الاعتراف بدولة فلسطين اعتراف لا طائل منه أم تكريم أخير ؟

في غزة والضفة الغربية، ليس لدى الفلسطينيين أية أوهام

في غزة والضفة الغربية، ليس لدى الفلسطينيين أية أوهام


 في شوارع رام الله المزدحمة أو في مدن غزة المدمرة، يستقبل الفلسطينيون الاعتراف بدولة فلسطين بلامبالاة، يشوبها أحيانًا حماس خجول. في غزة، تُعيق الحرب والأزمة الإنسانية دبلوماسية الغرب الدقيقة. أما في رام الله وباقي الضفة الغربية، فتُهيمن الأزمة الاقتصادية والحياة اليومية التي تُطبعها الضوابط والمراقبة الإسرائيلية على النقاشات. من شقته في غزة، التي لم يغادرها رغم تكثيف الهجوم الإسرائيلي، يُلخص الصحفي الفلسطيني رامي أبو جاموس الوضع عبر البريد الصوتي قائلاً: «الشعب الفلسطيني في غزة غارق في المعاناة.

ما يحدث في بقية العالم عبثي». «تضطر العائلات لعمل كل شيء وتحمل المعاناة على أمل البقاء على قيد الحياة». بعد أكثر من 700 يوم من الحرب وأكثر من 64 ألف قتيل في القطاع الفلسطيني، يبدو هذا الاعتراف أجوفًا. ويضيف رامي أبو جاموس: «يبدو وكأنه تكريم أخير». يقول الصحفي الفلسطيني، وهو يتحسّر: «يُقال لنا: <نعترف بكم>، في اللحظة التي تموت فيها فلسطين، ويُذبح سكانها، ودون أن يحرك أحد ساكنًا لمنع اختفائها». 
يقول السيد، البالغ من العمر 34 عامًا: «لا وجود لدولة فلسطينية». ويضيف متحسّرًا: «منذ اتفاقيات أوسلو عام 1995، التي كان من المفترض أن تمهد الطريق لإقامة دولة فلسطينية،، ونحن تحت الاحتلال». يضيف زياد، البالغ من العمر 77 عامًا، جالسًا خارج مطعمه في وسط مدينة رام الله: «الدولة الفلسطينية لا وجود لها، ولن تكون موجودة قريبًا». وُلد زياد عام 1948 في الرملة، وهي قرية هجّرها الجيش الإسرائيلي بالكامل في العام نفسه خلال الحرب العربية الإسرائيلية. ويضيف وهو يهز رأسه: «منذ النكبة « مررتُ بكل شيء. لم يكن الوضع في فلسطين أسوأ مما هو عليه اليوم». ويضيف: «والأسوأ من ذلك، أنه لا يوجد شيء يمكننا فعله». في رام الله، لا يملك سامر سنجلاوي، المعارض الفتحاوي لمحمود عباس، أي أوهام: «اتخذ إيمانويل ماكرون هذا القرار تحت ضغط من الشعب الفرنسي، وليس من الشعب الفلسطيني». ويتابع: «إذا رضي بهذه البادرة الرمزية، فلن تكون ذات جدوى».إذا سعى محمود عباس  إلى إصلاحات حقيقية داخل السلطة الفلسطينية، بما في ذلك الانتخابات، فستكون هذه البادرة في صالح فلسطين،» يضيف.  في مقهى قريب، يندد يحيى بسخرية الدول الغربية. يقول ساخرًا: «أوروبا قررت القيام بشيء ما لمجرد أنها لم تعد قادرة على التباهي بالتفوق الأخلاقي والسماح بحدوث إبادة جماعية. إن الاعتراف بدولة فلسطين هو وسيلة للحكومات لإبلاغ شعوبها بأنها تفعل شيئًا ما. ولكن ما الذي سيغيره ذلك؟» سأل. ومع ذلك، رحب بعض الفلسطينيين بهذه البادرة هنا وهناك. قال علي في إحدى ساحات رام الله: «علينا أن نبدأ من نقطة ما». ويأمل فياض: «إذا حذت دول كافية حذونا، فربما يُجبر ذلك الحكومة الإسرائيلية على الرضوخ». من جانبها، رحبت السلطة الفلسطينية بالجولة الأولى من الاعتراف من كندا وأستراليا والمملكة المتحدة يوم الأحد. وقالت الرئاسة: «هذه خطوة مهمة وضرورية نحو تحقيق سلام عادل ودائم». ومع ذلك، سُمعت في الضفة الغربية تهديدات بالانتقام من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزيري اليمين المتطرف إيتامار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش. وأوضح أحمد الصيادين، الذي يعمل في بلدية رام الله: «سيؤدي هذا الاعتراف إلى تسارع النشاط الاستيطاني على أراضينا». وأضاف: «لقد كانت الحكومة الإسرائيلية واضحة تمامًا في هذا الشأن». 
من مخيم دير البلح في قطاع غزة، حيث لجأت مع عائلتها، تنتظر نور شروان الآن إجراءات ملموسة. وقالت في رسالة صوتية: «الاعتراف ليس سوى خطوة أولى. الآن، يجب على فرنسا والدول الغربية... «اتخاذ خطواتٍ لإنهاء المجزرة التي تشهدها غزة. منذ 700 يوم، نعاني من النزوح والتشرد والموت».