رئيس الدولة يقدم واجب العزاء في وفـاة محمـد مبـارك المنصـوري
لماذا تبدو السماء مظلمة ليلا رغم عدد النجوم الهائل؟
مع تلاشي ضوء النهار عند الغسق، تنكشف لوحة داكنة مرصعة بالنجوم فوق رؤوسنا. لكن هذا التحول الليلي المألوف من السماء الزرقاء الساطعة إلى السماء السوداء المخملية يثير فضول علماء الفلك والفلاسفة؛ فإذا كان الكون يحتوي على بحر من النجوم الممتدة على عدد لا نهائي من السنوات الضوئية، فلماذا لا تكون سماء الليل مشرقة مثل النهار؟! الإجابة على هذا السؤال قد يبدو بسيطا لكنه حيّر العلماء. إنها في الواقع مشكلة كونية مشهورة شغلت العلماء منذ قرنين من الزمان، واستغرق الأمر وقتا طويلا للعثور على الإجابة الصحيحة التي تعرف اليوم بمفارقة "أولبر".
مفارقة "أولبر" تحيّر العلماء إذا سرت في بستان صغير من الأشجار ونظرت بعيدا، فيمكنك رؤية أجزاء من الأفق بين جذوع الأشجار من حولك. أما إذا وقفت وسط غابة كبيرة، فإن الرؤية ستكون بالنسبة لك محجوبة تماما في جميع الاتجاهات بواسطة العدد الهائل من جذوع الأشجار الذي يحيط بك من كل جانب وعلى مسافات متفاوتة.
وبالمثل، إذا كان الكون كبيرا بما فيه الكفاية، فيجب أن يكون خط رؤيتك محجوبا في كل اتجاه بواسطة جدار سميك من النجوم التي تجعل الليل مضيئا مثل النهار. تعود بنا قصة مفارقة أولبر إلى أوائل القرن التاسع عشر، إلى عالم فلك ألماني يُدعى هاينريش أولبر الذي كان أول من أذاع هذه المفارقة في الوسط العلمي رغم أن علماء سبقوه في تناولها مثل يوهانس كيبلر وإدموند هالي.
وكان تساؤل أولبر يدور حول التناقض الظاهري لسماء الليل المليئة بالنجوم اللانهائية والظلام الذي نلاحظه، فإذا كان الكون لا نهاية له ومليئا بعدد لا نهائي من النجوم، فإن كل خط رؤية يجب أن ينتهي في النهاية عند نجم، مما يجعل السماء ليلا مشرقة بشكل موحد.
ومع ذلك، فإن سماء الليل ليست نسيجا مشرقا من النجوم اللانهائية، وتغلب عليها الظلمة الحالّة ولا يتخللها سوى الضوء للنجوم والمجرات البعيدة. ولفهم ذلك، علينا التعمق في مفاهيم عمر الكون وتوسعه.