حدث تحت رقابة صارمة

لهذا تم إبعاد الصحافة عن عيد ميلاد ديانا الستين...!

لهذا تم إبعاد الصحافة عن عيد ميلاد ديانا الستين...!

-- حب الجمهور الدائم لـ «أميرة القلوب» يجب أن تتم تغذيته باعتدال، ولكن بشكل فعال، من قبل الاميرين

نسمع عن عيد ميلاد ديانا الستين، منذ شهور. أولاً، كان هناك الموسم الرابع من مسلسل “التاج”، والذي في نهاية عام 2020 سبق ان أعاد إحياء ذكرى الأميرة في اللاوعي الجماعي.

بعد ذلك، تضاعف على مدار الأسابيع عدد العروض الخاصة والأفلام الوثائقية وغيرها من الملفات المكرسة لهذا المنعطف الهام، وهذه الذكرى السنوية التي لن تعرفها أبدًا.  أخيرًا، تسببت التوترات الأخيرة بين ابنيها هاري وويليام، في تدفق الكثير من الحبر ..  وساعدت في إعادة احياء ذكراها: “ماذا كان ســــيكون موقـــــف الليـــــدي دي لو كانـــــت على قيد الحياة؟    و”ماذا كانت ستفعل للتوفيــــق بينهما؟”.  باختصار، شهدت أميرة ويلز عودة غير عادية إلى الضجيج هذا العام.    لذلك بالضرورة، كان هذا الاول من يوليو 2021، عيد ميلادها الستين، منتظرًا بفارغ الصبر. حين أكدت فرق الاتصال بالقصر الأسبوع الماضي أنه بمناسبة الحدث، سيلتقي الأميران ويليام وهاري في حديقة سونكن في قصر كنسينغتون، حيث ترعرعا معا، لرفع الستار عن تمثال يخلّد ذكراها، استعدت وسائل الإعلام والاحباء والفضوليين.  لقد أرادوا أن يكونوا هنــــــاك، حاضرين، شهودًا على هذه اللحظة التاريخية لتكريم ذكرى ديانا، بالطبع، ولكن أيضـــــًا وخاصة، ليروا كيف سيحدث لمّ شمل الأخوين، منذ أن غادر هاري إلى كاليفورنيا.

الا ان ذلك كان دون احتساب إرادة دوقا كامبريدج وساسكس لتبقى الصحافة في التسلل نسبيًا. لذلك، في الوقت المحدد في يوم الاحتفالية، لم يكن هناك ما يشاهد. لم توجد صورة لبثها على الهواء مباشرة، ولا مقابلة ممكنة. حاول الأنصار والاحباء رفع أعناقهم من حدائق القصر لمحاولة رؤية شعر (نادر) للأميرين، ولكن ظلوا على جوعهم.

  كانت القنوات الإخبارية، سكاي نيوز وسي ان ان وأي تي في، قد أرسلت بالطبع مراسليها لدى العائلة المالكة إلى الموقع، ولكن في اللحظة المحددة، عندما كان ويليام وهاري يمسكان الخيط للكشف عن التمثال البرونزي لأمهما برفقة طفلين (طفلان خياليان، يفترض انهما يمثلان “الكونية وتأثير عمل الأميرة على الأجيال”)، لم ير الصحفيون شيئًا على الإطلاق مما كان يحدث.

   ولسبب وجيه: تم إيقافهم بدقة من قبل اجهزة القصر أسفل الحديقة حيث أقيم الموكب، خلف الحواجز الأمنية. ومن ذاك الموقع، كان التمثال الوحيد الذي يمكنهم تأطيره في دائرة كاميراتهم، هو تمثال الملكة العجوز الطيبة فيكتوريا.   لقد أعدت قناة ال سي أي الفرنسية برنامجًا خاصًا، وجيء بالمتخصصين في الموضوع للتعليق على الحدث. لكن لدقائق طويلة، لم تصل الصور لبثها، باستثناء حشد من المعجبين والأشخاص الفضوليين الذين يتجولون في حدائق القصر، وهاتفهم الذكي في يدهم.

في الواقع، استغرق الأمر ما يقارب الساعة حتى اكتمل الحفل وغادر ويليام وهاري المشهد، قبل التمكن من رؤية الصور الأولى. ويفسر ذلك باختيار الأميرين اللجوء إلى حضور إعلامي محدود بشكل خاص، على أمل مراقبته والسيطرة عليه قدر الإمكان.

حدث عائلي
أكثر منه ملكي
تقليديا في المملكة المتحدة، تتم مراقبة الأحداث التي تتعلق بالعائلة المالكة من قبل مجموعة من الصحفيين المعتمدين تسمى رويال روتا. كل منبر اعلامي إنكليزي كبير له مراسله المسؤول عن كل الشؤون الملكية، وتتبع هذه المجموعة الصغيرة من المتخصصين بشكل طقوسي روزنامة التنقلات لتغطية الأنشطة والتظاهرات والرحلات الرسمية للأعضاء النشطين في العرش. لكن هذه المرة كان الامر مختلفًا. للحد من وجود الصحفيين (لا يزال كوفيد يعتمد كعذر مقبول)، قرر ويليام وهاري اعتماد مصور واحد فقط، ومراسل واحد، وكاميرا واحدة من وكالة اشوسيتد برس لالتقاط حفل افتتاح تمثال والدتهما. بعد ذلك ستُكلف اشوسيتد برس، مع حظر مدته ساعة واحدة، بإعادة توزيع الصور والمعلومات على وسائل الإعلام المختلفة، في المملكة المتحدة وعلى الصعيد الدولي. إنه جهاز مشابه للجهاز الذي تم وضعه في قلعة وندسور لتقديم آرتشي، نجل هاري وميغان، بعد ولادته.

يمثل اختيار استبعاد رويال روتا من الحدث المباشر أولاً، رغبة في عدم تقديم هذا التدشين كحدث ملكي، بل حدث عائلي –وبالتالي شرعيا أكثر حميمية. يذكر أنه عند وفاتها، كانت الليدي دي مطلقة ولم تعد عضوًا نشطًا في المؤسسة.
وهكذا، أعلن البيان الصحفي الرسمي الصادر في 25 يونيو، عن “حفل صغير” بحضور بعض أفراد عائلة ديانا، والفنانة التي ابتكرت التمثال، ومنسق الحدائق المسؤول عن الحديقة التي تحتضنه. لم يحضر زوجها السابق الأمير تشارلز، الموجود في اسكتلندا، ولا الملكة إليزابيث، التي فضلت بعد ظهر ذلك اليوم، الذهاب إلى سباق الفروسية في وندسور. ويعكس اختيار الحدّ من مشاركة وسائل الإعلام في الحدث أيضًا، وبالتأكيد، التنازل الذي قدمه ويليام لأخيه هاري.

لقد انتقد هذا الأخير الصحافة البريطانية بشكل حاد في الأشهر الأخيرة، متهمًا إياها بالمضايقة، وحمّلها المسؤولية الجزئية عن نفيه في كاليفورنيا مع زوجته ميغان ماركل.
وعندما غادر المملكة المتحدة، تعهد هاري بألا يواجه روتا رويال التي كرهها مرة أخرى. وفي العمق، من الأشياء القليلة التي لا يزال هاري وشقيقه يتقاسمانها، هو عدم ثقتهما في الاعلام.
 فبعد مرور ما يقارب الأربعة وعشرين عامًا على وفاة والدتهما تحت جسر ألما في باريس، يستمر ويليـــام وهاري في اعتبار ان المصورين والضغط الإعلامي، مسئولين عن ذاك الحادث المأساوي.

حان الوقت لحسم
 الأمور على انفراد
وكملك مستقبلي، يعلم ويليام أنه لا خيار لديه: سيضطر إلى تكييف حياته كلها مع الصحافة، وحتى جعلها حليفًا إذا كان يرغب في الحفاظ على شعبيته مع رعاياه في المستقبل. لكن هاري يشعر الآن أنه لم يعد يدين لها بشيء. فمن خلال التخلي عن وضعه كعضو نشط في التاج عام 2020، قام أيضًا بالتخلي عن أي التزام تجاه وسائل الإعلام.
اسال هذا الانقسام بين الأشقاء الكثير من الحبر وشوّه صورة المؤسسة الملكية. وأدرك هاري وويليام اليوم أنه لا مصلحة لهما في مزيد نشر غسيل خلافاتهما. ثم بعد فترة كشف المستور الكبرى هذه (بعد المقابلة /الاعترافات للثنائي ساسكس إلى أوبرا وينفري، حيث اتهما العائلة المالكة بالعنصرية وعدم دعمها لميغان عندما كانت تعاني من اضطرابات نفسية)، يبدو ان الأخوين وافقا على أن الوقت قد حان لحسم بعض الأمور على انفراد.

   ولتخفيف التوترات وإظهار الوحدة التي يأملها الجمهور، بعد الموكب، وقّع الشقيقان بيانًا مشتركًا أثنيا فيه على ذكرى وروح والدتهما. لا وجود لخطاب منفصل للمقارنة، ولا وجود لحرب اتصالية لتغذيتها. وتُظهر الصورة التي نقلها حساب قصر كنسينغتون الرسمي على تويتر أيضًا، وليام وهاري من الخلف، وهما ينظران معًا في نفس الاتجاه، نحو تمثال والدتهما.

ومن خلال إبقاء رويال روتا بعيدا، واختيار الحد من الصور الموزعة على الصحافة، حاول ويليام وهاري بالتالي تهدئة اتصالاتهما. وكانا يأملان أيضًا الافلات من جحافل الخبراء الذين يتم استدعاؤهم عادةً لقراءة شفاههما، أو فك رموز لغة جسدهما مباشرة، والتدقيق في أدنى علامة توتر. ومن الواضح أن هذا النوع من المقالات قد ازدهر بعد بضع ساعات على الويب، لكن كان للأخوين الوقت لمراقبة (والموافقة؟) صور لمّ شملهم.

هذه الصور، حتى لو تم تقليصها إلى الحد الأدنى الصارم، كان لابد من وجودها. ويدرك الأميران جيدًا أنه من المهم بالنسبة لهما الاستمرار في الارتباط بصورة والدتهما والشعبية غير العادية التي تتمتع بها. في اليوم التالي لافتتاح هذا التمثال، وصبيحة فتح الحديقة للجمهور، كان “المعجبون”، هؤلاء الألتراس لديانا، وغالبًا ما يرتدون بالكامل علم المملكة المتحدة، أول من عبر البوابات.

حب الجمهور الدائم لـ “أميرة القلوب”، يجب أن تتم تغذيته باعتدال، ولكن بشكل فعال من قبل ابنيها. لأن الأنصار والمعجبين الذين يضمنون بقاء النظام الملكي، يأتون لزيارة القصور، وينفقون أموالهم في محلات بيع التذكارات.