رئيس الدولة والرئيس القبرصي يؤكدان أهمية العمل على ترسيخ أسباب السلام والاستقرار الإقليميين
إنها حرب والخسائر لا يمكن تفاديها
لماذا تدافع أوكرانيا عن مكاسب صغيرة بكلفة كبيرة؟
على رغم الشكوك الأمريكية، يقول الأوكرانيون إن الدفاع عن أماكن ليست مهمة من الناحية الاستراتيجية، بكلفة باهظة من الاصابات والأسلحة، تستحق ذلك، نظراً إلى الثمن الكبير الذي يدفعه المهاجمون الروس.
وتروي صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في تقرير ميداني لها من منطقة زابوريجيا بجنوب أوكرانيا، إن جنوداً أوكرانيين أمضوا ساعات وهم يحفرون خنادق بينما قذائف المدفعية تنفجر حولهم، ثم هرعوا إلى الاحتماء في ناقلة جند- حيث طاردتهم من الفتحة الخلفية للناقلة مسيّرة مفخخة.
ويدور القتال في سهول منطقة زابوريجيا حيث أصيبت عربة أولكسندر في وقت سابق من العام الجاري، منذ 10 أشهر على مرحلتين: الأولى مع الهجوم الأوكراني والآن مع عملية الدفاع، في وقت صعدت روسيا الهجمات على المنطقة حيث حققت أوكرانيا مكسب العام الماضي في هجومها المضاد.
ويصف المحللون العسكريون استراتيجية أوكرانيا على أنها تتلخص بـ"الصمود والبناء والضرب"، للاحتفاظ بالخط في جنوب شرق البلاد، واستبدال وحداتها بجنود جدد والرد بضربات بمسيّرات بعيدة المدى ضد مصافٍ للنفط وأهداف لوجستية عسكرية داخل روسيا.
وفي زابوريجيا، يعني هذا الدفاع عن المنطقة التي تم التقدم إليها خلال الهجوم المضاد الصيف الماضي، وهي عبارة عن نصف دائرة بعمق 10 أميال تضغط على الأراضي التي تسيطر عليها روسيا، وتشكل جيباً.
ويصف الجنود القرى والخنادق والحقول المدمرة، على أنها تشبه سطح القمر نتيجة الحفر التي أحدثتها القذائف.
وفي الطرف الجنوبي من نصف الدائرة تقع قرية روبوتيني التي استعادت أوكرانيا السيطرة عليها الصيف الماضي، في ذروة الهجوم المضاد الذي لم يفشل في تحقيق اختراق فحسب، بل ترك الروس في وضع قوي بما يكفي لبدء الدفع عبر الجبهة الجنوبية.
هجوم من ثلاث جبهات
وتتعرض القوات الأوكرانية التي تسيطر على هذا الجيب في خط المواجهة للهجوم من ثلاث جهات، مما يؤدي إلى معضلة: فالتخلي عن هذا الجيب من شأنه أن يخفف الضغط عليها، لكنه قد يشير أيضاً إلى انتكاسة رمزية في الحرب، حيث تفقد الأراضي التي كسبتها العام الماضي في عملية عسكرية، ولكن بثمن باهظ على صعيد الضحايا والأسلحة المدمرة.
وفي مقابلات أجريت معهم الأسبوع الماضي، وصف الجنود الذين قاتلوا مؤخراً هناك تعرجات صغيرة على الجبهة في الاتجاهين، وكيف تتفوق المدفعية الروسية عليهم. وأبلغ نائب وزير الدفاع الأوكراني الجنرال ايفان هافرليوك إلى وسائل الإعلام الاثنين، أنه على طول خط الجبهة، تقصف المدفعية الروسية 7 أضعاف ما تقصفه المدفعية الأوكرانية.
والأسلحة الأمريكية التي تم التبرع بها للهجوم المضاد العام الماضي بما فيها عربات سترايكر المدرعة، أثبتت أنها مفيدة في حماية الجنود الأوكرانيين من وابل المدفعية الروسية، بينما هم يتخذون مواقع دفاعية.
وهاجمت القوات الروسية الجيب حول روبوتيني والمناطق المحيطة بها تسع مرات في اليوم السابق، وفق مقر قيادة الأركان العامة الثلاثاء. وعندما سيطر الأوكرانيون على هذه القرية العام الماضي، اخترقوا خط الدفاع الروسي الأساسي، والآن يحاول الروس دفعهم إلى الوراء وسد هذه الثغرة.
روبوتيني
وعلى غرار باخموت وأفدييفكا، كان يقطن روبوتيني قبل الحرب 500 نسمة، وهي الآن عبارة عن أنقاض. وخلال الحرب، أبدى المسؤولون الأمريكيون القلق حيال تمسك أوكرانيا بالدفاع عن هذه المواقع لفترات أطول من اللازم، مضحية بجنود وذخائر للبقاء في مدن مدمرة وليست لها قيمة استراتيجية.
لكن بالنسبة إلى أوكرانيا، فإن المنطقة المحيطة بروبوتيني تستحق القتال، على الأقل في الوقت الحاضر.
وقال المستشار السابق لوزير الدفاع الأوكراني يوري ساك إن القتال "عند نقطة معينة، يصبح استراتيجياً، برمزيته".
ودافع عن مكاسب الهجوم المضاد قائلاً: "إنها مهمة بالنسبة للمعنويات، ومهمة للحصول على دعم من الشعب، ومهمة لإيماننا الداخلي، بالفوز".
والقتال هو أكثر كلفة بشرية للروس من الأوكرانيين في مواقعهم الدفاعية. وقال ساك: "في الوقت الذي تستمر فيه هذه المعادلة الحسابية، فإن ذلك يدعم التشبث بالأرض...إنها حرب، ولذلك فإن الخسائر لا يمكن تفاديها من الجانبين".
وروسيا هي الان في موقع الهجوم على كامل الجبهة، التي تمتد على مسافة 600 ميل على شكل هلال من الحدود الروسية في شمال شرق أوكرانيا إلى نهر دنيبرو في الجنوب.
ويستخدم الكرملين الأفضلية التي يتمتع بها في الذخائر والقوة البشرية والطائرات.