فورين بوليسي: تنظيم الإخوان الإرهابي يترنّح

فورين بوليسي: تنظيم الإخوان الإرهابي يترنّح

أدارت تركيا ظهرها للإخوان، الأمر الذي يقضي على واحد من آخر الملاذات الآمنة للتنظيم الإرهابي.قالت أنشال فوهرا، كاتبة العمود في مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، إن علاقات تركيا مع جماعة الإخوان وفروعها بدأت تشهد انهياراً منذ أكثر من عقد،. ومن هذا المنطلق، ترى الكاتبة أنه ربما تكون أهم بادرة على حسن النوايا من جانب تركيا تجاه دول المنطقة تخليها مؤخراً عن دعم التنظيم. وسارت الانفراجة التركية بالتوازي مع تقييد حركة جماعة الإخوان الإرهابية وقدرتها على العمل، حيث طلبت أنقرة من القنوات التلفزيونية التابعة لجماعة الإخوان وقف التغطية، وإغلاق إحدى الشبكات على الأقل. وتزامنت زيارة أردوغان إلى جدة العام الماضي مع إغلاق قناة “مكملين” الإخوانية بعد ثماني سنوات من البث انطلاقاً من اسطنبول.
كما رفضت تركيا تجديد الإقامة لأعضاء الجماعة أو المرتبطين بها في محاولة لتشجيعهم على المغادرة، ويقال إنها ألقت القبض على بعض القيادات، وتفكر في ترحيل كثيرين آخرين ربما إلى دولة ثالثة. كما قررت، على ما يبدو، إلغاء عضوية بعض أعضاء جماعة الإخوان من المواطنين الأتراك في حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان.
 
تركيا تدير ظهرها للجماعة
وأشارت الكاتبة إلى أن هذه التحركات ساعدت على حل المشاكل القائمة بين أنقرة والرياض، لكنها أثارت أيضاً علامات استفهام كبيرة حول مستقبل جماعة الإخوان الإرهابية. ففيما تدير تركيا ظهرها للجماعة، ما الذي سيحدث للمعارضين الأكثر إصراراً في المشهد السياسي الإسلامي؟ وربما الأهم من ذلك، ماذا سيحدث للمعارضة ذاتها في المنطقة؟ تتساءل فوهرا.
 
انقسامات وانشقاقات
بعد مرور أكثر من عقد من الزمان منذ أعطى ما يسمى بالربيع العربي الإخوان أول فرصة حقيقية لها على الساحة السياسية السائدة، انقسمت الجماعة الإرهابية إلى فصائل مختلفة، وتكافح الآن من أجل اكتساب شرعية بين المسلمين الأصغر سناً.وتصارع الجماعة الإرهابية من أجل البقاء، وثمة بصيص أمل خافت وحذر جدّاً بشأن ظهور معارضة أقل دوغماتية وأكثر ديمقراطية في المنطقة في نهاية المطاف.
وأشارت الكاتبة إلى أن جماعة الإخوان الإرهابية تشكّلت سنة 1928 لمواجهة الإمبريالية البريطانية وأسلمة المجتمع من خلال الشريعة، وصارت التنظيم الإسلامي العربي الأكثر نفوذاً، وأثمرت حركات سياسية، وألهمت أيضاً منظّرين أيديولوجيين يؤمنون بالعنف ويعارضون الثقافة الغربية ونهج الحياة الحديث.
 
فشل ذريع
وفي 2011، برزت الجماعة بوصفها القوة المعارضة الأشد قوة والأكثر تنظيماً في مصر في المظاهرات، ونجحت للمرة الأولى في الوصول بأحد أعضائها إلى رئاسة الجمهورية. وفي تونس، شارك حزب النهضة المنبثق من جماعة الإخوان كجزء في حكومة ائتلافية. لكن لأسباب مختلفة، من ضمنها الانقسامات العميقة وانعدام الخبرة في الحكم الفعلي، فشل كلاهما في تحقيق النتائج المنشودة.وقال تيموثي كالداس، نائب مدير معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، لمجلة “فورين بوليسي” إنه بينما لم تكن جماعة الإخوان الإرهابية وفروعها مجرّبة انتخابياً، “فعندما وصلت الجماعة إلى السلطة في مصر وتونس، لم تحقق النتائج التي كان ينشدها الناس».
كان الصعود السياسي للجماعة في مصر قصير الأمد، وسُجن الآلاف من أعضاء الجماعة وقادتها أو أُجبروا على العيش في المنفى، حيث فر معظمهم .
وانتقل عياش عبد الرحمن، المعارض المصري والعضو السابق في جماعة الإخوان الإرهابية، الذي ترك الجماعة بسبب خلافات سياسية في 2011، إلى تركيا التي كانت تمتلك فيها زوجته عقاراً. وعاش عبد الرحمن في إسطنبول لمدة ست سنوات حتى أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، عندما رفضت السلطات التركية تجديد إقامته، مما أجبره على الانتقال إلى المملكة المتحدة.
 
أنانية قادة الجماعة
ورد البعض انقسام الجماعة إلى ثلاث جبهات مختلفة إلى أنانية القيادة وفشلها في تقديم مصالح المسلمين الجماعية ونشر الشريعة الإسلامية.ويشار إلى الجبهة التي تتخذ من لندن مقرّاً لها باسم جبهة إبراهيم منير، تيمناً بزعيمها السابق الذي توفي العام الماضي هي الآن في إشراف صلاح عبد الحق البالغ من العمر 78 سنة، على الرغم من أنه يعيش في إسطنبول.
ويقود إحدى جبهتي اسطنبول محمود حسين، الذي ظل يحاول السيطرة على الموارد. ويطلق على الجبهة الثالثة اسم حركة تيار التغيير، وهي الجبهة الأكثر راديكالية التي تؤمن بالثورة المسلحة.
وقال عبد الرحمن إنه من واقع أحاديثه مع الأعضاء في مختلف الجبهات، يتبين أن جماعة لندن تتمتع بالسيطرة الكلية فيما تترك بعض المجال لجبهة محمود حسين في إسطنبول. وقد يبعث الصراع على رعاية أسر أعضاء الجماعة التي تعاني في مصر برسالة سلبية إلى من تبقى من داعمي الجماعة.
وكما هو الواقع الآن، فإن عجز القيادة عن إعادة تشكيل الجماعة وفقاً لمعطيات العصر تسبب بشعور الجيل الشاب من المسلمين في الشرق الأوسط بخيبة الأمل. وأضاف عبد الرحمن “لا يوجد تجنيد في الجامعات».
 
أزمة وجودية
وأوضحت الكاتبة أن جماعة الإخوان تمر بأزمة وجودية، ويؤمن القليلون بإمكانية خروجها منها سالمة. لكن هناك بعض جيوب النفوذ المتبقية. ففي ليبيا، تحظى حكومة الوفاق الوطني بدعم من جماعة الإخوان، وأعضاؤها في المعارضة السورية ما زالوا أحياء معافين، وإنْ كانوا موجودين في المنفى.
من جهته قال آرون لوند، الزميل في مؤسسة القرن والخبير في الشؤون السورية: “تركيا لم تضيق الخناق على جماعة الإخوان السورية بالطريقة ذاتها” التي ضيقت بها الخناق على الأعضاء المصريين في الجماعة.
وقال لوند لمجلة “فورين بوليسي” عبر واتساب: “أظن أن جماعة الإخوان أداة مهمة في سياسة تركيا تجاه سوريا، وهي أهم من أن يُتخلص منها ببساطة. لكن لو أحرز التقارب بين دمشق وأنقرة تقدماً، فيبدو ممكناً أن يواجه المعارضون السوريون شكلاً من أشكال الضغط والقيود».