رئيس الدولة يبحث مع وزير الدفاع السعودي علاقات التعاون وتطورات الأوضاع في المنطقة
لواء فاطميون... حزب الله آخر في الشرق الأوسط
تناول كبير مستشاري وزير الخارجية الأفغاني أريان شريفي التهديد الذي يُمثِّله "لواء فاطميون" في سوريا والعراق وأفغانستان، فضلاً عن مساعدة الحوثيين في اليمن، مرجحاً أن تتحوّل هذه الميليشيا إلى "حزب الله" آخر في ترسانة طهران للجماعات التي تعمل بالوكالة عنها. وكتب شريفي، في مقال لصحيفة "ذا دبلومات"، أن النظام الإيراني لطالما استخدم الجماعات الإسلامية كوكلاء لتعزيز أهدافه في الشرق الأوسط، منها على سبيل المثال، "حزب الله" اللبناني وحركة "حماس" الفلسطينية منذ الثمانينيات. ومع ذلك، فإن ما يجهله الكثيرون هو حرب طهران بالوكالة، التي تصاعدت مؤخراً، مع إنشاء شبكة عابرة للحدود من جماعات مسلحة شيعية، تستخدمها طهران في مواجهة خصومها عبر مجموعة متنوعة من ساحات القتال في منطقة الشرق الأوسط الأوسع نطاقاً.
وكيل جديد لايران
وأضاف أن "لواء فاطميون" هو أحد هؤلاء الوكلاء الجدد، والذي يتألف بالكامل من مقاتلين شيعة أفغان، تمّ نشرهم للدفاع عن المصالح الإيرانية في سوريا والعراق واليمن. ويمكن أن تترتّب على هذا الجانب الجديد العابر للحدود في حرب إيران التقليدية بالوكالة، تداعيات إقليمية واسعة، ما يُهدّد المصالح الأمريكية ومصالح حلفاء واشنطن عبر الشرق الأوسط وجنوب آسيا.
وأشار الكاتب إلى أنه بدأ مراقبة "لواء فاطميون" في أوائل عام 2015 باعتبار هذه المهمة جزءاً من الملف الذي يعمل عليه في مجلس الأمن القومي الأفغاني، على الرغم من أن هذه المجموعة أُنشئت قبل ذلك بعامين في خضم أحداث ما يسمى "الربيع العربي". ورداً على الاضطرابات الإقليمية، أنشأ "فيلق القدس" التابع لـ "الحرس الثوري الإيراني"، المسؤول عن شنّ حرب غير تقليدية وممارسة استخبارات عسكرية، أربع مجموعات شيعية مسلحة جديدة، وهي: فاطميون، وزينبيون، وعليون، وحيدريون، وتتألف من مقاتلين من أفغانستان، وباكستان، والعراق، وسوريا على التوالي. وكانت هذه المجموعات تُقاتل في ساحات معارك مخنلفة في الشرق الأوسط، لكن "لواء فاطميون" نما ليصبح الأكبر والأشرس بين هذه المجموعات.
أصول لواء فاطميون
وأشار الكاتب إلى أن أصول "لواء فاطميون" تعود إلى "قوات محمد" و"كتيبة أبو ذر"، وهما مجموعتان أفغانيتان كلفتهما إيران بالقتال في الحرب بين إيران والعراق في ثمانينيات القرن الماضي، والمشاركة لاحقاً في القتال ضد حركة "طالبان" في تسعينيات القرن الماضي. وشكَّلت مجموعة من قدامى المحاربين التابعين لهاتين المجموعتين، بقيادة علي رضا تافاسولي، نواة "لواء فاطميون" في عام 2013. وكوّن "فيلق القدس" من اللواء جيشاً يتألف من أكثر من 20 ألف مقاتل مُسلَّح على مدار السنوات الثلاث التي تلت ذلك.
إغراء ديني ومادي
وذكر الكاتب أن غالبية المقاتلين يُجنّدون من بين اللاجئين الأفغان في إيران، حيث جرى إغراؤهم بمهمة "حماية أضرحة حفيدات النبي محمد في دمشق". وأضاف أنه إلى جانب الإغراء الديني، قدَّم "فيلق القدس" أيضاً مجموعة من الحوافز المادية، بما في ذلك الحصول على إقامة قانونية، وتعليم مجاني للأطفال، وتأمين صحي، ومدفوعات شهرية تصل إلى 1500 دولار، فضلاً عن التمتع بوضعٍ اجتماعيٍ عند العودة، حتى إن بعض الأفغان أُجبروا على الانضمام لهذه القوات بعد تلقيهم تهديدات بالاعتقال أو الترحيل في حال رفضهم الانضمام إليها. ويعيش معظم اللاجئين الأفغان في إيران، البالغ عددهم 3 ملايين لاجئ تقريباً، حياة محفوفة بالمخاطر، إذ يتعرضون لضغط المصاعب الاقتصادية الشديدة من ناحية، والتمييز القاسي ضد الأجانب من ناحية أخرى، ما يجعل هذه الحوافز جذابة للغاية.
أنشطة التجنيد
ومع اشتداد القتال في سوريا، بدأ "فيلق القدس" في الوصول إلى أفراد قومية الهَزَارَة داخل أفغانستان أيضاً، وتشكيل شبكات تجنيد في كثير من المقاطعات، بما في ذلك العاصمة الأفغانية كابول. ونُقل المجندون بحجة أداء رحلات الحج إلى الأماكن المقدسة في سوريا والعراق، وذلك عن طريق استخدام وكالات سفر تربطها علاقات وثيقة بالسفارة الإيرانية في كابول. وبمجرد وصولهم إلى إيران، خضع المجندون للتدريب لمدة أسبوعين على التحركات التكتيكية لحرب العصابات والتعامل مع الأسلحة الأساسية. وأشرفت قوات "فيلق القدس" على هذه التدابير في سرية تامة. وبعد ذلك، نُقل المقاتلون الجدد إلى سوريا، حيث أسرعوا إلى زيارة ضريح السيدة زينب، ثم انتشروا على الفور في ساحات القتال. وأُرسل مقاتلو "لواء فاطميون" إلى بعض الجبهات التي يشتد فيها القتال، بما في ذلك مدن اللاذقية، وحماة، وإدلب، وحلب، ودمشق، ودرعا، باعتبارهم "وقود المدافع"، ما أدى إلى ارتفاع معدلات الضحايا. وتشير التقديرات إلى أنه بين عامي 2013 و2019، شارك أكثر من 50 ألف مقاتل من "لواء فاطميون" في القتال في منطقة الشرق الأوسط، وأسفر ذلك عن معدل ضحايا مهول في صفوفهم، بلغ أكثر من 5 آلاف حالة وفاة و4 آلاف إصابة. وكان من بين القتلى الزعيم الأصلي لهذه الجماعة المسلحة علي رضا تافاسولي، والعديد من خلفائه في قيادة الجماعة.
مساعدة الحوثيين والأفغانيين
ومع انحسار الحرب في سوريا، نُشر عدد من هؤلاء المقاتلين في اليمن من أجل دعم الحوثيين، حلفاء إيران، وعاد بعضهم إلى إيران، وانتقل كثيرون منهم إلى أفغانستان. ومع ذلك، يحتفظ "فيلق القدس" بفرقة نشطة قوامها نحو 8 آلاف مقاتل من مقاتلي "لواء فاطميون" في سوريا، كما يحافظ على علاقات مع المقاتلين النشطين في أفغانستان. وفي مواجهة الهجمات المستمرة التي يشنها مسلحون يشعر الشيعة الأفغان بأنهم ضعفاء للغاية فضلاً عن الاحتمال المتزايد لعودة حركة "طالبان" إلى السلطة، ما استدعى ظهور "لواء فاطميون" كقوة دفاع . وتؤكد الأحداث التي وقعت مؤخراً، على الرغم من صغر نطاقها، هذا التنبؤ: على سبيل المثال، أسقط أفراد الميليشيات التابعين لعلي بور، القائد المحلي لقومية الهَزَارَة الذي تفيد مزاعم أنه تربطه علاقة بـ "لواء فاطميون"، طائرة مروحية تابعة للجيش الأفغاني الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل تسعة من أفراد الأمن وشن الجيش أعمالاً انتقامية دموية. وبعد مرور أسبوعين، أعلنت جماعة أخرى تابعة للهَزَارَة يُزعم أنها الوجه النشط الأول لـ "لواء فاطميون" في أفغانستان، إنشاء فرقة عسكرية "للدفاع عن الشيعة ضد هجوم واسع النطاق وتمييز ممنهج" يتعرّضون له في وسط أفغانستان.
ولا يمثل هذا الأمر سوى غيض من فيض يمكن أن يطفو إلى السطح مع تصاعد التوترات العرقية والطائفية في أوساط الأفغان على الرغم من الانسحاب الوشيك للقوات الأمريكية.
جبهات القتال
وقال الكاتب: "المشكلة لا تنتهي في أفغانستان. فلواء فاطميون ليس سوى إحدى الجهات الفاعلة الكثيرة داخل شبكة إيران الجديدة العابرة للحدود الخاصة بالمجموعات الشيعية التي تعمل على أيديولوجية "التشدد الشامل" في منطقة منكوبة بالصراع.
وفي مواجهة هذا "التهديد الوجودي" المُفترض، تسعى إيران إلى استخدام جميع الوسائل التي تضمن بقاءها وتحقيق مصالحها. فالجماعات التي تعمل بالوكالة الموالية لإيران، مثل "لواء فاطميون"، تُزوِّد طهران بوسائل فعالة من حيث التكلفة من أجل مواجهة خصومها الأقوى، وممارسة نفوذ كبير على شؤون المنطقة.
وختم الكاتب أنه بينما قلَّلت معظم الوكالات الأمنية، بما في ذلك الوكالات التابعة للحكومة الأفغانية، بشدة من أهمية هذه الجماعة، إلا أن الدراسة الوثيقة عن الجماعة، التي عمل عليها الكاتب لمدة خمس سنوات، تقود إلى الاعتقاد بأن "لواء فاطميون" على وشك أن يصبح "حزب الله" آخر في ترسانة طهران للجماعات التي تعمل بالوكالة عنها.