سيلاس مالافيا من أكثر الشخصيات نفوذاً في البرازيل:

قس بولسونارو وخزّان الناخبين الإنجيليين...!

قس بولسونارو وخزّان الناخبين الإنجيليين...!

-- يحظى لولا بدعم 32 بالمائة فقط من الإنجيليين، في حين يفضل 49 بالمائة منهم بولسونارو
--  أنا لا أدين بشيء لبولسونارو، ولا أتردد أبدًا في التحدث عن السياسة
-- تشير التوقعات الديموغرافية إلى أن الانجيليين سيشكلون الأغلبية بحلول عام 2035
-- يشترك الرجلان في نفس الرؤية المحافظة المتطرفة للمجتمع البرازيلي
-- كسب تأييد الناخبين الإنجيليين، أصبح أمرًا ضروريًا لأي مرشــــح للرئاسة


    سيلاس مالافيا، هذا القس الثري للغاية مقرب من الرئيس البرازيلي الذي يتقاسم معه المواقف المحافظة جدا. على رأس كنيسة قوية، يضمن له دعم جزء مهمّ من الاتباع الإنجيليين، وهم من الناخبين الرئيسيين في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى يوم الأحد.
   على الرغم من أن البرازيل تجد صعوبة في التعافي من الوباء، وأن 33 من أصل 214 مليون نسمة يعانون الآن من الجوع، فإن الأزمة لا تؤثر على الجميع بنفس الطريقة. في حي تاكوارا الشهير، غرب ريو دي جانيرو، يظهر مقر جمعية الكنيسة الخمسينية لنصر الله في المسيح، وهي واحدة من أهم المؤسسات الإنجيلية في البلاد، كمتطفل فضولي.

   من خلال الاسم المكتوب بأحرف كبيرة على واجهة بيضاء، وبوابة آلية وقاعة مدخله، يبدو المكان وكأنه أحد نوادي التكنولوجيا الجديدة في كاليفورنيا بينما ينزّ محيطه فقرًا.  
 ومع ذلك، تقول المضيفة الساحرة أنه هنا أيضًا تسبب كوفيد في اضرار. “مثل الكثير من المؤسسات المحلية، تتنهد قائلة، عانينا كثيرا... لقد انتقلنا من 600 موظف إلى أقل من 300 موظف”. ومن شكاواها، نحتفظ خاصة بأنّ جمعية الكنيسة الخمسينية لنصر الله في المسيح، ليست مجرد كنيسة مكرسة للعبادة ولكنها أيضًا عمل يحتاج إلى إدارته».

   المبنى الرئيسي لا يختلف عن باقي المجمّع. يؤدي الدرج الأنيق إلى غرفة انتظار مفتوحة مؤثثة بأسلوب رصين مع أريكة جلدية وطاولة زجاجية ومزهريات تتناسب مع الديكور. على الجدران الرمادية، إطارات منقوشة تتضمّن بعض المقولات المشكوك في عمقها، منها: “لا يوجد إنسان بدون تاريخ ولا تاريخ بدون إنسان».
   كان علينا الانتظار، الرئيس مشغول، وصراخه يعلو من داخل مكتبه. فتح بابه أخيرًا، واعتذر عن التأخير، وليس الصراخ. إليكم خفايا أحد أكثر الشخصيات نفوذاً في البرازيل. واحد من أكثر إثارة للجدل أيضًا... القس سيلاس مالافيا.

«أنا صديق ومستشار
 في الوقت نفسه»
    ... في سن 64 عاما، الشخصية، التي تقدم نفسها على أنها “أول رجل دين ظهر على شاشة التلفزيون البرازيلي، قبل أربعين عامًا”، من الواضح أنه متعود على الإعلام. منتبه، لا يبدو عليه الارهاق بعد لرحلة طويلة قام بها في الأيام الاخيرة مع جايير بولسونارو، رئيس الدولة اليميني المتطرف المرشح لولاية جديدة يوم الأحد، يوم الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية.

    أخذتهما هذه الجولة المصغرة أولاً إلى لندن لحضور جنازة إليزابيث الثانية، ثم إلى نيويورك لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة. بأي صفة يجد رجل الدين نفسه على متن الطائرة الرئاسية؟ ما هو الدور الدقيق الذي يلعبه مع ترامب الاستوائي؟ “أنا صديق ومستشار” يمرّر ببساطة... “تأثير مالافيا على بولسونارو هائل”، يصحح رافائيل سواريس غونسالفيس، الأستاذ في الجامعة البابوية الكاثوليكية في ريو.
    ويعترف الشخص المعني، أنه أعاد قراءة وتصحيح الخطاب الذي ألقاه الزعيم الشعبوي على منصة الأمم المتحدة قبل ثمانية أيام. ويضيف إنه أقنعه بالمشاركة في المناظرة التليفزيونية الثانية يوم السبت الماضي بينما كان الزعيم الشعبوي مترددًا في أن يخوضها.

    بين مالافيا وبولسونارو، حسب رواية الأول، قصة “تعود إلى عام 2006”، عندما كان الثاني لا يزال نائبا فقط بلا وزن ومكانة. التقيا خلال نقاش عام بين سياسيين ومجتمع مدني. يقول القس: “كان يحب دائمًا المشاركة في هذه المناقشات عندما تتناول مواضيع الإجهاض أو زواج المثليين أو المخدرات”. غالبًا ما كانت مواقفنا متطابقة لأنها كانت دائمًا مرتبطة بشكل طبيعي بالقيم المسيحية وخاصة الإنجيل.
وبنيت صداقتنا على هذه المبادئ”، لأن الرجلين يشتركان في نفس الرؤية المحافظة المتطرفة وفي غاية الرجعية للمجتمع البرازيلي، مع عبادة الأسرة المقدسة والقيم المسيحية، والاشمئزاز الشديد من المثلية الجنسية، واشمئزاز عميق من اليسار، وبشكل أكثر دقة لحزب العمال بزعامة لولا، رئيس الدولة السابق والمرشح الآن في انتخابات 2 أكتوبر.

   في نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ستعمل ميشيل، رفيقة بولسونارو المؤثرة والورعة للغاية، على تسريع التقارب بين الرجلين، من خلال حضورها أكثر فأكثر للصلوات التي يحييها سيلاس مالافيا. عام 2013، كان القس هو من اقام مراسم زفافهما، الثالث لهذا الرئيس الغير الودود للغاية مع النساء. على الرغم من أن بولسونارو لا يزال كاثوليكيًا، فقد تعمد في إسرائيل، في مياه نهر الأردن عام 2016.

«مالافيا يسيطر سياسيا
على جميع معابده»
   إذا كان إيمان الزعيم البرازيلي مؤكدا، مثل كراهيته للمرأة ورهاب المثلية، فإن هذا الالتزام لا يخلو من الحسابات. لأن كسب تأييد الناخبين الإنجيليين، أكثر تنوعًا سياسيًا وفي لون بشرتهم مما هو عليه الحال في الولايات المتحدة، أصبح أمرًا ضروريًا لأي مرشح للمنصب الأعلى.
   خلال هذه الحملة، قام لولا أيضًا بمحاولات الاصطياد على هذه الأراضي بنجاح محدود لأنه وفق معهد الاستطلاع داتافولها، يحظى بدعم 32 بالمائة فقط من الإنجيليين، في حين يفضل 49 بالمائة منهم بولسونارو. ان شراكته مع باعث جمعية الكنيسة الخمسينية لنصر الله في المسيح، التي تضم كنيستها أكثر من 12 مليون من الاتباع، ليست عديمة الفائدة. ويشير الباحث رافائيل سواريس غونسالفيس، إلى أن “لمالافيا سيطرة سياسية على جميع معابده».

   يتبنى القس الراديكالي الحق في التحدث عن الشؤون العامة خلال خطبه الدينية. “كمواطن، لدي نفس القدر من الحق الذي للشيوعي. لم أتردد أبدًا في التحدث عن السياسة، ولهذا السبب اتمتع بمصداقية لدى أتباعي».
   مثل قبل أربع سنوات، يقرّ مؤلف كتاب “كيف تهزم استراتيجيات الشيطان”، قيامه ببعض الإصلاحات لمرشح الحزب الليبرالي الذي يعجبه “لطاقته المذهلة”.
كما أنه يبرئ ظهوره الصاخب والمهين، ولا سيما هذا الشغف الجديد بكلمة “لا يمكن التخلي عنه”، والتي دفع مؤيديه الى الهتاف بها في اجتماع ريو الكبير في 7 سبتمبر. لكن رجل الدين يقول أيضًا، إنه لا يخشى “فتح فمه” عندما لا يتفق مع رئيسه، كما هو الحال في سياسته المؤيدة للسلاح والتي لا يوافق عليها. “أنا متحالف ولست مستلبا”، يكرر القس. “أنا لا أدين بشيء لبولسونارو”، يقول أيضا... سنرى.

    في أغسطس، مدد الرئيس فجأة الإعفاء الضريبي للقساوسة. وبحسب وسائل إعلام محلية، تلقى شقيق رجل الدين، صموئيل مالافيا، نائب ولاية ريو، من الحزب الليبرالي إعانات مالية لتمويل حملة إعادة انتخابه تزيد ثمانية أضعاف عن المرشحين الآخرين في حزب الرئيس.
   المال بالنسبة لسيلاس مالافيا، الذي ينشر هيكله كتب وسجلات الإنجيل، ليس مسألة ثانوية. عام 2013، قدرت فوربس الثروة بـ 150 مليون دولار عام 2013. ان “ما يخشاه ليس المثليين أو تقنين الإجهاض، وانما ان يرى أتباعه يتخلون عن كنيسته ويتوقفون مستقبلا عن دفع ضريبتهم”، يتهم كوزمي فيلبسن، قس مرتبط بحزب العمال.

   أثناء القداس الذي حضرناها في الكنيسة الرئيسية للحركة في ريو في منطقة بنها، كانت الات البطاقات المصرفية تتنقل بين الصفوف بينما تدعو الرسائل على الشاشات العملاقة الاتباع لإجراء تحويلات بنكية.
   يمتلك رئيس جمعية الكنيسة الخمسينية لنصر الله في المسيح أيضًا طموحات كبيرة. “لقد افتتحنا 69 معبدًا منذ يوليو 2020 ونتوقع افتتاح 20 معبدًا آخر بحلول نهاية ديسمبر”. ويبدو المستقبل مشرقاً لكل حركات الخمسينية في البرازيل. وبينما يشكل الإنجيليون الآن ثلث سكان البلاد، تشير التوقعات الديموغرافية إلى أنهم سيشكلون الأغلبية بحلول عام 2035.