رئيس الدولة يؤكد دعم الإمارات لتسوية النزاعات والتحديات في العالم عبر الحوار والحلول الدبلوماسية
كم انتفاضة في إيران لتتشدد واشنطن مع النظام؟
انتقدت الزميلة في مركز ويلسون، جنيف عبده سياسة الرئيس جو بايدن مع إيران وتأييد مؤسسات الرأي الأمريكية للانفتاح على النظام في طهران.
وأشارت في “ذا هيل” إلى اعتراف الرئيس الأسبق باراك أوباما في بودكاست في أكتوبر -تشرين الأول بارتكاب “خطأ” حين امتنع عن دعم تظاهرات 2009-2010 في إيران بطرق بارزة. في ذلك الوقت، شكلت التظاهرات أهم تحد للنظام الإيراني منذ تأسيسه. وحسب العديد من المحتجين الإيرانيين، تكرر دوائر مؤثرة في واشنطن ذلك الخطأ بعد دخول الانتفاضة الحالية شهرها الرابع. وعلى عكس تظاهرات الحركة الخضراء في 2009-2010، تمثل حركة اليوم تهديداً أعظم بكثير للنظام منذ 1979. من المبكر جداً القول بشكل قاطع إن النظام سيسقط لكن تغييراً في استراتيجيته مع شعبه والمنطقة أمر ممكن.
التوقف عن الخطأ نفسه
تابعت الكاتبة أن بعض الديموقراطيين البارزين، ومؤسسات الرأي اليسارية، وأعضاء من إدارة بايدن يبدون واثقين جداً أن النظام سيبقى كما كان في السابق، إلى درجة أنهم يفشلون في اغتنام اللحظة لمساعدة المحتجين. يبدو أنهم يراهنون على إعادة التواصل مع النظام الإيراني في مرحلة ما في المستقبل على ثلاث قضايا أساسية، الاتفاق النووي الفاشل، والعسكرة الإيرانية المتزايدة في الشرق الأوسط، وانتهاكاته لحقوق الإنسان.
في ديسمبر(كانون الأول)، لمح بايدن نفسه إلى أن الاتفاق النووي ميت لكنه رفض بعدها إعلان ذلك رسمياً. وتسأل عبده عن عدد الانتفاضات الإيرانية التي على الأوساط الثرثارة في واشنطن رؤيتها قبل أن تتوقف عن ارتكاب الخطأ نفسه.
تصف عبده كيف سارت في شوارع طهران في 1999 مراسلة لصحيفة ذا غارديان، حين اندلعت أول تظاهرة كبرى منذ ثورة 1979.
كان الحديث في واشنطن حينها كما هو الآن، تمتمات عن دعم للشعب الإيراني لكن دون تغييرات بارزة في السياسة مع النظام.
من المهم فهم أن الخبراء والمسؤولين الحكوميين أنفسهم الذين يزعمون أنهم مناصرون لقضايا حقوق الإنسان حول العالم، تصبح لديهم أهداف أخرى حين يتعلق الأمر بإيران. يشمل ذلك مسؤولين في إدارة بايدن مثل وزير الخارجية أنتوني بلينكن، والموفد الخاص المتشدد، في الانفتاح على، إيران روبرت مالي.
دفاع ماكر
لم يوفر النظام الإيراني أي دليل على معالجة المخاوف الثلاثة المذكورة والمهمة عند واشنطن. مع ذلك، تواصل بعض غرف الصدى التي تميل إلى اليسار في واشنطن الدفاع عن التفاوض مع النظام، رغم التعذيب والضرب وإعدام المحتجين منذ سبتمبر-أيلول.
يأتي هذا الدفاع بأشكال ماكرة بدءاً بمقالات الرأي التي تقول إن العقوبات لم تعمل قط، وبالتالي على وزارة الخزانة ألا تراكم المزيد منها على إيران، وصولاً إلى حجج خاطئة عن معالجة إيران أزمتها الحالية بخطوات مثل إلغاء ما يسمى شرطة الأخلاق التي كلفت بضرب المحتجين.
تؤكد عبده أن إيران لا تحتاج إلى هيئة إنفاذ محددة لقتل مواطنيها، لقد قتلت دون توقف منذ الإعلان الزائف لإلغاء شرطة الأخلاق منذ أسابيع.
يتصرف بعض خبراء مؤسسات الرأي الذين يبدون عكس السياسة الأمريكية التي قد تسرع إسقاط النظام الإيراني، مثل مناصرين له عوض أن يكونوا محللين محايدين. بعضهم لم يذهب إلى إيران طيلة عقود، بعضهم لم يذهب إليها قط.
حين يسأل الصحافيون عن دوافع هؤلاء يأتي الجواب غالباً بأن الانخراط مع إيران، وبالتالي تجنب الانتقاد العلني مهما كان للنظام، ضروري لمنع تطوير إيران سلاحاً نووياً.
لقد ثبت خطأ الحجة. حتى قبل أن تبدأ إدارة أوباما نقاشات جدية مع طهران، بذريعة أن اتفاقاً نووياً كان ضرورياً في المطلق مهما كانت الكلفة، قال مسؤولون استخباريون في إحاطات خاصة، إنه لم تكن لإيران نية لتطوير سلاح نووي. والحقيقة أن إيران ستطور سلاحاً نووياً إذا كان النظام يعتقد أن له مصلحة في ذلك.
علاوة على ذلك، وحين كان الإيرانيون يعدون واشنطن بمفاوضات في المستقبل على قضايا مثل توسعهم العسكري في الشرق الأوسط، لو وقع اتفاق نووي، كان مسؤولون إيرانيون يقدمون إحاطات خاصة، من بينها إحاطة حضرتها الكاتبة في أوسلو، قالوا خلالها العكس تماماً، أي أنهم لم ينووا قط مناقشة قضايا تقلق الولايات المتحدة ودول الخليج العربي، لا يومها، ولا في أي وقت على الإطلاق.
لفتت الكاتبة إلى سؤال طرحته على رئيس إحدى مؤسسات الرأي في واشنطن عن سبب توظيفه “خبيراً” إيرانياً يدافع عن مصالح النظام في الولايات المتحدة، بينما يتعرض آلاف الإيرانيين لأعمال وحشية خلال الانتفاضة الحالية، أو للإعدام، فقط لأنهم يعبرون عن رأيهم.
أعرب عن قلقه على المحتجين الإيرانيين لكنه دافع عن التوظيف في مؤسسته بصفتها “صارمة” دون التطرق إلى المسألة فعلياً.
متحدثون باسم النظام
حضر بعض “خبراء” مؤسسات الرأي إحاطات خاصة في نيويورك طيلة سنوات مع وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف، وكرروا دعايته السياسية دون أسئلة أمام وسائل الإعلام الأمريكية.
لقد خدموا متحدثين باسم ظريف بينما قدموا أنفسهم”خبراء” موضوعيين مع معلومات “حصرية” من مسؤولي النظام.
بالنسبة إلى المسؤولين الأمريكيين فسيكون من المنطقي أن يعمل الذين يركزون على النظام، خاصةً الموفد مالي، مع المعارضين في إيران ومع الإيرانيين الذين هربوا من بلادهم على مدى عقود، لا مع المسؤولين الإيرانيين، وحسب. ومع ذلك، لا يبدو أن هذا هو الحال، في الماضي والحاضر، ناصر مالي دون توقف الاتفاق النووي، بما في ذلك أيضاً حين ترأس مجموعة الأزمات الدولية التي كانت هي نفسها داعمة للاتفاق النووي، ولاستجداء إيران لفترة طويلة.
ما تفهمه طهران
مع مواجهة المزيد من الإيرانيين الإعدام، والضرب، والسجن، تفشل الحكومة الأمريكية مجدداً في الرد بفاعلية على الانتفاضة الإيرانية التي يمكن أن تغير تاريخ النظام ما بعد الثورة، بينما يساعد كثيرون في مجتمع مؤسسات الرأي في واشنطن النظام ليبقى واقفاً على قدميه.
ما تفهمه طهران من كل ذلك، حسب عبده، هو أن واشنطن ستكرر ما فعلته سابقاً في 1999، وفي 2010، لا شيء والانتظار. وبالتالي، لا ترى طهران أي عقاب في نهاية النفق وأخطاراً قليلة قبل الوصول إليه.