بإمكانه أن يصبح مؤسس «الفيليبية»
فرنسا: هل سيكون إدوار فيليب المنقذ لعام 2022...؟
-- لن يكتسح حزب الرئيس، الجمهورية إلى الأمام، مقاعد الجمعية الوطنية مثل يونيو 2017
-- من روكار إلى جوبيه، يعطي مسار فيليب فكرة أنه يمكن أن يكون، يومًا ما، لا على اليسار ولا على اليمين
-- لا يوجد مرشح ولا مرشحة، ولا مشروع أيضًا، يمكنه إثارة ناخبي اليسار أو ناخبي اليمين
-- خلال أربع سنوات، لم ينجح أي من اليمين ولا اليسار في إخراج زعيم يمكن أن يفسد «مباراة العودة»
-- فكرة أن يرتّب الأغلبية في الانتخابات التشريعية المقبلة، ظلت حبرا على ورق لكنها ستعاود الظهور
أين سيكون في أبريل ومايو 2022؟ أين سيكون في يونيو؟ وماذا سيفعل؟ من النادر أن تكون الشخصية الغائبة موجودة أيضًا. والعكس صحيح. ومع ذلك، فهذه هما السمتان السائدتان، حاليًا، لإدوار فيليب. احتلّ رئيس الوزراء غير المتوقع لرئيس للجمهورية غير متوقع بدوره، فندق ماتينيون طيلة 1145 يومًا قبل أن يحل محله جان كاستكس في 3 يوليو 2020. وطيلة أحد عشر شهرًا، حافظ الرجل على شعبيته في القمة.
كان اختيار فيليب من قبل ماكرون رئيسا للحكومة، في مايو 2017، قد فاجأ أكثر من شخص. ودون قدح، كان نكرة تمامًا للرأي العام الفرنسي خارج مدينة لوهافر (السين ماريتيم) التي كان رئيسًا لبلديتها (الاتحاد من أجل الحركة الشعبية، ثم “الجمهوريون”) منذ عام 2010.
عضو لفترة وجيزة جدا في الحزب الاشتراكي، حيث دعم ميشيل روكار في التسعينات، اختار بسرعة اليمين وانتمى لتيّار آلان جوبيه. ومن روكار إلى جوبيه، يعطي مثل هذا المسار فكرة أن خرّيج المدرسة القومية للإدارة هذا، يمكن أن يكون يومًا ما، “لا على اليسار ولا على اليمين».
لقد أذهل قرار رئيس الجمهورية الجديد، حينها، المراقبين لأن فيليب، المتحدث باسم معلمه -جوبيه -خلال الانتخابات التمهيدية لليمين عام 2016، ثم دعم منطقيًا فرانسوا فيون، الفائز في تلك اللعبة، قبل أن يبتعد عن رئيس الوزراء السابق في ولاية نيكولا ساركوزي، عندما اندلعت القضية المتعلقة بالتوظيف الوهمي المزعوم لبينيلوبي فيون، انسحب من الحملة اليمينية الرسمية لكنه نشط ضد ماكرون في الصحافة.
عندما لم يكن يهدي الورود إلى ماكرون
كرونيكور في تلك الحملة الرئاسية لصحيفة ليبراسيون، لم يرسل فيليب باقة زهور إلى رئيس الدولة المستقبلي. في يوم تعيينه في ماتينيون، نشرت صحيفة لوموند اليومية، مختارات من كتابات حملته في ليبراسيون. على سبيل المثال، صوَّر النائب الجمهوري ماكرون على أنه “خطيب بارع من اتباع شعبوية فصيحة “...”لا تتحمّل مسؤولية اي شيء لكنها تعد بكل شيء، بحماسة فاتح شاب، ووقاحة فارس عجوز”. نوع من الإطراء لا ينذر ضرورة بوجود تواطؤ فكري وسياسي قادم.
يشار الى إنه بمرور الأسابيع تغيرت النغمة، خاصة في الفترة الفاصلة بين الجولتين. لم يكن فيليب حينها ليّنا مع حزب “الجمهوريين” حيث كتب، “ناقش طيلة ساعتين لمعرفة، ما إذا كان الموقف الرسمي اولا، إدانة الامتناع عن التصويت داعيا في نفس الوقت إلى هزم مارين لوبان، أو ثانيا، التصويت لإيمانويل ماكرون من أجل التغلب على مارين لوبان. وختم من جهته، بدون مساومة: “يجب أن نساعد ماكرون، لأن انتصاره ليس مضمونا”. أي تشابه مع الوضع الحالي ... أو المستقبلي، سيكون من محض الصدفة وخارجا عن ارادة المؤلف.
من المفيد هنا، من أجل الفهم الجيد للقارئ، تحديد أن فيليب لم يعد، في ذلك الوقت، مراقبًا بسيطًا وكاتبًا أدبيًا للحملة الرئاسية. كما يقول في “انطباعات وخطوط واضحة”، وهو كتاب الفه مع صديقه ومستشاره، جيل بوير، الذي أصبح عضوًا في البرلمان الأوروبي، انه التقى مع ماكرون في تكتم بناءً على طلب هذا الأخير. لم يبح بأي شيء عن هذه المقابلة، وفيًا لتعهده بالمحافظة على سرية محادثاته مع الرئيس الذي لم يكنه بعد. لكنه أوضح بين السطور، أن خصم مارين لوبان استطلعه بخصوص المستقبل القريب مع فكرة محددة إلى حد ما.
«العارضة لا تزال
تعمل، لندعها تعمل»
«لم يسبق ان اختار رئيس منتخب لمنصب رئيس الوزراء، دون اكراهات المؤسسات (التعايش)، شخصية لا تنتمي إلى معسكره”، كتب في الكتاب. وتابع: “لكنه كان يدرك أنه بعد أن مزّق اليسار قبل الانتخابات الرئاسية، سيكون من الملحّ أن يتم تفتيت اليمين بعدها، لا سيما في ضوء الانتخابات التشريعية التي ستجرى في الشهر التالي”. قبل أن يخلص الى أن “أفضل طريقة لتحقيق ذلك هي تعيين شخصية لماتينيون اتية من اليمين».
بعد أربع سنوات من هذه الحلقة، يبدو السيناريو الذي وصفه فيليب لم يكتمل. وكما يحب رئيس الوزراء السابق أن يقوله بنفسه، “العارضة ما زالت تعمل، لندعها تعمل”. يعني التعبير أن آلية “التدمير وإعادة التكوين” التي بدأت مع دخول ماكرون عبر “اقتحام” قصر الإليزيه عام 2017، لم تكتمل بعد. وهناك العديد من الدلائل على ذلك، منها تطوّرات التحضير للانتخابات الإقليمية في بروفانس ألب كوت دازور (باكا)، في يونيو، وهي ليس أقلها، فانقسامات ومماطلة وتسويف اليمين المحلي، الذي يقع تحت ضغط مستمر من اللوبينية في اوج توسعها في الريفييرا، يسلط الضوء على عمل تلك العارضة.
فمن فرنسا المتمردة إلى حزب “الجمهوريون”، تخلت جميع الأحزاب، باستثناء الحزب الاشتراكي والجمهورية الى الامام، نهائيا عن فكرة الحاجة الى تشكيل جبهة جمهورية ضد اليمين المتطرف الذي يحتل موقع الخصم الرئيسي للماكرونية، وفقًا لاستطلاعات الرأي التي تصدرها بانتظام معاهد سبر الآراء.
ان نوايا التصويت التي تقيسها تلك الهيئات بالنسبة لانتخابات رئاسية ستجرى في غضون عام، دون أن يعرف طاقم الممثلين بالكامل حتى الآن، تعطي كلها نفس السيناريو: الثنائي ماكرون-لوبان في المقدمة، وبفارق كبير، في الجولة الأولى، وصراع مماثل لما حدث عام 2017 في الثانية. هذا صحيح اليوم، ويأمل المعارضون ألا يكون هذا هو الحال غدا.
ماكرونيون أقل في البرلمان
لكن، خلال أربع سنوات، لم ينجح أي من اليمين ولا اليسار، حتى الآن، في إخراج زعيم يمكن أن يفسد “مباراة العودة”. وإذا كان من الواضح أن اليسار لا يزال فاشلا منذ هزيمة بينوا هامون، المرشح الرئاسي للحزب الاشتراكي عام 2017، فإن كزافييه برتران، الذي غادر “الجمهوريون”، يبرز على اليمين، لكنه لا يزال على مسافة بعيدة من الثنائي الذي يثير اليأس فيما تبقى من الطيف السياسي، بكسبه لأكثر أو أقل من 50 بالمائة من نوايا التصويت حسب استطلاعات الرأي. ولا يوجد مرشح ولا مرشحة، ولكن أيضًا لا يوجد مشروع يمكنه إثارة ناخبي اليسار أو ناخبي اليمين، ويبدو أن كل شيء يسقط في ثقب أسود فلكي. لذلك ينحصر المراقب في قراءة فرضيات اليوم. إما أن يعود ماكرون (إذا كان مرشحًا)، أو ستفوز لوبان. وحتى ان كان الاحتمال الأول وارد، فانه لا يمكن استبعاد الثاني تمامًا، خاصة عندما نقرأ الباحث في العلوم السياسية غايل بروستيه.
ففي التشكيلين، في كل الاحوال، هناك شيء واحد يبدو مؤكدًا ... أو شبه مؤكد: حزب الرئيس، الجمهورية الى الامام، لن يجد بالتأكيد كتائب النساء والرجال الذين اكتسحوا مقاعد الجمعية الوطنية في يونيو 2017، فمثل موجات المد والجزر هذه استثنائية. وليس من المؤكد ايضا أن الفرضية الأكثر ملاءمة لماكرون، تحالف وسطيي المودم بزعامة فرانسوا بايرو، والجمهورية الى الامام، سيسمح بتشكيل أغلبية ولو ضيقة. وفي السيناريو الأقل ملاءمة للرئيس المنتهية ولايته، سيكون الاشكال أكبر ... الا اذا تصورنا تعايشًا محتملًا بعد فترة وجيزة من الانتخابات التشريعية لا يتمنح أغلبية النواب للتجمع الوطني. ولكن في الحالتين، ستعمل العارضة مرة أخرى، وربما أكثر من أي وقت مضى، فهنا يمكن لإدوار فيليب استئناف الخدمة.
فرضية تأسيس “الفيليبنية»
شريك طيلة ثلاث سنوات لماكرون الذي تخلى عنه بـ “شكل نظيف” وبـ “استقامة”، على حد تعبير الشخص المعني، يمكن أن يصبح فيليب، الذي ترك “الجمهوريين” دون الانضمام إلى “الجمهورية الى الامام”، منقذًا للماكرونية، وفي نفس الوقت المنبوذ من اليمين، أو على الأقل المنبوذ من جهازه السياسي الرئيسي: “الجمهوريون”. هو الذي لم تعد له قداسة عند الأكثر تطرفاً في هذا الحزب، سينتقل إلى رتبة أعلى العدو اللدود، ومرة أخرى مساعدا “رئيسه” السابق، على تشكيل أغلبية تكون في صالحه ... أو من خلال تشكيل أغلبية غير مواتية لخصمه اليميني المتطرف، من أجل الإعداد الذكي لمستقبله الرئاسي... طريقة للفوز بالسحب والخدش.
بعد مغادرته ماتينيون، أراد الإليزيه أن يكلفه بإعادة ترتيب وتنظيم الأغلبية. في ذلك الوقت، كان هناك حديث عن تشكيل اتحاد يضم “الجمهورية الى الامام” وحزب “أجير” و “مودام”. ظلت الفكرة حبرا على ورق في ذلك الوقت، ولم يتابعها فيليب، دون أن يُعرف حقًا ما إذا كان ماكرون مسؤولًا بشكل مباشر، أو إذا كان مستشارون متحمسون يتولّون الإشراف.
ومع ذلك، لا شيء يقول إنها لن تظهر مجددا مع لاقتراب موعد انتخابات عام 2022. وسيكون رئيس الوزراء السابق، في الواقع، الشخصية المثالية ليكون العمود الفقري في دفع حدود أغلبية برلمانية تتشكل إلى أبعد من ذلك.
منقذ الماكرونية في حال فوز الرئيس المنتهية ولايته، يمكنه، في الحالة المعاكسة، أن يصبح مؤسس “الفيليبية” من خلال تولي رئاسة نفس الاتحاد، بما في ذلك نواب اليمين من الجمهوريين، القدامى والجدد، الذين يرفضون البقاء بعيدًا عن السلطة -بشكل مباشر أو بالتعايش -لخمس سنوات اضافية بعد إبعادهم عنها خلال السنوات العشر الماضية. ويكفي القول انه من غير المرجح ان يفرح هذا الاحتمال حقًا جهاز حزب “الجمهوريون”... اذا ما اكتفينا بالحديث دبلوماسيا.
أمل للبعض، وكرب لآخرين
لكن خطر أن يصبح منبوذا على اليمين، بعيدًا عن الهياكل المناضلة، هو في النهاية محدود للغاية حيث أن محراره فيما يتعلق بالثقة والشعبية والرضا والمستقبل هو اليوم مرتفعا. فهو الذي قضى معظم وقته في السلطة وهو يتمتع بتصنيف سلبي -لقد كان إيجابيًا فقط لحوالي عُشر فترة ولايته في ماتينيون -يقف الآن في أعلى استطلاعات الرأي. إنه ليس في وضع سيء في مختلف العائلات السياسية: فهو الأول في الجمهورية الى الامام، وفقًا لـ ايبسوس، للتقييم الإيجابي لعمله (96 بالمائة)، والرابع بين الجمهوريين والتجمع الوطني بمعدلات 72 بالمائة و38 بالمائة على التوالي، وفي المركز السابع في الحزب الاشتراكي، مثل آن هيدالغو، بنسبة 55 بالمائة و ... الحادي عشر في فرنسا المتمردة بمعدل موافقة 35 بالمائة.
وبالنسبة إلى ايفوب، لديه 62 بالمائة من الآراء الجيدة وراء هولو الذي يحتل المركز الأول. الترتيب عكس ذلك بالنسبة إلى إيلاب، حيث لدى 51 بالمائة من الفرنسيين صورة إيجابية عن فيليب. وبالنسبة لكنطار، فإن تقييمه المستقبلي (“تمنّي رؤيته يلعب دورًا مهمًا في الأشهر والسنوات القادمة”) يضعه فوق نيكولا هولو بعشر نقاط، بنسبة 45 بالمائة. من الواضح أن المستقبل غير مرئي في ثفل القهوة، وقد لا يكون وضع اليوم هو الغد، لكن من الناحية السياسية، فإن منصب رئيس الوزراء السابق، والدور الذي يمكن أن يلعبه في غضون عام -لقد سبق ان صرح إنه لن يخوض المنافسة ضد ماكرون إذا ترشح هذا الاخير لتجديد ولايته -ربما يكونان أملًا للبعض ومعاناة لآخرين... اما هو فيقول، إنه “مخلص حرّ».
-- من روكار إلى جوبيه، يعطي مسار فيليب فكرة أنه يمكن أن يكون، يومًا ما، لا على اليسار ولا على اليمين
-- لا يوجد مرشح ولا مرشحة، ولا مشروع أيضًا، يمكنه إثارة ناخبي اليسار أو ناخبي اليمين
-- خلال أربع سنوات، لم ينجح أي من اليمين ولا اليسار في إخراج زعيم يمكن أن يفسد «مباراة العودة»
-- فكرة أن يرتّب الأغلبية في الانتخابات التشريعية المقبلة، ظلت حبرا على ورق لكنها ستعاود الظهور
أين سيكون في أبريل ومايو 2022؟ أين سيكون في يونيو؟ وماذا سيفعل؟ من النادر أن تكون الشخصية الغائبة موجودة أيضًا. والعكس صحيح. ومع ذلك، فهذه هما السمتان السائدتان، حاليًا، لإدوار فيليب. احتلّ رئيس الوزراء غير المتوقع لرئيس للجمهورية غير متوقع بدوره، فندق ماتينيون طيلة 1145 يومًا قبل أن يحل محله جان كاستكس في 3 يوليو 2020. وطيلة أحد عشر شهرًا، حافظ الرجل على شعبيته في القمة.
كان اختيار فيليب من قبل ماكرون رئيسا للحكومة، في مايو 2017، قد فاجأ أكثر من شخص. ودون قدح، كان نكرة تمامًا للرأي العام الفرنسي خارج مدينة لوهافر (السين ماريتيم) التي كان رئيسًا لبلديتها (الاتحاد من أجل الحركة الشعبية، ثم “الجمهوريون”) منذ عام 2010.
عضو لفترة وجيزة جدا في الحزب الاشتراكي، حيث دعم ميشيل روكار في التسعينات، اختار بسرعة اليمين وانتمى لتيّار آلان جوبيه. ومن روكار إلى جوبيه، يعطي مثل هذا المسار فكرة أن خرّيج المدرسة القومية للإدارة هذا، يمكن أن يكون يومًا ما، “لا على اليسار ولا على اليمين».
لقد أذهل قرار رئيس الجمهورية الجديد، حينها، المراقبين لأن فيليب، المتحدث باسم معلمه -جوبيه -خلال الانتخابات التمهيدية لليمين عام 2016، ثم دعم منطقيًا فرانسوا فيون، الفائز في تلك اللعبة، قبل أن يبتعد عن رئيس الوزراء السابق في ولاية نيكولا ساركوزي، عندما اندلعت القضية المتعلقة بالتوظيف الوهمي المزعوم لبينيلوبي فيون، انسحب من الحملة اليمينية الرسمية لكنه نشط ضد ماكرون في الصحافة.
عندما لم يكن يهدي الورود إلى ماكرون
كرونيكور في تلك الحملة الرئاسية لصحيفة ليبراسيون، لم يرسل فيليب باقة زهور إلى رئيس الدولة المستقبلي. في يوم تعيينه في ماتينيون، نشرت صحيفة لوموند اليومية، مختارات من كتابات حملته في ليبراسيون. على سبيل المثال، صوَّر النائب الجمهوري ماكرون على أنه “خطيب بارع من اتباع شعبوية فصيحة “...”لا تتحمّل مسؤولية اي شيء لكنها تعد بكل شيء، بحماسة فاتح شاب، ووقاحة فارس عجوز”. نوع من الإطراء لا ينذر ضرورة بوجود تواطؤ فكري وسياسي قادم.
يشار الى إنه بمرور الأسابيع تغيرت النغمة، خاصة في الفترة الفاصلة بين الجولتين. لم يكن فيليب حينها ليّنا مع حزب “الجمهوريين” حيث كتب، “ناقش طيلة ساعتين لمعرفة، ما إذا كان الموقف الرسمي اولا، إدانة الامتناع عن التصويت داعيا في نفس الوقت إلى هزم مارين لوبان، أو ثانيا، التصويت لإيمانويل ماكرون من أجل التغلب على مارين لوبان. وختم من جهته، بدون مساومة: “يجب أن نساعد ماكرون، لأن انتصاره ليس مضمونا”. أي تشابه مع الوضع الحالي ... أو المستقبلي، سيكون من محض الصدفة وخارجا عن ارادة المؤلف.
من المفيد هنا، من أجل الفهم الجيد للقارئ، تحديد أن فيليب لم يعد، في ذلك الوقت، مراقبًا بسيطًا وكاتبًا أدبيًا للحملة الرئاسية. كما يقول في “انطباعات وخطوط واضحة”، وهو كتاب الفه مع صديقه ومستشاره، جيل بوير، الذي أصبح عضوًا في البرلمان الأوروبي، انه التقى مع ماكرون في تكتم بناءً على طلب هذا الأخير. لم يبح بأي شيء عن هذه المقابلة، وفيًا لتعهده بالمحافظة على سرية محادثاته مع الرئيس الذي لم يكنه بعد. لكنه أوضح بين السطور، أن خصم مارين لوبان استطلعه بخصوص المستقبل القريب مع فكرة محددة إلى حد ما.
«العارضة لا تزال
تعمل، لندعها تعمل»
«لم يسبق ان اختار رئيس منتخب لمنصب رئيس الوزراء، دون اكراهات المؤسسات (التعايش)، شخصية لا تنتمي إلى معسكره”، كتب في الكتاب. وتابع: “لكنه كان يدرك أنه بعد أن مزّق اليسار قبل الانتخابات الرئاسية، سيكون من الملحّ أن يتم تفتيت اليمين بعدها، لا سيما في ضوء الانتخابات التشريعية التي ستجرى في الشهر التالي”. قبل أن يخلص الى أن “أفضل طريقة لتحقيق ذلك هي تعيين شخصية لماتينيون اتية من اليمين».
بعد أربع سنوات من هذه الحلقة، يبدو السيناريو الذي وصفه فيليب لم يكتمل. وكما يحب رئيس الوزراء السابق أن يقوله بنفسه، “العارضة ما زالت تعمل، لندعها تعمل”. يعني التعبير أن آلية “التدمير وإعادة التكوين” التي بدأت مع دخول ماكرون عبر “اقتحام” قصر الإليزيه عام 2017، لم تكتمل بعد. وهناك العديد من الدلائل على ذلك، منها تطوّرات التحضير للانتخابات الإقليمية في بروفانس ألب كوت دازور (باكا)، في يونيو، وهي ليس أقلها، فانقسامات ومماطلة وتسويف اليمين المحلي، الذي يقع تحت ضغط مستمر من اللوبينية في اوج توسعها في الريفييرا، يسلط الضوء على عمل تلك العارضة.
فمن فرنسا المتمردة إلى حزب “الجمهوريون”، تخلت جميع الأحزاب، باستثناء الحزب الاشتراكي والجمهورية الى الامام، نهائيا عن فكرة الحاجة الى تشكيل جبهة جمهورية ضد اليمين المتطرف الذي يحتل موقع الخصم الرئيسي للماكرونية، وفقًا لاستطلاعات الرأي التي تصدرها بانتظام معاهد سبر الآراء.
ان نوايا التصويت التي تقيسها تلك الهيئات بالنسبة لانتخابات رئاسية ستجرى في غضون عام، دون أن يعرف طاقم الممثلين بالكامل حتى الآن، تعطي كلها نفس السيناريو: الثنائي ماكرون-لوبان في المقدمة، وبفارق كبير، في الجولة الأولى، وصراع مماثل لما حدث عام 2017 في الثانية. هذا صحيح اليوم، ويأمل المعارضون ألا يكون هذا هو الحال غدا.
ماكرونيون أقل في البرلمان
لكن، خلال أربع سنوات، لم ينجح أي من اليمين ولا اليسار، حتى الآن، في إخراج زعيم يمكن أن يفسد “مباراة العودة”. وإذا كان من الواضح أن اليسار لا يزال فاشلا منذ هزيمة بينوا هامون، المرشح الرئاسي للحزب الاشتراكي عام 2017، فإن كزافييه برتران، الذي غادر “الجمهوريون”، يبرز على اليمين، لكنه لا يزال على مسافة بعيدة من الثنائي الذي يثير اليأس فيما تبقى من الطيف السياسي، بكسبه لأكثر أو أقل من 50 بالمائة من نوايا التصويت حسب استطلاعات الرأي. ولا يوجد مرشح ولا مرشحة، ولكن أيضًا لا يوجد مشروع يمكنه إثارة ناخبي اليسار أو ناخبي اليمين، ويبدو أن كل شيء يسقط في ثقب أسود فلكي. لذلك ينحصر المراقب في قراءة فرضيات اليوم. إما أن يعود ماكرون (إذا كان مرشحًا)، أو ستفوز لوبان. وحتى ان كان الاحتمال الأول وارد، فانه لا يمكن استبعاد الثاني تمامًا، خاصة عندما نقرأ الباحث في العلوم السياسية غايل بروستيه.
ففي التشكيلين، في كل الاحوال، هناك شيء واحد يبدو مؤكدًا ... أو شبه مؤكد: حزب الرئيس، الجمهورية الى الامام، لن يجد بالتأكيد كتائب النساء والرجال الذين اكتسحوا مقاعد الجمعية الوطنية في يونيو 2017، فمثل موجات المد والجزر هذه استثنائية. وليس من المؤكد ايضا أن الفرضية الأكثر ملاءمة لماكرون، تحالف وسطيي المودم بزعامة فرانسوا بايرو، والجمهورية الى الامام، سيسمح بتشكيل أغلبية ولو ضيقة. وفي السيناريو الأقل ملاءمة للرئيس المنتهية ولايته، سيكون الاشكال أكبر ... الا اذا تصورنا تعايشًا محتملًا بعد فترة وجيزة من الانتخابات التشريعية لا يتمنح أغلبية النواب للتجمع الوطني. ولكن في الحالتين، ستعمل العارضة مرة أخرى، وربما أكثر من أي وقت مضى، فهنا يمكن لإدوار فيليب استئناف الخدمة.
فرضية تأسيس “الفيليبنية»
شريك طيلة ثلاث سنوات لماكرون الذي تخلى عنه بـ “شكل نظيف” وبـ “استقامة”، على حد تعبير الشخص المعني، يمكن أن يصبح فيليب، الذي ترك “الجمهوريين” دون الانضمام إلى “الجمهورية الى الامام”، منقذًا للماكرونية، وفي نفس الوقت المنبوذ من اليمين، أو على الأقل المنبوذ من جهازه السياسي الرئيسي: “الجمهوريون”. هو الذي لم تعد له قداسة عند الأكثر تطرفاً في هذا الحزب، سينتقل إلى رتبة أعلى العدو اللدود، ومرة أخرى مساعدا “رئيسه” السابق، على تشكيل أغلبية تكون في صالحه ... أو من خلال تشكيل أغلبية غير مواتية لخصمه اليميني المتطرف، من أجل الإعداد الذكي لمستقبله الرئاسي... طريقة للفوز بالسحب والخدش.
بعد مغادرته ماتينيون، أراد الإليزيه أن يكلفه بإعادة ترتيب وتنظيم الأغلبية. في ذلك الوقت، كان هناك حديث عن تشكيل اتحاد يضم “الجمهورية الى الامام” وحزب “أجير” و “مودام”. ظلت الفكرة حبرا على ورق في ذلك الوقت، ولم يتابعها فيليب، دون أن يُعرف حقًا ما إذا كان ماكرون مسؤولًا بشكل مباشر، أو إذا كان مستشارون متحمسون يتولّون الإشراف.
ومع ذلك، لا شيء يقول إنها لن تظهر مجددا مع لاقتراب موعد انتخابات عام 2022. وسيكون رئيس الوزراء السابق، في الواقع، الشخصية المثالية ليكون العمود الفقري في دفع حدود أغلبية برلمانية تتشكل إلى أبعد من ذلك.
منقذ الماكرونية في حال فوز الرئيس المنتهية ولايته، يمكنه، في الحالة المعاكسة، أن يصبح مؤسس “الفيليبية” من خلال تولي رئاسة نفس الاتحاد، بما في ذلك نواب اليمين من الجمهوريين، القدامى والجدد، الذين يرفضون البقاء بعيدًا عن السلطة -بشكل مباشر أو بالتعايش -لخمس سنوات اضافية بعد إبعادهم عنها خلال السنوات العشر الماضية. ويكفي القول انه من غير المرجح ان يفرح هذا الاحتمال حقًا جهاز حزب “الجمهوريون”... اذا ما اكتفينا بالحديث دبلوماسيا.
أمل للبعض، وكرب لآخرين
لكن خطر أن يصبح منبوذا على اليمين، بعيدًا عن الهياكل المناضلة، هو في النهاية محدود للغاية حيث أن محراره فيما يتعلق بالثقة والشعبية والرضا والمستقبل هو اليوم مرتفعا. فهو الذي قضى معظم وقته في السلطة وهو يتمتع بتصنيف سلبي -لقد كان إيجابيًا فقط لحوالي عُشر فترة ولايته في ماتينيون -يقف الآن في أعلى استطلاعات الرأي. إنه ليس في وضع سيء في مختلف العائلات السياسية: فهو الأول في الجمهورية الى الامام، وفقًا لـ ايبسوس، للتقييم الإيجابي لعمله (96 بالمائة)، والرابع بين الجمهوريين والتجمع الوطني بمعدلات 72 بالمائة و38 بالمائة على التوالي، وفي المركز السابع في الحزب الاشتراكي، مثل آن هيدالغو، بنسبة 55 بالمائة و ... الحادي عشر في فرنسا المتمردة بمعدل موافقة 35 بالمائة.
وبالنسبة إلى ايفوب، لديه 62 بالمائة من الآراء الجيدة وراء هولو الذي يحتل المركز الأول. الترتيب عكس ذلك بالنسبة إلى إيلاب، حيث لدى 51 بالمائة من الفرنسيين صورة إيجابية عن فيليب. وبالنسبة لكنطار، فإن تقييمه المستقبلي (“تمنّي رؤيته يلعب دورًا مهمًا في الأشهر والسنوات القادمة”) يضعه فوق نيكولا هولو بعشر نقاط، بنسبة 45 بالمائة. من الواضح أن المستقبل غير مرئي في ثفل القهوة، وقد لا يكون وضع اليوم هو الغد، لكن من الناحية السياسية، فإن منصب رئيس الوزراء السابق، والدور الذي يمكن أن يلعبه في غضون عام -لقد سبق ان صرح إنه لن يخوض المنافسة ضد ماكرون إذا ترشح هذا الاخير لتجديد ولايته -ربما يكونان أملًا للبعض ومعاناة لآخرين... اما هو فيقول، إنه “مخلص حرّ».