مخاوف من اندلاع صراعات جديدة

كورونا يوسّع الفجوة بين دول الشرق الأوسط

كورونا يوسّع الفجوة بين دول الشرق الأوسط


وصل وباء فيروس كورونا إلى الشرق الأوسط في منتصف فبراير( شباط) الماضي، مع تقارير عن انتشاره في إيران. ومع بداية مارس( آذار) الجاري، أعلن وجود الفيروس في عدة دول، لكن بمستويات منخفضة نسبياً لعدة أسابيع.
واليوم، تسجل المنطقة، مثل معظم أرجاء العالم، آلاف الحالات الجديدة يومياً. ولكن، تباينت الإجراءات ضد الوباء بين الإغلاق على طريقة المملكة المتحدة وأساليب أكثر مرونة.
وتواجه محاولات القضاء على الفيروس عراقيل بسبب حروب أهلية، وتهديدات إرهابية، وحركات تمرد، ودول ضعيفة لا تسيطر بالكامل على أراضيها، وفق سيث فرانتزمان، الكاتب لدى “منتدى الشرق الأوسط”، ومؤلف كتاب” ما بعد داعش: أمريكا وإيران والصراع على الشرق الأوسط”.
وفرضت إيران في 26 مارس( آذار) حظراً على حركة السفر الداخلي بين مناطقها في محاولة لإبطاء تفشي الفيروس، الذي أصاب أكثر من 30 ألف شخص. وواجهت انتقادات لإخفاقها في الإعلان عن الإصابات في وقت مبكر، أو لأنها لم تفرض قيوداً في فبراير( شباط) الماضي.
 وطالبت إيران برفع العقوبات عليها، ولكنها رفضت مساعدات من مجموعات مثل “أطباء بلا حدود”.

تراخٍ
ووفق تقارير، أدى سوء تعامل إيران مع الوباء لوصول الإصابات إلى أفغانستان، والكويت، والبحرين، ولبنان، ودول أخرى.
وردت إيران على اتهامها بالتراخي الذي مكن الفيروس من الانتشار، باتهام الولايات المتحدة بشن “حرب بيولوجية” ضدها، ونشر نظريات المؤامرة التي تقول إن واشنطن أنتجت الفيروس.
وسرت تلك الرواية وسط حلفاء إيران في المنطقة، مثل المتمردين الحوثيين في اليمن، الذين ينظرون إلى الفيروس باعتباره مكيدة. وهذا ما يصعب محاولات القضاء على الفيروس بشكل شامل بسبب قلة التعاون الإقليمي ضده.
وكتب فرانتزمان في موقع “ذا هيل” الأمريكي أن ثمة فجوة رئيسية أخرى في المنطقة بين الدول الغنية والفقيرة.
ففي دول مجلس التعاون الخليجي يتراوح فيها الناتج المحلي الإجمالي للفرد بين 2000 و 70 ألف دولار، ما يجعل تلك الدول من بين أغنى الــدول وأكثرها تطوراً في العالم.
وفي المقابل، تفتقر دول أخرى في المنطقة تأثرت بحروب أهلية إلى موارد تكفي لمحاربة الفيروس، ومنها اليمن، وليبيا، وسوريا، والعراق، وقطاع غزة.

إغلاقات
وحذت دول الشرق الأوسط حذو أوروبا بإغلاق حدودها وفرض حظر تجول.
وكانت منطقة كردستان في العراق بين أول من طبق تلك الإجراءات في بدايـــــة مارس (آذار) الجاري، قبل الأردن وإسرائيل، في منتصف مارس (أذار) الجاري.
ولكن استمر تجمع الحشود في العراق بدافع أحداث سياسية، رغم الإرشادات عن وجوب التباعد الاجتماعي.
وعندما أطلق سراح سجين فلسطيني في 24 مارس(آذار) الجاري، خرج مئات لاستقباله في جنين، رغم حظر السلطة الفلسطينية التجمعات العامة.
وتفرض مصر ظاهرياً منع التجول، ولكن لا يعرف بعد مدى قدرة السلطات على فرض تلك الإجراءات داخل المدن المزدحمة.
وفي سوريا، يقول بعض السكان إنه لا تتوفر لهم وسيلة لاختبار الفيروس.
 وقد فرضت السلطات حظر تجول في بعض المناطق، ولكن المنطقة مقسمة.
وفي وجود ملايين من النازحين داخلياً ومخيمات لاجئين، لا يعرف كيف يمكن لسوريا إدارة الوباء.
وتقول دمشق إنها سجلت بضع إصابات بالفيروس، لكن دون اختبارات، لا يُعرف إذا كانت هناك إصابات في مناطق خارجة عن سيطرة الحكومة.

صورة مقلقة
وتبدو الصورة في المنطقة مقلقة. فقد وثق مجلس الشرق الأوسط للتحرير والتحليلات، في 25 مارس( آذار) وجود 36389 إصابة، بزيادة قرابة 8 إصابة في يومين، وهو الوضع نفسه الذي تواجهه دول أخرى، ولكن الوضع في الشرق الأوسط فريد بسبب  انقساماته التي سببتها صراعات وحركات تمرد.
وتشكل المنطقة، على المستوى الدولي، جسراً بين دول ما وراء الصحراء الأفريقية التي تفتقر أيضاً لمعدات الاختبار وإجراءات لمواجهة الفيروس، وبين دول أغنى في أوروبا تكافح أيضاً كورونا، ولن تستطيع، على الأرجح تقديم المساعدة.
وحسب الكاتب، يبقى الجانب الإيجابي الوحيد في المنطقة هو ما يقال عن تخصيص مجموعات متطرفة، مثل حماس وحزب الله، موارد لمحاربة الفيروس عوض مهاجمة الآخرين.
 ولكن، إذا أضعف الوباء دولاً وزاد معدل الفقر، يبدو أن الأمر لن يكون سوى مسألة وقت قبل أن تندلع صراعات جديدة.