على الرغم من المنافع المتعددة التي تقدّمها التقنيات السحابية للشركات منذ بضع سنوات، فقد استمرت تطبيقاتها غير المحدودة بإحداث تغيير جذري في الكثير من القطاعات. ساعدت الحوسبة السحابية الشركات على التطور، مع تحويل الخدمات التقليدية إلى حلول مبتكرة تلبّي احتياجات كلّ من الشركات والمستهلكين.
وفي بيئتنا سريعة التغير، لجأت باقة واسعة من القطاعات إلى التقنيات السحابية من أجل ضمان الفاعلية واستمرارية الأعمال. لنأخذ القطاع الرياضي على سبيل المثال- إنه على أعتاب تحوّل رقمي هام حيث يُنتظر من التقنية السحابية إعادة تعريف فعاليات كبرى، إلى جانب ضمان قيمة هائلة للرياضيين والفرق والمشجعين على مستوى العالم.

بينما يجتاز القطاع مرحلة تغير غير مسبوق، أصبحت أهمية القدرة على ملاحظة هذا التغير والاستجابة له بفاعلية أكبر من أي وقت مضى. من المحتمل أن يظل الوباء تحدياً خطيراً طوال العام 2021 وبالتالي فمن الضروري للمؤسسات المعنية بالرياضات أن تستثمر في الحلول السحابية- بحيث تشمل كل شيء ابتداءً من منصات البث والواقع المعزز أو الافتراضي وانتهاءً بتقنية الاستشعار التي  تعتمد على الذكاء الاصطناعي، و"المشجعين الافتراضيين"- من أجل رفع مستوى تفاعلها على مدار العام. ويقدم لنا فيليب ليو، مدير عام "علي بابا إنتليجنس" في الشرق الأوسط وأفريقيا نظرة حول كيفية استفادة القطاع الرياضي من التكنولوجيا السحابية.

التخطيط الرياضي الذكي
يستطيع مخططو المدن والفعاليات الاستفادة من رقمنة الفعاليات الرياضية، لا سيما وأن الحلول الرياضية المبتكرة تسهّل وضع الخطط الذكية. وهذا يعني أن الانتقال من وإلى الفعاليات المباشرة الكبرى سيكون أكثر سلاسة وفاعلية في المستقبل بفضل إمكانية تحسين حركة المرور وتوفير وسائل المواصلات العامة وأماكن الاصطفاف وأنظمة الطوابير باستعمال التقنيات السحابية.
بالاعتماد على الأعداد المتوقعة للزوار، يستطيع منظمو الفعاليات تقييم الكثافة المرورية في المدينة وإتاحة أساطيل الحافلات وسيارات الأجرة بناءً على الطلب والسعة في الزمن الحقيقي. وستسهم هذه المعلومات والاستجابة القائمة على البيانات في إدارة الحالات الطارئة، مثل الحوادث المرورية على الطرق أو تسريع أوقات الاستجابة في حالات الحوادث الطبية. وفي موقع انعقاد الفعاليات الرياضية، يستطيع المنظمون والمتفرجون التأكد من اتباع معايير عالية للسلامة والصحة بفضل برمجية التنبؤ وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المرئية.

خدمات محاكاة الفعاليات
الرياضة بطبيعتها نشاط ينطوي على روح المنافسة العالية حيث يرغب المشجعون بالتواجد في قلب الحدث. بسبب وباء كوفيد-19، وضعت شركات الحوسبة السحابية حلولاً جديدة لمساعدة منظمي الفعاليات عن بعد في تنفيذ مخططات افتراضية لوضع الكاميرات والأدوات والمعدات.
توفر خدمات محاكاة الفعاليات بيئة افتراضية ثلاثية الأبعاد باستخدام التقنية السحابية من أجل تحسين كل مرحلة من مراحل الفعالية الرياضية. وعند عمل ذلك، فإنها تلغي الحاجة إلى الزيارات والاستعدادات في المكان الطبيعي حين يخطط الفريق لإقامة فعالية عالمية تتطلب التنسيق مع المعنيين بالرياضة من دول متعددة. يمكن خلال الفعالية عمل التعديلات بالزمن الحقيقي عن طريق خدمات محاكاة الفعاليات التي تحدّ من عوامل الخطر طيلة انعقاد الفعالية، إلى جانب تحسين التجربة التي تخوضها الأطراف المعنية بالفعالية على صعيد المشاركة. بالإضافة إلى ذلك، تتيح خدمات محاكاة الفعاليات كمية وافرة من البيانات لغايات التحليل ما بعد الفعالية.

المؤتمرات الصحفية السحابية
يجب على الصحفيين تقليدياً حضور المؤتمرات الصحفية شخصياً لطرح الأسئلة والحصول على المعلومات المطلوبة من المنظمين. لكن عبر الاستفادة من الحوسبة السحابية، أصبح بإمكان المنظمين الرياضيين اليوم استضافة مؤتمرات صحفية افتراضية. وعن طريق ذلك النهج المختلف، يحصل الصحفيون على الرؤى التي يحتاجون إليها، دون التواجد في المؤتمر الصحفي بشخصهم.
ويساعد ذلك النهج الجديد المبتكر على توسيع نطاق الوصول وزيادة الكفاءة لقطاع الإعلام ومنظمي الفعاليات مقارنة بالمؤتمرات الإعلامية التقليدية. كما يزيد من تأثير وسائل الإعلام عبر السماح للصحفيين بالتواجد النشط في مكانين في الوقت نفسه ، مما يتيح لهم الوصول إلى محتوى عالي الجودة ويمكّن التفاعلات الافتراضية مع مندوبين من أي مكان في العالم.

المشجعون الافتراضيون
تعد كل لحظة مهمة خلال أي فعالية رياضية كبيرة، بالنسبة للرياضيين المتنافسين والمتفرجين الذين حالفهم الحظ لمشاهدة الفعالية في الموقع. لكن لا يمكن للمشجعين دائماً حضور الفعاليات الرياضية المفضلة لديهم؛ حتى الآن. لكن بفضل التكنولوجيا، أصبح بإمكان المعجبين إظهار دعمهم عبر الإنترنت، فمن خلال الحلول السحابية، يتم جمع مقاطع فيديو من المعجبين تلقائياً وتصفيتها من مجموعة متنوعة من منصات الشبكات الاجتماعية، ثم يجري صياغتها وفحصها وعرضها على شاشة ضخمة في الموقع أو نشرها على مواقع الإنترنت، مما يثمر عن أكبر دعم ممكن من المشجعين الرياضيين في العالم.
وتضع تلك التقنية المعجبين حول العالم في قلب الحدث، مما يسمح لهم بتشجيع فرقهم والرياضيين المفضلين لديهم من المدرجات الافتراضية وعرض مقاطع الفيديو الخاصة بهم في مواقع ذات مستوى عالمي عبر الإنترنت. وتعمل تكنولوجيا الحوسبة السحابية على تقريب جميع عشاق الرياضة من الرياضات التي يستمتعون بمشاهدتها، سواء كانوا يشاهدون الفعاليات شخصياً أو عبر الإنترنت. كما تحسن هذه التكنولوجيا جودة الأداء الفردي للرياضيين، وترفع مستوى الفعاليات الرياضية، وتتيح تجارب غامرة تسمح للمعجبين بالتفاعل مع أبطالهم من الرياضيين بطرق جديدة ومختلفة. وبالنسبة للفرق الرياضية والجمعيات ومنظمي الفعاليات، تساعد الخدمات السحابية في بناء علامتهم المميزة وجمهورهم وتقديم الفعاليات بسلاسة وأمان. وتعد تلك العوامل حاسمة لضمان تعافي العالم من عام 2020 والبدء في الترحيب بالمتفرجين مرة أخرى في الفعاليات الرياضية الكبرى في المستقبل.