فورين بوليسي: انكفاء ترامب يدفع أوروبا نحو «صحوة أمنية»
دفع تخلي إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن حلفائها في أوروبا، إلى اتجاه القارة نحو تحقيق توازن طال انتظاره، عبر «تحديث» مسؤوليات حلف الناتو، وزيادة الاستثمارات الدفاعية الجديدة.
وذكر تقرير لمجلة «فورين بوليسي» أن استغناء الولايات المتحدة عن النظام الدولي الذي أسسته، أدى في وقت قصير إلى «صحوة أوروبية»، إذ تستثمر القارة الآن نحو 800 مليار يورو في أمنها. وعُرفت هذه المبادرة في البداية باسم «إعادة تسليح أوروبا»، ثم أعادت المفوضية الأوروبية تسميتها مؤخراً إلى «الاستعداد 2030»، في إشارة إلى التاريخ الذي قد تمتلك فيه روسيا القدرة على شن هجوم على دولة عضو في حلف الناتو أو الاتحاد الأوروبي.
كما يُجري الاتحاد الأوربي تعديلات على سياسته المالية لتوفير الأموال، فهناك 150 مليار يورو من القروض منخفضة الفائدة ستساعد الدول على «الاستثمار في مجالات دفاعية رئيسية مثل الدفاع الصاروخي والطائرات دون طيار والأمن السيبراني»، بينما تُخوّل الدول الأعضاء تخصيص 650 مليون يورو إضافية من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي للإنفاق الدفاعي دون التسبب في عقوبات مالية من الاتحاد الأوروبي.
وبدأت دول أوروبية بالفعل بتصنيع «المعدات الرائعة»، بحسب «فورين بوليسي» فهناك غواصات، ودبابات حديثة وأكثر أنظمة المقاتلات النفاثة سرية في طور التحضير لخطة «الاستعداد 2030».
وقالت «فورين بوليسي» إن تقاسم أوروبا لعبء أمنها يحمي القارة، كما يحمي أيضاً المصالح الأمريكية في أوروبا بشكل أفضل، مضيفة أنه «يُمكّن أيضاً الولايات المتحدة من أن تكون أكثر مرونة في قدرتها على الدفاع عن مصالحها في مناطق أخرى، مثل المحيط الهادئ».
وتابعت: «يتعين على القادة الأمريكيين الاستفادة من هذا النجاح، وإثبات فعاليته، ومواصلة دورهم القيادي بين حلفائهم»، معتبرة أن هذا سيجعل أمريكا وأوروبا والعالم مكاناً أكثر أماناً.
وذكرت المجلة أن ترامب يريد أن ترتكز التحالفات الأمريكية على المنفعة المتبادلة وأن ترتبط ارتباطاً مباشراً بالمصالح الوطنية الأمريكية، في سياسة عنوانها «لا مزيد من الامتيازات»، مشيرة إلى أن هذه السياسة تجد الآن استحساناً واستجابة بنّاءة من أوروبا «وإن كانت على مضض».
واستعرضت المجلة «العبء» الذي تحمّلته أمريكا خلال 80 عاماً منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث كانت الدولة الوحيدة المُستعدة للدفاع عن القارة ضد الاتحاد السوفيتي التوسعي، مشيرة إلى أن ذلك أثّر سلباً على تطور الأمن في أوروبا بطريقة لم تبدأ بمعالجتها إلا مؤخراً.
ففي العام الماضي فقط، بدأت غالبية أعضاء الناتو أخيراً بتخصيص 2% أو أكثر من الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق الدفاعي، وذلك بعد أكثر من عقد من الاتفاق على هذه الأهداف في قمة الناتو بويلز.