في باخموت.. «إذا لم تحفر تموت»

في باخموت.. «إذا لم تحفر تموت»


نشر الجندي الأوكراني أوليه بنديك فيديو تم تصويره في الغابات الشرقية لأوكرانيا ظهرت فيه مجموعة من الجنود من الكتيبة 103 يحتمون في خندق رملي وحولهم معارك مستعرة. كانت هناك انفجارات وأزيز قذائف وأصوات أسلحة خفيفة. وسقط صاروخ غراد وسط أشجار الصنوبر، محدثاً كتلة هائلة من النار. ويقول جندي إن “بعض الأوغاد يطلقون النار علينا من مكان هناك. لكننا لا نستطيع أن نراهم بسبب الغابة”. ويضيف :”صاروخ غراد الآن! هل رأيتم كيف تعرضنا للقصف؟ هكذا هو الحال منذ السابعة صباحاً. والآن هي الحادية عشرة”.وكان بنديك ورفاقه الجنود يصدون هجوماً روسياً غرب كريمنيا، وهي مدينة استولت عليها موسكو العام الماضي. وعلى طول الجبهة، يدافع الجنود الأوكرانيون عن مدينة باخموت، التي كان يسكنها 70 ألفاً قبل الحرب. ويدور القتال هناك منذ أشهر.

مكاسب روسية تدريجية
ويقول مراسل صحيفة “غارديان” البريطانية في دونيتسك لوك هاردنغ، إن الجيش الروسي وجماعة فاغنر الأمنية الخاصة حققا مكاسب تدريجية في المنطقة. وفي يناير(كانون الثاني) سيطروا على مدينة سوليدار القربية. وحتى الآن لم يستطيعوا الاستيلاء على باخموت المدمرة، على رغم هجمات متكررة.
ولا يزال نحو نصف منطقة دونيتسك في إقليم دونباس تحت سيطرة كييف، بعد عام من الغزو الشامل الذي أمر به الرئيس فلاديمير بوتين. واستناداً إلى الاستخبارات الأوكرانية، فإن الرئيس الروسي أمر قواته بالإستيلاء على كامل منطقتي دونيتسك ولوغانسك بحلول نهاية مارس (مارس).
ويقول بنديك: “كان ذاك يوماً عادياً” في إشارة إلى فيديو الغابة، الذي تم تصويره في يناير(كانون الثاني). ويضيف أن “بعض الأيام تكون أسوأ بكثير، عندما يقتل بعض الجنود أو يجرحون. إن الروس لديهم الكثير من المدفعية. نحتاج إلى نيران مضادة أكثر».
وتظهر فيديوات أخرى تم تصويرها من قبل كتيبته، جنوداً يمشون بمرح وسط الثلج الكثيف، ويتدحرجون وسط ناقلة جند ويصرخون رعباً عندما حلقت مروحية على علوٍ منخفضٍ فوق آليتهم، التي أخطأتها المروحية ببضعة أمتار.

تطويق باخموت
وبعث بنديك إلى “غارديان” بفيديو عن دبابة للروس في مدينة إيزيوم خلال الهجوم المعاكس الدراماتيكي في منطقة خاركيف بشمال شرق البلاد في الخريف. وظهرت آليات مدمرة وشريط عن جندي جريح.
وتمكن الروس من تطويق باخموت من ثلاث جهات. وفي إمكانهم قصف الطريق الوحيد الذي يؤدي من وإلى المدينة، الذي هو عبارة عن طريق إمداد محفوف بالمخاطر. وليس من الواضح ما إذا كان في مقدور أوكرانيا الصمود أو ستجبر على الإنسحاب.

وفي عطلة نهاية الأسبوع الماضي، قال يفغيني بريغوجين مؤسس فاغنر وهو من الطبقة الأوليغارشية، إن قواته الخاصة قد إستولت على قرية ياهديني في الضواحي الشمالية لباخموت. ونفى الجيش الأوكراني ذلك، لكنــه اعترف بأن الروس يحاولـــــون التقـــــدم وقضم المناطــــق واحـــــدة تلو الأخـ-رى.
وقال جندي أوكراني يدعى ماليش ويبلغ من العمر 23 عاماً خلال فترة استراحة قصيرة من خط الجبهة عندما جاء إلى سوبر ماركت في مدينة كراماتورسك على مسافة 25 ميلاً إلى الغرب والواقعة تحت سيطرة الجيش الأوكراني: “لديهم (الروس) الكثير من المدفعية. لكن لن ندع باخموت تسقط”. وأضاف أن قتال شوارع يدور في باخموت و”الروس على مسافة 150 متراً منا في بعض الأماكن. لا نراهم لكننا نسمع أصواتهم».

وأشار ماليش إلى أن وحدته كانت تقاتل ضد قوات فاغنر. وقال: “إننا نعرف ذلك لأننا أسرنا أحد مقاتليهم. كان في السجن في روسيا، وأطلق سراحه كي يقاتل في أوكرانيا، ثم أسرناه. وعاد بذلك إلى وراء القضبان، إنه أمر مثير للسخرية”. وأضاف أن “مقاتلي فاغنر أسوأ من الجنود النظاميين. إنهم مجرد لحم. إنهم يواصلون الهجوم نحونا من اتجاه واحد».

نظام دفاعي ضخم
ويعتقد معظم المحللين أن طموح الكرملين بالوصول إلى حدود منطقة دونيتسك صعب. ويشيرون إلى الصعوبات اللوجستية والإفتقار إلى جنود من المشاة الروس. وإلى الغرب من باخموت، بنت أوكرانيا نظاماً دفاعياً ضخماً وشبكة من الخنادق. ويقع خلف الخط الدفاعي تجمعات سكانية بينها مدينتا كراماتورسك وسلوفيانسك، والمدينة الأخيرة سيطرت عليها مجموعات روسية لفترة وجيزة في صيف 2014.
وبات الجيش الأوكراني خبيراً في حفر التحصينات، وفق ما يقول الجندي المتطوع سيرهي هنزديلوف (22 عاماً). وقال إن الروس لن يكون في إمكانهم التقدم أكثر، ووصف كل مدينة في دونيتسك بأنها عبارة عن “قلعة مصغرة”. وأضاف: “إذا لم تحفر فإنك ستموت سريعاً في الحرب. وتبدأ مع حفرة صغيرة. ومن ثم تحفر واحدة أخرى قربها. وتستمر على هذا المنوال».