لا يبدو أن أياً من الطرفين سيكسب مزية حاسمة

ما الذي يمكن توقعه في العام الثاني من حرب أوكرانيا؟

ما الذي يمكن توقعه في العام الثاني من حرب أوكرانيا؟


رأى أستاذ مادة الأمن والديبلوماسية في كلية باترسون الدكتور روبرت فارلي أن الحرب الأوكرانية تدخل عامها الثاني مع غياب مؤشرات إلى أن روسيا أو أوكرانيا وداعميها الغربيين يميلون للاستسلام. في الوقت نفسه، استقر الصراع على إيقاع محدد. فما الذي يمكن أن نتوقعه من الحرب في عامها الثاني؟

كتب فارلي في موقع “1945” أن مراقبي حلف شمال الأطلسي (ناتو) يعتقدون أن هجوم الربيع المتوقع للجيش الروسي بدأ فعلاً. تضغط روسيا في عدد من المحاور المتصلة في منطقة دونباس وتحقق نجاحاً في بعض الأماكن أكثر من غيرها. يبدو من غير المرجح أن يؤسس الهجوم المتثاقل اختراقاً كبيراً يمكن استغلاله لتهديد كييف وإخراج أوكرانيا من الحرب. بطرق عدة، يعاني الجيش الروسي من نقص مادي بالمقارنة مع كان الوضع عليه قبل سنة، بما أنه خسر الكثير من معداته الأكثر تطوراً وقواته الأكثر خبرة في الميدان. مع ذلك، ينزل الجيش الروسي أضراراً بالجيش الأوكراني متسبباً بخسائر خطيرة ومجبراً الأوكرانيين على استخدام ذخائر ثمينة.
وتبدو آفاق توسيع روسيا النزاع إلى ما وراء الخطوط الأمامية قاتمة. رجح الكاتب أن تكون استعادة خيرسون قد قضت على أي فرصة لهجوم روسي على طول ساحل البحر الأسود. وتسبب الهجوم الصاروخي الروسي ضد أوكرانيا بأضرار لكن لا يبدو أنه ترك تأثيراً ملموساً على المعنويات الأوكرانية. أخيراً، لا يظهر أن الروس جاهزون لجعل العمليات من بيلاروسيا تهديداً جدياً لقطاعي شمال وغرب أوكرانيا.

الهجوم الأوكراني المضاد
سيحدد الهجوم الأول الرد الأوكراني. بإمكان إخفاق أو نجاح روسي أن يولد فرصاً للأوكرانيين، الأول عبر شن هجمات مضادة ضد مواقع غير محصنة والثاني عبر استنزاف القوة الروسية العامة على مستوى الجنود والذخيرة والمركبات. مع بلوغ الهجوم الروسي ذروته، يمكن توقع أن تكون القوات الأوكرانية مستعدة لشن عمليات مصممة لكسر الخطوط الروسية الأمامية واستعادة الأراضي التي خسرتها العام الماضي. على النقيض من الروس، سيتقدم الأوكرانيون مع جيش أكثر قدرة من ذاك الذي نشروه منذ عام. ولا شك في أن نقل الأسلحة الغربية طور القاعدة المادية والتكنولوجية لذلك الجيش بالرغم من بقاء أسئلة جدية عن التدريب ودمج الأسلحة الغربية الكثيرة في مجموعة متجانسة. تبدو دفاعات روسيا أقوى مما كانت عليه حتى قبل أشهر قليلة، جاعلة هجوماً مشتركاً للأسلحة اختباراً جدياً للإمكانات الأوكرانية.

 المزيد من التدخل الأجنبي
سيعتمد جزء كبير من عناصر النزاع المتبقية على التدخل الأجنبي. لكن الأخير مشروط بنتائج الميدان. حسب فارلي، لا يمكن قول إذا كان الضعف الأوكراني أو القوة الأوكرانية ستتمتع بتأثير أكبر من المساعدة الأجنبية. إذا أظهر الهجوم الروسي علامات نجاح، فقد تشعر العواصم الغربية بأنها مضطرة لشحن أسلحة إضافية سريعاً إلى كييف. إذا تمكن الهجوم الأوكراني المضاد من استعادة أراض كثيرة فقد يعطي ذلك الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حجة إضافية بأن أوكرانيا بحاجة إلى الدعم لإنهاء المهمة.
ستشمل الجدالات الكبرى نقل المزيد من الدبابات والصواريخ الطويلة المدى وبالطبع مقاتلات غربية متطورة. لكن موقف الغرب ليس القضية الوحيدة. الآن، برزت مسألة تدخل صيني في الحرب مع تحذير وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الصين من تزويد روسيا بالأسلحة. سيحسن الدعم الصيني بشكل ملموس آفاق الجهد الحربي الروسي بالرغم من أن دمج هكذا دعم في المعركة سيكون معقداً. بالمثل، قد تشجع روسيا بشكل أكثر نشاطاً تعاون إيران وكوريا الشمالية وبيلاروسيا.

مفاوضات لإنهاء الحرب؟
من غير المرجح أن يكسب الهجوم الروسي أو الرد الأوكراني الحرب. ليس مرجحاً أن تستولي روسيا على كييف وتدمر الحكومة الأوكرانية كما لا يرجح الكاتب أن يدمر الأوكرانيون الجيش الروسي أو يطردوه من الأراضي المحتلة. لكن من المهم فهم عدم وجود مسافة كبيرة بين الميدان وطاولة التفاوض بالمقارنة مع ما يعتقده معظم المراقبين. كل سيطرة ميدانية وكل تدمير لكتيبة قتالية يمثل عرضاً ديبلوماسياً. حين استعادت أوكرانيا السيطرة على جزيرة الثعبان، كان معنى ذلك أنه لن يتعين على كييف الفوز بقطعة أرض استراتيجية خلال مفاوضات السلام.
مع ذلك، يعتقد الكاتب بعدم عقد مفاوضات تقليدية جديدة هذه السنة. بينما سيتطور الوضع العسكري مع مرور الوقت، لا يبدو أن أياً من الطرفين سيكسب مزية حاسمة تعطيه النفوذ على طاولة التفاوض. قد تلتقي كييف وموسكو لإظهار “معقولية” أمام المراقبين الدوليين، لكن يتبين أنهما غير مستعدتين لتقديم تنازلات جدية. وشبه فارلي ختاماً ما سيشهده العالم خلال العام التالي بحلبة ملاكمة يتبادل فيها ملاكمان ضخمان اللكمات. ستحاول روسيا المتثاقلة لكن الأقوى طرح أوكرانيا أرضاً، غير أن أوكرانيا، الملاكم الأصغر لكن الأسرع، ستراقب ما إذا كانت روسيا ستفقد التوازن. ستساعد نتيجة الميدان بدورها في تحديد طبيعة ومدى التدخل الأجنبي وقد تضع في نهاية المطاف أسس سلام متفاوض حوله.