رئيس الدولة والرئيس القبرصي يؤكدان أهمية العمل على ترسيخ أسباب السلام والاستقرار الإقليميين
قرار البرلمان الروسي ومستقبل الصراع
لن يتخلى فلاديمير بوتين عن أوكرانيا بهذه السهولة...!
-- عدم غزو أوكرانيا، لا يعني بالضرورة انتهاء الأزمة سلميًا أو دبلوماسيًا
-- يمكن لبوتين مواصلة الضغط العسكري على الحكومة الأوكرانية دون المخاطرة بغزو شامل
-- خسارة دونباس وعجز الغرب على منع هذا التقسيم لن يؤدي إلا إلى زيادة شعور أوكرانيا بالعزلة
-- اعتراف بوتين بانفصاليي دونباس، يجنّب الحرب دون توفير ضمان أمني طويل المدى
حتى لو قرر فلاديمير بوتين، كما أشار في الأيام الأخيرة، عدم غزو أوكرانيا، فإن هذا لا يعني بالضرورة أنه سينهي الأزمة سلميًا أو دبلوماسيًا. للرئيس الروسي ورقة رابحة في جعبته... مشروع غير متوقع وعنيف من شأنه أن ينهي الجمود لصالحه.
الثلاثاء 15 فبراير، مرر مجلس الدوما، البرلمان الروسي، قرارًا يخوّل لبوتين الاعتراف باستقلال الجمهوريتين الشعبيتين اللتين نصبتا ذاتيا دونيتسك ولوهانسك -مقاطعتا منطقة دونباس في جنوب شرق أوكرانيا يسيطر عليها الانفصاليون الروس. وهذا من شأنه أن يسمح له بإرسال آلاف الجنود والدبابات والأسلحة الأخرى إلى هذه الأراضي، “بناء على طلب” قادتها، من أجل الدفاع عن الشعوب هناك من الهجمات الأوكرانية.
وهكذا، يمكن لبوتين أن يواصل الضغط العسكري على الحكومة الأوكرانية دون المخاطرة بغزو شامل. وسيسمح له أيضًا بإعاقة آفاق أوكرانيا، القاتمة اصلا، لعضوية الناتو -وهو الهدف الرئيسي للرئيس الروسي -لأنه من بين الصفات الأخرى المطلوبة للانضمام إلى صفوف التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، يجب أن تتمتع الدولة بحدود مستقرة.
ارتياح كييف؟
لا يُلزم هذا القرار بوتين بالاعتراف بالجمهوريات الانفصالية، وإذا تساوت كل الأشياء من جهة أخرى، فإنه لا يفضل أن يفعل ذلك. في الأشهر الأخيرة، منع الفصائل القومية المتطرفة في الدوما من اقتراح قرار مماثل لأنه يفضل بقاء دونباس داخل أوكرانيا، حتى يتمكن الانفصاليون من الاستمرار في زعزعة استقرار الحكومة الوطنية في كييف.
منذ عام 2014، قُتل أكثر من 14 ألف شخص خلال الحرب الدائرة بين الانفصاليين والجيش الأوكراني. بالإضافة إلى ذلك، من المفترض أن تمنح اتفاقيات مينسك، وهي وقف إطلاق نار تم توقيعه عام 2015، المقاطعات الانفصالية صوتًا سياسيًا، ووفقًا لتفسير موسكو، حق النقض (الفيتو) على السياسة الخارجية، بما في ذلك انضمام مفترض لعضوية الناتو “كييف لا توافق على هذا التفسير للمعاهدة، وهو أحد أسباب عدم دخولها حيز التنفيذ».
في كل الأحوال، إذا لم يستطع بوتين التأثير على السياسة الأوكرانية من الداخل، فيمكنه فقط اقتطاع جزء صغير من البلاد وبالتالي توسيع دائرة نفوذ روسيا إلى الغرب قليلاً مع إمكانية ضمنية للعودة لاحقًا لمواصلة توظيفه.
بمعنى ما، ربما يشعر قادة كييف ببعض الارتياح إذا تحقق هذا الاحتمال لأن دونباس منطقة تسببت في العديد من المشاكل لبعض الوقت. ولكن هناك سببان وراء إثارة هذا الخبر للقلق، حتى ما وراء التعقيدات التي تنطوي عليه عند التقدم بطلب العضوية للناتو.
ضربة لوحدة الأراضي، أسوأ من ضم شبه جزيرة القرم
أولا، دونباس، التي يبلغ عدد سكانها 4.3 مليون نسمة هي الأكثر كثافة سكانية من بين المناطق الستة والعشرين في أوكرانيا، وتمثل الحصة الأكبر من الصناعة الثقيلة في البلاد والطاقة، وخاصة الفحم. ثانيًا، سيكون الانفصال ضربة أخرى لوحدة أراضي أوكرانيا، بطريقة ما أكثر صدمة من ضم روسيا العنيف لشبه جزيرة القرم عام 2014.
عام 1994، وقّعت الولايات المتحدة وروسيا والمملكة المتحدة، مذكرة بودابست التي ضمنت لأوكرانيا وحدة أراضيها مقابل التخلي عن آلاف الأسلحة النووية التي ورثتها بعد تفكك الاتحاد السوفيتي “لم يكن لدى أوكرانيا وسيلة لإطلاق صواريخها الباليستية العابرة للقارات لكن ضباطها كانوا يسيطرون على العديد من الأسلحة النووية “التكتيكية” الأقصر مدى”. إن خسارة دونباس وإدراك أن حلفاءها الغربيين لا يمكنهم فعل أي شيء لمنع هذا التقسيم لن يؤدي إلا إلى زيادة شعور أوكرانيا بالعزلة.
في يناير، فلتت من الرئيس جو بايدن حقيقة غير سياسية تمامًا عندما قال إن الناتو سيجعل روسيا “تدفع ثمناً باهظًا” إذا شن بوتين “غزوًا كبيرًا” في أوكرانيا -ولكن هناك “خلافات داخل الناتو حول ما يمكن ان تفعله الدول إذا انخرط بوتين في “توغل بسيط”. سارع ممثلو بايدن إلى التراجع، وهو ما فعله الرئيس بنفسه في النهاية، قائلاً إن روسيا ستدفع ثمناً باهظاً حتى لو غامر بوتين ولو قليلاً، في أوكرانيا.
الفكرة، هي أن قطع دونباس وترك بقية أوكرانيا دون أن يمسها في الوقت الحالي هو سيناريو قد يعتبره البعض “توغلًا طفيفًا”، لا يستحق فرض عقوبات اقتصادية كاملة، التي بالإضافة إلى إلحاق الضرر بروسيا، ستطرح أيضا مخاطر وصعوبات اقتصادية للعديد من الدول الأوروبية، وفي مقدمتها ألمانيا.
بمعنى آخر، ربما يعتقد بوتين أنه يمكن أن يفلت من العقاب.
لا يوجد ضمان للأمن
المتبادل على المدى الطويل
في غضون ذلك، تستمر الأزمة. يتحدث بوتين عن حل دبلوماسي وإعادة القوات من الحدود الأوكرانية إلى قواعدها في روسيا، لكن مسؤولي الناتو والولايات المتحدة يواصلون القول إنهم لا يرون أي علامات على مثل هذا الانسحاب. في الواقع، تُظهر صور الأقمار الصناعية وصول قطارات عسكرية جديدة إلى الحدود منذ أن أعلن بوتين انسحاب بعض الوحدات.
شخص ما، على الأرجح كيانًا روسيًا، قام بشن هجوم ضد مواقع الجيش الأوكراني ووزارة الدفاع والعديد من البنوك الكبرى في البلاد -لا شيء خطير، ولكن علامة تحذير محتملة لهجمات إلكترونية أكثر خطورة في المستقبل.
في أي مرحلة من الحرب الكلاسيكية نحن نعيش -سلام زائف، أو تعبئة متفاخرة، أو تكديس الأوراق الرابحة لمفاوضات مستقبلية؟ يمكن أن يكون كل من هذه الاحتمالات مقدمة للحرب أو السلام أو ما بينهما. إذا اختار بوتين تحقيق نصر جزئي من خلال الاعتراف بانفصاليي دونباس، فسيتم تجنب الحرب لكنها لن تفعل شيئًا من حيث الضمانات الأمنية المتبادلة طويلة المدى.
-- يمكن لبوتين مواصلة الضغط العسكري على الحكومة الأوكرانية دون المخاطرة بغزو شامل
-- خسارة دونباس وعجز الغرب على منع هذا التقسيم لن يؤدي إلا إلى زيادة شعور أوكرانيا بالعزلة
-- اعتراف بوتين بانفصاليي دونباس، يجنّب الحرب دون توفير ضمان أمني طويل المدى
حتى لو قرر فلاديمير بوتين، كما أشار في الأيام الأخيرة، عدم غزو أوكرانيا، فإن هذا لا يعني بالضرورة أنه سينهي الأزمة سلميًا أو دبلوماسيًا. للرئيس الروسي ورقة رابحة في جعبته... مشروع غير متوقع وعنيف من شأنه أن ينهي الجمود لصالحه.
الثلاثاء 15 فبراير، مرر مجلس الدوما، البرلمان الروسي، قرارًا يخوّل لبوتين الاعتراف باستقلال الجمهوريتين الشعبيتين اللتين نصبتا ذاتيا دونيتسك ولوهانسك -مقاطعتا منطقة دونباس في جنوب شرق أوكرانيا يسيطر عليها الانفصاليون الروس. وهذا من شأنه أن يسمح له بإرسال آلاف الجنود والدبابات والأسلحة الأخرى إلى هذه الأراضي، “بناء على طلب” قادتها، من أجل الدفاع عن الشعوب هناك من الهجمات الأوكرانية.
وهكذا، يمكن لبوتين أن يواصل الضغط العسكري على الحكومة الأوكرانية دون المخاطرة بغزو شامل. وسيسمح له أيضًا بإعاقة آفاق أوكرانيا، القاتمة اصلا، لعضوية الناتو -وهو الهدف الرئيسي للرئيس الروسي -لأنه من بين الصفات الأخرى المطلوبة للانضمام إلى صفوف التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، يجب أن تتمتع الدولة بحدود مستقرة.
ارتياح كييف؟
لا يُلزم هذا القرار بوتين بالاعتراف بالجمهوريات الانفصالية، وإذا تساوت كل الأشياء من جهة أخرى، فإنه لا يفضل أن يفعل ذلك. في الأشهر الأخيرة، منع الفصائل القومية المتطرفة في الدوما من اقتراح قرار مماثل لأنه يفضل بقاء دونباس داخل أوكرانيا، حتى يتمكن الانفصاليون من الاستمرار في زعزعة استقرار الحكومة الوطنية في كييف.
منذ عام 2014، قُتل أكثر من 14 ألف شخص خلال الحرب الدائرة بين الانفصاليين والجيش الأوكراني. بالإضافة إلى ذلك، من المفترض أن تمنح اتفاقيات مينسك، وهي وقف إطلاق نار تم توقيعه عام 2015، المقاطعات الانفصالية صوتًا سياسيًا، ووفقًا لتفسير موسكو، حق النقض (الفيتو) على السياسة الخارجية، بما في ذلك انضمام مفترض لعضوية الناتو “كييف لا توافق على هذا التفسير للمعاهدة، وهو أحد أسباب عدم دخولها حيز التنفيذ».
في كل الأحوال، إذا لم يستطع بوتين التأثير على السياسة الأوكرانية من الداخل، فيمكنه فقط اقتطاع جزء صغير من البلاد وبالتالي توسيع دائرة نفوذ روسيا إلى الغرب قليلاً مع إمكانية ضمنية للعودة لاحقًا لمواصلة توظيفه.
بمعنى ما، ربما يشعر قادة كييف ببعض الارتياح إذا تحقق هذا الاحتمال لأن دونباس منطقة تسببت في العديد من المشاكل لبعض الوقت. ولكن هناك سببان وراء إثارة هذا الخبر للقلق، حتى ما وراء التعقيدات التي تنطوي عليه عند التقدم بطلب العضوية للناتو.
ضربة لوحدة الأراضي، أسوأ من ضم شبه جزيرة القرم
أولا، دونباس، التي يبلغ عدد سكانها 4.3 مليون نسمة هي الأكثر كثافة سكانية من بين المناطق الستة والعشرين في أوكرانيا، وتمثل الحصة الأكبر من الصناعة الثقيلة في البلاد والطاقة، وخاصة الفحم. ثانيًا، سيكون الانفصال ضربة أخرى لوحدة أراضي أوكرانيا، بطريقة ما أكثر صدمة من ضم روسيا العنيف لشبه جزيرة القرم عام 2014.
عام 1994، وقّعت الولايات المتحدة وروسيا والمملكة المتحدة، مذكرة بودابست التي ضمنت لأوكرانيا وحدة أراضيها مقابل التخلي عن آلاف الأسلحة النووية التي ورثتها بعد تفكك الاتحاد السوفيتي “لم يكن لدى أوكرانيا وسيلة لإطلاق صواريخها الباليستية العابرة للقارات لكن ضباطها كانوا يسيطرون على العديد من الأسلحة النووية “التكتيكية” الأقصر مدى”. إن خسارة دونباس وإدراك أن حلفاءها الغربيين لا يمكنهم فعل أي شيء لمنع هذا التقسيم لن يؤدي إلا إلى زيادة شعور أوكرانيا بالعزلة.
في يناير، فلتت من الرئيس جو بايدن حقيقة غير سياسية تمامًا عندما قال إن الناتو سيجعل روسيا “تدفع ثمناً باهظًا” إذا شن بوتين “غزوًا كبيرًا” في أوكرانيا -ولكن هناك “خلافات داخل الناتو حول ما يمكن ان تفعله الدول إذا انخرط بوتين في “توغل بسيط”. سارع ممثلو بايدن إلى التراجع، وهو ما فعله الرئيس بنفسه في النهاية، قائلاً إن روسيا ستدفع ثمناً باهظاً حتى لو غامر بوتين ولو قليلاً، في أوكرانيا.
الفكرة، هي أن قطع دونباس وترك بقية أوكرانيا دون أن يمسها في الوقت الحالي هو سيناريو قد يعتبره البعض “توغلًا طفيفًا”، لا يستحق فرض عقوبات اقتصادية كاملة، التي بالإضافة إلى إلحاق الضرر بروسيا، ستطرح أيضا مخاطر وصعوبات اقتصادية للعديد من الدول الأوروبية، وفي مقدمتها ألمانيا.
بمعنى آخر، ربما يعتقد بوتين أنه يمكن أن يفلت من العقاب.
لا يوجد ضمان للأمن
المتبادل على المدى الطويل
في غضون ذلك، تستمر الأزمة. يتحدث بوتين عن حل دبلوماسي وإعادة القوات من الحدود الأوكرانية إلى قواعدها في روسيا، لكن مسؤولي الناتو والولايات المتحدة يواصلون القول إنهم لا يرون أي علامات على مثل هذا الانسحاب. في الواقع، تُظهر صور الأقمار الصناعية وصول قطارات عسكرية جديدة إلى الحدود منذ أن أعلن بوتين انسحاب بعض الوحدات.
شخص ما، على الأرجح كيانًا روسيًا، قام بشن هجوم ضد مواقع الجيش الأوكراني ووزارة الدفاع والعديد من البنوك الكبرى في البلاد -لا شيء خطير، ولكن علامة تحذير محتملة لهجمات إلكترونية أكثر خطورة في المستقبل.
في أي مرحلة من الحرب الكلاسيكية نحن نعيش -سلام زائف، أو تعبئة متفاخرة، أو تكديس الأوراق الرابحة لمفاوضات مستقبلية؟ يمكن أن يكون كل من هذه الاحتمالات مقدمة للحرب أو السلام أو ما بينهما. إذا اختار بوتين تحقيق نصر جزئي من خلال الاعتراف بانفصاليي دونباس، فسيتم تجنب الحرب لكنها لن تفعل شيئًا من حيث الضمانات الأمنية المتبادلة طويلة المدى.