الانتخابات في السويد:

لهذا يكتسب اليمين المتطرف مكانة في دول الشمال...!

لهذا يكتسب اليمين المتطرف مكانة في دول الشمال...!

-- تخلق الأحداث اليومية شعوراً  بعدم  الأمان تجاه  النظام العام
-- اليمين المتطرف موجود في فنلندا مع حزب الفنلنديين الحقيقيين وفي النرويج مع حزب التقدم وفي الدنمارك مع حزب الشعب الدنماركي
-- تمثل نتائج التشريعية السويدية  صعود اليمين المتطرف في المشهد الشعبوي لبلدان الشمال
-- لقـــد وضعـــوا أنفســــهم في مواجهــة مـــع شريحة  من السكان يعتبرونها مستحيلة الاندماج
-- تتمحور هذه الأحزاب السياسية على شكل من أشكال القومية العرقية، مع رؤية نظرية لمجتمع أصلي متخيّل


    نتيجة تاريخية. في السويد، تميزت الانتخابات العامة باختراق الحزب اليميني المتطرف، “ديمقراطيو السويد”، وذلك بفضل تحالفهم مع تشكيله من اليمين التقليدي. وبـ 176 مقعدًا، منها 73 مقعدًا لـ “ديمقراطيو السويد”، تتقدم الكتلة المكونة من أربعة أحزاب يمينية بفارق ضئيل جدًا على اليسار (173 مقعدًا).

    كانت المنافسة في الاقتراع الذي أُجري يوم الأحد لصيقة الى درجة أن الأمر تطلب حتى عدّ بضع عشرات الآلاف من الأصوات المنقوصة يوم الأربعاء للتحقق من صحة النتائج الكاملة، والتي افتكت في النهاية مقعدا آخر من اليسار ومنحته إلى اليمين. وبالتالي، فإن “ديمقراطيي السويد” هم الفائز الأكبر في هذه الانتخابات بنسبة 20 بالمائة من الأصوات: لقد أصبحوا الحزب الثاني في البلاد.
   اختراق اليمين المتطــــرف يمكن العثـــــور عليه أيضًــــــا في بــــلدان الشـــــمال الأوروبـــــي الأخـــرى، سواء في فنلنــــدا مع حــــــزب الفنلنديين الحقيقيين، أو في النرويج مع حزب التقدم، أو في الدنمارك مع حزب الشعب الدنماركي.

سيريل كوليت، المتخصص في بلدان الشمال الأوروبي، والباحث السابق في المعهد السويدي للعلاقات الدولية، يعدّد لـ “لو جورنال دي ديمانش” أسباب اختراق اليمين المتطرف للمشهد السياسي الاسكندنافي.

   *عدد الأصوات التي حصل عليها اليمين المتطرف غير مسبوق في السويد.
ما الذي يمكن أن يتغير
 في البلد؟
   - سيؤدي هذا بلا شك إلى مزيد من عدم الاستقرار السياسي: نحن في عصر حكومات الأقليات وائتلاف المعارضة السويدي ليس كتلة موحدة. سيكون إقناع الليبراليين و “ديمقراطيي السويد” بالتصويت معًا أمرًا معقدًا للغاية. الناخبون الليبراليون لا يؤيدون ذلك، مما يعني أن الائتلافين هشان لأن “الديمقراطيين السويديين” قد اقتحموا الفضاء السياسي السويدي بسرعة كبيرة، ووجودهم لم يُسجّل بعد في المشهد السياسي، ولم يُقبل.
 وحتى لو أدى توسيع الائتلاف إلى “ديمقراطيي السويد” إلى وضع حد للتهميش السياسي لهذا الحزب، فإن هذا لا يضمن قبوله من قبل جميع القوى السياسية، بما في ذلك داخل ائتلاف المعارضة. لم ينته عدم الاستقرار السياسي، بل ستتغير طبيعته.

   *هل صعود اليمين المتطرف جديد في دول الشمال؟
   - النتائج التي تم الحصول عليها في السويد تضــع حداً لما كان لفترة طويلــــة اســـــتثناءً سويديًا.
لقد سبق ان تطورت عام 2010 عندما دخل اليمين المتطرف البرلمان.
 تم تفجير حركات اليمين المتطرف في البلدان الاسكندنافية، وخاصة في الدنمارك، التي عانت من الاحتلال النازي وحيث انتهت مصداقية كل ما كان يمينًا متطرفًا.    كان لفنلندا معاهدة تعاون ومساعدة متبادلة مع الاتحاد السوفياتي..
 كما أن وصاية موسكو القوية على حياتها السياسية جعلت أي شيء قد يحيل للفاشية أمرًا لا يمكن تصوره.
 وعلى العكس من ذلك، في السويد ما بعد الحرب الباردة، كان بإمكان حركات اليمين المتطرف أن تزدهر لكن من دون تمثيل سياسي.
 لذلك كان هناك استثناء سويدي في هذا الصدد، حيث كان للسويد يمين متطرف قوي، ولكن من دون وجود تشكيل يميني شعبوي يتنزّل في المشهد السياسي بطريقة دائمة.

   *ما الذي تغيّر منذ
عام 2010، عندما
دخل “الديمقراطيون السويديون” البرلمان؟
   - عام 2010، لأول مرة، تم الاعتراف بهم من قبل الاحزاب التقليدية على أنهم لاعبون في النظام السياسي السويدي. لقد دمجهم تحالف المعارضة الذي ظهر في الانتخابات الأخيرة، وهذا أمر جديد:
 بالنسبة لانتخابات 2018، لم يكن لدى الأحزاب اليمينية التقليدية تحالف مع اليمين المتطرف، وواصل الليبراليون معارضة التحالف مع اليمين الشعبوي، الأمر الذي يعقّد الامور.
   *ما هي أسباب صعود اليمين المتطرف
 في دول الشمال؟
   - تتمحور هذه التشكيلات السياسية بشكل كبير على شكل من أشكال القومية العرقية، مع رؤية نظرية لمجتمع أصلي متخيّل.  وتحمل هذه الأحزاب في عنوانها هذا التمثيل لمجتمع مبني ومنظم. في مقطع فيديو لحملة “الديمقراطيين السويديين”، يقول جيمي أوكيسون، زعيم الحزب، من البداية، “سأحدثكم عن السويد التي لي”، ويظهر لنا عرضا لسويد مثالية.
لقد وضعوا أنفسهم في مواجهة مع شريحة من السكان يعتبرونها مستحيلة الاندماج.  هذا الكليب لا يأخذ بعين الاعتبار رهانات البلد مثل الطاقة والأمن والخدمات العامة، إنه يمثل رغبتهم في إظهار مجتمع أصلي ضائع بسبب القرارات السياسية التي اتخذتها مختلف الحكومات السابقة.  ينتقد “ديمقراطيو السويد” الاشتراكية الديمقراطية، التي تركت بصمة أقوى في بلادهم من غيرها.

   *تأتي قضية الهجرة أيضًا في خطاب اليمين المتطرف...
   - نعم، شجب الهجرة والتعددية الثقافية موجود في جميع بلدان الشمال الأوروبي. هناك شكل من أشكال التقارب يمكن أن يحدث: التشكيلات الشعبوية اليمينية تراقب وتستمع إلى بعضها البعض في منطقة الشمال.
  في مجلس التعاون الاسكندنافي، هناك مجموعات برلمانية تلتقي فيها هذه التشكيلات وتتبادل الآراء.    في السنوات الأخيرة، كان “ديمقراطيو السويد” منبوذين داخل المجتمع السويدي، وحاولوا كسر عزلتهم من خلال خلق روابط مع الأحزاب الشعبوية الإسكندنافية الأخرى. إنهم يريدون تقديم السويد كنموذج مضاد للحصول على قبولهم، واتخاذ وجهة نظر معاكسة للاشتراكية الديمقراطية.

   *لماذا يتحول سكان الشمال إلى اليمين المتطرف؟
   - هناك مسألة الاندماج، وهي عملية تستغرق وقتًا. تتجدد الهجرة باستمرار، أولاً مع اللاجئين من أمريكا اللاتينية وجنوب غرب آسيا، ثم من الشرق الأدنى والشرق الأوسط وإفريقيا والبلقان ... وهذا يجدد مشاكل الاندماج، وهناك دائمًا إغراء الانطواء والانغلاق على الذات. ولكن هناك أيضًا انطباع بأن التناوب المتتالي لا يسفر عن قطيعة، وهناك ملل تجاه عرض سياسي لا يرضي جزءً من الناخبين. بشكل عام، إن ديناميكياتهم مواتية إلى حد ما، وحقيقة أن هذه التشكيلات تتجذر في بلد ما يجعل وجودها، في نظر أجوارهم، أكثر قبولًا.

   *هل الامن موضوع
مهم للسويديين؟
  - تخلق الأحداث اليومية شعوراً بعدم الأمان تجاه النظام العام. بالنسبة لليمين المتطرف، يسمح كل هذا برسم خطّ بين “هم ونحن”. إن راديكالية غيريّة الآخر، القائلة بأن الآخر مختلف جذريًا وأنه لا يمكن أبدًا أن يكون عضوًا في المجتمع، هو موضوع يمر عبر جميع التشكيلات الشعبوية في بلدان الشمال الأوروبي.
 وهم يقدمون أنفسهم في هذا الموضوع كبديل لنماذج المجتمع التي تنادي بها الاشتراكية الديمقراطية.
 ان بصمة الاشتراكية الديمقراطية هي بلا شك أقل قوة مما كانت عليه في الماضي لأن اليمين المتطرف قادر على التشكيك فيها.