كيف يخسر الغرب نفوذه مع إيران بمرور الوقت؟

كيف يخسر الغرب نفوذه مع إيران بمرور الوقت؟

الوقت ينفد” هذا ما أعلنه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في وقت سابق من الشهر الجاري، وهو ما يوافقه عليه الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات تزفي كانْ.
قد لا يكون أمام بايدن خيار آخر غير اعتناق استراتيجية الضغط الأقصى، التي انتقدها سابقاً منذ يونيو(حزيران) الماضي، رفضت إيران العودة إلى طاولة التفاوض لإحياء الاتفاق النووي، وسرعت نشاطاتها النووية، وتعمدت المماطلة لكسب المزيد من النفوذ.
وقال بلينكن إن فشل إيران في التحرك الديبلوماسي سيفقدها فرصة الانضمام مجدداً إلى الاتفاق، مع ما ينطوي عليه ذلك من خسارة مليارات الدولارات.
كتب كانْ في موقع “ناشونال نيوزووتش” الكندي، أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن وجهت تحذيرات عدة إلى إيران من مغبة المماطلة في العودة إلى طاولة التفاوض.
وقال بلينكن في 29 يوليو (تموز) إن واشنطن ملتزمة بالديبلوماسية “لكن هذه العملية لا يمكن أن تستمر بلا نهاية”. وكان لبلينكن موقف مشابه في 8 سبتمبر(أيلول). وأعلن الموفد الخاص بإيران روبرت مالي في 3 سبتمبر(أيلول) أن أمريكا “لا تستطيع الانتظار إلى الأبد” لكنها “مستعدة لتكون صبورة”، وبعد أكثر من ستة أسابيع، يبدو أن المسؤولين الأمريكيين والمجتمع الدولي مستعدون للانتظار، والانتظار. يظهر أن إدارة بايدن تدرك أن طهران تستغل عمداً صبر واشنطن على غاياتها الخبيثة. مع ذلك، فشلت واشنطن في التوصل إلى الاستنتاج الصحيح، فلا نية لإيران للتوصل إلى اتفاق يتوافق مع مصالح الغربيين، وعوض ذلك، يسعى النظام إلى استعادة مليارات الدولارات من الأصول والحفاظ في الوقت نفسه على المشروع النووي، قدر الإمكان.
ولتحقيق هذا الهدف، يمكن أن تسعى طهران إلى اتفاق “الأقل مقابل الأقل” فترفع واشنطن جزءاً من العقوبات مقابل تنازلات نووية جزئية. لكن هذا النهج سيسمح لإيران بإنشاء خط أساس جديد للمحادثات النووية في المستقبل، وفي الوقت نفسه، ستستخدم إيران السيولة النقدية لمواصلة تمويل عدوانها الإقليمي، وقمعها الداخلي.
وحتى لو فشل النظام في الحصول على ما يريده في المفاوضات المرتقبة، فإنه سيستفيد من هذه الاستراتيجية بتحريك المطالب النووية والاقتصادية وفقاً لمصلحته، في حين تظل الولايات المتحدة في موقف المتوسل.
ومن المحتمل أن تقبل إدارة بايدن باتفاق “الأقل مقابل الأقل” باعتباره انتصاراً انتقالياً لديبلوماسيتها، وتتعامل مع أي تنازل إيراني مهما كان ضئيلاً، على أنه تطور بنّاء يستحق تخفيف العقوبات.
ويأمل فريق بايدن الاعتماد على هذا التقدم المفترض للتفاوض في الجولات المقبلة على إحياء الاتفاق النووي بشكل كامل. ومع ذلك، بدأت واشنطن الاستعداد لاحتمال فشل المفاوضات مع إيران.
لا يستبعد كانْ أن تغير طهران رأيها وتتخلى عن استراتيجية “الأقل مقابل الأقل” فتتبنى موقفاً متطرفاً لانتزاع المزيد من التنازلات الأمريكية.
وقد يختار النظام التخلي عن المحادثات بشكل كامل واثقاً من قدرته على تحمل أي ضغط أمريكي انتقامي. ولذلك، وبالتعاون مع القادة الإسرائيليين، بدأت إدارة بايدن تستعد لـ”الخطة باء”. لكن عناصر هذا البديل غير واضحة.
فمن جهة، يمكن أن تتضمن الخطة فرض عقوبات مشلة على إيران تشبه حملة الضغط الأقصى التي فرضها ترامب لحرمان طهران من مليارات الدولارات التي أمكن للملالي استخدامها لتمويل الإرهاب. لكن بايدن رفض مطولاً استراتيجية سلفه، واصفاً إياها بغير فعالة وخطيرة.
ومن جهة ثانية، قال وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد خلال اجتماع حديث مع بلينكن، إن التصعيد النووي يتطلب التحرك العسكري.
ولكن يصعب الاعتقاد أن بايدن الذي خاض حملته على أساس سياسة خفض التصعيد مع إيران سيدعم ضربة مثيرة للجدل سياسياً ضد المنشآت النووية الإيرانية. ويعتقد كانْ أن هذه المهمة ستقع على عاتق الإسرائيليين، وحدهم.
وبالنظر إلى غياب الحلول الفعالة غير العسكرية، قد لا يكون أمام بايدن خيار آخر غير اعتناق استراتيجية الضغط الأقصى، التي انتقدها سابقاً. فهي السبيل السلمي الوحيد لفرض تغيير على سلوك إيران الخبيث.
وإذا هاجمت إسرائيل إيران فستشجب واشنطن على الأرجح سياسة الدولة اليهودية علناً لكنها ستجد نفسها سريعاً إلى جانبها، بالتوازي مع اتهام طهران الخاطئ للأمريكيين، وردها عبر مهاجمة إسرائيل والأصول الأمريكية في الشرق الأوسط.
يحض كانْ الولايات المتحدة على التحرك سريعاً، فتقدم إيران النووي يستمر بجدية، ولا يفصلها عن “الخرق النووي” سوى بضعة أسابيع.
وفي وقت قد تحتاج فيه طهران إلى عام أو أكثر لعسكرة المواد النووية بعد تحقيقها الخرق، سيعني تقدم النظام النووي، أن أي مفاوضات في المستقبل ستكون في ظل قنبلة إيرانية نووية وشيكة. ويدعو الكاتب في الختام الغربيين إلى التوقف عن الانتظار. فالوقت ينفد.