رئيس الدولة يؤكد دعم الإمارات لتسوية النزاعات والتحديات في العالم عبر الحوار والحلول الدبلوماسية
لماذا يتصاعد التهديد ضد القوات الأمريكية في سوريا؟
جددت القوات الأمريكية العمليات عقب فترة توقف بعد الهجمات التركية على المقاتلين الأكراد، الأمر الذي يعكس رغبة في الحفاظ على الأمر الواقع، ولكنه يتجاهل المخاطر التي تجعل الوجود الأمريكي في سوريا عرضة لتهديدات متصاعدة.
وقال الزميل في مركز الأولويات الدفاعية جيوف لاميا، في مقال بمجلة “ناشونال إنترست”، إن قرار واشنطن دعم المتمردين السوريين في بداية الحرب الأهلية كان قراراً كارثياً، وساهم في صعود تنظيم “داعش” ومجموعات أخرى متشددة، واستدعى النزيف الذي تلا ذلك مزيداً من التدخلات.
ومع هزيمة “داعش”، بات مبرر بقاء القوات الأمريكية في سوريا صار أكثر تشوّشاً، والآن، فإن المنطق المنحرف الذي يستخدم لتبرير تمركز القوات الأمريكية في سوريا، هو لحماية القوات الأمريكية ذاتها. وهذه الحلقة المفرغة الذاتية، التي أدت إلى مشكلة لكل حل، قد طالت بما فيه الكفاية.
وفيما تقوم الاستراتيجية الأمريكية على الجمود، فإن الوضع أكثر ديناميكية وخطورة من أي وقت مضى. والهجمات الصاروخية التركية وقعت على مسافة 130 ياردة من الجنود الأمريكيين. وتنظر تركيا إلى حلفاء واشنطن من الأكراد على إنهم إرهابيون، وزاد التفجير الأخير في اسطنبول من احتمال شن غزو بري تركي آخر لسوريا. وتركيا هي عضو في الناتو، وسبق لها أن أعاقت انضمام السويد وفنلندا إلى الحلف، بسبب خشيتها من الأكراد.
ولن تربح الولايات المتحدة شيئاً من التورط بشكل أكبر في نزاع مستمر منذ السبعينات. وعلاوة على ذلك، فإن معاداة تركيا من المحتمل أن تقوض الانسجام داخل حلف شمال الأطلسي، إذا ما أخذنا في الاعتبار مدى الجدية التي تأخذ بها تركيا التهديد الإرهابي.
3 زعماء لـ”داعش»
وأضاف الكاتب أن الحضور الأمريكي في سوريا قد تجاوز الغرض المقصود منه. وفي الأسابيع الأخيرة وحدها خسر “داعش” زعيماً للمرة الثالثة. وبعد ثلاثة أعوام من هزيمة التنظيم جغرافياً، تم القضاء عليه إلى درجة أن هوية ذاك الزعيم وخلفه لا تزالان مجهولتين. وقد أوقف حلفاء واشنطن من الأكراد العمليات كلها ضد داعش. لماذا إذن تستمر واشنطن في تعريض مئات من القوات الأمريكية للخطر، من أجل قتال خصم بات من الأنواع المنقرضة.
وحتى قبل الهجمات التركية الأخيرة في سوريا، كان ثمة أسباب كثيرة تستدعي الانسحاب. فالميليشيات المدعومة من إيران تستهدف بانتظام القوات الأمريكية داخل سوريا والعراق. ولا يجوز أن تقبل الولايات المتحدة بهذه المخاطرة. وهذه الميليشيات ستواصل قتال القوات الأمريكية حتى انسحابها. إن الانسحاب ليس فقداناً للمبادرة أو اعترافاً بالهزيمة. إنه إقرار بأن عقداً من التكتيكات لم يؤت ثماره. إن واجب واشنطن، هو حيال الشعب الأمريكي، وليس إزاء مهمة مشكوك فيها وبأهدافها.
ولفت الكاتب إلى أن سوريا ليست مصلحة جوهرية بالنسبة للولايات المتحدة. وفي الحقيقة، هي على هامش منطقة سبق لواشنطن أن قللت من شأنها في استراتيجية الدفاع الوطني. وبالمقارنة، فإن سوريا هي مهمة لإيران. سوريا هي جزء من شبكة الردع الإيرانية ومرتبطة دينياً بالمؤسسة الشيعية في إيران. وهكذا فإنه بينما الولايات المتحدة هي لاعب أكبر، فإن إيران تخاطر بالمزيد من أجل الاحتفاظ بنفوذها في سوريا. وهذا يعني دعم الهجمات الخطيرة على القوات الأمريكية، من أجل الضغط عليها للإنسحاب.
التصعيد مع إيران
تواصل واشنطن إهدار الدم والمال في نزاع لا نهاية له، ويعرض أرواح ملايين المدنيين للخطر. إن الحفاظ على هذه المهمة قد يبدو سهلاً من الناحية السياسية، لكن تفوح منه رائحة الجبن الأخلاقي، تفادياً لتغيير نمط فاشل منذ عقد. إن كلفة التدخل السيئ في سوريا تتجاوز الميدان. إن أمهات وآباء وأطفال يتحملون عبء انتشار عسكري لا نهاية له ويخشون خسارة أحبائهم. لقد حان الوقت لواشنطن لوضع حد لهذه المعاناة وإعادة جنودنا من سوريا إلى الوطن.