لماذا يعتبر «أوكوس» أكثر التحالفات العالمية إثارة؟
تعد الشراكة الأمنية الثلاثية، التي تضم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا، (المعروفة اختصاراً باسم أوكوس)، من التحالفات الأكثر إثارة للاهتمام في الذاكرة الحديثة، وهي مؤهلة لأن تكون من أكثر التحالفات أهمية في العالم أجمع في 2024، وفق المحلل السياسي جورج فريدمان.
وقال فريدمان في مقاله بموقع «جيوبولتيكال فيوتشرز» البحثي الأمريكي إنه بتوحيدها 3 بلدان قاتلت في صف واحد في الحربين العالميتين، وفي مجموعة متنوعة من الصراعات الأصغر حجماً، يمكن النظر إلى أوكوس بوصفها ثمرة مبادرة «العيون الخمس»، تلك المبادرة المعنية بتبادل المعلومات الاستخباراتية فيما بعد الحرب العالمية الثانية التي شكّلتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا وكندا ونيوزيلندا، والتي تظل نشطة جدّاً حتى يومنا هذا.
وهذه المبادرة أيضاً التي كانت تدور في ذهن ونستون تشرشل، عندما ألّف كتابه «تاريخ الشعوب الناطقة بالإنغليزية»، الذي كان احتفاءً بالأمم التي خرجت من رحم المملكة المتحدة بقدر ما كان تأريخاً لهذه الأمم ذاتها.
كان العنصر الحاضر ضمناً في تشكيل «العيون الخمس» أن أعضاءها هم وحدهم الذين يجب أن يؤتمنوا على أسرار بعضهم. ويرجع هذا في جزء منه إلى حقيقة أن هذه القوى جميعها تشترك في المصالح الاستراتيجية، بمعنى أنه نظراً لأنها جميعاً قوى بحرية، فإن مصالحها هي المصالح المهيمنة في بحار العالم.
30% من إجمالي الناتج العالمي.. وعلى الرغم من أن العيون الخمس هي في المقام الأول تحالف عسكري، فإن أعضاءها يستأثرون بنحو 30% من إجمالي الناتج المحلي في العالم، ويتمتعون بتفاهمات ثقافية وسياسية وتجارية. ولشراكة أوكوس غرض استراتيجي بالطبع، يضيف الكاتب، حيث وُصفت في الأصل بأنها آلية لمساعدة أستراليا على امتلاك غواصات تعمل بالطاقة النووية، لكنها ستنطوي في نهاية المطاف على التبادل المعزز للمعلومات الاستخباراتية، والقدرات الصناعية العسكرية الوطنية، والعمليات الأمنية الأكثر صرامة، والتطوير المشترك لأسلحة جديدة. «لكن بعبارات لا لبس فيها نقول إن هدفها هو احتواء البحرية الصينية، ومنعها من الهيمنة على أي جزء من المحيط الهادي».
لكن الأمر لا يقتصر على المحيط الهادي. فالمحيط الأطلسي لا يواجه أي مخاطر في الوقت الراهن، لكن مثلما كان عنصراً مركزيّاً في الحربين العالميتين، فربما يكون كذلك في المستقبل.
وأعضاء أوكوس يدركون أن أي تهديد وجودي يواجهونه سيأتي من البحر؛ فأعضاؤها كلهم جزر، حتى الولايات المتحدة، التي يلزمها في الأساس الدفاع عن المحيطات المحيطة بها. وعلى الرغم من أن المملكة المتحدة هي النموذج الجيوسياسي الذي قامت عليه أوكوس (فهي الجزيرة التي خاضت حروباً في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا والأسواق المالية ضمن العديد من مسارح الحرب الأخرى)، إلا أن الولايات المتحدة حلت محل بريطانيا باعتبارها مركز الثقل في النظام الدولي، وبالتالي يجب أن تكون على استعداد لدعم شقيقتيها عضوتي الشراكة.
مزيد من التقارب.. لا يوجد تحالف محصّن ضد التوترات، وأوكوس ليست استثناءً من هذا القاعدة. ومع ذلك، يقول فريدمان: «سيأتي عام 2024 بمزيد من التقارب بين أعضائها، ومن المرجح أن تنضم نيوزيلندا إلى صفوفهم، فيما تنظر كندا في الأمر نفسه. ويؤثر هذا على العالم تأثيراً عميقاً. فقد أصبح التحالف الآن تحالفاً بحرياً في المقام الأول، لكن قوته الاقتصادية لا يمكن تجاهلها، لا سيما أنه مصطفّ ضد الصين خصيصاً». ومن بعض النواحي، تعد أوكوس النتاج الطبيعي للثقافة العالمية والمصالح الوطنية. وامتلاك الغواصات النووية والطائرات يمثل هذه الحقيقة بكل بساطة. وسيبدأ الشعور بالواقع الاقتصادي لأوكوس بشكل أكبر مع استمرار حالة عدم استقرار الاقتصاد الصيني ومع تحول الشراكة إلى تحالف أكثر تعقيداً يجمع في مهمته كافة أبعاد القوة. فالقوة العسكرية هي المظهر الأكثر وضوحاً للقوة الوطنية، لكن هناك جوانب كثيرة، وسيكرَّس العام المقبل لتعزيز تلك القوة واستخدامها على المستوى العالمي، فيما تعمل نيوزيلندا وكندا على توفيق واقعيهما.