التعاطف مع بوتين ليس ظاهرة جديدة

لهذا الكرملين معجب بقناة فوكس نيوز الأمريكية...!

لهذا الكرملين معجب بقناة فوكس نيوز الأمريكية...!

• تنقسم وسائل الإعلام المحافظة، مثل الحزب الجمهوري نفسه، بين التدخل والانعزالية
• يعارض المحافظون الموالون لروسيا نيوليبرالية بلا حدود وبدون قيم
• يدرك جهاز الدعاية الروسي نوع القصص التي تروق لاتباع نظرية المؤامرة الأمريكيين
• نقد القناة للنفاق الأمريكي يحظى بشعبية كبيرة لدى مسؤولي الدعاية الروس


من نظريات مؤامرة الأسلحة البيولوجية إلى الخطابات حول فساد الحكومة الأوكرانية، لدى القناة الأمريكية المحافظة ووسائل الإعلام الحكومية الروسية العديد من الهواجس المتجانسة.
   اتهم رئيس الحماية الكيماوية والبيولوجية بالقوات المسلحة الروسية، إيغور كيريلوف، الخميس 24 مارس، هانتر بايدن، نجل الرئيس الامريكي، بالتورط في تمويل برنامج عسكري بيولوجي في أوكرانيا.  ورغم أن وزارة الدفاع الروسية لم تقدم أي دليل على وجود مخابر الأسلحة البيولوجية هذه، إلا أن الشائعة التقطت في نفس الليلة من قبل الصحفي تاكر كارلسون، الذي يقدم البرنامج الإخباري الأكثر شهرة ومشاهدة في الولايات المتحدة.

   "من الواضح أن صندوق استثمار يقوده هانتر بايدن قام بتمويل الأبحاث حول مسببات الأمراض في هذه المختبرات البيولوجية"، شرح المقدم. وكالعادة، يقول بعد ذلك إن التفاصيل غير واضحة ولكن "طرح الأسئلة أمر مشروع".    من الصعب تحديد الاصل الدقيق لهذه الأنواع من نظريات المؤامرة، التي تولد على وسائل التواصل الاجتماعي ثم تلتقطها روسيا واليمين الترامبي، يقول مات غيرتز، الباحث الذي يحلل التضليل المحافظ، لشركة ميديا ماتيرس.     "للمروّجين الروس وبعض مذيعي قناة فوكس نيوز، اهتمامات متجانسة وهواجس مماثلة. إنهم يخوضون في نفس المستنقع التآمري. ويبرز ذكر هانتر بايدن في البرامج التلفزيونية الروسية أن مسؤولي الدعاية الروس يعرفون نوع القصص التي تروق لاتباع نظرية المؤامرة الأمريكيين".

وجهة نظر "بديلة"
 إن التآزر بين فوكس نيوز وأجهزة الاتصال التابعة للحكومة الروسية، بلغ درجة اننا نعثر بانتظام على مقتطفات من المادة التي تبثها القناة الأمريكية المحافظة على التلفزيون الروسي.
   "في الاثناء، على التلفزيون الروسي: المزيد من مقتطفات برنامج تاكر كارلسون. وهذا الأمر لا يتوقف بل مستمر، لأنه يقدّم حجة تكاد تكون مطابقة لتلك التي يدافعون عنها "، تلخص الصحفية جوليا ديفيس، التي تتولى تحليل الدعاية الروسية لموقع ديلي بيست.
   توصيف أكدته مقدمة البرامج الروسية أولغا سكابيفا، التي اشارت مؤخرًا الى تاكر كارلسون في برنامجها قائلة، إن "اهتماماته تتطابق في أغلب الأحيان مع مصالحنا"، ووزير الخارجية سيرجي لافروف الذي انتقد عدم استقلالية "الإعلام الغربي"، مع استثناء وحيد: "فيما يتعلق بالولايات المتحدة، فقط فوكس نيوز تحاول تقديم وجهة نظر بديلة."
   وجهة النظر "البديلة" هذه التي أشادت بها موسكو، تتمثّل في تسخير مزيد من الوقت في انتقاد الحكومة الأوكرانية. وهذا إلى حد كبير ما يفعله المذيعون مثل تاكر كارلسون ولورا انجراهام على قناة فوكس نيوز.
   "زاوية نظرهم، هي أن بايدن يغالي في أوكرانيا، وأنه لا ينبغي للولايات المتحدة أن تتورط في هذا الصراع، وهو مجرد رد فعل شرعي من قبل بوتين للدفاع عن مصالح الأمن القومي لبلاده، يلخص مات غيرتز. ويميل عرض تاكر كارلسون إلى تشويه القضية الأوكرانية، ليقول إن هذا البلد استبدادي، والمعنى الضمني هو: "لماذا ندعم أوكرانيا بدلاً من روسيا؟".

رفض النيوليبرالية
   يشترك الصحفيون والمسؤولون المنتخبون الأمريكيون الذين يسعون باستمرار للحصول على أعذار لروسيا، على التنديد بما يصفونه بـ "النخب الليبرالية العالمية". ويردون على منتقدي السلطوية الروسية، بأن فيسبوك وتويتر يفرضان رقابة أيضًا، مستشهدين بحالة دونالد ترامب. هذا النقد للنفاق الأمريكي يحظى بشعبية كبيرة لدى مسؤولي الدعاية الروس، الذين يهدفون إلى إبراز المناطق الرمادية في الغرب، سواء كانت حقيقية أو مبالغ فيها أو مخترعة بالكامل.
   بالنسبة للقومية التي يعتبرها بوتين شرعية، فإن المحافظين الموالين لروسيا يعارضون نيوليبرالية بلا حدود وبدون قيم، ليبرالية بايدن والاتحاد الأوروبي وفولوديمير زيلينسكي، ورفض النيوليبرالية يتوافق مع أيديولوجية القومية المحافظة، وهو تيار فكري يميني جديد أقلع منذ انتخاب دونالد ترامب.
   يتم تبني الخطاب المؤيد لروسيا أيضًا من قبل شخصيات معينة من اليسار، مثل الصحفي جلين جرينوالد، أو الديمقراطية المنتخبة سابقًا تولسي غابارد، الذين تتم دعوتهم بانتظام على قناة فوكس نيوز، حيث يميلون إلى تقليل الانتهاكات الروسية من خلال إعادة توجيه النقاش نحو أخطاء الغرب. ليز واهل، الصحفية الأمريكية التي تركت محطة الإذاعة الروسية "روسيا اليوم" بعد غزو القرم عام 2014، لخصت هذه الديناميكية في ديلي بيست: "هناك محاولات لتغيير الموضوع لإعفاء بوتين من المسؤولية من خلال التساؤل: وماذا عن العراق؟ ماذا عن أفغانستان؟ وهذا النوع من الخطاب له قيمة دعائية قوية لأن هناك عنصرًا من الحقيقة: أن الولايات المتحدة ليست بريئة وبلا خطيئة".

تعاطف عريق
   عموما، ليس لدى فوكس نيوز خط تحريري متماسك حول المسألة الروسية. وتنقسم وسائل الإعلام المحافظة، مثل الحزب الجمهوري نفسه، بين التدخل والانعزالية. ومراسلو فوكس نيوز الآخرين يتهمون بايدن بالضعف الشديد وعدم تسليح أوكرانيا بما فيه الكفاية.
   هذا أيضًا هو الموقف الأغلبي داخل الحزب الجمهوري، حتى لو فضل عدد قليل من نواب ترامب المنتخبين عام 2020 انتقاد أوكرانيا، مثل مارجوري تيلور غرين، ممثلة جورجيا، التي اتهمت أوكرانيا بـ "استفزاز الدب الروسي"، وماديسون كاتورن من ولاية كارولينا الشمالية، الذي قال في مطلع مارس إن الحكومة الأوكرانية "فاسدة بشكل لا يصدق"، و "روّجت لأيديولوجيات ووك".    ان التعاطف مع بوتين على قناة فوكس نيوز، ليس ظاهرة جديدة. لاحظ مات غيرتز ذلك منذ عام 2010 على الأقل، عندما رأى المحافظون الأمريكيون أن بوتين هو الزعيم الذكر القوي المثالي (بدون قميص على صهوة جواد) في مواجهة باراك أوباما، الذي يعتبر ضعيفًا ومخنثًا.
   "يصور بوتين الغرب على أنه في انحطاط، وقد دفع بالعديد من قوانين القمع ضد المثليين. ويعجب بعض المحافظين الأمريكيين بهذا الأمر، ويجدون أن بوتين يدافع عن المسيحيين والأخلاق التقليدية بينما لا يدافع القادة الغربيون عن ذلك"، يشرح مات غيرتز.
   ولا تزال هذه الانتماءات الأيديولوجية حاضرة اليوم في خطابات فلاديمير بوتين، الذي شجب مؤخرًا "ثقافة الإلغاء"، وما يسميه "الحريات الجنسانية".
   "نحن في هذه الفترة الغريبة حيث تبدو خطابات فلاديمير بوتين مثل المونولوجات التي قد تسمعها على قناة فوكس نيوز. هناك العديد من القواسم المشتركة بين ما يشكو منه وما يقوله مقدمو البرامج المسائية على قناة فوكس نيوز"، يختتم مات غيرتز.