لهذا لن يستفيد حزب الله من حرب غزة؟
في وقت قد يحتفل فيه حزب الله باكراً بما يجري في غزة باعتباره انتصاراً لمحوره، رأى كبير المحررين في مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، مايكل يونغ أن هذا الاحتفال سابق لأوانه. ونبه يونغ في صحيفة “ذا ناشيونال” الإماراتية إلى أن تقييم حزب الله للنزاع الأخير يستند أولاً إلى انعكاساته على إيران وحلفائها الإقليميين عوض تعزيز مصالح الشعب الفلسطيني. رحب حزب الله بقدرة حركة حماس على دفع إسرائيل إلى حائط مسدود نسبياً بالتزامن مع استمرارها في إطلاق الصواريخ على أهداف إسرائيلية، رغم القصف العنيف لغزة. وكما حصل مع حزب الله في حرب يوليو (تموز) 2006، مثلت قدرة حماس على ضرب إسرائيل انتصاراً معنوياً لداعميها بصرف النظر عن قدرة إسرائيل على إلحاق دمار أكبل بكثير في المناطق الفلسطينية.
وبرز تطور في نوعية ونطاق صواريخ حماس بحيث ألحقت الحركة الضرر بمدن بعيدة كما حصل في تل أبيب، والقدس، حتى أنها أجبرت إسرائيل على إغلاق مطارها الدولي. تشير قوة حماس إلى إعادة اندماجها الكامل في ما يسمى “محور المقاومة”، وبعد أن تدهورت العلاقات بين حماس وحزب الله في النزاع السوري، فإنها تحسنت بشكل ملحوظ في 2017، لذلك تبدو جولة الصراع الأخير في غزة، خطوة إضافية في مسار المصالحة.
وتابع يونغ قائلاً إن حزب الله رحب بتهميش حركة حماس السلطة الفلسطينية إلى حد كبير خلال النزاع مع إسرائيل بسبب اقتحامها المسجد الأقصى. فبعد الجهود لطرد الفلسطينيين من حي الشيخ جراح، قصفت حماس أهدافاً إسرائيلية.
وراقب حزب الله تطوراً ثالثاً، بعين الرضا، أي انضمام عرب إسرائيل إلى الاحتجاجات ضد الحكومة الإسرائيلية، في ما يشبه جبهة فلسطينية واسعة تؤيد حقوق الفلسطينيين.
وبالنسبة إلى حزب الله، يعني الأمر قرب ظهور تناقضات داخل إسرائيل، ما يؤكد قول الحزب إنها دولة غير قابلة للحياة. ومن ناحية رابعة، سينظر حزب الله على الأرجح، إلى هجمات حماس ضد أهداف إسرائيلية، إلى جانب إيران، على أنها انتقام من القصف الإسرائيلي في سوريا الذي يطال مقاتلي إيران ووكلائها فيها، ما يسمح لإيران بادعاء فرض الردع لإسرائيل.
يكرر يونغ تحذيره من ادعاء حزب الله الانتصار بشكل سابق لأوانه، ذلك أنه لا شك أن حرب غزة مثلت انعطافة جديدة مهمة في العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية، بما أنها ترافقت مع مظاهرات داخل حدود 1948. وعلاوة على ذلك، فإن المشاعر الإقليمية أظهرت أن “المقاومة الفلسطينية” التي يزعم الإيرانيون وحلفاؤهم مناصرتها، تواصل توجيه ضربة قوية في مواجهة ظلم إسرائيل. لكن بسبب هذا الأمر بالتحديد، سينظر الفلسطينيون إلى تحركاتهم على أنها استمرار لأجيال من الصراع ذي الغايات الوطنية، وهو صراع تؤدي فيه إيران وحزب الله، دوراً ثانوياً فقط.
من جهة ثانية، لم يستطع “محور المقاومة” تحويل الصراع في غزة إلى سلاح لوضع خصومه العرب في موقع دفاعي، إذ شجبت منظمة التعاون الإسلامي فوراً سلوكيات إسرائيل وعقدت لقاء افتراضياً على مستوى الخارجية يوم الأحد، وفي الاجتماع، وصف وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان اعتداءات إسرائيل بـ”الجرائم المنظمة”، وأعاد التشديد على المبادرة العربية في 2002، التي تجاهلتها إسرائيل إلى حد كبير.
ومن جهة أخرى، فشل الصراع في التأثير على الاتفاقات التي وقعت في السنة الماضية بين دول عربية وإسرائيل، ما يعني أن الأهمية على المدى الطويل للصراع العسكري الحالي تكمن داخل إسرائيل وفي الأراضي المحتلة، ولن تغير العلاقة بين إسرائيل، واللاعبين الإقليميين.
قد يفرح حزب لله لأن أسلحة “محور المقاومة” تتسبب في المزيد من الأضرار لإسرائيل، لكن عليه أن يتذكر أنه في أي حرب، يمكن لإسرائيل تصعيد التدمير إلى مستويات أعلى من تلك التي يمكن لأعدائها الوصول إليها، حسب الكاتب. وسيكون التحدي أمام حزب الله، احتواء رد الفعل الشعبي بعد أي حرب، لأن قلة من العرب تريد أن تخسر كل شيء نيابةً عن إيران.