أوفيرن
-- لم تؤكد الانتخابات التشريعية لعام 2022 الانتخابات الرئاسية، وإنما شكلت جولة ثالثة من ذاك الاقتراع
-- هذا التوافق بين الأغلبية الرئاسية والأغلبية البرلمانية يعزز الطبيعة الرئاسية للنظام السياسي في فرنسا
-- في نظر جزء لا يستهان به من الناخبين، شبح التعايش أقل خطورة من خطر تركيز السلطات لخمس سنوات أخرى
بوضع الأغلبية الرئاسية وقوة المعارضة الرئيسية، الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد، على قدم المساواة تقريبًا، فإن نتائج الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية لعام 2022 -التي يثير عدّها بالتأكيد أسئلة منهجية -تشير إلى قطيعة ما مع التقليد الانتخابي الذي بدأ قبل 20 عامًا.
في الواقع، عام 2002، أدى تخفيض الولاية الرئاسية إلى خمس سنوات، وعكس الروزنامة الانتخابية “الذي كان ينبغي أن يؤدي في البداية إلى تنظيم الانتخابات التشريعية قبل الانتخابات الرئاسية” إلى إعطاء وظيفة معينة لانتخابات تجرى بعد أسابيع قليلة فقط من لحظة رئيسية وحاسمة في الحياة السياسية الفرنسية: الانتخابات الرئاسية.
يُطلب من الناخبين تأكيد تصويتهم السابق، وبالنتيجة، تضخيم نتيجة الانتخابات الرئاسية. منذ عام 2002، أرسل الناخبون دائمًا أغلبية كبيرة إلى الجمعية الوطنية لصالح الرئيس. كان هذا هو الحال عام 1981، عندما حل الرئيس الجديد، فرانسوا ميتران، الجمعية الوطنية المنتخبة عام 1978 التي كان يهيمن عليها اليمين آنذاك.
اللهجة البرلمانية لفرنسا
هذا التوافق بين الأغلبية الرئاسية والأغلبية البرلمانية، يعزز الطبيعة الرئاسية للنظام السياسي في فرنسا، من خلال منح رئيس الجمهورية حرية تشكيل حكومته وتسيير سياسته. وتفادى طيلة عشرين عامًا ممارسة التعايش، الذي حدث بعد الانتخابات التشريعية التي نظمت خمس سنوات “عام 1986 وعام 1993” أو عامين “عام 1997” بعد الانتخابات الرئاسية.
ويذكّر التعايش أن الطابع الدستوري للجمهورية الخامسة يظل برلمانيا: فعندما تعارض الأغلبية في الجمعية الوطنية رئيس الجمهورية، فإن الأغلبية -وليس رئيس الجمهورية -هي التي تلهم الدستور وسياسة الحكومة.
ودفعت الاستنتاجات السلبية التي استخلصها ليونيل جوسبان وجاك شيراك من تجربة التعايش الطويل “1997-2002” إلى تفضيل القراءة الرئاسية للمؤسسات، وإعطاء الانتخابات التشريعية وضعها الجديد: انتخابات ثانية، ان لم تكن ثانوية.
التعبئة غير
المتكافئة للناخبين
إذا أدت هذه الروزنامة الانتخابية إلى تضخيم نتيجة الانتخابات الرئاسية، فذلك يرجع أساسًا إلى التعبئة غير المتكافئة للناخبين. يذهب ناخبو الفائز في الانتخابات الرئاسية إلى صناديق الاقتراع للانتخابات التشريعية أكثر من الخاسرين، الذين إما فقدوا الايمان بالنصر، أو لا يريدون عرقلة المؤسسات بفرض تعايش جديد على الرئيس الشرعي: هذا هو على وجه الخصوص ما حدث خلال الانتخابات البرلمانية لعام 2017.
وبما أن الانتخابات التشريعية تدور في أعقاب الانتخابات الرئاسية، فقد حطم الامتناع عن التصويت الأرقام القياسية. عام 1981، بلغ 30 بالمائة، بينما كان قبل ثلاث سنوات 17 بالمائة فقط. وبينما بقي في 1986 أو 1993 أو 1997 أقل من ثلث الناخبين المسجلين، فإنه تقدم باستمرار منذ عام 2002 -حتى وصل إلى ارقام قياسية، عام 2017 (52 بالمائة) كما في عام 2022 (52.5 بالمائة).
وبالتالي، فإن هذا التباين في الامتناع عن التصويت، يضخم الديناميكية الرئاسية بشكل مصطنع.
بالحصول على أصوات أقل من الفائز في الانتخابات الرئاسية، فإن مرشحي الأغلبية الرئاسية يوسعون الفجوة مع الآخرين من الجولة الأولى: في 2002 و2007 و2017، بلغت هذه الفجوة أكثر من عشر نقاط، وضمنت بالتالي فوزا بنسبة كبيرة جدًا من حيث عدد المقاعد في الجولة الثانية.
ومع ذلك، تُظهر انتخابات 2022 أن هذه الآلية لا تعمل بشكل منهجي. بنسبة أقل من 26 بالمائة من الأصوات، يتراجع مرشحو الأغلبية الرئاسية، المجتمعين تحت شعار “معًا”، مقارنة بنتيجة الانتخابات التشريعية لعام 2017، ولكن أيضًا مقارنة بالنتيجة التي حصل عليها إيمانويل ماكرون في الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية في 10 أبريل 2022. وهم على قدم المساواة مع الائتلاف اليساري، بما يبشّر بجولة ثانية مفتوحة بشكل خاص.
أما بالنسبة للتجمع الوطني، فقد كان ناخبوه أقل ارتخاء من المعتاد: بأكثر من 18.5 بالمائة من الأصوات، سجل حزب مارين لوبان أفضل نتيجة له في الانتخابات التشريعية، بزيادة 5 نقاط مقارنة بعام 2017.
ديناميكية تعايش؟
عدة عوامل تفسر هذه النتيجة غير المؤكدة بالنسبة للأغلبية. على عكس أسلافه الثلاثة “ساركوزي عام 2007، وهولاند عام 2012، وهو نفسه عام 2017”، فإن إيمانويل ماكرون في منصب رئيس أعيد انتخابه، اي لم يعد يجسد التغيير، ومن ثمة لا يستفيد من ديناميكية التجديد التي أدت، منذ نهاية السبعينات، إلى تكاثر وتهميش التناوب في الانتخابات التشريعية، وحدها الأغلبية المنتخبة عام 2002 تم التجديد لها عام 2007.
وهكذا، في نفس المساء، وقد أعاد انتخابه أكثر من 58 بالمائة من الفرنسيين، لم يرغب معظمهم في تمكينه من أغلبية مطلقة في الجمعية الوطنية: ففي نظر جزء لا يستهان به من الناخبين، فإن شبح التعايش أقل خطورة من خطر تركيز السلطات لمدة خمس سنوات أخرى.
لقد أدرك جان لوك ميلينشون في وقت مبكر هذا التغيير في الرأي العام، وافترض تمامًا حقيقة تحمل ديناميكية التعايش -كما يتضح من تلك التعويذة التي أصبحت شعارًا انتخابيًا: “ميلينشون رئيس للوزراء».
والتحالف الانتخابي لليسار، حول الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد، يهدف بطريقة براغماتية إلى جعل هذا التعايش ممكنًا، عبر تعظيم فرص مرشحي اليسار في التواجد في الجولة الثانية ضد الأغلبية. وهكذا تفادى التحالف نزع تعبئة جسم انتخابي الذي لكونه أقلي، بالكاد يزن أقل من الأغلبية الرئاسية. ان الخطوات الأولى الصعبة للحكومة، وغياب المعارضين الآخرين “التجمع الوطني وحزب الجمهوريين” من المشهد الإعلامي، جعلا مبارزة ماكرون ميلينشون القضية الأساسية للحملة الانتخابية.
وفي إطار نظام تصويت الأغلبية على جولتين، والذي يتعارض بشكل متزايد مع هيكل الحياة السياسية، نجح الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد في تضخيم وزنه الانتخابي: بأكثر من ربع الأصوات المدلى بها، يكون مرشحوه مؤهلين للجولة الثانية في أكثر من 80 بالمائة من الدوائر.
هذه المبارزة، التي تختلف عن تلك التي جمعت ماكرون ولوبان في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، لها جاذبية الجديد: لقد شجعت أيضًا تعبئة الناخبين اليساريين، ولم تكن الانتخابات التشريعية لعام 2022 تأكيد للانتخابات الرئاسية، وبدلا من ذلك، شكلت جولة ثالثة من هذا الاقتراع.
حالة قريبة من عام 1988
يذكّر هذا الوضع بنتائج الانتخابات التشريعية لعام 1988. مثل إيمانويل ماكرون، أعيد انتخاب فرانسوا ميتران للتو، وكانت النتيجة في الجولة الأولى أعلى من تلك التي حصل عليها في الانتخابات السابقة، ولكن حول خط برنامجي غامض إلى حد ما. اهتز بسبب دخول الجبهة الوطنية، لم يعد المشهد السياسي يستجيب لهيكل الثنائية الحزبية الذي كان يميزه منذ الستينات.
في الجولة الأولى، كان مرشحو المعارضة اليمينية والوسطية، بقيادة فاليري جيسكار ديستان وجاك شيراك، على قدم المساواة مع مؤيدي فرانسوا ميتران “الاشتراكيون واليساريون المتطرفون في الغالب”. في الجولة الثانية، حصل الاشتراكيون فقط على الأغلبية النسبية البالغة 275 مقعدًا، مما أجبر الحكومات المتعاقبة “بقيادة ميشيل روكار وإديث كريسون وأخيراً بيير بيريجوفوا” على التفاوض أحيانًا مع الشيوعيين وأحيانًا مع الوسطيين للحصول على الأغلبية.
لكن حتى مع وجود أغلبية نسبية، استطاعت تلك الفترة التشريعية اتمام دورتها: لم تحدث أزمة نظام. وبالتالي، فإن الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية لعام 2022 تفتح الطريق ليس لوضع غير مسبوق تمامًا، ولا لمساءلة جوهرية عن مؤسسات الجمهورية الخامسة، حتى لو كان الرقم القياسي الجديد للامتناع عن التصويت يتطلب ردودًا على المستويين السياسي والمؤسسي.
*مؤرخ، جامعة كليرمون أوفيرن