تحت رعاية رئيس الدولة.. خالد بن محمد بن زايد يشهد حفل تخريج جامعة خليفة لعام 2025
على الرغم من الضجة لا تشتري أرمينيا أسلحة من إيران
كيف يمكن فهم العلاقات بين يريفان وطهران؟
يخالج الأرمن شعور بالإحباط المتزايد من التقاعس الغربي في مواجهة التطهير العرقي.. فقبل خمسة أيام فقط من تحرك القوات الأذربيجانية للقضاء على الحكم الذاتي الأرميني في ناغورني قرة باغ، قال القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية يوري كيم أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ: «لن نتسامح مع أي هجوم على شعب ناغورني قرة باغ».
وعلى الرغم منن ذلك، تهاونت إدارة بايدن.. وفي أعقاب الخطوة الأذربيجانية التي دفعت أكثر من 100 ألف من الأرمن الأصليين في المنطقة إلى الفرار، لم تتجاوز ردة فعل وزارة الخارجية الأمريكية تصريحاً مندداً. وحسب مايكل روبين باحث أول في معهد أمريكان إنتربرايز، فإن سبب التقاعس متعدد الجوانب، هو أن الولايات المتحدة مشتتة في مكان آخر.. وسرعة الإجراءات الأذربيجانية خلقت أمراً واقعاً. وبينما ترسم أذربيجان صورة لنفسها موالية للغرب وإسرائيل، حافظت أرمينيا على علاقات متينة بروسيا وإيران.. ودفع شعور الأرمن بالخيانة، يريفان إلى النأي بنفسها عن روسيا، فما حقيقة العلاقات بين أرمينيا وإيران؟
أرمينيا وإيران..
علاقات وثيقة
يقول الباحث في تحليل بموقع «ناشونال إنترست»: ترتبط أرمينيا بعلاقات وثيقة بإيران.. ففي عام 2021، بلغ حجم التجارة بين البلدين 471 مليون دولار سنوياً، وتعادل تجارة أرمينيا مع إيران تجارة أذربيجان مع الجمهورية الإسلامية.. لكن، في السنوات الأخيرة، يبدو أن تجارة أذربيجان شهدت نمواً بالتزامن مع التحاق نظام الرئيس إلهام علييف بمنظومة تبادل الغاز وخطة التجارة مع إيران.
وفي الوقت عينه، بلغت تجارة تركيا مع إيران نحو 6.4 مليار دولار، أي أن تجارة تركيا مع إيران تُعادل ميزانية أرمينيا بأسرها.
علاقة ضرورية
وأوضح الباحث أن الفارق بين أرمينيا من جهة وأذربيجان وتركيا من جهة أخرى هو أن علاقة يريفان بطهران ضرورة، في حين أن علاقات باكو وأنقرة بطهران قائمة على الاختيار الطوعي.
لدى أرمينيا حدان مفتوحان وآخران مغلقان منذ عقود.. وكان الحصار الذي ضربته أذربيجان على ناغورني قرة باغ شكلياً، غير أن تركيا لم يكن لديها نزاع حدودي مع أرمينيا.. وحصارها غير قانوني بموجب معاهدة عام 1921 التي نصت على «حرية عبور الأفراد والسلع من دون أي عائق» بين تركيا وأرمينيا وجورجيا، ويجبر الحصار التركي أرمينيا على الاعتماد على نظام النقل الإيراني.. ولأن اقتصاد التصدير في أرمينيا يعوّل على الزراعة والتصنيع، فإن القدرة على تحمّل التكاليف تعتمد على الوصول إلى الأسواق براً. وذكر الكاتب: «إذا خُيّر المستهلكون بين الرمان المنقول بالشاحنات والرمان الأكثر تكلفة أضعافاً مضاعفة بسبب تكلفة النقل الجوي، فسيختارون الأول.. وإذا كان الهدف تقويض تجارة أرمينيا مع إيران أو تدميرها، فأفضل طريقة هي مطالبة تركيا برفع حصارها الأحادي الجانب.. وسيكون استهداف تركيا ميزة إضافية لإسرائيل نظراً إلى النحو الذي تنافس به تركيا قطر على التمثيل الدبلوماسي والمالي لحركة حماس، وتمر حركة التجارة أيضاً عبر جورجيا، غير أن تحيزها لروسيا يعرّض هذا الطريق المحدود أصلاً للخطر».
وأضاف روبين: لا يعني ذلك أن تجارة أرمينيا مع إيران ليست إشكالية أحياناً.. تتعاون أرمينيا مع الولايات المتحدة والغرب للحد من تجارتها الضرورية، وإبقاء الأموال بعيداً عن متناول الحرس الثوري الإيراني.. وتتشاور يريفان مع إيران لتوفير السلع مقابل الكهرباء لضمان عدم ضخ أموال إلى إيران.. ويزداد هذا المنظور أهمية بالتزامن مع تفكير الأرمن في حتمية قطع روسيا الغاز عن أرمينيا، في وقت مبكر من شتاء هذا العام عقاباً لها على تحيزها للغرب، ويحتكر الحرس الثوري الإيراني الغاز والنفط الإيرانيين .
ولفت الكاتب إلى أنه وفي أحدث صفقة بين الجانبين، ستقدم شركة لوك أويل الروسية لشركة سوكار الحكومية الأذربيجانية قرضاً بقيمة 1.5 مليار دولار، على أن توفر لوك أويل النفط الخام لمصفاة سوكار في تركيا.. وبذلك ستضخ روسيا الأموال في شركة النفط الحكومية الأذربيجانية، وبينما تسعى أذربيجان للاستفادة من التجارة الإيرانية، لا تسعى أرمينيا إلى إبرام صفقات تجارة حرة ولا تستقطب استثمارات إيرانية ضخمة.
أرمينيا بر الأمان
للفارين الإيرانيين
وعلى الرغم من هذه الضجة، لا تشتري أرمينيا أسلحة من إيران.. وبدلاً من ذلك، لجأت أرمينيا إلى الهند كلما احتاجت إلى أسلحة، والواقع أن أرمينيا تسير على خطى قبرص فيما يختص بتنفيذ إجراءات صارمة لمكافحة غسل الأموال.. وعلى الرغم من الضغوط الهائلة من طهران، لم تقمع أرمينيا المعارضين الإيرانيين الذين يفرون إليها هرباً من القمع المتزايد في إيران، والحقيقة أنه في حين تعيد تركيا الإيرانيين إلى طهران، اشتهرت أرمينيا بأنها محطة يصل منها الإيرانيون الفارون إلى بر الأمان في أوروبا أو أمريكا.