كورونا ينسف خطط بوتين
كتبت الصحافية سيلفي كوفمان في صحيفة “لوموند” الفرنسية أن الأزمة العالمية المتمثلة في تفشي وباء كورونا وانهيار أسعار النفط تهدد خطط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وكان مفترضاً أن يكون يوماً مهماً لبوتين، مع توجه الروس إلى مراكز الاقتراع لإقرار إصلاحات دستورية وضعها للبقاء في السلطة حتى 2036. ولكن كوفمان ترى أن كورونا خرّب كل شيء. فمع أن الفيروس وصل متأخراً إلى روسيا يتوقع أن يبلغ ذروته فيها بمايو (أيار).
إرجاء الاقتراع .. وأرجأت السلطات الروسية الاقتراع، ولم تحدد أي موعد جديد له. ففي موسكو كما في باريس، لا أحد قادراً على القول متى يمكن إجراء تصويت في ظروف صحية آمنة. والاضطراب الاقتصادي ليس أفضل، فمن يريد إجراء استفتاء في وقت بلغت البطالة أعلى مستوى لها وتراجعت العائدات؟. ولفتت كوفمان إلى أن كارثة أخرى تلوح في الأفق لروسيا. فإذا كانت أنباء انهيار سعر برميل نفط خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي إلى ما دون الصفر يوم الاثنين، هزتّ واشنطن، فلا بد أنها تسببت في عرق بارد للكرملين. وبالنسبة لروسيا التي كان اقتصادها المعتمد بشكل كبير على عائدات النفط، راكدًا بالفعل قبل هذه الأزمة، فإن احتمال حدوث انخفاض دائم في أسعار النفط يعتبر كارثياً، وخصوصاً أن الموازنة الروسية تُحتسب على أساس 42.50 سعر دولاراً لبرميل النفط.
خطأ التقدير .. ولكن الكاتبة تلفت إلى فيروس كورونا ليس المذنب الوحيد، معتبرة أن الانهيار ناجم أيضاً من خطأ في التقدير من الحكومة الروسية التي كانت متحالفة مع السعودية هذا الشتاء وأرادت تقويض شركات النفط الصخري الأمريكي من خلال شن حرب أسعار عنيفة. وأدى فشل التحالف بين الرياض وموسكو إلى اضطراب في السوق وهبوط مؤلم في أسعار النفط دون 30 دولاراً للبرميل. وفي أواخر مارس(آذار)، تفاوض دونالد ترامب على “هدنة” مع فلاديمير بوتين وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لكن قوى السوق التي أطلقها وباء أدى إلى انخفاض الطلب العالمي، تفرض قانونها على الديبلوماسية.
أسوأ الأوقات .. ويأتي كل هذا في أسوأ الأوقات بالنسبة لروسيا وللرئيس بوتين الذي أعلن في يناير ( كانون الثاني )عن خطة استثمار عام، وخاصة في المجال الاجتماعي يفترض أن تعيد له شعبية بين السكان الذين أرهقتهم سنوات من التراجع في المداخيل. وقال الاقتصادي الروسي سيرغي جورييف، الأستاذ في العلوم السياسية إن روسيا لديها صندوق ثروة سيادي كبير يعادل ما بين 10% و 12% من ناتجها المحلي الإجمالي، لذا “أمامها حوالي عامين قبل أن تضطر للذهاب إلى الأسواق للاقتراض».
تردد .. لكن بوتين لذي لم ينس ذكرى التسعينات عندما اضطرت روسيا بوريس يلتسين إلى طلب المساعدة الدولية، متردد في تجرع هذه الكأس. فهل سيكون قادراً على المقاومة لفترة طويلة؟.
ويقول أحد الخبراء المعارضين إن “ثلثي الروس ليست لديهم مدخرات، وإذا لم يتقاضوا رواتب لا يأكلون”. ويلاحظ أن احتياطات الطاقة “هي أموال تخصص للأيام السيئة، والأيام السيئة هنا».
احتفالات النصر.. ومن الأضرار الجانبية الأخرى لكورونا اضطرار الكرملين إلى تأجيل الاحتفالات بالذكرى 75 لانتصار الحرب العالمية الثانية، المقرر في 9 مايو (أيار) في موسكو.
وكان لدى بوتين توقعات عالية لهذا الحدث، بما فيها استضافة العديد من الزعماء بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وقال المحلل دميتري سوسلوف من كلية الاقتصاد في موسكو: “كانت هذه المناسبة طريقة لتكريس السرد التاريخي الروسي».
لذا، يرغب بوتين في تنظيم هذا العرض في موعد آخر، ولكن من هي الشخصيات البارزة التي ستقف جنباً إلى جنب في الساحة الحمراء، كما في الأيام الماضية؟.